- المشاهدات: 431
- الردود: 4
في خضم الحرب الباردة، عندما كانت التوترات بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي تتصاعد بشكل جنوني، فاجأت الولايات المتحدة الأمريكية العالم بتجربة مثيرة للجدل عرفت بإسم ستارفيش برايم زادت من توتر العلاقات و تركت بصمتها على التاريخ بين البلدين، فما هو هذا المشروع و كيف كانت تأثيراته؟.
ما هو ستارفيش برايم ؟:
ستارفيش برايم كان اختبارًا نوويًا خارج الغلاف الجوي أجرته الولايات المتحدة، وهو جهد مشترك بين هيئة الطاقة الذرية (AEC) ووكالة الدعم الذري الدفاعية. يعتبر هذا المشروع أكبر تجربة نووية تم إجراؤها في الفضاء الخارجي، وواحدة من خمس تجارب أجرتها الولايات المتحدة في الفضاء تحت مسمى مشروع دومينيك.
أسباب إطلاق المشروع:
السبب الرئيسي حسب روايات الولايات المتحدة الأمريكية الرسمية هو الإتحاد السوفياتي. رغم أن الطرفان إتفقا على إيقاف التجارب النووية لخفض وتيرة السباق نحو التسلح عام 1958 إلا أن الإتحاد السوفياتي _حسب قول الولايات المتحدة _ نقض المعاهدة و عاد للتجارب النووية مرة أخرى عام 1961، خوفا من هجوم مفاجئ قررت الولايات المتحدة الأمريكية بدورها العودة للتجارب النووية لكن هذه المرة عن طريق تجريب القنابل خارج الغلاف الجوي عوض الطريقة التقليدية.
مجلة سميثسونيان كان لها رأي آخر، إذ كتبت في أحد المقالات أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تعد للتجارب النووية بسبب الإتحاد السوفياتي و أن السبب أغرب من ذلك بكثير، ففي عام 1958 إكتشف الفيزيائي جيمس فان آلن و الذي كان إسما غير معروف آنذاك أحزمة نووية خارج غلافنا الجوي، يطلق عليها اليوم إسم "أحزمة فان آلن" و إفترضت الولايات المتحدة الأمريكية أن تلك الأحزمة قد تقع في يد الإتحاد السوفياتي الذي سيعمل على تسليحها! فأمرت بتفجيرها، سبب آخر حسب المجلة هو إعتقاد الولايات المتحدة بأن الأحزمة كانت بمثابة حاجز يمنع وصول المركبات للفضاء الخارجي.
إطلاق المشروع:
أطلقت الولايات المتحدة الأمريكية مشروعا فرعيا تحت مشروع دومينيك يسمى عملية وعاء السمك يتضمن خمسة تفجيرات نووية على إرتفاع عالي كان أكبرها تفجير ستارفيش برايم.
لم تخف الولايات المتحدة عملية ستارفيش برايم التي كان من المقرر إجراؤها في 9 يوليو 1962 بعدما فشلت المرة الأولى في 20 يونيو بسبب أعطاب في الصاروخ الحامل للقنبلة، وذكرت مجلة سميثسونيان أن أخبار هذا المشروع ألهمت الاحتجاجات في جميع أنحاء العالم، و خلقت ما يسمى حفلات المشاهدة في هاواي التي كانت أقرب نقطة للإنفجار حيث عنونت صحيفة هونولولو المحلية أحد مقالاتها: «قد تكون ليلة N-Blast مبهرة؛ توقعوا منظرا مبهرا."
في التاسع من جويلية عام 1962 تم إطلاق القنبلة بعد الساعة الحادية عشر ليلا بقليل من منصة إطلاق في جزيرة جونستون بالمحيط الهادئ. تسلقت القنبلة السماء لمدة ثلاثة عشر دقيقة قبل أن تنفجر على إرتفاع 250 ميلا، حملت القنبلة على صاروخ ثور (Thor) الباليستي الذي كان مزودا برأس حربي هائل. وزن القنبلة بلغ 1.45 ميغاطن.
صاروخ ثور (thor) البالستي.
حسب أحد الشهود فإن القنبلة خلقت "وميضا أبيضا لامعا إحترق عبر السحب و تحول بسرعة إلى كرة خضراء متوسعة من الإشعاع تمتد إلى السماء الصافية فوق الغيوم".
الأثر الكارثي للانفجار:
قامت قنبلة ستارفيش برايم بأكثر من مجرد إضاءة السماء إذ أطلقت القنبلة بعد الإنفجار موجات كهروميغناطيسية قوية أطفأت أضواء الشوارع في هاواي، وأوقفت الهواتف عن العمل، كما تسببت في خلل في أجهزة الطيران وإنقطاعا في أجهزة الراديو.
"لقد تأثرت بعض الأنظمة الإلكترونية والكهربائية في جزر هاواي، على بعد 1400 كيلومتر [حوالي 900 ميل] مما تسبب في فشل أنظمة إضاءة الشوارع، وتعطل قواطع الدوائر الكهربائية، وإطلاق أجهزة الإنذار ضد السرقة". كما أشار تقرير صدر عام 2012 عن ستارفيش برايم.
