e-Dewan.com
  • المشاركة مفتوحة للجميع .. لا تتردد في نشر مقالك في القسم المناسب في منتدى الديوان.

  • اللّٰهُمَّ إِنِّي أَفْتَتِحُ الثَّناءَ بِحَمْدِكَ وَأَنْتَ مُسَدِّدٌ لِلصَّوابِ بِمَنِّكَ، وَأَيْقَنْتُ أَنَّكَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فِي مَوْضِعِ الْعَفْوِ وَالرَّحْمَةِ.

مش عارف ليه ؟

  • ناشر الموضوع أحمد سعيد أبوزيد
  • تاريخ البدء
  • الردود 0
  • المشاهدات 20

العنوان:
مش عارف ليه ؟

مرحبا ً بك في الــديــوان الإلكتروني

أهلا وسهلا بك زائرنا العزيز في الــديــوان الإلكتروني.

انظم إلينا و تمتع بتجربة رائعة, ستجد كل ما تبحث عنه.

التسجيل مجاني بالكامل

مش عارف ليه ؟

بقلم: أيمن الجندى
كانا يسيران معا على شاطئ البحر، وأمامهما الطفلان يركضان
ويضحكان. الطفلان يلبسان معطفين ثقيلين، وهما يرتديان الملابس الخفيفة التى لا
تناسب هذا الوقت من العام. لا يشعر بالبرد أبدا وهو معها!

وفجأة، ودون توقع، من مذياع قديم، انساب اللحن. استطاع أن يميز الأغنية بصعوبة،
رغم صفير الريح، وكأنها أنشودة كونية. كان يسمعها لأول مرة، ولم يكن يدرى بالطبع
أنها من تأليف الشاعر البارع بهاء جاهين، وتلحين العبقرى عمر خيرت، وغناء
الصوت العميق الرجولى على الحجار. فيما بعد سيسمعها آلاف المرات، فقط ليمسك هذه
اللحظة.

«عارفة؟ مش عارف ليه متونس بيكى وكإنك من دمى.. على راحتى معاكى وكإنك أمى.. مش
عارف ليه؟».

بهاء جاهين لم يكن يعرف. عمر خيرت لم يكن يعرف. وحتى على الحجار لم يكن يعرف. هو
وحده الذى يعرف. لأنها منحته الحنان مقطراً. حتى تصور أنها أمه وليست حبيبته! ضغط
على كفها فى رقة كى تنصت إلى كلمات الأغنية، فنظرت إليه حالمة، وقد توهج خداها
كمراهقة. وتمنى هو أن تكبر بسرعة، حتى يقبل كل تجعيدة فى وجهها على حدة، أما هى
فشرعت تستمع.

«عارفة؟ حاسس إنى لأول مرة بشوفك.. وإنى بشوفك من أول لحظة فى عمرى، حاسس إنى
يمامة بتشرب فى كفوفك.. إنك شجرة وضلة وميه بتجرى.. مش عارف ليه؟».

حينما رآها لأول مرة شعر بانجذاب عجيب لم يعرف له تفسيرا. وقال لنفسه: «امرأة
لطيفة». وضبط نفسه عدة مرات يفكر فيها ويرفع رأسه بطريقتها نفسها. لم يكن قد عرف
بعد الصعوبات القائمة دون زواجهما. لذلك أحبها. على غفلة أحبها.

«عارفة؟ فرحة كبيرة وصوت مزيكا فى قلبى، وكإننا حبيبين اتقابلوا بعد فراق.. ليه
فجأة لقيت نفسى لوحدى؟ عاوز اتكلم واشكيلك واحكيلك همى.. مش عارف ليه؟».

فى البدء حين ظهر اهتمامه بها عاملته بجفاء! امتنعت عن الرد على هاتفه! حذرته
مرارا أنها تكبره بسبع سنوات كاملة ولديها طفلان من زواج سابق. أنذرته أن أمومتها
تقع عندها فى المقام الأول. قالت إنه يظلم نفسه ويظلمها. ومن الطبيعى أن يهتم بفتاة
تصغره ببضع سنوات. العالم كله سيقف ضدنا. أمك! أمى! أسرتك! أسرتى! أصدقاؤك!
أصدقائى! وغير بعيد حين تنالنى أن تزهدنى.

نظر إليها مصعوقا وقد جرحته الكلمة فانهمرت دموعها، وكأنها نهر يتدفق! جرفت
الدموع كل السدود أمامها وتصارحا بالحب لأول مرة!

«وأنا وياكى بحس الدنيا سلام وأمان وإن العالم مفهوش ولا نقطة أحزان.. إيدك
خليها فى إيدى، ده أنا طفل كبير، وباحس أنا وإنت لوحدينا، والكون بستان، مش عارف
ليه؟».

كانت قد أرادت أن تأتى بمفردها ولكنه أصر على أن تصحب الطفلين معها. بدوا مثل
أسرة سعيدة. وأسعدها أنه أهملها واهتم بالطفلين وشرع يلعب معهما. لم يكن يتكلف شيئا
لإسعادها، بل أحس بأنه يحبهم جميعا بدرجات متساوية. راحت ترمقه بأمومة سعيدة وهو
يجرى مضطرم الوجنتين وراء الأطفال. نظرة تجسد السعادة والسكينة، مع ابتهال صامت بأن
يحفظ الله سعادتهم فى الغد، حينما تحين لحظة الحقيقة وتحدث المواجهة المتوقعة فى
المستقبل. ترى أيتها الأيام ماذا تخبئين لنا؟!
 
أعلى