- التعديل الأخير بواسطة المشرف:
- المشاهدات: 682
- الردود: 7
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
العالم الآخر.
(الحكاية الثانية -
الذين رأيت-1)
مقدمة(الحكاية الثانية -
الذين رأيت-1)
هذه المرة لابد من مقدمة للموضوع ...
لابد من بعض الثرثرة المفيدة .
- أثناء نشر حلقات العالم الآخر
( حتحور ) جائتني أكثر من رسالة من قراء، بالتحديد أربعة أشخاص ، يتحدثون عن عالم آخر زاروه أو عايشوا أحداثاً فيه أو قص عليهم أحدهم أحداث مشابهة ، ثلاثة منهم كانت تدور قصصهم في نفس مدار حتحور ، والأخير مختلف .
ليس العدد بقليل وليس صدفة أبداً ،وقتها شعرت بالقلق والإرتباك وعندما كتبت عنهم ( فصيلة ) أكدت حتحور ذلك ،قالت لي معقبة :
"نحن حقا فصيلة من المختارين ."
-جائني تحذير من آخر ،تحذير ليس بمعني تهديد ،ولكنه يحمل نصيحة ,قال بإيجاز :
إن هذا العالم ليس كما تظن ،ليس الأمر مغامرة ،الموضوع يفوق حدود العقل وحتي الخيال ،ربما لو زلت قدماك فيه فلن تستطع بعدها العودة إلي حياتك الطبيعية،احذر ما تفعل ، واحذر ما تتمني.
لكنني كنت بالفعل منغمس في الأمر بشدة ،لا مجال للعودة بدون معرفة ، أنا مثل من قام برحلة إلي كوكب المريخ ، هل أتراجع وأنا علي مرمي حجر من مقابلة سكانه ؟!
هيهات .
شكرت له النصيحة وقررت أن أكون حذر ولكن دون أن أتراجع .
قررت وقتها التوقف حتي أقابل أحدهم ،وكان المتاح هو آخرهم .
- صديق هو ، يسكن قريبا مني، وبالفعل قابلته وتحدثت معه كثيرا ..
قصته ليست طويلة لا زمنيا ولا في أحداثها ولكنها تختلف تماماً عن قصة حتحور ، الآن حان الوقت ، لابد أن اشارككم ما أعرف .
----------------------------------
قابلته لكي نتحدث في الأمر ، شاب عادي جداً ،ليس به ما يلفت الإنتباه ، قاريء، مثقف، مهذب جدا ،حافظ للقرآن الكريم ،لا يبدو عليه أي غرابة في سلوك أو أي تصرف ،غير أني شعرت أنه يرغب بشدة في الكلام ...
عبء ثقيل يحمله علي عاتقه ، شعر أنه عندما يشاركه مع شخص ما فسوف يشعر ببعض الراحة .
سوف نطلق عليه إسم نستخدمه وليكن هو رقمه ولقبه ...( الخامس )
بادرته بالحديث :لم تخبرني من قبل عن الأمر .
- لم تأت فرصة ، ثم إني لم اشأ أن أتحدث إلا عندما قرأت حلقات العالم الآخر، وقتها تشجعت وقررت أن أخبرك بالأمر .
صمت قليلا ،فأشرت إليه مشجعا :
أنا استمع ولن أقاطعك ، تفضل ...
شرد ببصره في الفراغ وكأنه يتذكر الأمر ثم بدأ الحديث ...
----------------------------------
- بدأ الأمر في أواخر سبتمبر من العام 2017 ، ذات ليلة ، لا أعرف هل كان حلما أم ماذا ، ولكنه كان واضح جداً وترك علي جسدي آثار مادية ..
رأيت جدي لوالدي- الذي يسكن في مدينة تبعد عن مدينتي ساعتين تقريباً - رأيته مريضا بشدة ،مرض موت ،في نزعاته الأخيرة ،رأيته بوضوح يتجاوز الأحلام ،
استيقظت غارقا في عرقي ، متسارع الأنفاس ، لم يكن ما أشعر به وقتها انقباض عادي وضيق في قلبي ولكنه كان ألم ... ألم ناتج عن مرض أصاب جدي ،وكذلك شعرت بصداع شديد في مؤخرة رأسي ،صداع قاتل وألم لا يحتمل .أخذ الأمر وقتا ولكنه لم ينته تماماً حتي حدث ما حدث بعدها بعدة أيام .
