هل الضوء هو أسرع شيء في الكون؟
المشاركة مفتوحة للجميع .. لا تتردد في نشر مقالك في القسم المناسب في منتدى الديوان.
مرحبا ً بك في الــديــوان الإلكتروني
أهلا وسهلا بك زائرنا العزيز في الــديــوان الإلكتروني.
انظم إلينا و تمتع بتجربة رائعة, ستجد كل ما تبحث عنه.
التسجيل مجاني بالكامل
السؤال هو: نحن نعرف أن الضوء هو أسرع شيء في الكون، ولكن ما هو الشيء الأسرع من سرعة الضوء؟ إذا كنت تعرف القليل من الفيزياء ربما ستقول أنه لا يوجد ما هو أسرع من الضوء، وهذا معروف من الناحية العلمية، فالضوء هو أسرع شيء في الكون، فالتجارب والنظريات كلها تبين أن الحد الأقصى لأي سرعة هي 300,000 كليو متر في الثانية. فكيف يكون هناك شيء أسرع منه؟
ولو لم تكن مطلعا على الفيزياء، ولكنك تقرأ الأخبار العلمية بين الحين والآخر لقلت أن هنا الكثير من الأشياء التي تتحرك بسرعة أكبر من سرعة الضوء، فمنها النيوترينو، والذي ظهر في الأخبار قبل فترة، وكذلك ما يحدث بين جسيمين أو فوتونين متربطين مع بعضهما في ما يسمى بالتشابك الكمي (Quantum Entanglement)، وإذا كنت متابعا للمعلومات الشبه علمية والتي يتناولها البعض بين الحين والآخر في الدواوين أو بعض المحاضرات الغير علمية، فلربما قلت التخاطر أو الطاقة، ولو لم تكن لا من هذا ولا ذاك، فربما ستقول الظلام أو الخيال.
الإجابات التي ذكرتها كلها غير صحيحة، والمعروف من الناحية العلمية أنه لا يوجد ما هو أسرع من الضوء في الكون، ولكن… قبل أن أشرح الشيء الأسرع من الضوء، لنمر على بعض الإجابات المهمة، وربما أهمها وأكثرها خطأ وهي أن النيوترينو هو أسرع من الضوء، وهذه كانت تجربة أقامتها سيرن (CERN) قبل فترة ونشرت فيها ورقة علمية، وبعد أن جيشت العلماء وأشعلت النقاشات العلمية اكتشف أن التجربة كانت خاطئة، وأن الضوء لا يزال يحتل المركز الأول، وأتذكر أن الشخص المسؤول استقال من منصبه بعد أن أكتشف الخلل الموجود في التجربة، وبعد أن أخطأ في استعجاله في نشر البحث، إذن النيوترينو ليس أسرع من الضوء.
ماذا عن التشابك الكمي؟ أولا لنتساءل ما هو التشابك الكمي، وكيف يمكن أن يكون أسرع من الضوء؟ التشابك الكمي استخدمه آينشتاين للرد على فريق نيلز بور حينما كان هناك صراع بين الفيزياء النسبية والميكانيكا الكمية، حاول أينشتاين أن يفند الميكانيكا الكمية وخصوصا مبدأ الريبة، ولكن انعكس عليه التفنيد، واكتشف العلماء أن هناك سر غريب في الجسميات الصغيرة. لقد سردت هذه الفكرة من قبل، ولكن على عجالة أعود لطرح الفكرة.
يستطيع العلماء أن يجعلوا إلكترونين يتفاعلان مع بعضهما البعض، ليتشابكا، ثم لينطلق كل من هذين الإلكترونين مبتعدين عن بعضهما البعض، إذن لدينا إلكترونين انفصلا عن بعض، ولكنهما مرتبطان بطريقة غريبة، ما الغرابة في هذا الارتباط؟ الغرابة أنك لو أقمت التجربة على واحدة من هذه الإلكترونات لعلم الآخر أنك أقمت التجربة على الأول، حتى لو كان واحد من الإلكترونات على طرف من أطراف الكون والآخر على الطرف الآخر من الكون، فإن هذه الإلكترونات ستتخاطب مع بعضها البعض بطريقة خفية، وسيبدو وكأنهما تخاطبا بسرعة أكبر من سرعة الضوء بمرات ومرات ومرات، إلى درجة أن آينشتاين لم يقبل بالفكرة، وأسمى هذه التخاطب “فعل مخيف عن بعد” أو “فعل شبحي عن بعد” (Spooky action at a distance).
