e-Dewan.com
  ⚠️عدد مشاهدات الزوار للمواضيع محدودة
  • المشاركة مفتوحة للجميع .. لا تتردد في نشر مقالك في القسم المناسب في منتدى الديوان.

  • اللّٰهُمَّ إِنِّي أَفْتَتِحُ الثَّناءَ بِحَمْدِكَ وَأَنْتَ مُسَدِّدٌ لِلصَّوابِ بِمَنِّكَ، وَأَيْقَنْتُ أَنَّكَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فِي مَوْضِعِ الْعَفْوِ وَالرَّحْمَةِ.

🔄 منقول: إنها شوارب مرعبة

  • ناشر الموضوع أحمد سعيد أبوزيد
  • تاريخ البدء
  • الردود 0
  • المشاهدات 30

العنوان:
🔄 منقول: إنها شوارب مرعبة

🔄 الموضوع يحتوي على محتوى منقول.

مرحبا ً بك في الــديــوان الإلكتروني

أهلا وسهلا بك زائرنا العزيز في الــديــوان الإلكتروني.

انظم إلينا و تمتع بتجربة رائعة, ستجد كل ما تبحث عنه.

التسجيل مجاني بالكامل

شوارب مرعبة


كتب محمد صلاح العزب

◄ينظر إليه المجتمع باعتباره نذير شؤم وقتال قتلة ووش مصايب رغم أنه يؤدى مهنته التى تخلص هذا المجتمع من أبشع مجرميه
ضخم الجثة، مفتول الشارب، فى حوالى الخمسين من عمره، يرتدى عفريتة سوداء، وحذاء ضخما، خطواته ترج الأرض، ونحنحته تخلع القلوب، هو واحد فقط ليس له نظير أو منافس، دوره مؤثر فى المجتمع، شهرته تعادل شهرة أى نجم سينمائى، فهو المعادل الآدمى لعزرائيل، لا يمكنك أن تقابله داخل حجرته إلا مرة واحدة، خاصة إذا كنت ترتدى الأحمر، فلقاؤك معه لا قدر الله معناه.. عموما، الميت لا تجوز عليه إلا الرحمة.

عشماوى من الشخصيات التى دخلت إلى الوعى الشعبى المصرى متأخرا، ففى عام 1907 كان أحمد عشماوى هو أول جلاد فى مصر, وكان يعمل فى ليمان طرة، وعشماوى هو لقب عائلته الذى اشتهر به، ومن يومها صار لقب كل من يقوم بتنفيذ حكم الإعدام، وارتبط هذا الاسم فى الوعى الشعبى بالموت، وتحديدا بفكرة الإعدام، التى ترتبط بعلم المحكوم عليه بأنه سيموت، ثم قيادته مثل النعجة للتنفيذ، مع مراعاة مشاعره المضطربة وذعره وخوفه، ثم الحسم الذى يتطلبه التنفيذ، كل هذا كان سببا فى النظرة السلبية إلى شخصية عشماوى.

أن تكون «عشماوى» معناه أن تواجه مجتمعا بأكمله ينظر إليك باعتبارك نذير شؤم، وقتال قتلة، ووش مصايب، الكل يبتعد عن طريقك، ويتجنب رد سلامك، ويتحاشى مصافحتك، حتى زوجتك وأبناءك ستأتى عليهم لحظات وينظرون إليك باستغراب، وربما يحاولون تجنب ذكر مهنتك أمام الآخرين.

الرحمة هى أساس عمل عشماوى، الرحمة المغلفة بالقسوة، الرحمة حين نخاف منها، ونتجنبها، وننظر إلى من يوصلها لنا برهبة، الرحمة هنا فى الموت، الموت المرادف للحياة، هناك من يستحق أن يموت حتى نعيش جميعا، من قتل يقتل ولو بعد حين، ودور عشماوى يأتى حين يأتى وقت هذا الـ«حين».

المحكوم عليه بالإعدام يرتدى البدلة الحمراء, وعشماوى ومساعداه يرتديان البدلة السوداء، والطاقية هى آخر ما يتم وضعه على رأس المحكوم عليه بعد وضع الحبل وإحكامه حتى لا يشاهد المحكوم عليه اللجنة وقت التنفيذ والعكس، بعدها بلحظات يجذب عشماوى السكين فتنفتح الطبلية، ويسقط الجسد المعلق بالحبل داخلها.

