🔄 منقول: المغفّلة
Rayan
★مـشـرف خـاص★
الإشراف
الصحة والـجمال
النشاط: 100%
التعديل الأخير:
من أروع القصص القصيرة لأنطون تشيخوف ❤
منذ أيام دعوتُ الى غرفة مكتبي مربّية أولادي (يوليا فاسيليفنا) لكي أدفع لها حسابها.
- قلت لها : اجلسي يا يوليا، هيّا نتحاسب. أنتِ في الغالب بحاجة إلى النقود ولكنك خجولة إلى درجة أنك لن تطلبيها بنفسك.
حسنًا! لقد اتفقنا على أن أدفع لك (ثلاثين روبلًا) في الشهر،
- قالت: أربعين!
- قلت: كلا…ثلاثين! هذا مُسجلٌ عندي، كنت دائما أدفع للمربيات (ثلاثين روبلًا)
- حسنًا!
- لقد عملتِ لدينا شهرين.
- قالت: شهرين وخمسة أيام.
- قلت: شهرين بالضبط، هذا مُسجلٌ عندي، إذن تستحقين (ستين روبلاً)،
نخصم منها تسعة أيام آحاد، فأنت لم تعلّمي الصغار في أيام الآحاد بل كنت تتنزهين معهم فقط، ثم ثلاثة أيام أعياد.
تضرج وجه (يوليا فاسيليفنا) وعبثت أصابعها بأهداب الفستان ولكن لم تنبس بكلمة!
واصلتُ…
- نخصم ثلاثة أعياد إذن فيصبح المجموع (اثنا عشر روبلًا)، وكان (كوليا) مريضًا أربعة أيام ولم يكن يدرس، كنت تدرّسين ل (فاريا) فقط، وثلاثة أيام كانت أسنانك تؤلمك فسمحتْ لك زوجتي بعدم التدريس بعد الغداء، إذن اثنا عشر زائد سبعة…تسعة عشر، نخصم، الباقي إذن (واحدًا وأربعون روبلًا)…مضبوط؟
- احمرَّت عين (يوليا فاسيليفنا) اليُسرى وامتلأت بالدمع، وارتعش ذقنها وسعلت بعصبية وتمخطت، ولكنها لم تنبس بكلمة !
- قلت: قبيل رأس السنة كسرتِ فنجاناً وطبقاً، نخصم (روبلين)،
الفنجان أغلى من ذلك فهو موروث، ولكن فليسامحك الله! علينا العوض!! وبسبب تقصيرك تسلق (كوليا) الشجرة ومزق سترته، نخصم عشرة، وبسبب تقصيرك أيضا سرقتْ الخادمة من (فاريا) حذاءً، ومن واجبكِ أن ترعي كل شيء فأنتِ تتقاضين مرتباً! وهكذا نخصم أيضا خمسة، وفي 10 يناير أخذتِ مني (عشرة روبلات).
- همست (يوليا فاسيليفنا): لم آخذ !
- قلت: ولكن ذلك مُسجلٌ عندي !
- قالت: حسنًا، ليكن!
- واصلتُ: من واحد وأربعين نخصم سبعة وعشرين، الباقي: أربعة عشر روبلًا.
امتلأت عيناها الاثنتان بالدموع وظهرت حباتُ العرق على أنفها الطويل الجميل، يا للفتاة المسكينة!
- قالت بصوت متهدج: أخذتُ مرةً واحدةً، أخذت من حرمكم (ثلاثة روبلات)…لم آخذ غيرها!
- قلت: حقا؟؟..انظري وانا لم أسجل ذلك!! نخصم من الأربعة عشر ثلاثة، الباقي أحد عشر ، ها هي نقودك يا عزيزتي!! ثلاثة…ثلاثة…ثلاثة…واحد…واحد، تفضلي.
ومددت لها (أحد عشر روبلاً)…
فتناولتها ووضعتها في جيبها بأصابع مرتعشة، وهمست: شكرًا!
انتفضتُ واقفاً واخذتُ أروح وأجيء في الغرفة واستولى عليّ الغضب
- سألتها : شكرًا على ماذا؟!
- قالت : على النقود!
- قلت : يا للشيطان ولكني نهبتُك…سلبتُك!…لقد سرقتُ منك! فعلامَ تقولين شكرًا؟
- قالت: في أماكن أخرى لم يُعطوني شيئًا!
- قلت : لم يعطوكِ؟! أليس هذا غريبا؟! لقد مزحتُ معكِ، لقنتكِ درسًا قاسيًا!
سأعطيك نقودك (الثمانين روبلاً) كلها. ها هي في المظروف جهزتها لكِ!! ولكن.. هل يمكن أن تكوني عاجزةً إلى هذه الدرجة؟ لماذا لا تحتجِّين؟ لماذا تسكُتين؟ هل يمكن في هذه الدنيا ألاّ تكوني حادة الأنياب؟
هل يمكن ان تكوني مُغفلة إلى هذه الدرجة؟
- ابتسمَت بعجز ٍ، فقرأتُ على وجهها: "يمكن"!
- سألتُها الصفحَ عن هذا الدرس القاسي وسلمتُها - بدهشتها البالغة - (الثمانين روبلاً) كلها، فشكرتني بخجل وخرجت.
تطلعتُ في إثرها وفكّرتُ: ما أبشع أن تكون ضعيفًا في هذه الدنيا.
- - - - - -
قصة مليئة بالعبر تخترق أعماق النفس الانسانية وتحرق القلب بلهيب كلماتها المؤلمة ..
استطاع ملك القصة القصيرة انطون تشيخوف في هذه القصة أن يصوّر إحدى أسوأ الصفات الموجودة عند الكثيرين من البشر وهي صفة الخنوع للظلم وعدم المطالبة بالحقوق وأن يجعل القارئ يرى مدى فظاعة أكل حق الضعيف وكيف هو بدوره يستغني عنه ويقبل الاهانة ويرضا بالذل والهوان دون مقاومة.
القصة تقول رسالة شديدة الوضوح ..
هذه الحياة تتطلب منك أن تكون قوياً والّإ فإن حقوقك ستسلب وتضيع منك فلا تنتظر أن تقدمها لك الدنيا من تلقاء نفسها بدون أن تطالب بها وتدافع عنها وتسعى وراءها ..
هذا العمل الأدبي القصير يؤكّد أن العمل العظيم يكون في عمق معانيه و سحر كلماته وليس بعدد صفحاته وكمية الحبر المستهلك !
ما أبشع ان تكون ضعيفاً في هذه الدنيا !
منذ أيام دعوتُ الى غرفة مكتبي مربّية أولادي (يوليا فاسيليفنا) لكي أدفع لها حسابها.
- قلت لها : اجلسي يا يوليا، هيّا نتحاسب. أنتِ في الغالب بحاجة إلى النقود ولكنك خجولة إلى درجة أنك لن تطلبيها بنفسك.
حسنًا! لقد اتفقنا على أن أدفع لك (ثلاثين روبلًا) في الشهر،
- قالت: أربعين!
- قلت: كلا…ثلاثين! هذا مُسجلٌ عندي، كنت دائما أدفع للمربيات (ثلاثين روبلًا)
- حسنًا!
- لقد عملتِ لدينا شهرين.
- قالت: شهرين وخمسة أيام.
- قلت: شهرين بالضبط، هذا مُسجلٌ عندي، إذن تستحقين (ستين روبلاً)،
نخصم منها تسعة أيام آحاد، فأنت لم تعلّمي الصغار في أيام الآحاد بل كنت تتنزهين معهم فقط، ثم ثلاثة أيام أعياد.
تضرج وجه (يوليا فاسيليفنا) وعبثت أصابعها بأهداب الفستان ولكن لم تنبس بكلمة!
واصلتُ…
- نخصم ثلاثة أعياد إذن فيصبح المجموع (اثنا عشر روبلًا)، وكان (كوليا) مريضًا أربعة أيام ولم يكن يدرس، كنت تدرّسين ل (فاريا) فقط، وثلاثة أيام كانت أسنانك تؤلمك فسمحتْ لك زوجتي بعدم التدريس بعد الغداء، إذن اثنا عشر زائد سبعة…تسعة عشر، نخصم، الباقي إذن (واحدًا وأربعون روبلًا)…مضبوط؟
- احمرَّت عين (يوليا فاسيليفنا) اليُسرى وامتلأت بالدمع، وارتعش ذقنها وسعلت بعصبية وتمخطت، ولكنها لم تنبس بكلمة !
- قلت: قبيل رأس السنة كسرتِ فنجاناً وطبقاً، نخصم (روبلين)،
الفنجان أغلى من ذلك فهو موروث، ولكن فليسامحك الله! علينا العوض!! وبسبب تقصيرك تسلق (كوليا) الشجرة ومزق سترته، نخصم عشرة، وبسبب تقصيرك أيضا سرقتْ الخادمة من (فاريا) حذاءً، ومن واجبكِ أن ترعي كل شيء فأنتِ تتقاضين مرتباً! وهكذا نخصم أيضا خمسة، وفي 10 يناير أخذتِ مني (عشرة روبلات).
- همست (يوليا فاسيليفنا): لم آخذ !
- قلت: ولكن ذلك مُسجلٌ عندي !
- قالت: حسنًا، ليكن!
- واصلتُ: من واحد وأربعين نخصم سبعة وعشرين، الباقي: أربعة عشر روبلًا.
امتلأت عيناها الاثنتان بالدموع وظهرت حباتُ العرق على أنفها الطويل الجميل، يا للفتاة المسكينة!
- قالت بصوت متهدج: أخذتُ مرةً واحدةً، أخذت من حرمكم (ثلاثة روبلات)…لم آخذ غيرها!
- قلت: حقا؟؟..انظري وانا لم أسجل ذلك!! نخصم من الأربعة عشر ثلاثة، الباقي أحد عشر ، ها هي نقودك يا عزيزتي!! ثلاثة…ثلاثة…ثلاثة…واحد…واحد، تفضلي.
ومددت لها (أحد عشر روبلاً)…
فتناولتها ووضعتها في جيبها بأصابع مرتعشة، وهمست: شكرًا!
انتفضتُ واقفاً واخذتُ أروح وأجيء في الغرفة واستولى عليّ الغضب
- سألتها : شكرًا على ماذا؟!
- قالت : على النقود!
- قلت : يا للشيطان ولكني نهبتُك…سلبتُك!…لقد سرقتُ منك! فعلامَ تقولين شكرًا؟
- قالت: في أماكن أخرى لم يُعطوني شيئًا!
- قلت : لم يعطوكِ؟! أليس هذا غريبا؟! لقد مزحتُ معكِ، لقنتكِ درسًا قاسيًا!
سأعطيك نقودك (الثمانين روبلاً) كلها. ها هي في المظروف جهزتها لكِ!! ولكن.. هل يمكن أن تكوني عاجزةً إلى هذه الدرجة؟ لماذا لا تحتجِّين؟ لماذا تسكُتين؟ هل يمكن في هذه الدنيا ألاّ تكوني حادة الأنياب؟
هل يمكن ان تكوني مُغفلة إلى هذه الدرجة؟
- ابتسمَت بعجز ٍ، فقرأتُ على وجهها: "يمكن"!
- سألتُها الصفحَ عن هذا الدرس القاسي وسلمتُها - بدهشتها البالغة - (الثمانين روبلاً) كلها، فشكرتني بخجل وخرجت.
تطلعتُ في إثرها وفكّرتُ: ما أبشع أن تكون ضعيفًا في هذه الدنيا.
- - - - - -
قصة مليئة بالعبر تخترق أعماق النفس الانسانية وتحرق القلب بلهيب كلماتها المؤلمة ..
استطاع ملك القصة القصيرة انطون تشيخوف في هذه القصة أن يصوّر إحدى أسوأ الصفات الموجودة عند الكثيرين من البشر وهي صفة الخنوع للظلم وعدم المطالبة بالحقوق وأن يجعل القارئ يرى مدى فظاعة أكل حق الضعيف وكيف هو بدوره يستغني عنه ويقبل الاهانة ويرضا بالذل والهوان دون مقاومة.
القصة تقول رسالة شديدة الوضوح ..
هذه الحياة تتطلب منك أن تكون قوياً والّإ فإن حقوقك ستسلب وتضيع منك فلا تنتظر أن تقدمها لك الدنيا من تلقاء نفسها بدون أن تطالب بها وتدافع عنها وتسعى وراءها ..
هذا العمل الأدبي القصير يؤكّد أن العمل العظيم يكون في عمق معانيه و سحر كلماته وليس بعدد صفحاته وكمية الحبر المستهلك !
ما أبشع ان تكون ضعيفاً في هذه الدنيا !
التعديل الأخير:
حالة الموضوع
مرحباً , لم تكن هناك مشاركة في هذا الموضوع لأكثر من 90 يوم.
قد يستغرق الأمر وقتًا طويلاً للحصول على رد جديد من أحد الأعضاء على مشاركتك.
قد يستغرق الأمر وقتًا طويلاً للحصول على رد جديد من أحد الأعضاء على مشاركتك.
Sarra Sarita
عضو مٌميز
عـضـو
أمين المكتبة
النشاط: 100%
أحسنت الاختيار
قصة رائعة للاديب الروسي أنطون تشيخوف .
تحياتي
قصة رائعة للاديب الروسي أنطون تشيخوف .
تحياتي
يجب عليك
تسجيل الدخول
أو
حساب جديد
لمشاهدة المحتوى
1
تعليق
نجاة محمود
عضو مٌميز
عـضـو
عضو ذهبي
النشاط: 100%
- إنضم
- 2021/6/5
- المشاركات
- 513
- الحلول
- 6
- التفاعل
- 2,069
- المستوى
- 93
- الأوسـمـة
- 2
- الإقامة
- اليمن صنعاء
- ℗
- 1,000
فعلا شعور بشع تسلم ايدك على مشاركتك ومجهودك صباحك ورد
يجب عليك
تسجيل الدخول
أو
حساب جديد
لمشاهدة المحتوى
1
تعليق
Raneem Alkadiry
عضو مٌميز
عـضـو
اللغة والأدب
النشاط: 100%
- إنضم
- 2021/5/21
- المشاركات
- 1,635
- الحلول
- 17
- التفاعل
- 2,700
- المستوى
- 223
- الأوسـمـة
- 2
- ℗
- 1,230
- الجنس
♀️ أٌنـثـى
قرأتُ القصّة من قبل وعجبتُ منها ، وها أنا أقرأها للمرّةِ الثّانيةِ وأعجبُ منها عجبي في المرّةِ الأولى !
شكرًا لكَ أخ ريان على مشاركتها معنا
شكرًا لكَ أخ ريان على مشاركتها معنا
يجب عليك
تسجيل الدخول
أو
حساب جديد
لمشاهدة المحتوى
1
تعليق
قصة قصيرة يستطيع المرء تكرار قراءتها كل فترة ولا يمل منها
شكراً لمرورك العطر أخت رنيم
شكراً لمرورك العطر أخت رنيم
شارك:
يسعدني مرورك كثيراً