حوار مع الاستاذة ايمان القدوسى
حاورها أ. هشام النجار
قدم لها د. ناجح إبراهيم
- قد يعرف القراء الأستاذة الأدبية الفاضلة إيمان القدوسي من خلال كتاباتها وقصصها وعطائها الفكري والإسلامي.. ولكنهم لا يعرفون جانباً أخر من حياتها قد يكون أهم وأعظم.. وهو دورها كزوجة صالحة صابرة مرابطة صبرت علي سجن زوجها د. كمال حبيب عشر سنوات كاملة.. كانت فيها نعم الزوجة والرفيقة والصديقة لزوجها.
- وكم حكي لي زوجها عن تضحياتها وزهدها ورضاها بالقليل.. وكيف تزوجها وكان وقتها لا يملك من حطام الدنيا شيئا يذكر!!.
- وكيف أنه عندما أنجب ابنه عبد الرحمن لم يكن معه مليم واحد وقتها حيث كان مجنداً بالجيش.. ولكن سرعان ما جاء رزق الله لعبد الرحمن الصغير وأسرته كلها يسعى إليهم سعياً.
- إنها لم تتأخر يوماً عن زيارة زوجها.. أو الوقوف بقوة خلفه.
- وإذا كانت الصحف تكثر من ذكر وشكر أ. جميلة إسماعيل علي موقفها المشرف من زوجها.. فإن هذه الصحف نفسها والكتاب العلمانيون لا يكادون يذكرون شيئاً عن التضحيات الحقيقية للزوجات والأمهات والشقيقات في الحركة الإسلامية.
- وكاتبتنا هي إحدى هذه النماذج المشرفة للتضحية بكل شئ من أجل الله أولاً ثم من أجل زوجها وبيتها وأولادها.. وهي الأدبية والكاتبة خريجة الاقتصاد والعلوم السياسية.
- إنها لم تكتف بذلك فحسب بل إنها كانت نعم الأم لأولادها.. وكان كل من يرى أولادها عبد الرحمن وسعيد حينما يأتون لزيارة والدهم في ملبسهم وطريقة كلامهم وحبهم للعلم وتفوقهم في حفظ القرآن والحديث مع تفوقهم الدراسي يدرك من أول وهلة أن وراء ذلك كله أماً عظيمة.
- إنها نموذج جيد للمرأة المسلمة التي تستطيع أن تجمع بين عطائها العام والخاص.. ولا يكون أحدهما علي حساب الآخر.. فعطاؤها لبيتها وأسرتها هو عطاء ديني في الحقيقة.. وعطاؤها الإسلامي العام هو عطاء للدين أيضاً.. وقليل من الناس من يستطيع الجمع بينهما.. وذلك لأنها معادلة صعبة جداً
- والكثير ممن اشتغلن بالشأن العام فشلن في رعاية أسرهن وأولادهن وأزوجهن وصلة رحمهن.
- وضيفتنا اليوم هي السكرتيرة والمساعدة الوحيدة لزوجها د/ كمال حبيب.. وفي نفس الوقت هي التي تقوم بأعمال المنزل كلها وترفض أن تستعين بخادمة ونحو ذلك.. وهي المربية الأساسية لأولادها.
- والأدبية إيمان القدوسي تتمتع بأسلوب تحليلي سلسل للواقع الاجتماعي والإنساني في قصصها.. كما تتميز برقي كتاباتها ونضج فكرتها ووضوحها.
- ولهذا وغيره فإن الموقع حرص علي أن تحل الكاتبة والأدبية إيمان القدوسي ضيفاً عليه في هذا الحوار الجيد الذي أجراه كاتبنا الهمام الشيخ هشام النجار.. وهو من الكتاب البارزين بالموقع.. وهو ممن ساندني وآزرني منذ بداية افتتاح الموقع وحتى اليوم.. وله همة عالية وفكر ثاقب.. والآن إلي الحوار
- في البداية أتشرف بإجراء هذا الحوار مع واحدة من الكاتبات والأديبات اللاتي نعتز ونفخر بكتاباتهن المتميزة الراقية العميقة في ميدان الفكر والأدب الإسلامي.. والحوار سينشر بإذن الله على صفحات موقع الجماعة الإسلامية على النت.. وقبل أن نبدأ حوارنا مع ضيفتنا الكريمة ، نريد أن يتعرف قراء موقع الجماعة الإسلامية على الكاتبة والأديبة والمبدعة الإسلامية الكبيرة الأستاذة: إيمان القدوسى.. فماذا يمكن أن تقول إيمان القدوسى - بكل حيادية وتجرد وإنصاف ، ودون إنكار للذات – عن إيمان القدوسى الإنسانة والأديبة؟
- تخرجت من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية وتفرغت لبيتي وأولادي بعد الزواج لفترة ثم أتيحت لي فرصة للعمل بالصحافة.. وبدأت في مجلة المختار الإسلامي وحاليا صحفية وعضوة مشتغلة بنقابة الصحفيين المصرية.. وكاتبة وباحثة في العديد من المواقع والمجلات ذات التوجه الإسلامي المعتدل.
- نريد التركيز على بعض المواقف والجوانب الإنسانية في شخصية وحياة أديبتنا الكبيرة.
- جوانب شخصيتي واضحة وبسيطة للغاية، امرأة مسلمة مصرية معاصرة، أعتز بكل هذه الصفات وأحدد خياراتي في الحياة بما يتفق معها ولا أجد تصادما أو تعارضا بينها.
- نرغب في التوقف عند محطات هامة في حياة الأديبة الكبيرة إيمان القدوسى.. محطات أثرت في حياتك وغيرت في قناعاتك وبلورت فكرك وحولت مساراتك حتى وصلت لما أنت عليه اليوم؛ حيث نقف أمام كاتبة وداعية ومفكرة إسلامية لها رؤيتها المميزة وتجاربها الخاصة ونظرتها المختلفة للأحداث والأشياء.
- بالرغم من بعض المعاناة في الحياة إلا أنني أري أن لطف الله بنا كان عظيما ، وكما يقال ما لا يقتلني يقويني ، المهم ألا ننكسر من الداخل وأن تظل شعلة الحياة في أرواحنا متقدة ، وما يحدث لنا عبر رحلة الحياة هو النضج واتضاح الرؤية ، والمدهش أننا نكتشف أن حقائق الحياة شديدة البساطة والوضوح.. وأراك أخي الكريم تجاملني بعض الشئ، ما نكتبه في النهاية هو قمة جبل الجليد الظاهرة ، وفي الأعماق جبال من التجارب والأحداث بعضها مر وانتهي وبعضها غرق في بحار النسيان وحتى ما نتذكره لم تعد لإعادة إحيائه فائدة إذ تكفي خلاصة التجربة تقدم للأجيال القادمة وتعبر عن شهادتنا علي عصرنا في أعمارنا القصيرة والمحدودة.
- كلمينا عن أسرتك.. عن والدك ووالدتك.. عن زوجك وأولادك.
- كلمينا باستفاضة عن الأشخاص المهمين في حياتك.. وعن شخصيات تركوا بصمة وأثرا كبيرا في حياة أديبتنا إيمان القدوسى الإيمانية والفكرية والإبداعية.
- أسرة متوسطة مستورة معتدلة ومتسامحة ، أهم ما يميزها هو حصول الأب والأم علي مؤهلات تعليمية أعلي من السائد وقتها ، وخاصة والدتي التي كانت معلمة متميزة وهي أول شخصية أثرت في تكويني علي كافة المستويات.
- في الحقيقة كنت فخورة بها وتعلمت منها حب القراءة وكان جو الأسرة المتسامح أكبر دافع لنا علي التفوق ، بدون جهد مكثف أو دروس خصوصية كنت من أوائل الجمهورية في الثانوية العامة القسم الأدبي وكذلك تفوق أخي الوحيد الأستاذ محمد القدوسي الصحفي المعروف وكل أخواتي البنات اللاتي صرن زوجات وأمهات فضليات الآن.
- وتأثرت أيضا ببيت جدي لأمي الحاج محمد محمود عمر والذي كان عالما أزهريا و كاتبا إسلاميا في مجلة منبر الإسلام.. وكان مديرا لمدرسة وتاجرا ويدير أرضه الزراعية.. وكان بيته مفتوحا لعائلته كلها وقد تأثرت به وبجدتي ومشاهداتي في بيتهم أشد الأثر.
- تأثرت أيضا بدراستي بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية وخاصة أستاذي الدكتور علي الدين هلال.
- وكان لزوجي الدكتور كمال حبيب ولا يزال أعمق الأثر في نفسي وحياتي كلها وأنا أعتبره أستاذي أيضا وأشد ما أشكره له أنه شجعني وساندني في عملي ولم يمنعني أو يعوقني بل إنني أسجل له أنه كان يدفعني دفعا ويزيل من نفسي التردد والخجل.