والأكثر من ذلك، أن موجة الإشعاع الصادرة عن ستارفيش برايم مزقت الأقمار الصناعية في طريقها. دمر الإنفجار تلستار 1، أول قمر صناعي يبث إشارة تلفزيونية مباشرة، وأرييل 1، أول قمر صناعي بريطاني، وحفنة من الأقمار الصناعية الأخرى.
إنفجار القنبلة في الفضاء.
إشعاعات الإنفجار فوق سماء هاواي.
و إعترف ديفيد سيبك من وكالة ناسا قائلاً: "لقد كان من المفاجئ مدى سوء الأمر، ومدة إستمراره، ومدى الضرر الذي لحق بالأقمار الصناعية التي طارت عبر تلك المنطقة وماتت".
ربما كانت قنبلة ستارفيش برايم مرئية لبضع دقائق فقط، لكنها أثرت على الأرض لسنوات قادمة. بحسب ناشيونال جيوغرافيك، فقد أدى الإنفجار إلى خلق حزام إشعاعي إصطناعي بقي في الفضاء لمدة عقد كامل. كان هذا الحزام أقوى من أحزمة فان ألين.
التداعيات العالمية:
أثار ستارفيش برايم مخاوف ليس فقط بشأن الآثار المباشرة للتجارب النووية على إرتفاعات عالية ولكن أيضًا بشأن إحتمال الإستخدام الواسع لأسلحة النبضات الكهرومغناطيسية في الصراعات المستقبلية و زاد من التوتر بين أمريكا و الإتحاد السوفياتي. رغم أضرار القنبلة السلبية قدمت ستارفيش برايم نتائج مهمة حول الهجوم بإستخدام النبضات الكهرومغناطيسية و مدى ضعف المجتمعات الحديثة أمام هكذا هجمات وأدى إلى البحث في تقوية البنية التحتية الحيوية ضد مثل هذه الهجمات.
ختاما:
عصر التجارب النووية خارج الغلاف الجوي كان قصير الأجل. على الرغم من إستمرار الولايات المتحدة والإتحاد السوفييتي في إجراء إختبارات مماثلة، إلا أن أزمة الصواريخ الكوبية في أكتوبر 1962 أثارت ذعر القوتين و أدرك كل منهما أن العالم كان قد اقترب بشكل خطير من حرب نووية شاملة ما خلق نوعا من الوعي حول خطورة الأسلحة النووية و تأثيراتها السلبية القصيرة و طويلة الأمد.
المصادر:
ما هو ستارفيش برايم ؟:
ستارفيش برايم كان اختبارًا نوويًا خارج الغلاف الجوي أجرته الولايات المتحدة، وهو جهد مشترك بين هيئة الطاقة الذرية (AEC) ووكالة الدعم الذري الدفاعية. يعتبر هذا المشروع أكبر تجربة نووية تم إجراؤها في الفضاء الخارجي، وواحدة من خمس تجارب أجرتها الولايات المتحدة في الفضاء تحت مسمى مشروع دومينيك.
أسباب إطلاق المشروع:
السبب الرئيسي حسب روايات الولايات المتحدة الأمريكية الرسمية هو الإتحاد السوفياتي. رغم أن الطرفان إتفقا على إيقاف التجارب النووية لخفض وتيرة السباق نحو التسلح عام 1958 إلا أن الإتحاد السوفياتي _حسب قول الولايات المتحدة _ نقض المعاهدة و عاد للتجارب النووية مرة أخرى عام 1961، خوفا من هجوم مفاجئ قررت الولايات المتحدة الأمريكية بدورها العودة للتجارب النووية لكن هذه المرة عن طريق تجريب القنابل خارج الغلاف الجوي عوض الطريقة التقليدية.
مجلة سميثسونيان كان لها رأي آخر، إذ كتبت في أحد المقالات أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تعد للتجارب النووية بسبب الإتحاد السوفياتي و أن السبب أغرب من ذلك بكثير، ففي عام 1958 إكتشف الفيزيائي جيمس فان آلن و الذي كان إسما غير معروف آنذاك أحزمة نووية خارج غلافنا الجوي، يطلق عليها اليوم إسم "أحزمة فان آلن" و إفترضت الولايات المتحدة الأمريكية أن تلك الأحزمة قد تقع في يد الإتحاد السوفياتي الذي سيعمل على تسليحها! فأمرت بتفجيرها، سبب آخر حسب المجلة هو إعتقاد الولايات المتحدة بأن الأحزمة كانت بمثابة حاجز يمنع وصول المركبات للفضاء الخارجي.
إطلاق المشروع:
أطلقت الولايات المتحدة الأمريكية مشروعا فرعيا تحت مشروع دومينيك يسمى عملية وعاء السمك يتضمن خمسة تفجيرات نووية على إرتفاع عالي كان أكبرها تفجير ستارفيش برايم.
