- المشاهدات: 484
- الردود: 6
يعلمنا التاريخ عبر صفحاته المهترئة التي أكلها غبار الأقبية و إعتادت ظلمات الدهاليز أن الحضارة تبلغ أشد قوتها قبل السقوط إلى دمار محتوم، الروم، العثمانيون و غيرهم من الحضارات الكثير بلغوا من التقدم و التحضر مبلغا عاتيا قبل سقوطهم إلى دهاليز الإستعمار أو الدمار التام و العودة لنقطة الصفر، و لا تختلف الإمبراطورية القيصرية التي رمت أطرافها على دولة روسيا و ما جاورها كثيرا عن أقرانها في هذا الصدد إذ سقطت روسيا القيصرية بعد قيام الثورة البلشفية بقيادة فلاديمير لينين الذي أنهى الحكم المتوارث للعائلات الملكية و أمر بنفسه بذبح عائلة رومانوف خوفا من عودتهم للحكم، لكن مثل كل قصة تاريخية يكتبها المنتصرون لا بد أن نجد لغطا، أو تفصيلا غير مفهوم يثير الجدل و يفتح أبواب نظريات المؤامرة المختلفة و في حالتنا هذه تختلف بعض كتب التاريخ في قضية وفاة الأميرة أناستازيا إبنة القيصر المغدور، رغم أن كل المذكرات تشير إلى أنها قتلت إلا أن بعض الأشخاص يرفضون تصديق ذلك و يرون أنها قد نجت لكن لينين أراد أن تبقى نجاتها سرا، فهل نجحت أناستازيا في الهروب أم أنها قتلت مع عائلتها؟.
عن الثورة البلشفية:
جاءت نظرية كارل ماركس الشيوعية كضوء أبيض في نهاية النفق بالنسبة للروس القابعين تحت الحكم القيصري الطبقي، إذ أعادت النظرية المساواة للمجتمع عن طريق وضع طبقة البروليتاريا في نفس الكفة مع الطبقة الأرستقراطية، و قد إحتضن فلاديمير لينين الفكر الشيوعي و ألقى به للشعب الروسي الذي ثار عام 1917 في وجه القيصرية تحت قيادة فلاديمير نفسه، ليطيح بذلك بالقيصر نيقولا الثاني و يأمر بسجنه بعيدا رفقة عائلته، و لم يكن لينين يرى القيصر نيقولا الثاني على أنه مجرد حاكم فقط بل كان يراه على أنه رمز فساد لا بد من زواله لتشكيل حكومة دستورية تحت مبادئ الشيوعية، و لم تساعد مجزرة الأحد الدامي التي وقعت عام 1905 ( قبل 12 عاما من الثورة) القيصر كثيرا، إذ أضحى هذا الأخير غريبا عن شعبه بعدما قامت قواته بقتل أكثر من 4000 متظاهر معظمهم عمال في قطاع الحديد و الصلب، و يعتبر الكثيرون هذه المجزرة نقطة تحول في تاريخ روسيا و بداية نهاية القيصرية التي حكمت روسيا لأكثر من ثلاثة قرون.
مجزرة آل رومانوف:
بعد نجاح الثورة تم وضع القيصر نيقولا و عائلته المكونة من زوجته و إبنه أليكسي و بناته الأربعة أولغا و تاتيانا و ماريا و أناستازيا إضافة لطبيبه و بعض خدمه تحت الإقامة الجبرية في منزل معزول يعود لمهندس سابق في سكة الحديد يدعى نيكولاي أبياتيف، و قد كانت الحياة في ذلك المنزل صعبة لحد كبير، حيث عانت الأميرات من تحرشات الجنود المتكررة و التفتيش المفاجئ، إضافة لعبارات المتظاهرين الحادة و التي كانت تطعن في شرفهن، لكن رغم حدة و صعوبة الموقف إلا أن مجموعة من النساء القرويات كن يساعدن الأميرات في خياطة الملابس و إختيار الحلي و كذا تنظيف المنزل، كما ساعدن الأميرات على خياطة حليهن داخل ملابسهن خوفا من أن تسرق من قبل الجنود.
عائلة رومانوف.
