📖 كِـتـاب ملخص كتاب دم الخلفاء

بسم الله الرحمن الرحيم

​

انتهت عهود نحو 25 منهم بالقتل .. مات كلٌ منهم إما اغتيالا على حين غرة، أو قتلًا في معركة دفاع ضد متمرد، أو إعدامًا بعد هزيمة من منافس، وأغلبهم بقى سر مقتله لغزًا حتى يومنا هذا، بعضهم اشتهر اسمه في كتب التاريخ، لكنّ أكثرهم لم ينل نفس النصيب من الشهرة. فعن هؤلاء الذين بايعوا مصارعهم يوم بُويِعوا بالخلافة، عن الذين حين رُفِعوا إلى كراسي الحكم؛ كانوا كأنما يُرفعون إلى توابيتهم.. عن دم الخلفاء.. نتحدث.

​

صُبّ الماء على الجسد الـمُسجَى دون نزع ثوبه إكرامًا له، كان عمّه العباس وابن عمّه عليّ هما من تولّيا الغُسل وتجهيز الجثمان للدّفن، في نفس الوقت اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة لاختيار خليفة الرسول (ص) محمد. وما إن علم المهاجرون ذلك حتى أسرعوا واستمعوا إلى خطيبهم يطلب خلافة الرسول (ص) لِسَيِّد الخزرج (سعد بن عُبادة)، تكلم كبير المهاجرين أبوبكر الصدّيق وخطب في الناس طالبًا الخلافة للمهاجرين، فعُقدت له البيعة (باعتباره رفيق الرسول (ص)) مُنْهيًا بذلك الشّقاق الذي أطَلّ برأسه على المسلمين قبل أن يبدأ، وذلك بعد وفاة الرسول (ص)، لم يكن هذا الاختيار بِدعةً على المسلمين، فقد خَلَفَ موسى تلميذه يوشع بن نون، وخَلَفَ عيسى الحواريون وعلي رأسهم بطرس.

ومن خلال الاجتماع، تبلوَرَتْ شروط الترشُّح للخلافة؛ فمنها عامة بديهية مثل (الكفاءة وحسن السيرة والسلامة البدنية والعقلية والالتزام السلوكي والديني)، ومنها الخاصة مثل (البيعة والعمل بالشورى والحكم بالعدل وقُرَشِيّة النسب)، بهذا وُلِدَتْ الخلافة في عام 632 م، واستمرت حتى سقوط الخلافة العباسية في القاهرة 1517م علي يد العثمانيين، وتم إحياؤها مرة أخرى علي يد السلطان عبد الحميد الثاني عام 1876م، وحتى سقوطها 1924م علي يد أتاتورك.

أكثر من مائة حاكم حكموا خمس دول من تسع عواصم مختلفة، انتهت حياة خمسة وعشرون منهم بالقتل سواءً إعدامًا أو غِيلةً أو على حين غِرّة.

​

بتولِّي أبو بكر للخلافة عام 632 م، بدأ عصر الخلافة الراشدة والممتد لـ 30 عامًا (حسب نص حديث الرسول (ص))، ليشمل أبوبكر وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب والحسن بن علي، ثم بِتَنَازُل الحسن لمعاوية عن الحُكْم تنتهي الخلافة الراشدة وتتحوّل إلى مُلك عَضُوض، ومن ثمّ تبدأ بالاضمحلال حتى تنتهي 1924م.

مرّتْ أيام والخليفة طريح الفراش وعمر ينوب عنه في إمامة الناس، وذلك إثْر حمَّى أصابته من الاستحمام في يوم بارد، خاف الخليفة من انقضاء أَجَلِه فَطَلَبَ أصحاب الرسول (ص) القدامَى لِيَسألهم عن عمر بن الخطاب، فكلّهم أثنى عليه، فاسْتَشْعر الناس من هذا نِيّة الخليفة استخلاف عمر عليهم من بعده، وثَقُلَ عليهم هذا لِشِدّة عمر المعروفة، ولما اشتد المرض على الخليفة استدعى عثمان لِيُمْلِي عليه عهد الاستخلاف، ويعرضه على الناس فرضوا، وفيهم علي بن أبي طالب الذي قال: "لا نرضاه إلا إن كان لعُمَر"، سُوَيْعات قليلة و يموت خليفة الرسول (ص) ويُدفن بجواره.

المعروف و المتداوَل أن سبب موت الخليفة هو الحمَّى من الاستحمام في يوم بارد، فلزم الفراش لأكثر من أسبوعين ثم كانت مضاعفاتها سبب الوفاة. أرْجَعَ البعض ضعْف مناعة أبوبكر لأسباب كثيرة منها حمَّى سابقة أصابته، أو حزنه علي وفاة الرسول (ص)، أو لَدْغة ثعبان غار (ثَوْر) يوم الهجرة، كل هذه أسباب تبدو منطقية لولا رواية لبعض المتأخّرين (مثل السيوطي وابن الأثير) أن الخليفة مات بالسمّ.

يُقال أن أبا بكر أَكَل طعامًا أُهديَ إليه وكان معه الحارث بن كلدة (طبيب عربي مشهور) فتوقَّف الحارث عن الأكل وقال: "لقد دُسَّ لنا سمّ سنة، وإنا لنموت في يوم واحد" ووفْقًا لهذه الرواية فقد ماتا معًا في يوم الثلاثاء 22 أغسطس 634 م، من المستحيل تأكيد أو نفي الحادثة، لكن إن صحّت فما الذي جعل أبوبكر هدفًا للاغتيال؟

بعد وفاة الرسول (ص) ارتدّتْ العرب، إلا مكة والمدينة والطائف وبعض القبائل، وظهر رفْض بعض الصحابة لِبَعْث أسامة في هذا التوقيت ومع هذه الظروف الجديدة، لكن أبا بكر وبصرامة غير معهودة رفض، وحَمَلَ الناس علي رأْيِهِ في بعْث أسامة و قتال المرتدِّين ومانعي الزكاة، بل وعاقب مَن قَتَلَ المسلمين من المرتدِّين وقَتَلَهم، ومع السيطرة علي شبه الجزيرة العربية مرة أخرى بدأ أبو بكر في التوسّع شمالًا وشرقًا على حساب الروم والفرس ومَن والاهم من العرب، مع كل هذا هل لا يكون أبوبكر هدفًا للاغتيال؟ والأمر ليس بِجَديد على المسلمين، فقد حاولتْ امرأة من يهود (خيبر) سَمّ النبي صلى الله عليه وسلم.​