اتصلوا بنا ليخبرونا أن جدي مريض بشدة في المشفي ، كان رجلاً طاعنا في السن ، تقريباً يدخل المشفي سنويا ليجري له فحوص في القلب وأجريت له أكثر من عملية ولكنه كان يخرج سالما حتي كانت تلك المرة .
وصلنا المشفي متأخرين ، وهناك لم يدخلونا إلي غرفته ،طلبوا منا أن نعود في الغد لرؤيته ،جلست قليلاً خارج الغرفة ، كان هناك هاتف قوي يخبرني أنني لن أراه مرة أخري ، شيء ما أو كيان، رابط قوي بيني وبينه غرس في عقلي فكرة أن الرجل ميت- لا محالة- قريبا ولن أراه ، كان شعورا يقينيا ،بالفعل خرجنا ولم تمض أربع ساعات حتي مات جدي ...
هل خمنت كيف مات ؟
لقد انفجرت الشعيرات الدموية في مكان ما من رأسه ومات .
اظنك خمنت الآن أنه نفس المكان الذي كنت أشعر فيه بالألم القاتل .بالمناسبة لم ينته الألم الا بعد دفن جدي .
- انهمك الأهل في مراسم الدفن والجنازة ،لدي أخوات صغيرات ،هذه الأجواء كلها لاتناسبهن ،لذا أعادنا والدي إلي بيتنا وظل هو ووالدتي هناك .
بقيت مع اخوتي في البيت كان والدي يأتي أحيانا للإطمئنان علينا ويعود في نفس اليوم إلي بيت والده لإستقبال المعزين .
وفي اليوم الثالث لوفاة جدي
لن أنسي أبدا ما حييت ، ما حدث لي ...
لن أنسي أبدا ما حييت ، ما حدث لي ...
لم يكن والدي موجودان ،كانت الفتاتان نائمتان ، أما أنا فكنت استذكر دروسي في تلك الليلة لأن عندي في الغد امتحان ،مضي الوقت دون أن أشعر به ،الساعة تقريبا الثانية والنصف بعد منتصف الليل ، شعرت بالإرهاق الشديد ،ذهبت إلي فراشي ، مددت جسدي لأستريح ،لم أغمض عيني بعد ، فقط استسلمت لحالة من الخمول ، تثائبت وهممت بالنوم ولكن فجأة فتحت عيني بعنف لأجد نفسي هناك ....
-------------------------------------
صحراء ؟!
استغرقت وقتاً طويلاً حتي أفهم الأمر ، لقد كنت منذ ثوان قليلة في فراشي ،
ماذا جاء بي إلي تلك الصحراء ؟!
دق قلبي بعنف وشعرت بخوف كاسح ،
ما هذا الظلام ..ظلام في ظلام ،لا أكاد أري شيء ...
لا أعرف ولكني متأكد أنها كانت صحراء ، ثم ما هذا الذي أري؟
أو قل من هؤلاء الذين يحيطون بي ويحدقون بشدة ، أوه اعتقد أن قلبي توقف رعبا في تلك اللحظة ....
- كنت متأكد أنني في صحراء ولكن الظلام يحيط بكل شيء ، فجأة وجدتهم أمامي ، أربعة كانوا ،يسدون الأفق أمامي ، كان كل منهم بحجم عمارة بارتفاع خمسة طوابق كاملة وعرضها ، لهم أجنحة كأجنحة الخفافيش ، أجنحة ضخمة وكأنها أشرعة سفن ، أيديهم وأرجلهم أشبه بالمخالب .بدأ الأربعة يتحدثون في نفس الوقت ويالهول ما سمعت...
-------------------------------
صوت مزلزل خلع قلبي من بين ضلوعه ،تصورت لو أن هذا الصوت وقع علي جبل لدكه دكا ،قال أولهم :
إعمل لآخرتك كأنك تموت غداً.
وقال الآخر :
هل أنت مستعد لمقابلة ربك الآن ؟
وهيأ لي أن الثالث قال :
هل تعرف من ربك ؟
اختلطت أصواتهم وهم يتحدثون في نفس الوقت وبصوت مهول لا يطاق فلم أميز بالضبط ما قاله الثالث .
أما الرابع فلم يتحدث ولكنه فعل شيئاً ما .
ضرب الأرض ضربة بقدمه فحفر فيها حفرة تشبه القبر وفي نفس حجمه ، في هذه اللحظة لم يكن لدي حواس حتي تشعر بأي شعور بشري لهول ما أري ، نظرت إلي الحفرة فقام أحدهم بلمسي بمخالب قدمه وكأنك تلمس ريشة بلا وزن ،سقطت أرضا علي وجهي ، إمتدت إلي الأيادي المخلبية الضخمة المرعبة وبدأت تجرني جرا نحو الحفرة .