ليلة الإعدام:
حوالي الساعة الثانية عشر صباحا من يوم السادس عشر من يوليو عام 1918 أخبر الجنرال يورفسكي أحد ضباطه بأن عملية الإعدام كانت ستتم تلك الليلة، و قيل أنه إختار 11 رجلا للقيام بتلك المهمة، كما حدد غرفة القبو كغرفة للإعدام بحكم كتمها للضوضاء و كذا سهولة تنظيف الدم من أرضيتها الخشبية.
في حدود الساعة الرابعة عصرا شاهد الفلاحون مجموعة جنود يقومون بتذخير بندقياتهم إستعدادا للمهمة، لكنهم لم يتحركوا حتى الساعة الواحدة بعد منتصف الليل بعدما إقتحم الجنرال غرفة طبيب القيصر بوتكين، قال الجنرال للطبيب أنه عليه أن يرتدي ملابسه بسرعة و أن يأمر العائلة أن تتبعه للقبو لأن إشتباكا عنيفا كان يحصل قرب المنزل.
إمتثلت العائلة لطلب الطبيب بوتكين و نزلت للقبو، منتظرة في صمت، أمر الجنرال أحد جنوده بتشغيل محرك السيارة إستعدادا "لنقل العائلة"، لكن الواقع هو أن الجنرال أمر بتشغيل المحرك لكتم صوت الرصاص، كان القيصر نيقولا آخر من ينزل للقبو و ما إن إنضم لعائلته حتى أغلق الجنرال يورفسكي الباب و قرأ من ورقة صغيرة :
" بناء على أن أقاربك من الأسر المالكة الأخرى بدأوا في الهجوم على روسيا السوفيتية، قرر الاتحاد السوفيتي الحكم عليك بالاعدام".
و مباشرة بعد الإنتهاء من القراءة أمطر الجنود أجساد العائلة بالرصاص مخلفين كومة غبار ضخمة سببها الخشب القديم الذي إخترقه الرصاص. فتح الجنرال الباب و أمر جنوده بالصعود حتى ينقشع الغبار، بعد لحظات سمع الجنود صوت بكاء و عويل فعلموا أن مهمتهم لم تنتهي على أكمل وجه فعادوا للقبو مرة أخرى، كان الإبن أليكسي حيا و يبكي على والده و عملت المجوهرات التي كانت مخبئة داخل ملابس الاميرات كدرع واق من الرصاص فإضطر الجنود لوخز الأميرات إضافة لأليكسي بالسكاكين حتى الموت.
صورة القبو.
بعد إنتهاء المجزرة تم لف أجساد العائلة في ملاءات السرائر و تم أخذهم إلى السيارة أين وقف مسؤول بلشفي أمام الجثث و قال بحزن:
" إذا هذه هي نهاية سلالة رومانوف".
إقتيدت الجثث إلى غابة كوبتياكي جيث تم تجريد الضحايا من ملابسهم و تشويههم.
هل هربت أناستازيا رومانوف؟:
عام 1991 (بعض المصادر تقول 1990)، إستطاع مجموعة علماء روس إستخراج جثث عائلة رومانوف التي وجدت عام 1979 في أحد الحقول للقيام بفحص الحمض النووي، إستطاع العلماء تحديد هوية كل من القيصر نيقولاي و زوجته إضافة لثلاث من بناته فقط. جثة الإبن أليكسي إضافة للبنت الرابعة لم يتم العثور عليهما مما جعل الكثيرين يعتقدون أن الجثة المفقودة تعود لأناستازيا التي هربت فعلا بمساعدة أحد الحراس الذين كلفوا بعملية الإعدام، و قد دارت العديد من القصص حول حراس مخمورين يعترفون بأن أناستازيا قد هربت لكنها تبقى مجرد قصص لا مصدر رسمي لها.
أناستازيا رومانوف.
بحلول عام 2007 إستطاع المنقبون العثور على الجثتين المفقودتين و بمساعدة الأبحاث المتطورة إضافة للتحاليل المكثفة إستطاع العلماء التأكيد على أن الجثث تعود لكل من أليكسي و أخته ماريا، ما يعني أن أناستازيا كانت مع فوج الجثث الذي تم العمل عليه عام 1990.