لم تخف الولايات المتحدة عملية ستارفيش برايم التي كان من المقرر إجراؤها في 9 يوليو 1962 بعدما فشلت المرة الأولى في 20 يونيو بسبب أعطاب في الصاروخ الحامل للقنبلة، وذكرت مجلة سميثسونيان أن أخبار هذا المشروع ألهمت الاحتجاجات في جميع أنحاء العالم، و خلقت ما يسمى حفلات المشاهدة في هاواي التي كانت أقرب نقطة للإنفجار حيث عنونت صحيفة هونولولو المحلية أحد مقالاتها: «قد تكون ليلة N-Blast مبهرة؛ توقعوا منظرا مبهرا."
في التاسع من جويلية عام 1962 تم إطلاق القنبلة بعد الساعة الحادية عشر ليلا بقليل من منصة إطلاق في جزيرة جونستون بالمحيط الهادئ. تسلقت القنبلة السماء لمدة ثلاثة عشر دقيقة قبل أن تنفجر على إرتفاع 250 ميلا، حملت القنبلة على صاروخ ثور (Thor) الباليستي الذي كان مزودا برأس حربي هائل. وزن القنبلة بلغ 1.45 ميغاطن.
صاروخ ثور (thor) البالستي.
حسب أحد الشهود فإن القنبلة خلقت "وميضا أبيضا لامعا إحترق عبر السحب و تحول بسرعة إلى كرة خضراء متوسعة من الإشعاع تمتد إلى السماء الصافية فوق الغيوم".
الأثر الكارثي للانفجار:
قامت قنبلة ستارفيش برايم بأكثر من مجرد إضاءة السماء إذ أطلقت القنبلة بعد الإنفجار موجات كهروميغناطيسية قوية أطفأت أضواء الشوارع في هاواي، وأوقفت الهواتف عن العمل، كما تسببت في خلل في أجهزة الطيران وإنقطاعا في أجهزة الراديو.
"لقد تأثرت بعض الأنظمة الإلكترونية والكهربائية في جزر هاواي، على بعد 1400 كيلومتر [حوالي 900 ميل] مما تسبب في فشل أنظمة إضاءة الشوارع، وتعطل قواطع الدوائر الكهربائية، وإطلاق أجهزة الإنذار ضد السرقة". كما أشار تقرير صدر عام 2012 عن ستارفيش برايم.
والأكثر من ذلك، أن موجة الإشعاع الصادرة عن ستارفيش برايم مزقت الأقمار الصناعية في طريقها. دمر الإنفجار تلستار 1، أول قمر صناعي يبث إشارة تلفزيونية مباشرة، وأرييل 1، أول قمر صناعي بريطاني، وحفنة من الأقمار الصناعية الأخرى.
إنفجار القنبلة في الفضاء.
إشعاعات الإنفجار فوق سماء هاواي.
و إعترف ديفيد سيبك من وكالة ناسا قائلاً: "لقد كان من المفاجئ مدى سوء الأمر، ومدة إستمراره، ومدى الضرر الذي لحق بالأقمار الصناعية التي طارت عبر تلك المنطقة وماتت".
ربما كانت قنبلة ستارفيش برايم مرئية لبضع دقائق فقط، لكنها أثرت على الأرض لسنوات قادمة. بحسب ناشيونال جيوغرافيك، فقد أدى الإنفجار إلى خلق حزام إشعاعي إصطناعي بقي في الفضاء لمدة عقد كامل. كان هذا الحزام أقوى من أحزمة فان ألين.
التداعيات العالمية:
أثار ستارفيش برايم مخاوف ليس فقط بشأن الآثار المباشرة للتجارب النووية على إرتفاعات عالية ولكن أيضًا بشأن إحتمال الإستخدام الواسع لأسلحة النبضات الكهرومغناطيسية في الصراعات المستقبلية و زاد من التوتر بين أمريكا و الإتحاد السوفياتي. رغم أضرار القنبلة السلبية قدمت ستارفيش برايم نتائج مهمة حول الهجوم بإستخدام النبضات الكهرومغناطيسية و مدى ضعف المجتمعات الحديثة أمام هكذا هجمات وأدى إلى البحث في تقوية البنية التحتية الحيوية ضد مثل هذه الهجمات.
ختاما:
عصر التجارب النووية خارج الغلاف الجوي كان قصير الأجل. على الرغم من إستمرار الولايات المتحدة والإتحاد السوفييتي في إجراء إختبارات مماثلة، إلا أن أزمة الصواريخ الكوبية في أكتوبر 1962 أثارت ذعر القوتين و أدرك كل منهما أن العالم كان قد اقترب بشكل خطير من حرب نووية شاملة ما خلق نوعا من الوعي حول خطورة الأسلحة النووية و تأثيراتها السلبية القصيرة و طويلة الأمد.
المصادر:
يجب تسجيل الدخول لمشاهدة الروابط