الرغبة فى العمل بهذه المهنة, قوة البنيان والشخصية، الذكاء وسرعة البديهة، الإيمان برسالته، بجانب الملامح التى تصيب من يتعامل معه بالرهبة، وشدة التركيز فى العمل، هى أهم شروط العمل «عشماوى»، فالمهمة الملقاة على عاتقه ليست سهلة، فكل من يلاقى ربه من جميع أنحاء جمهورية مصر العربية عن طريق حكم قضائى بالإعدام لابد أن يصعد إلى السماء من تحت يديه.

بعد التنفيذ يتنفس عشماوى الصعداء، فتصعد أنفاسه التى تمثل روح العدالة والقصاص إلى السماء مع روح المحكوم عليه التى طهرها الحكم، بعدها يطمئن عشماوى على جسد المحكوم عليه، ليتأكد من أنه لم يتسبب له فى إصابات نتيجة ربط الحبل بطريقة خاطئة، فالروح صعدت إلى بارئها، والجسد أمانة.

غرفة الإعدام طولها 10 أمتار وعرضها 5 أمتار، يتوسطها طبلية خشبية، أسفلها بئر عميقة لمسافة 4 أمتار، بها سلم حديدى، ويعلو الطبلية «بلانكو» من الحديد على ارتفاع مترين يربط فيه الحبل، والطبلية عبارة عن ضلفتين يقف عليهما المحكوم عليه بالإعدام، وتفتحان بواسطة ذراع حديدية فى الجانب الأيمن تسمى «السكينة»، وعندما يأمر رئيس النيابة عشماوى بالتنفيذ يسحب الذراع لتفتح ضلفتا الطبلية، ويسقط المحكوم عليه فى البئر, وهو مكتوف اليدين بواسطة حزامين جلديين، ومعلقا من الرقبة فى الحبل المصنوع خصيصا لذلك.

لف الحبل يخضع لنظام ثابت ومحكم, فلابد أن يتأكد عشماوى أولا من وزن المحكوم عليه حتى يتمكن من ضبط مساحة الحبل أعلى الطبلية، أما الحبل فيلف حول الرقبة بعناية بحيث تكون عقدة الحبل فى مؤخرة العنق، ثم يتم وضع الطاقية السوداء على الرأس، ليتم كسر العنق فور سقوط الشخص لإزهاق روحه فورا، لأن الحبل يكون أسفل القصبة الهوائية، وبعد شد السكينة وسقوط المتهم يتأكد عشماوى من وفاته مع الطبيب الشرعى الذى يحضر التنفيذ ضمن اللجنة القانونية التى يرأسها رئيس نيابة عامة ومدير مصلحة السجون ومدير المباحث ومأمور السجن ونائبه ومفتش المباحث ورئيس المباحث وضابط الإعدام بالسجن وواعظ دينى مسلم إذا كان المحكوم عليه مسلما أو مسيحى إذا كان مسيحيا. فى الليل يجلس عشماوى فى البلكونة، يشرب الشاى، ويشاهد المسلسل أو نشرة 9، يضحك من قلبه، ويسأل أولاده عن مذاكرتهم، لا يشغل باله أى شىء، وإذا حدث وتعثر واحد منهم فى طرف السجادة وسقط، يجرى عليه ويأخذه فى حضنه، وإذا جاءته زوجته وقد جرحت يدها بسكين المطبخ، يرهبه منظر الدم، وربما يقطع طرف جلبابه بسرعة ليربط لها مكان الجرح، وهو يقول لها: ألف سلامة.

لحظة شد السكينة هى أصعب اللحظات على عشماوى وعلى المحكوم عليه معا، هذا سيتم قتله، وهذا سينفذ الحكم، والإعدام له شروط قانونية لابد من تنفيذها، فلحظة الإعدام يكون عشماوى إنسانا آخر لا يشغله إلا التفكير فى التنفيذ، يسمع قرار الاتهام، وحيثيات الحكم التى يقرأها مأمور السجن أو ممثل النيابة. عشماوى الآن أمام قاتل ومجرم أزهق روح أو أرواح آخرين، ويستحق القصاص تنفيذا لحكم القضاء العادل، وتك، يجذب السكينة، وينتهى كل شىء.
نقلا عن جريدة اليوم السابع
 
أعلى