رغم أن النتائج كانت واضحة و حاسمة إلا أن العديد من الأشخاص يرفضون تصديق أن أناستازيا ماتت في تلك الليلة المشؤومة. الكنيسة الأرذدكسية الروسية لازالت تعتقد أن أناستازيا قد هربت و عاشت حياة هادئة كما خرجت العديد من النسوة عبر التاريخ يدعين أنهن أناستازيا لكن تم كشف جميع الإدعاءات على أنها أكاذيب للحصول على المال أو الشهرة.
ختاما:
نظرية هروب أناستازيا ليست وليدة فراغ بل هي محاولة يائسة لوضع نهاية سعيدة لقصة مأساوية راح ضحيتها أشخاص أبرياء حملوا أوزار من سبقهم، و حتى إن كان في القصة شيئ من الصحة أين ذهبت أناستازيا؟ و كيف هربت؟ و لماذا لم تخرج قط من مخبأها المزعوم؟.
المصادر:
عن الثورة البلشفية:
جاءت نظرية كارل ماركس الشيوعية كضوء أبيض في نهاية النفق بالنسبة للروس القابعين تحت الحكم القيصري الطبقي، إذ أعادت النظرية المساواة للمجتمع عن طريق وضع طبقة البروليتاريا في نفس الكفة مع الطبقة الأرستقراطية، و قد إحتضن فلاديمير لينين الفكر الشيوعي و ألقى به للشعب الروسي الذي ثار عام 1917 في وجه القيصرية تحت قيادة فلاديمير نفسه، ليطيح بذلك بالقيصر نيقولا الثاني و يأمر بسجنه بعيدا رفقة عائلته، و لم يكن لينين يرى القيصر نيقولا الثاني على أنه مجرد حاكم فقط بل كان يراه على أنه رمز فساد لا بد من زواله لتشكيل حكومة دستورية تحت مبادئ الشيوعية، و لم تساعد مجزرة الأحد الدامي التي وقعت عام 1905 ( قبل 12 عاما من الثورة) القيصر كثيرا، إذ أضحى هذا الأخير غريبا عن شعبه بعدما قامت قواته بقتل أكثر من 4000 متظاهر معظمهم عمال في قطاع الحديد و الصلب، و يعتبر الكثيرون هذه المجزرة نقطة تحول في تاريخ روسيا و بداية نهاية القيصرية التي حكمت روسيا لأكثر من ثلاثة قرون.
مجزرة آل رومانوف:
بعد نجاح الثورة تم وضع القيصر نيقولا و عائلته المكونة من زوجته و إبنه أليكسي و بناته الأربعة أولغا و تاتيانا و ماريا و أناستازيا إضافة لطبيبه و بعض خدمه تحت الإقامة الجبرية في منزل معزول يعود لمهندس سابق في سكة الحديد يدعى نيكولاي أبياتيف، و قد كانت الحياة في ذلك المنزل صعبة لحد كبير، حيث عانت الأميرات من تحرشات الجنود المتكررة و التفتيش المفاجئ، إضافة لعبارات المتظاهرين الحادة و التي كانت تطعن في شرفهن، لكن رغم حدة و صعوبة الموقف إلا أن مجموعة من النساء القرويات كن يساعدن الأميرات في خياطة الملابس و إختيار الحلي و كذا تنظيف المنزل، كما ساعدن الأميرات على خياطة حليهن داخل ملابسهن خوفا من أن تسرق من قبل الجنود.
عائلة رومانوف.
ليلة الإعدام:
حوالي الساعة الثانية عشر صباحا من يوم السادس عشر من يوليو عام 1918 أخبر الجنرال يورفسكي أحد ضباطه بأن عملية الإعدام كانت ستتم تلك الليلة، و قيل أنه إختار 11 رجلا للقيام بتلك المهمة، كما حدد غرفة القبو كغرفة للإعدام بحكم كتمها للضوضاء و كذا سهولة تنظيف الدم من أرضيتها الخشبية.
في حدود الساعة الرابعة عصرا شاهد الفلاحون مجموعة جنود يقومون بتذخير بندقياتهم إستعدادا للمهمة، لكنهم لم يتحركوا حتى الساعة الواحدة بعد منتصف الليل بعدما إقتحم الجنرال غرفة طبيب القيصر بوتكين، قال الجنرال للطبيب أنه عليه أن يرتدي ملابسه بسرعة و أن يأمر العائلة أن تتبعه للقبو لأن إشتباكا عنيفا كان يحصل قرب المنزل.