- نظرة إيمان القدوسى للأشياء والتجارب والأحداث والواقع.. هذه النظرة المميزة من أين أتتها هذه الخصوصية؟.. ومن أين اكتسبت واستمدت هذا العمق في التشخيص والوصف والتحليل في عبارات بسيطة سلسة مختصرة مركزة؟
- الصدق والبساطة والمباشرة ، ولا أحب أبدا استعمال التعبيرات الفخمة والصارخة ، ولا أحب الرثاء للذات لأني أعتقد أن كل إنسان يعيش وفقا لخياراته وعليه أن يتحمل نتائجها ، وأن هناك طريقتين لمواجهة المشكلة الشكوى منها ووصف المعاناة وهو أسلوب عقيم وغير مجدي ، والطريقة الوحيدة المجدية هي تشخيص الحالة ثم البدء بالعلاج في خطوات عملية في حدود الممكن.
- ومن أهم ما اكتشفته أن أغلب الناس طيبين وأحيانا يحاولون ارتداء قناع القوة لإخافة الآخرين بسبب خوفهم هم من الآخرين ، فإذا تعاملت معهم بأسلوب مطمئن بادروا بخلع القناع.
- الكتابات القصصية لإيمان القدوسى لها طابعها المميز.. كيف اكتسبت هذه الكتابات هذا الطابع؟ وما هي روافد موهبة إيمان القدوسى في كتابة القصة على وجه الخصوص؟
- لم يكن في نيتي كتابة القصص ، رغم أنني قرأت كثيرا في الأدب ولكن جاء لجوئي للقالب القصصي لأنه أيسر في الوصول للنفس خاصة لدي المرأة ، وقد قرأت كثيرا في الأدب النسائي علي وجه الخصوص العالمي والعربي.
- لماذا جنوح كاتبتنا الكبيرة إلى الواقعية في قصصها؟ وما هو الهدف وما هي الرسالة التي تريد إيمان القدوسى إيصالها بكتابة أدب إسلامي واقعي يرتبط بتفاصيل حياة الناس اليومية ويبرز المعاني الإنسانية؟
- هدفي هو أن تري المرأة المسلمة العادية وجهها في مرآة الأدب ، للأسف أغلب الأديبات العربيات يقلدن الغرب قلبا وقالبا فتأتي كتابتهن بعيدة عنا ، مغتربة ومفسدة أيضا ، والقصة يمكنها أن تحتمل قيما تنزلق بسهولة إلي الوجدان وتلتصق به ومن هنا كانت خطورتها وأهميتها أيضا.
- وهناك سر خاص هو أن كل قصة كتبتها كان لها أصلا في الواقع وكل ما فعلته هو تقديمها في قالب فني ، حتى إنني أخشي أحيانا أن يفطن لذلك صاحبها ، ولكن الحضارة والثقافة هي تراكم الخبرات في الوجدان واللاوعي قبل العقل أيضا ولذلك علينا أن نستفيد من تجاربنا وتجارب الآخرين.
- لأية مدرسة أدبية تنتمي أديبتنا الكبيرة؟.. وأي الأدباء القدامى والمحدثين أكثر تأثيرا فيها؟
- لا يمكنني التحديد وإن كان هناك من صنفني في الاتجاه الواقعي ، قرأت لكل الأدباء المعروفين بلا استثناء وليس كل ما قرأت أعجبني أو أفادني ،وأما عن الأدب النسائي فقد قرأت كثيرا في الأدب العالمي لأديبات قدامي مثل (جين أوستين ومارجريت ميتشيل وشارلوت برونتي وبيرل بيك) والخيط الذي يجمعهن عفة القلم والنزعة الأخلاقية والتحليل النفسي وروعة الوصف ، في الأدباء العرب كنت من متابعي الراحل (عبد الوهاب مطاوع) والأستاذة (سناء البيسي) وهناك أديبة غير معروفة ولكنها رائعة هي (قوت القلوب الدمرداشية) وهناك أيضا (رضوى عاشور) و (أهداف سويف) وأحب أيضا قراءة ومتابعة علم النفس وخاصة القسم الجديد منه والخاص بذكاء الوجدان والذي دشنه (دانييل جولمان) عام 1995 في كتابه الشهير.
- وقبل كل ذلك فقد أمضيت سنوات في بداية التزامي في مدارسة العلوم الشرعية من فقه وحديث وتفسير وقرآن كريم بالطبع ، وعلي كل من يمتهن الكتابة أن يكون لديه أولا خلفية إسلامية وقاعدة شرعية تعينه في الاختيار ، وعليه أن يتدارس القرآن الكريم بلا كلل ، فكل الكتب الأخرى تحوي فكرة أو عدة أفكار سرعان ما يطويها النسيان وتندثر بمرور السنين ، وحده القرآن الكريم يظل هو المنهل الذي لا ينضب والمصدر المعرفي المتجدد علي مدار العصور.
- تمثل إيمان القدوسى واجهة شديدة الخصوصية للأدب الإسلامي النسائي.. في رأيك ما هو سبب قلة المبدعات على الساحة الإسلامية؟.. هل هي أسباب تعود إلى الواقع الذي نعيشه والضغوط الحياتية التي تعانى منها المرأة عموما؟.. أم لأسباب فكرية ومنهجية ترتبط ببعض التقاليد والأعراف المتوارثة؟
- تفضل الكثير من النساء أن تعيش الحياة بطريقة إبداعية فتكثف كل إمكانياتها وملكاتها في حدود أسرتها ومحيطها الخاص وهذا حقها واختيارها، وبالطبع هناك قيود وحدود كثيرة تعوق المرأة في حالة انتقالها إلي الإبداع العام الذي يتلقاه الجمهور.
- ما هي رؤية أديبتنا الكبيرة لمستقبل الإبداع النسائي الإسلامي؟
- أتمني أن تحاول كل من تجد لديها القدرة والملكة أن تقدم تجربتها لتفيد الأجيال الجديدة.
- نريد التعرف عن قرب على نشاطات أديبتنا الكبيرة ، وعلى آخر إصداراتها الأدبية وصور مشاركاتها في الفعاليات الثقافية الإسلامية.
- لي كتابان تحت الطبع (قراءة جديدة للحياة) و (قصص بريئة).
- ومن أفضل ما خبرته في العام الماضي حضور مؤتمرين في تركيا حيث كانت المرأة التركية المحجبة الملتزمة اكتشافا رائعا لي ونموذجا متميزا ومعتدلا للمرأة المسلمة النشطة الدءوب التي تجمع أفضل ما في الثقافة الغربية من قيم الجدية والمثابرة والصوت الخفيض وعدم الازدواجية وأفضل ما في الثقافة الإسلامية من التزام ديني وأخلاقي حقيقي ومن تطابق الظاهر والباطن ومن الاجتهاد في مرضاة الله والتواضع.
- كلمة إيمان القدوسى – عبر الموقع – للفتاة المسلمة.
- ركزي علي الفعل والسلوك بشكل أكبر ، وقيمي نفسك بمدي تأثيرك في محيطك ، واسألي نفسك هل يرضي عنك والديك؟ وإذا كنت متزوجة هل تبرين أهل زوجك وتعينيه علي برهم؟ وكوني من مفاتيح الخير ومغاليق الشر أينما وجدت، ولا تستسلمي للصغائر والغيرة والقيل والقال حتى لا يحبط عملك وحتى يكتمل حجابك الظاهر بسلوكك الباطن.
- كلمة إيمان القدوسى للمبدعة والأديبة الإسلامية.
- اقرئي عشرة أضعاف ما تكتبين، ولا تكتبي إلا لو كان عندك جديداً، والكتابة العصرية الناجحة هي البسيطة والصادقة، وليكن لك أسلوبك الخاص.
- هل تطالعين موقع الجماعة الإسلامية على النت؟.. فما رأيك في التجربة عموما؟.. وما رأيك في الكتابات الأدبية الموجودة على الموقع خاصة في باب القصة والشعر؟
- الموقع في تقدم وتطور مستمر وبه إبداعات رائعة وأتمنى أن تجمع في كتاب ، ورغم أنني لم ولن أنتمي لأي جماعة أو تنظيم أو حزب إذ لا أجد لدي دافعا لذلك وأكتفي بصفتي كمسلمة من عوام المسلمين إلا أنني أحيي شجاعة الجماعة في المراجعات التي تدل علي الصدق مع النفس والنضج الفكري.
- وفى النهاية لا يسعنا إلا أن نتقدم بخالص الشكر والتقدير للكاتبة والأديبة الإسلامية الكبيرة إيمان القدوسى.
- ونسأل المولى جل وعلا أن يجعل هذا العمل في ميزان حسناتنا وحسناتها.
حاورها أ. هشام النجار
قدم لها د. ناجح إبراهيم
- قد يعرف القراء الأستاذة الأدبية الفاضلة إيمان القدوسي من خلال كتاباتها وقصصها وعطائها الفكري والإسلامي.. ولكنهم لا يعرفون جانباً أخر من حياتها قد يكون أهم وأعظم.. وهو دورها كزوجة صالحة صابرة مرابطة صبرت علي سجن زوجها د. كمال حبيب عشر سنوات كاملة.. كانت فيها نعم الزوجة والرفيقة والصديقة لزوجها.
- وكم حكي لي زوجها عن تضحياتها وزهدها ورضاها بالقليل.. وكيف تزوجها وكان وقتها لا يملك من حطام الدنيا شيئا يذكر!!.
- وكيف أنه عندما أنجب ابنه عبد الرحمن لم يكن معه مليم واحد وقتها حيث كان مجنداً بالجيش.. ولكن سرعان ما جاء رزق الله لعبد الرحمن الصغير وأسرته كلها يسعى إليهم سعياً.
- إنها لم تتأخر يوماً عن زيارة زوجها.. أو الوقوف بقوة خلفه.
- وإذا كانت الصحف تكثر من ذكر وشكر أ. جميلة إسماعيل علي موقفها المشرف من زوجها.. فإن هذه الصحف نفسها والكتاب العلمانيون لا يكادون يذكرون شيئاً عن التضحيات الحقيقية للزوجات والأمهات والشقيقات في الحركة الإسلامية.
- وكاتبتنا هي إحدى هذه النماذج المشرفة للتضحية بكل شئ من أجل الله أولاً ثم من أجل زوجها وبيتها وأولادها.. وهي الأدبية والكاتبة خريجة الاقتصاد والعلوم السياسية.
- إنها لم تكتف بذلك فحسب بل إنها كانت نعم الأم لأولادها.. وكان كل من يرى أولادها عبد الرحمن وسعيد حينما يأتون لزيارة والدهم في ملبسهم وطريقة كلامهم وحبهم للعلم وتفوقهم في حفظ القرآن والحديث مع تفوقهم الدراسي يدرك من أول وهلة أن وراء ذلك كله أماً عظيمة.
- إنها نموذج جيد للمرأة المسلمة التي تستطيع أن تجمع بين عطائها العام والخاص.. ولا يكون أحدهما علي حساب الآخر.. فعطاؤها لبيتها وأسرتها هو عطاء ديني في الحقيقة.. وعطاؤها الإسلامي العام هو عطاء للدين أيضاً.. وقليل من الناس من يستطيع الجمع بينهما.. وذلك لأنها معادلة صعبة جداً
- والكثير ممن اشتغلن بالشأن العام فشلن في رعاية أسرهن وأولادهن وأزوجهن وصلة رحمهن.
- وضيفتنا اليوم هي السكرتيرة والمساعدة الوحيدة لزوجها د/ كمال حبيب.. وفي نفس الوقت هي التي تقوم بأعمال المنزل كلها وترفض أن تستعين بخادمة ونحو ذلك.. وهي المربية الأساسية لأولادها.
- والأدبية إيمان القدوسي تتمتع بأسلوب تحليلي سلسل للواقع الاجتماعي والإنساني في قصصها.. كما تتميز برقي كتاباتها ونضج فكرتها ووضوحها.
- ولهذا وغيره فإن الموقع حرص علي أن تحل الكاتبة والأدبية إيمان القدوسي ضيفاً عليه في هذا الحوار الجيد الذي أجراه كاتبنا الهمام الشيخ هشام النجار.. وهو من الكتاب البارزين بالموقع.. وهو ممن ساندني وآزرني منذ بداية افتتاح الموقع وحتى اليوم.. وله همة عالية وفكر ثاقب.. والآن إلي الحوار
- في البداية أتشرف بإجراء هذا الحوار مع واحدة من الكاتبات والأديبات اللاتي نعتز ونفخر بكتاباتهن المتميزة الراقية العميقة في ميدان الفكر والأدب الإسلامي.. والحوار سينشر بإذن الله على صفحات موقع الجماعة الإسلامية على النت.. وقبل أن نبدأ حوارنا مع ضيفتنا الكريمة ، نريد أن يتعرف قراء موقع الجماعة الإسلامية على الكاتبة والأديبة والمبدعة الإسلامية الكبيرة الأستاذة: إيمان القدوسى.. فماذا يمكن أن تقول إيمان القدوسى - بكل حيادية وتجرد وإنصاف ، ودون إنكار للذات – عن إيمان القدوسى الإنسانة والأديبة؟
- تخرجت من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية وتفرغت لبيتي وأولادي بعد الزواج لفترة ثم أتيحت لي فرصة للعمل بالصحافة.. وبدأت في مجلة المختار الإسلامي وحاليا صحفية وعضوة مشتغلة بنقابة الصحفيين المصرية.. وكاتبة وباحثة في العديد من المواقع والمجلات ذات التوجه الإسلامي المعتدل.
- نريد التركيز على بعض المواقف والجوانب الإنسانية في شخصية وحياة أديبتنا الكبيرة.
- جوانب شخصيتي واضحة وبسيطة للغاية، امرأة مسلمة مصرية معاصرة، أعتز بكل هذه الصفات وأحدد خياراتي في الحياة بما يتفق معها ولا أجد تصادما أو تعارضا بينها.
- نرغب في التوقف عند محطات هامة في حياة الأديبة الكبيرة إيمان القدوسى.. محطات أثرت في حياتك وغيرت في قناعاتك وبلورت فكرك وحولت مساراتك حتى وصلت لما أنت عليه اليوم؛ حيث نقف أمام كاتبة وداعية ومفكرة إسلامية لها رؤيتها المميزة وتجاربها الخاصة ونظرتها المختلفة للأحداث والأشياء.
- بالرغم من بعض المعاناة في الحياة إلا أنني أري أن لطف الله بنا كان عظيما ، وكما يقال ما لا يقتلني يقويني ، المهم ألا ننكسر من الداخل وأن تظل شعلة الحياة في أرواحنا متقدة ، وما يحدث لنا عبر رحلة الحياة هو النضج واتضاح الرؤية ، والمدهش أننا نكتشف أن حقائق الحياة شديدة البساطة والوضوح.. وأراك أخي الكريم تجاملني بعض الشئ، ما نكتبه في النهاية هو قمة جبل الجليد الظاهرة ، وفي الأعماق جبال من التجارب والأحداث بعضها مر وانتهي وبعضها غرق في بحار النسيان وحتى ما نتذكره لم تعد لإعادة إحيائه فائدة إذ تكفي خلاصة التجربة تقدم للأجيال القادمة وتعبر عن شهادتنا علي عصرنا في أعمارنا القصيرة والمحدودة.
- كلمينا عن أسرتك.. عن والدك ووالدتك.. عن زوجك وأولادك.
- كلمينا باستفاضة عن الأشخاص المهمين في حياتك.. وعن شخصيات تركوا بصمة وأثرا كبيرا في حياة أديبتنا إيمان القدوسى الإيمانية والفكرية والإبداعية.
- أسرة متوسطة مستورة معتدلة ومتسامحة ، أهم ما يميزها هو حصول الأب والأم علي مؤهلات تعليمية أعلي من السائد وقتها ، وخاصة والدتي التي كانت معلمة متميزة وهي أول شخصية أثرت في تكويني علي كافة المستويات.
- في الحقيقة كنت فخورة بها وتعلمت منها حب القراءة وكان جو الأسرة المتسامح أكبر دافع لنا علي التفوق ، بدون جهد مكثف أو دروس خصوصية كنت من أوائل الجمهورية في الثانوية العامة القسم الأدبي وكذلك تفوق أخي الوحيد الأستاذ محمد القدوسي الصحفي المعروف وكل أخواتي البنات اللاتي صرن زوجات وأمهات فضليات الآن.
- وتأثرت أيضا ببيت جدي لأمي الحاج محمد محمود عمر والذي كان عالما أزهريا و كاتبا إسلاميا في مجلة منبر الإسلام.. وكان مديرا لمدرسة وتاجرا ويدير أرضه الزراعية.. وكان بيته مفتوحا لعائلته كلها وقد تأثرت به وبجدتي ومشاهداتي في بيتهم أشد الأثر.
- تأثرت أيضا بدراستي بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية وخاصة أستاذي الدكتور علي الدين هلال.
- وكان لزوجي الدكتور كمال حبيب ولا يزال أعمق الأثر في نفسي وحياتي كلها وأنا أعتبره أستاذي أيضا وأشد ما أشكره له أنه شجعني وساندني في عملي ولم يمنعني أو يعوقني بل إنني أسجل له أنه كان يدفعني دفعا ويزيل من نفسي التردد والخجل.
- نظرة إيمان القدوسى للأشياء والتجارب والأحداث والواقع.. هذه النظرة المميزة من أين أتتها هذه الخصوصية؟.. ومن أين اكتسبت واستمدت هذا العمق في التشخيص والوصف والتحليل في عبارات بسيطة سلسة مختصرة مركزة؟
- الصدق والبساطة والمباشرة ، ولا أحب أبدا استعمال التعبيرات الفخمة والصارخة ، ولا أحب الرثاء للذات لأني أعتقد أن كل إنسان يعيش وفقا لخياراته وعليه أن يتحمل نتائجها ، وأن هناك طريقتين لمواجهة المشكلة الشكوى منها ووصف المعاناة وهو أسلوب عقيم وغير مجدي ، والطريقة الوحيدة المجدية هي تشخيص الحالة ثم البدء بالعلاج في خطوات عملية في حدود الممكن.
- ومن أهم ما اكتشفته أن أغلب الناس طيبين وأحيانا يحاولون ارتداء قناع القوة لإخافة الآخرين بسبب خوفهم هم من الآخرين ، فإذا تعاملت معهم بأسلوب مطمئن بادروا بخلع القناع.
- الكتابات القصصية لإيمان القدوسى لها طابعها المميز.. كيف اكتسبت هذه الكتابات هذا الطابع؟ وما هي روافد موهبة إيمان القدوسى في كتابة القصة على وجه الخصوص؟
- لم يكن في نيتي كتابة القصص ، رغم أنني قرأت كثيرا في الأدب ولكن جاء لجوئي للقالب القصصي لأنه أيسر في الوصول للنفس خاصة لدي المرأة ، وقد قرأت كثيرا في الأدب النسائي علي وجه الخصوص العالمي والعربي.
- لماذا جنوح كاتبتنا الكبيرة إلى الواقعية في قصصها؟ وما هو الهدف وما هي الرسالة التي تريد إيمان القدوسى إيصالها بكتابة أدب إسلامي واقعي يرتبط بتفاصيل حياة الناس اليومية ويبرز المعاني الإنسانية؟
- هدفي هو أن تري المرأة المسلمة العادية وجهها في مرآة الأدب ، للأسف أغلب الأديبات العربيات يقلدن الغرب قلبا وقالبا فتأتي كتابتهن بعيدة عنا ، مغتربة ومفسدة أيضا ، والقصة يمكنها أن تحتمل قيما تنزلق بسهولة إلي الوجدان وتلتصق به ومن هنا كانت خطورتها وأهميتها أيضا.
- وهناك سر خاص هو أن كل قصة كتبتها كان لها أصلا في الواقع وكل ما فعلته هو تقديمها في قالب فني ، حتى إنني أخشي أحيانا أن يفطن لذلك صاحبها ، ولكن الحضارة والثقافة هي تراكم الخبرات في الوجدان واللاوعي قبل العقل أيضا ولذلك علينا أن نستفيد من تجاربنا وتجارب الآخرين.
- لأية مدرسة أدبية تنتمي أديبتنا الكبيرة؟.. وأي الأدباء القدامى والمحدثين أكثر تأثيرا فيها؟
- لا يمكنني التحديد وإن كان هناك من صنفني في الاتجاه الواقعي ، قرأت لكل الأدباء المعروفين بلا استثناء وليس كل ما قرأت أعجبني أو أفادني ،وأما عن الأدب النسائي فقد قرأت كثيرا في الأدب العالمي لأديبات قدامي مثل (جين أوستين ومارجريت ميتشيل وشارلوت برونتي وبيرل بيك) والخيط الذي يجمعهن عفة القلم والنزعة الأخلاقية والتحليل النفسي وروعة الوصف ، في الأدباء العرب كنت من متابعي الراحل (عبد الوهاب مطاوع) والأستاذة (سناء البيسي) وهناك أديبة غير معروفة ولكنها رائعة هي (قوت القلوب الدمرداشية) وهناك أيضا (رضوى عاشور) و (أهداف سويف) وأحب أيضا قراءة ومتابعة علم النفس وخاصة القسم الجديد منه والخاص بذكاء الوجدان والذي دشنه (دانييل جولمان) عام 1995 في كتابه الشهير.
- وقبل كل ذلك فقد أمضيت سنوات في بداية التزامي في مدارسة العلوم الشرعية من فقه وحديث وتفسير وقرآن كريم بالطبع ، وعلي كل من يمتهن الكتابة أن يكون لديه أولا خلفية إسلامية وقاعدة شرعية تعينه في الاختيار ، وعليه أن يتدارس القرآن الكريم بلا كلل ، فكل الكتب الأخرى تحوي فكرة أو عدة أفكار سرعان ما يطويها النسيان وتندثر بمرور السنين ، وحده القرآن الكريم يظل هو المنهل الذي لا ينضب والمصدر المعرفي المتجدد علي مدار العصور.
- تمثل إيمان القدوسى واجهة شديدة الخصوصية للأدب الإسلامي النسائي.. في رأيك ما هو سبب قلة المبدعات على الساحة الإسلامية؟.. هل هي أسباب تعود إلى الواقع الذي نعيشه والضغوط الحياتية التي تعانى منها المرأة عموما؟.. أم لأسباب فكرية ومنهجية ترتبط ببعض التقاليد والأعراف المتوارثة؟
- تفضل الكثير من النساء أن تعيش الحياة بطريقة إبداعية فتكثف كل إمكانياتها وملكاتها في حدود أسرتها ومحيطها الخاص وهذا حقها واختيارها، وبالطبع هناك قيود وحدود كثيرة تعوق المرأة في حالة انتقالها إلي الإبداع العام الذي يتلقاه الجمهور.
- ما هي رؤية أديبتنا الكبيرة لمستقبل الإبداع النسائي الإسلامي؟
- أتمني أن تحاول كل من تجد لديها القدرة والملكة أن تقدم تجربتها لتفيد الأجيال الجديدة.
- نريد التعرف عن قرب على نشاطات أديبتنا الكبيرة ، وعلى آخر إصداراتها الأدبية وصور مشاركاتها في الفعاليات الثقافية الإسلامية.
- لي كتابان تحت الطبع (قراءة جديدة للحياة) و (قصص بريئة).
- ومن أفضل ما خبرته في العام الماضي حضور مؤتمرين في تركيا حيث كانت المرأة التركية المحجبة الملتزمة اكتشافا رائعا لي ونموذجا متميزا ومعتدلا للمرأة المسلمة النشطة الدءوب التي تجمع أفضل ما في الثقافة الغربية من قيم الجدية والمثابرة والصوت الخفيض وعدم الازدواجية وأفضل ما في الثقافة الإسلامية من التزام ديني وأخلاقي حقيقي ومن تطابق الظاهر والباطن ومن الاجتهاد في مرضاة الله والتواضع.
- كلمة إيمان القدوسى – عبر الموقع – للفتاة المسلمة.
- ركزي علي الفعل والسلوك بشكل أكبر ، وقيمي نفسك بمدي تأثيرك في محيطك ، واسألي نفسك هل يرضي عنك والديك؟ وإذا كنت متزوجة هل تبرين أهل زوجك وتعينيه علي برهم؟ وكوني من مفاتيح الخير ومغاليق الشر أينما وجدت، ولا تستسلمي للصغائر والغيرة والقيل والقال حتى لا يحبط عملك وحتى يكتمل حجابك الظاهر بسلوكك الباطن.
- كلمة إيمان القدوسى للمبدعة والأديبة الإسلامية.
- اقرئي عشرة أضعاف ما تكتبين، ولا تكتبي إلا لو كان عندك جديداً، والكتابة العصرية الناجحة هي البسيطة والصادقة، وليكن لك أسلوبك الخاص.
- هل تطالعين موقع الجماعة الإسلامية على النت؟.. فما رأيك في التجربة عموما؟.. وما رأيك في الكتابات الأدبية الموجودة على الموقع خاصة في باب القصة والشعر؟
- الموقع في تقدم وتطور مستمر وبه إبداعات رائعة وأتمنى أن تجمع في كتاب ، ورغم أنني لم ولن أنتمي لأي جماعة أو تنظيم أو حزب إذ لا أجد لدي دافعا لذلك وأكتفي بصفتي كمسلمة من عوام المسلمين إلا أنني أحيي شجاعة الجماعة في المراجعات التي تدل علي الصدق مع النفس والنضج الفكري.
- وفى النهاية لا يسعنا إلا أن نتقدم بخالص الشكر والتقدير للكاتبة والأديبة الإسلامية الكبيرة إيمان القدوسى.
- ونسأل المولى جل وعلا أن يجعل هذا العمل في ميزان حسناتنا وحسناتها.