وهذه حقيقة علمية دقيقة، فقد أجرى العلماء العديد من التجارب لإثباتها، ولست بصدد شرح هذه التجارب الآن، ولكن ألا يعني ذلك أن لو كانت الإلكترونات أو الفوتونات أو الجسيمات تتخاطب مع بعضها على مسافات شاسعة وبشكل لحظي، ألا يعني ذلك أن هناك ما هو أسرع من الضوء؟ الإجابة هي: ربما، العلماء لا يعلمون ما هي حقيقة هذا التخاطب أو إن كان هناك تخاطب في الأساس، أي أنه قد تكون هناك تفسيرات أخرى لهذه العملية، ولكننا نجهل كيفيتها، وقد تكون أحدى هذه التفسيرات تدعي: أنه صحيح أن الإلكترونين تباعدا عن بعضهما البعض إلا أنهما في الحقيقة لم يتباعدا حتى لو كان كل منهما في طرف من أطراف الكون، وهذا ما يسمى بفكرة الميكانيكا الغير مكانية (Quantum Nonlocality)، أي الكون الذي نعيش فيه وكأنه يحتوي على طرق مختصرة خفية تمكن الإلكترونات من التخاطب في ما بينها حتى لو بدت لنا وكأنها بعيدة عن بعضها مليارات السنوات الضوئية، إذن، صحيح أن المكانيكا الكمية فيها من الغرابة ما يحير العقول إلا أنها لا تدعي أن هناك ما يعمل بسرعة أكبر من الضوء إلى يومنا هذا.
وهنا لابد من ذكر نقطة مهمة جدا، وهي أن العلماء حينما يقولون أن الضوء هو أسرع شيء في الكون فالمقصود أن الضوء هو أسرع وسيلة لنقل المعلومات، فلا توجد أي وسيلة أخرى أسرع من الضوء لنقل المعلومات، فلو أن الإلكترونين المتشابكين استطاعا أن يتخاطبا بطريقة معينة، فذلك يعني أن التخاطب لا يمكن الاستفادة منه لصنع جهاز اتصال، ولو أن شخصا كان على كوكب في طرف من أطراف المجرة، وأراد التخاطب مع شخص آخر في الطرف الآخر من مجرة درب التبانة، فإنه حينما يتحدث في الهاتف سيحتاج لـ 100,000 سنة حتى تنتقل رسالته بسرعة الضوء من وإلى المتلقي. ولو أنه كان بالإمكان الاستفادة من التشابك الكمي، لربما كان بالإمكان التخاطب لحظيا… ربما.
إذن، الضوء هو أسرع وسيلة للاتصال، ولا يوجد ما هو أسرع من الضوء في الكون، إذن، ما هو الشيء الأسرع من الضوء؟ لاحظ أن الضوء هو أسرع شيء “في الكون”، ولكن الكون في تمدده هو أسرع من الضوء. الكون يتمدد، وهو في بعض أنحائه يتمدد بسرعة بحيث أن الضوء لا يستطيع بأي حال أن يتسابق مع، وهذه واحدة من الأشياء التي تمنع العلماء من معرفة حجم الكون ككل، فالضوء البعيد جدا عنا المنطلق في اتجاه الأرض لا يمكن أن يصل إلى عدسات التليسكوبات نهائيا، حتى لو انتظرناه إلى الأبد، أو إلى أن ينتهي الكون، فهو يتسابق مع التمدد، ولكن التمدد أسرع.
لأوضح هذه النقطة أكثر، الكون يتمدد بسرعة، ولكن هذه السرعة ليست كبيرة في كل مكان، كلما كانت المسافة بين النقطتين في الكون أكبر كلما كان التمدد أسرع. سرعة تمدد الكون هي حوالي 67 كيلو مترا في الثانية الواحدة لكل مليون (ميغا) فرسخ فلكي، وهذا يعني أن لكل 2 مليون فرسخ كوني السرعة ستكون مضاعفة، وستكون 2× 67 = 134 كيلومترا في الثانية، لو كانت المسافة 3 مليون فرسخ، فذلك يعني أن 3 × 67 = 201 كيلومترا في الثانية، نحن نعلم أن سرعة الضوء هي 300,000 كيلومترا في الثانية، وهذا يعني لو أن لو أن الضوء انطلق من على مسافة 4.5 مليار فرسخ فلكي، لما استطاع الضوء أن يصل إلينا أبدا، لأن التمدد سيكون على هذه المسافة أسرع من الضوء بقليل (الفرسخ الفلكي يقدر بـ ثلاث وربع سنة ضوئية).
حتى تكون الفكرة أكثر وضوحا، وخصوصا أنني شرحت الفكرة على الفيس بوك، والبعض لم يفهمها، تخيل لو أن مجرة درب التبانة تبعد عن مجرة أخرى مسافة مليون فرسخ فلكي واحد، أي أن الضوء يحتاج لأن يقطع مدة 3 مليون وربع المليون سنة إنطلاقا من المجرة البعيدة إلى حتى يصل إلى مجرتنا، اعتبر أن مجرتنا والمجرة الأخرى لا يتحركان من مكانهما، ولكن الذي يحدث هو أن الكون هو الذي يتمدد بين المجرتين، وسرعة هذا التمدد هي 67 كيلو مترا في الثانية، أي أن بعد مرور ثانية واحدة ستبتعد مجرتنا عن المجرة الأخرى بقدر 67 كيلو مترا. كما لو أنك ترسم نقطين على طرفي شريط من المطاط وتجر المطاط، بعد فترة ستبتعد هاتين النقطتين عن بعضهما من غير أن تتحرك أي منهما على الشريط.
تخيل الآن أن مجرتنا تقع بين مجرتين (أ) و (ب)، وكلاهما على الطرف الآخر من مجرتنا، (أ) تبعد عنا بمسافة مليون فرسخ فلكي، و (ب) تبعد عنا بمسافة مليون فرسخ فلكي في الطرف المقابل، الكون يتمدد بيننا وبين (أ) بقدر 67 كيلومترا في الثانية، وكذلك الكون يتمدد بيننا وبين المجرة (ب) بنفس القدر، نتساءل الآن: كم هي سرعة ابتعاد المجرة (أ) عن المجرة (ب)؟ الإجابة هي: ضعف السرعتين بيننا وبين أي من المجرتين (أ) و (ب). الآن كلما أضفت مجرات أبعد وأبعد، كلما كان التمدد أسرع بين المجرات البعيدة، تستطيع الآن أن تضاعف سرعة التمدد بحسب المسافة إلى أن تصل إلى المرحلة التي يتعدى فيها التمدد سرعة الضوء، لذا ستكون هناك مجرات خارج نطاق قدرتنا على رؤيتها، وهذا يعني أن الكون الذي نعرفه ونراه محدود بهذه الخاصية، خاصية عدم تمكن الضوء من الوصول إلينا، وهذا يعني أن هناك أجزاء بعيدة من الكون لا نراه، ولن نراها أبدا، وكلما تقدم الوقت كلما ابتعدت المجرات إلى أن تصبح هي خارج نطاق رؤيتنا وستبقى مجموعة بسيطة من المجرات القريبة، وسيتحول الكون من كون مليء بالمجرات إلى كون مظلم تنيره مجرة واحدة فقط.
إذن تمدد الكون في بعض المناطق أسرع من الضوء. الضوء هو أسرع شيء في الكون، ولكن الكون أسرع في التمدد.
كل الشكر على المعلومات القيمة والمفيدة .شكراً @Mostafa Soud على مشاركاتك المفيدة
مصدر الجواب:
يجب تسجيل الدخول لمشاهدة الوسائط
مصدر الجواب:
https://www.facebook.com/