إمتثلت العائلة لطلب الطبيب بوتكين و نزلت للقبو، منتظرة في صمت، أمر الجنرال أحد جنوده بتشغيل محرك السيارة إستعدادا "لنقل العائلة"، لكن الواقع هو أن الجنرال أمر بتشغيل المحرك لكتم صوت الرصاص، كان القيصر نيقولا آخر من ينزل للقبو و ما إن إنضم لعائلته حتى أغلق الجنرال يورفسكي الباب و قرأ من ورقة صغيرة :
" بناء على أن أقاربك من الأسر المالكة الأخرى بدأوا في الهجوم على روسيا السوفيتية، قرر الاتحاد السوفيتي الحكم عليك بالاعدام".
و مباشرة بعد الإنتهاء من القراءة أمطر الجنود أجساد العائلة بالرصاص مخلفين كومة غبار ضخمة سببها الخشب القديم الذي إخترقه الرصاص. فتح الجنرال الباب و أمر جنوده بالصعود حتى ينقشع الغبار، بعد لحظات سمع الجنود صوت بكاء و عويل فعلموا أن مهمتهم لم تنتهي على أكمل وجه فعادوا للقبو مرة أخرى، كان الإبن أليكسي حيا و يبكي على والده و عملت المجوهرات التي كانت مخبئة داخل ملابس الاميرات كدرع واق من الرصاص فإضطر الجنود لوخز الأميرات إضافة لأليكسي بالسكاكين حتى الموت.
صورة القبو.
بعد إنتهاء المجزرة تم لف أجساد العائلة في ملاءات السرائر و تم أخذهم إلى السيارة أين وقف مسؤول بلشفي أمام الجثث و قال بحزن:
" إذا هذه هي نهاية سلالة رومانوف".
إقتيدت الجثث إلى غابة كوبتياكي جيث تم تجريد الضحايا من ملابسهم و تشويههم.
هل هربت أناستازيا رومانوف؟:
عام 1991 (بعض المصادر تقول 1990)، إستطاع مجموعة علماء روس إستخراج جثث عائلة رومانوف التي وجدت عام 1979 في أحد الحقول للقيام بفحص الحمض النووي، إستطاع العلماء تحديد هوية كل من القيصر نيقولاي و زوجته إضافة لثلاث من بناته فقط. جثة الإبن أليكسي إضافة للبنت الرابعة لم يتم العثور عليهما مما جعل الكثيرين يعتقدون أن الجثة المفقودة تعود لأناستازيا التي هربت فعلا بمساعدة أحد الحراس الذين كلفوا بعملية الإعدام، و قد دارت العديد من القصص حول حراس مخمورين يعترفون بأن أناستازيا قد هربت لكنها تبقى مجرد قصص لا مصدر رسمي لها.
أناستازيا رومانوف.
بحلول عام 2007 إستطاع المنقبون العثور على الجثتين المفقودتين و بمساعدة الأبحاث المتطورة إضافة للتحاليل المكثفة إستطاع العلماء التأكيد على أن الجثث تعود لكل من أليكسي و أخته ماريا، ما يعني أن أناستازيا كانت مع فوج الجثث الذي تم العمل عليه عام 1990.
رغم أن النتائج كانت واضحة و حاسمة إلا أن العديد من الأشخاص يرفضون تصديق أن أناستازيا ماتت في تلك الليلة المشؤومة. الكنيسة الأرذدكسية الروسية لازالت تعتقد أن أناستازيا قد هربت و عاشت حياة هادئة كما خرجت العديد من النسوة عبر التاريخ يدعين أنهن أناستازيا لكن تم كشف جميع الإدعاءات على أنها أكاذيب للحصول على المال أو الشهرة.
ختاما:
نظرية هروب أناستازيا ليست وليدة فراغ بل هي محاولة يائسة لوضع نهاية سعيدة لقصة مأساوية راح ضحيتها أشخاص أبرياء حملوا أوزار من سبقهم، و حتى إن كان في القصة شيئ من الصحة أين ذهبت أناستازيا؟ و كيف هربت؟ و لماذا لم تخرج قط من مخبأها المزعوم؟.
المصادر:
يجب تسجيل الدخول لمشاهدة الروابط