ثلاثة أمتار تقريباً هي ما كانت تفصلني عن الحفرة جروني وسقطت فيها نظرت لأعلي ،وجدت نفسي مدفونا في الأرض، لا يظهر مني إلا أنفي وعيني ،ظللت أصرخ وأصرخ بكل عنف ورعب ،
العرق أغرق جسدي وملابسي . ..
قلبي يدق بعنف، يكاد يقفز من بين الضلوع ولا أستطيع إلتقاط أنفاسي ، جسدي رغم ذلك كان باردا كالثلح رغم أني كنت أشعر بلهيب نار داخلي ،ظللت متوقفا استوعب ما حدث قليلا وانفاسي تتسارع بعنف ،كان أول ما فكرت فيه أن أدخل للوضوء .
- توضأت بصعوبة بالغة ،حاولت أن أصلي ركعتين ولكني لم استطع أن أكمل أول ركعة ،كان والدي قد حضر متأخرا تلك الليلة من السفر حيث كان في العزاء ليبات معنا الليلة و يطمئن علينا ثم يعود في الصباح إلي العزاء ، لم أرد أن أوقظه ولكني في نفس الوقت لم أستطع تمالك نفسي من الخوف والرعشة ،عندما طرقت الباب ورآني علي تلك الهيئة ، قلق بشدة وسألني ما بك ؟ظن أني مريض بشدة .
طلب مني أن امهله دقائق حتي يرتدي ملابسه ، في تلك الدقائق تمالكت نفسي وصليت ركعتين.
وفي المستشفي أجريت لي الفحوصات اللازمة ووضعت علي جهاز تنفس صناعي .
لم يكن هناك مرض ما ولكنهم فهموا أن شيئاً ما أخافني بعنف حتي أصل لتلك الحالة .
عندما سألني والدي أخبرته أنه حلم مفزع .
في نفس اليوم حضرت والدتي وأصرت أن اقضي ليلتي معهم في نفس الغرفة خوفا من حدوث شيء لي .
وقد كانت محقة بشدة .
-----------------------------
وجاءت ليلة أخري ..
راقد أنا في الفراش ، أغلب الوقت أنام علي بطني ، بعد وقت شعرت بالدماء تغلي في عروقي بشدة وكأن نارا تجري فيها وليس دماء ، ارتفع ضغطي بشدة وشعرت
وكأن مخالب حادة تنغرس في جسدي ، تحفر في ظهري ،ترسم رمزاً غريباً مثل الحروف الصينية ومكان تلك المخالب أشعر بألم ممض ،وضعت يدي علي مكان الرمز وجدت جسدي يؤلمني بعنف والمكان مرتفع الحرارة بشكل غير عادي .
حاولت أن اتمالك نفسي ولا أوقظ والدي حتي جاءت لحظة حدث فيها شيء مختلف ...
- شعرت بوزني يخف بشدة وجسدي يكاد يرتفع ويطير في الهواء فوق السرير،لا ..
ليس الأمر وهما ...
انطلقت بقوة خارج الغرفة إلي الفضاء في الخارج ، مثل أفلام الخيال العلمي ، كأني أطير بسرعة مهولة في ثقب أسود في الفضاء ،كل شيء حولي متداخل لا أكاد استوضح شيء منه ، في ذهول تام وعدم فهم لما يجري استمر صعودي وانطلاقي داخل هذا الذي يشبه الثقب الأسود .
وأخيراً هبطت في مكان ... نظرت حولي في صدمة وفزع مهول
هل تعرف ماذا كان يوجد في هذا المكان؟
كان كل ما يحيط بي هو : نار ...
نعم كان المكان من نار ، لا أتذكر أنني رأيت أي شيء واضح أو محدد ، فقط نيران عظيمة ليست كتلك التي نعرف لا... إطلاقا، كانت نيران ضخمة بحجم عمارة ارتفاعها ثلاثة طوابق ، تأج وتزأر وتنطلق كأنها رياح عاصفة ،رياح من نار شديدة تتلوي يميناً ويسارا ،وكأنها تضطرم وتتأجج غضبا .
قطع .
يتبع ...
------------------------------------------------------
أحمدعبدالرحيم.
التعديل الأخير بواسطة المشرف: