• المشاركة مفتوحة للجميع .. لا تتردد في نشر مقالك في القسم المناسب في منتدى الديوان.

  • اللّٰهُمَّ إِنِّي أَفْتَتِحُ الثَّناءَ بِحَمْدِكَ وَأَنْتَ مُسَدِّدٌ لِلصَّوابِ بِمَنِّكَ، وَأَيْقَنْتُ أَنَّكَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فِي مَوْضِعِ الْعَفْوِ وَالرَّحْمَةِ.

🔄 منقول: عودَةُ مَقدسيٍّ مُناضلٍ

🔄 الموضوع يحتوي على محتوى منقول.

مرحبا ً بك في الــديــوان الإلكتروني

أهلا وسهلا بك زائرنا العزيز في الــديــوان الإلكتروني.

انظم إلينا و تمتع بتجربة رائعة, ستجد كل ما تبحث عنه.

التسجيل مجاني بالكامل

🔄 منقول: عودَةُ مَقدسيٍّ مُناضلٍ

Raneem Alkadiry

عضو مٌميز
عـضـو
اللغة والأدب
النشاط: 100%
التعديل الأخير:

تَأوَّهتُ أثناءَ استدارَةِ مفتاحِ المنزِلِ في القِفلِ الحديديِّ المُتهالكِ، الْتَوَتْ يَدي وتألّمتُ بِشدَّةٍ.. صَرختُ بصَوْتٍ جهورٍ نَدَّ عنهُ حَرميَ من مَلاذي ومَأمنيَ، حرميَ من أرضيَ الّتي وُلِدتُ فوقَها وتَجذَّرَ في تُربَتِها نَسَلُ عائِلَةِ الغاوي، كانَت سِنينَ عِجاف، تَخاذَلت لِنَصريَ كُلُّ القُوّاتِ الّتي لَجأْتُ إليْها .. طَرقتُ أبوابَ المَحاكِمِ والحُكّامِ ، لَمْ تَرتَجِف أفْئِدَتُهم ذُعرًا على ما حصَل لي ، لَمْ تَرْتَعِد أجسادُهم خوْفًا من عذابِ الظّالمِ الّذي قَد يُصيبُهم.. أَعْيُنُهم ظَلّت شاخِصَةً تَرقَبُني باستهزاءٍ وشَفَقة.. أَطْبَقوا شِفاهَهُم وعَصبوا على أَعيُنِهم حتّى يتعذّروا حينَ سؤالِهم ... أنا منْ حَفَّتِ الأشجارُ قصّتهُ معَ حَفيفها وخَرَّتِ المياهُ مليئةً أَسى معَ صوتِ خَريرِها .. أنا فردٌ من عائلةِ الغاوي.

لأَسْرُد قِصّتي بكلِّ شفافيّةٍ، نَشأتُ أَقضِمُ شفاهيَ وأظافِري ، أشدُّ شعريَ وقبضَتي مخافَةَ تهجيري من مَنزلي.
نَشأتُ في القُدس المَدينةُ الطّاهِرةُ الخالِيَةُ منَ الدّنَس .. أُطِلُّ من نافِذَةِ غُرفتيَ كُلَّ يوْمٍ ، تِلكَ المُطلَّةُ على حيِّ الشّيخِ جرّاح بأَكمَلِهِ، الحيُّ المُستقِرُّ في بِقاعِ القُدسِ الشّرقيَّةِ، أُطِلُّ حَتّى لا أتَحسَّرَ على آخر إطلالَةٍ قَد "أَستَرِقُها" في مَنزلي .. لَكَم هو أمرٌ عَصيبٌ أنْ يُشعِركَ الحُثالة بتكرُّمِهم عليْكَ وإبقائِكَ في عَرينِكَ لمُدَّةٍ أطولَ! يأتونَ بينَ الحينِ والآخرِ ؛ يَرمقونَ منزلي بَغلظةٍ وحسدٍ ، أكانوا مُحتاجينَ؟ لو أرادوا المالَ حقًّا لما كانتْ ملابِسُهم باهظةَ الثّمنِ وقبيحةً عليهم لرُخصِهم ، تيَقَّنتُ منذُ أن بدأتُ أُبصِرُ الحقَّ وأُدرِكُهُ أنّهم يَطمعونَ بمنزليَ الحَبيبِ.

ما كانت تَهديداتُهم سوى فضلاتٍ يَحينُ موْعِدُها فتأتي ويَنتهي فَتلقى حَتفها في مصارِفِ المياهِ، يَأتونَ إليْنا مُستوْطنينَ وَجُنودًا حاملينَ أَسْلِحَتَهُم متوعّدينَ إيّانا بإجلاءٍ قريبٍ منْ حيِّ الشّيخ جرّاح ، رُغمَ محاوَلَتِهم بثَّ الرُّعبِ في أَنْفُسِنا؛ ما وجدتُ نفسي أخشاهُم قَطُّ وإنّما أَسْتَنفِرُ منهم نُفورًا مُثيرًا للعَجَبِ.. تَأبى نفسيَ أن تَلوكَ وتتقبّلَ صعاليكَ أمثالهم، لقد جُبِلتُ على كُرهِهِم.

كَبُرْتُ وكَبُرَت فُرصَةُ أن أُغادِرَ.. أَنْ أُنفى من أرضي، حيّي ،ومَنزلي .. تَحسبونَ الأمرَ هيّنًا ؟ الشّيخُ جرّاحُ كانَ موْطني ، بيْنَ أزقّتهِ اختبأتُ لساعاتٍ حتّى لا يُمسِكَ بي ابنُ الجيرانِ، في شارعهِ وضعتُ حجريْنِ وأخذنا نَلعبُ بنصفِ هَدَفٍ مُباراةَ كُرَةِ قَدَمٍ، لأنَّ العمَّ أبو مُحمّدٍ يَصْرُخُ بنا ألّا نُكثِرَ من الحجارةِ في الطّريقِ.. ما عَرِفتُ أيَّ رمضانَ دونَ طَرقِ الأبوابِ وإعطاء كلِّ جارٍ حصّتهُ منَ الأطباقِ الّتي أخذَت أمّي منّي ميثاقًا غليظًا بصَوْنِها ، وبَعدَ كُلِّ نَهارٍ أعودُ راكضًا إلى مَنزلي ، مُتعبًا من برنامِجِ اليَوْمِ فأغطُّ بكلِّ اطمئنانٍ في سُباتٍ عَميقٍ حتّى فجرِ اليَوْمِ التّالي.

في صبيحةِ يومٍ عَسيرٍ عامَ 2009 اقتَحمَ المُستوطنونَ دارَنا ، أَقسَموا على خُروجِنا وإلّا خَسرنا أرواحَنا والمَنزل ، خَرجنا خاليّي الجيوبِ إلّا من "حسبيَ اللهُ ونِعمَ الوكيلِ" الّتي رطّبنا ألْسِنَتَنا بها وقُلوبَنا . ما خَنَعنا لهُم ولا أَريْناهُم طأطأَةَ الرّأسِ الّتي اشتهوا رُؤيَتها ، سِرنا بثقةٍ إلى اللّاوجهةِ ، قاوَمنا كثيرًا وسعيْنا أكثرَ لاستردادِ أرضِنا ولاشيءَ كانَ في حَليفِنا.

واليَوْمَ بعدَ نَصرَةِ قُدسِنا، بعدَ اثني عشَرَ عامًا في خيْمةٍ مُقابِلَةٍ لمنزِلِنا أقَمنا ، والبَردُ والحرُّ يَنهشُنا ، بعدَ شقاءٍ ورجاءٍ لِمُسانَدةِ قضيّتنا.. وبعدَ أن هُدّدَ قاطنو حيِّ الشّيخ جرّاح بالتّهجيرِ وإخلاءِ المنازلِ لمستَوْطنينَ أَوْغاد ، نَصَرَتنا.. نَصَرتنا أنْفُسُنا فالعَربُ كعادَتِهم في السُّباتِ والأفرادُ وإن كَثروا وتَواعدوا ليْسَ لهم حُكمٌ على الحُكوماتِ المُتخاذِلَةِ .. شمّرنا سَواعِدَنا وبَدأنا بالقِتالِ .
بغضِّ النّظرِ عن ما رَويتهُ الآن ، يا لَهُم من مُستوْطنينَ قَذِرين.. لَم يُكلّفوا أنفُسَهُم تبديلَ قفلِ بابِ منزلي مُنذُ هجرْتُهُ .. طالَتِ استدارَةُ هذا القُفلِ وتزاحمتْ ذِكرياتي كما رَويتُ الآن، ها أنا عُدتُ ، لأرضيَ القُدس ولمنزلِ عائلةِ الغاوي !



حُلمٌ نُرجو أن يتحقّق .. لتعودَ عائلةُ الغاوي إلى منزلها مجدّدًا ، لندعو الله لهم.
 
التعديل الأخير:
حالة الموضوع
مرحباً , لم تكن هناك مشاركة في هذا الموضوع لأكثر من 90 يوم.
قد يستغرق الأمر وقتًا طويلاً للحصول على رد جديد من أحد الأعضاء على مشاركتك.

Ahmed Kassem

عضو مٌميز
عـضـو
قصة أكثر من رائعة اللهم عليك باليهود الملاعين وحرر لنا مسجدنا وانصر اخوتنا في غزة وفي فلسطين وفي شتى بقاع الأرض
يجب عليك تسجيل الدخول أو حساب جديد لمشاهدة المحتوى
 
تعليق
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد…