دوافع الجرائم قد تختلف بين الانتقام والسادية والمتعة المطلقة، لكن أن تجتمع الدوافع الثلاثة في شخص واحد فهذا أمر نادر الحدوث لكن ليس مستحيلا تماما وقصة شارون كيني تعد مثالا حيا على وجود أشخاص أشرار فقط لأنهم يستطيعون أن يكونوا كذلك.
وجه يبدو بريئًا لكنه يخفي وراءه شرا كبيرا.
الجريمة الأولى:
يوم التاسع عشر من مارس عام 1960، استدعت الشابة شارون كيني، التي كانت في العشرين من عمرها آنذاك، نائب عمدة مدينة إندبندنس بولاية ميسوري للإبلاغ عن مقتل زوجها برصاصة في مؤخرة رأسه، كانت الشابة مذعورة لحد كبير واستطاعت بصعوبة وصف ذلك المنظر المروع الذي يظهر فيه زوجها وهو مستلق على السرير يصارع للبقاء على قيد الحياة وبجواره مسدس عيار 22 ملم الذي استعمل للجريمة، بعد وصول الضباط ورجال الإسعاف للمنزل لاحظوا أنه لم تكن هناك علامات على وجود دخول بالقوة أو صراع داخل المنزل واستطاعوا بصعوبة وضع جميس على الحمالة لنقله للمستشفى لكنه توفي في الطريق عن عمر ناهز 25 عاما.
في اليوم الموالي استجوب المحققون كيني المذعورة واستطاعت بعد بكاء شديد وحسرة وصف ما حدث في ذلك اليوم المشؤوم. قالت كيني إن جيمس كان في غرفة النوم ينظف مسدسه وقد سمعت حركة القطع وضوضاء مواد التنظيف والمسح وهي داخل الحمام تضع المكياج. بعدما انتهى جيمس استلقى لأخذ قيلولة، وفي خضم غفلته تسللت دانا، ابنتهما البالغة من العمر عامين إلى غرفة النوم والتقطت المسدس وأطلقت رصاصة واحدة بالخطأ فكانت من نصيب والدها.
جيمس ر. براوننج رئيس شرطة ميريام بولاية كانساس آنذاك قال:
"اعتقدت أنها موثوقة، إذ كانت في حالة من الذهول الشديد، وكانت ردة فعلها حقيقية للغاية. وبعد ذلك، بالنسبة لي، أصبحت المشكلة: كيف تمكنت الفتاة الصغيرة من فعل ذلك؟، فما أشد العار، وما أشد المأساة المروعة."
على الرغم من أن كيني قدمت قصة محبوكة بشكل دقيق ومثالي وبمشاعر حزن صادقة وجياشة، إلا أن براوننج يقول إن الشرطة واجهت صعوبة في تصديق أن طفلة تبلغ من العمر عامين أطلقت الرصاصة القاتلة:
"كنا متشككين بشأن الفتاة الصغيرة. ولكن لسوء الحظ، كانتا الشاهدتين الوحيدتين هناك. لم يكن هناك أحد آخر نتحدث إليه باستثناء شارون كيني."
يقول جيمس هايز، مؤلف كتاب "قصة شارون كيني". إن الأخيرة كانت بارعة جدا في اختلاق الحكايات ورسم السيناريوهات بشكل مثلي لا يقبل الشك ولا الانتقاد:
"كل ما كان بوسعهم فعله هو مجرد تصديق ما كانت شارون تخبرهم به. وكانت مقنعة للغاية. وهذا لا يسيء إلى سمعتهم. فعندما تخبرك شارون بشيء، كان من المتوقع منك أن تصدقه. لقد كانت جيدة إلى هذا الحد."
شارون تضرب مرة أخرى:
شركة التأمين بدورها صدقت قصة شارون كيني، وقامت بتعويضها بمبلغ 200 ألف دولار استخدمتها لشراء سيارة مكشوفة جديدة نقدًا، ويزعم عدد من السكان المحليين أن كيني رغم وفاة زوجها وحزنها عليه إلا أنها كانت على علاقة بالرجل الذي اشترت منه السيارة والذي كان بدروه متزوجا. يقول جيمس هايز إن الأمر كان مجرد عمل كالمعتاد:
"أرادت أن يترك بائع السيارة زوجته وأطفاله ويعتني بها. كانت تريده. في ذهنها، إذا كانت شارون تريد شيئا فإنها تحصل عليه."
رغم إصرار شارون إلا أن البائع لم يكن لديه أي نية لترك عائلته، حتى بعدما أخبرته أنها حامل منه. مستنفذة جميع حلولها رمت كيني آخر كرة في السلة واتصلت بزوجة البائع، باتريشيا جونز، وأخبرتها أنها أخت امرأة كانت على علاقة بزوجها. وطلبت لقائها لإخبارها بكل التفاصيل فوافقت باتريشيا المذعورة على طلبها وانطلقت للقائها في مكان حددته شارون مسبقا وكانت تلك آخر مرة تظهر فيها باتريشيا للعلن إذ اختفت دون أي أثر.
في اليوم التالي، نظمت شرطة المدينة حملة واسعة للبحث عن باتريشيا. وتطوعت كيني بنفسها للمساعدة في البحث. وحصلت على بعض المساعدة من عشيق آخر، رجل يُدعى جون بولديز. تجول الاثنان بالسيارة بحثًا عن باتريشيا جونز. وفقًا لجون، فإن شارون اقترحت أن ينتهي البحث في ذلك المساء في حارة العشاق الشهيرة في المدينة. وأثناء وجودهما هناك، لاحظت كيني شيئًا في العشب وطلبت من جون الخروج للتحقق. وفي هذا الأمر يقول جيمس هايز:
"لقد جعلت هذا الشاب يخرج ويتحقق، وقد أخافه هذا الأمر حتى الموت لأنه كان ينظر مباشرة لزوجة البائع ملقاة على العشب جثة هامدة ومصابة بالرصاص".
طلب كيني من جون ألا يخبر الشرطة بأنها كانت معه عندما وجد الجثة. ولكن وفقًا لجيمس هايز فإن جون قال لهم على الفور أنه لم يكن بمفرده وأنه كان رفقة السيدة شارون كيني. ذلك الاسم أثار كل أنواع الأجراس وصافرات الانذار في رأس المحقق، لأنه تذكر قصتها قبل بضعة أشهر فقط من ذلك.
المحاكمة:
لم يهدر المدعي العام أي وقت. واتُهمت كيني بقتل باتريشيا جونز، وزوجها جيمس أيضاً. وفي مختلف أنحاء ولاية ميسوري، أصبحت شارون كيني اسماً مألوفاً. وكانت محاكمتها بتهمة باتريشيا جونز هي الأولى من نوعها في تلك المدينة الهادئة. ويقول جيمس هايز إن كيني نجحت بسهولة في إبهار هيئة المحلفين المكونة من الرجال:
"كانت شارون تسيطر على قاعة المحكمة. وكانت تسيطر على هيئة المحلفين. وكانت تسيطر على المتفرجين. وكان انتباه الجميع منصباً على شارون كيني، حتى أن شارون جاءت متأخرة في اليوم الثاني بعد بدء المحاكمة، متأخرة كنوع من السطوة. واستمرت المحاكمة نحو عشرة أيام. وعادت هيئة المحلفين بعد مداولات استمرت ساعة ونصف فقط بحكم ببراءتها. وانفجرت قاعة المحكمة بالهتافات. وخرج المحلفون من مقاعد المحلفين وذهبوا إلى القاعة وحصلوا على توقيع شارون. وجاء بعض الحاضرين وحصلوا على توقيع شارون".
فازت كيني بالمعركة لكنها لم تفز بالحرب بعد فهي لا تزال تواجه تهمة قتل زوجها جيمس. وكان الشاهد الرئيسي في هذه المحاكمة هو صديق شارون السابق، جون بولديز. وقد شهد بأن شارون عرضت عليه ذات مرة 1000 دولار لقتل زوجها. هذه المرة، أدينت شارون وحُكم عليها بالسجن مدى الحياة. لكن السجن أبى أن يحتضنها بين جدرانه ولفظها خارجا شهر مارس عام 1963، بعدما ألغت المحكمة العليا في ولاية ميسوري إدانتها بسبب ثغرة قانونية. وأُطلق سراح شارون كين بكفالة قدرها 25000 دولار، في انتظار إعادة المحاكمة.
ولأن العادات القديمة لا تموت بسهولة فإن شارون وجدت لنفسها حبيبا جديدا. رجل قيل إنه يعمل كمصفف شعر. ووفقًا لجيمس هايز، فإنه كان حبا من النظرة الأولى:
"لقد وقعا في الحب، وقررا أن ما سيفعلانه هو الذهاب إلى المكسيك لقضاء شهر عسل قبل الزواج".
مرة أخيرة قبل الاختفاء:
وبمجرد وصولهما إلى المكسيك، لم تتحكم شارون في غرائزها وأطلقت العنان لنفسها الماجنة ودخلت في متاهة من المغامرات الجنسية التي قادتها في النهاية إلى النزول في غرفة فندق رديئة مع رجل آخر غير مصفف الشعر الذي خططت للزواج به، ومن غرائب الصدف أن الشرطة عثرت على الرجل ميتا بعدما تم التبليغ عن اختفاءه ووجدت شارون نفسها مرة أخرى تواجه فوهة المدفع فأخبرت الشرطة أنها تصرفت دفاعًا عن النفس. لكن السلطات المكسيكية لم تشتر قصة شارون على الإطلاق واكتُشِف لاحقا أنها استدرجته هناك لسرقته وقتله. وتمت إدانتها بتهمة القتل المتعمد وحُكِم عليها بالسجن لمدة 13 عاماً. لكن يبدو أن الحرية اشتاقت لشارون رغم شرها المطلق واستطاعت بعد أقل من خمس سنوات وتحديدا شهر ديسمبر عام 1969 الهرب بعد تسللها عبر نافذة غير محمية. واختفت عن الأنظار منذ ذلك الحين.
ويعتقد جيمس هايز أن كيني كانت تتمتع بالذكاء الكافي لتحقيق شيء ما:
"كان بوسعها أن تستخدم ذكائها. وكان بوسعها أن تكون رائدة في السياسة أو في الأوساط الأكاديمية أو أي شيء آخر، ولكنها اختارت أن تسلك الطريق المعاكس. فقد سمحت للجشع والطمع والعلاقات غير الشرعية أن تحكم حياتها".
ويقول البعض إن كيني لا تزال على قيد الحياة وبصحة جيدة. وربما بقيت في المكسيك، أو ربما ذهبت إلى ألاسكا، حيث لديها أقارب. ومن بين متعلقات كيني التي عُثر عليها في المكسيك مسدس عيار 22 الذي قتل باتريشيا جونز.
العثور على شارون بعد 50 عاما:
يوم الفاتح من فبراير عام 2025 أعلن مكتب عمدة مقاطعة جاكسون أن شارون كيني قضت آخر خمسين عاما من حياتها في بلدة تابر الكندية الريفية في مقاطعة ألبرتا تحت اسم ديدرا جلابوس ثم ديدرا إيل. وصلت شارون إلى تابر عام 1973 مع زوجها جيم جلابوس كمالكين جديدين لفندق تابر، أصبحت هي وجيم بعد مدة سمساري عقارات قبل وفاته المفاجئة لأسباب طبيعية عام 1979 عن عمر يناهز 38 سنة. بعد ثلاث سنوات تزوجت من ويلي إيل الذي توفي بدوره عام 2011 لأسباب طبيعية. تطوعت شارون في منظمات مختلفة وكانت في وقت ما رئيسة لجنة توجيه حضانة الأطفال في تابر. توفيت في 21 من جانفي عام 2021.
ختاما:
عدم اعتراف شارون يعني أن السلطات لم تحصل على دافع حقيقي وواضح لكن من الجلي أنها لم تتقبل حياة العائلة والاستقرار وأرادت أن تعيش حياة البذخ والعلاقات العابرة، ولسخرية القدر وجدت شارون نفسها في آخر حياتها تعيش في أقل الأماكن بريقا وبهرجة على سطح الكوكب، تزاول عملا يوميا متواضعا وتموت لأسباب طبيعية في وسط هادئ.
المصادر:
وجه يبدو بريئًا لكنه يخفي وراءه شرا كبيرا.
الجريمة الأولى:
يوم التاسع عشر من مارس عام 1960، استدعت الشابة شارون كيني، التي كانت في العشرين من عمرها آنذاك، نائب عمدة مدينة إندبندنس بولاية ميسوري للإبلاغ عن مقتل زوجها برصاصة في مؤخرة رأسه، كانت الشابة مذعورة لحد كبير واستطاعت بصعوبة وصف ذلك المنظر المروع الذي يظهر فيه زوجها وهو مستلق على السرير يصارع للبقاء على قيد الحياة وبجواره مسدس عيار 22 ملم الذي استعمل للجريمة، بعد وصول الضباط ورجال الإسعاف للمنزل لاحظوا أنه لم تكن هناك علامات على وجود دخول بالقوة أو صراع داخل المنزل واستطاعوا بصعوبة وضع جميس على الحمالة لنقله للمستشفى لكنه توفي في الطريق عن عمر ناهز 25 عاما.
في اليوم الموالي استجوب المحققون كيني المذعورة واستطاعت بعد بكاء شديد وحسرة وصف ما حدث في ذلك اليوم المشؤوم. قالت كيني إن جيمس كان في غرفة النوم ينظف مسدسه وقد سمعت حركة القطع وضوضاء مواد التنظيف والمسح وهي داخل الحمام تضع المكياج. بعدما انتهى جيمس استلقى لأخذ قيلولة، وفي خضم غفلته تسللت دانا، ابنتهما البالغة من العمر عامين إلى غرفة النوم والتقطت المسدس وأطلقت رصاصة واحدة بالخطأ فكانت من نصيب والدها.
جيمس ر. براوننج رئيس شرطة ميريام بولاية كانساس آنذاك قال:
"اعتقدت أنها موثوقة، إذ كانت في حالة من الذهول الشديد، وكانت ردة فعلها حقيقية للغاية. وبعد ذلك، بالنسبة لي، أصبحت المشكلة: كيف تمكنت الفتاة الصغيرة من فعل ذلك؟، فما أشد العار، وما أشد المأساة المروعة."
على الرغم من أن كيني قدمت قصة محبوكة بشكل دقيق ومثالي وبمشاعر حزن صادقة وجياشة، إلا أن براوننج يقول إن الشرطة واجهت صعوبة في تصديق أن طفلة تبلغ من العمر عامين أطلقت الرصاصة القاتلة:
"كنا متشككين بشأن الفتاة الصغيرة. ولكن لسوء الحظ، كانتا الشاهدتين الوحيدتين هناك. لم يكن هناك أحد آخر نتحدث إليه باستثناء شارون كيني."
يقول جيمس هايز، مؤلف كتاب "قصة شارون كيني". إن الأخيرة كانت بارعة جدا في اختلاق الحكايات ورسم السيناريوهات بشكل مثلي لا يقبل الشك ولا الانتقاد:
"كل ما كان بوسعهم فعله هو مجرد تصديق ما كانت شارون تخبرهم به. وكانت مقنعة للغاية. وهذا لا يسيء إلى سمعتهم. فعندما تخبرك شارون بشيء، كان من المتوقع منك أن تصدقه. لقد كانت جيدة إلى هذا الحد."
شارون تضرب مرة أخرى:
شركة التأمين بدورها صدقت قصة شارون كيني، وقامت بتعويضها بمبلغ 200 ألف دولار استخدمتها لشراء سيارة مكشوفة جديدة نقدًا، ويزعم عدد من السكان المحليين أن كيني رغم وفاة زوجها وحزنها عليه إلا أنها كانت على علاقة بالرجل الذي اشترت منه السيارة والذي كان بدروه متزوجا. يقول جيمس هايز إن الأمر كان مجرد عمل كالمعتاد:
"أرادت أن يترك بائع السيارة زوجته وأطفاله ويعتني بها. كانت تريده. في ذهنها، إذا كانت شارون تريد شيئا فإنها تحصل عليه."
رغم إصرار شارون إلا أن البائع لم يكن لديه أي نية لترك عائلته، حتى بعدما أخبرته أنها حامل منه. مستنفذة جميع حلولها رمت كيني آخر كرة في السلة واتصلت بزوجة البائع، باتريشيا جونز، وأخبرتها أنها أخت امرأة كانت على علاقة بزوجها. وطلبت لقائها لإخبارها بكل التفاصيل فوافقت باتريشيا المذعورة على طلبها وانطلقت للقائها في مكان حددته شارون مسبقا وكانت تلك آخر مرة تظهر فيها باتريشيا للعلن إذ اختفت دون أي أثر.
في اليوم التالي، نظمت شرطة المدينة حملة واسعة للبحث عن باتريشيا. وتطوعت كيني بنفسها للمساعدة في البحث. وحصلت على بعض المساعدة من عشيق آخر، رجل يُدعى جون بولديز. تجول الاثنان بالسيارة بحثًا عن باتريشيا جونز. وفقًا لجون، فإن شارون اقترحت أن ينتهي البحث في ذلك المساء في حارة العشاق الشهيرة في المدينة. وأثناء وجودهما هناك، لاحظت كيني شيئًا في العشب وطلبت من جون الخروج للتحقق. وفي هذا الأمر يقول جيمس هايز:
"لقد جعلت هذا الشاب يخرج ويتحقق، وقد أخافه هذا الأمر حتى الموت لأنه كان ينظر مباشرة لزوجة البائع ملقاة على العشب جثة هامدة ومصابة بالرصاص".
طلب كيني من جون ألا يخبر الشرطة بأنها كانت معه عندما وجد الجثة. ولكن وفقًا لجيمس هايز فإن جون قال لهم على الفور أنه لم يكن بمفرده وأنه كان رفقة السيدة شارون كيني. ذلك الاسم أثار كل أنواع الأجراس وصافرات الانذار في رأس المحقق، لأنه تذكر قصتها قبل بضعة أشهر فقط من ذلك.
المحاكمة:
لم يهدر المدعي العام أي وقت. واتُهمت كيني بقتل باتريشيا جونز، وزوجها جيمس أيضاً. وفي مختلف أنحاء ولاية ميسوري، أصبحت شارون كيني اسماً مألوفاً. وكانت محاكمتها بتهمة باتريشيا جونز هي الأولى من نوعها في تلك المدينة الهادئة. ويقول جيمس هايز إن كيني نجحت بسهولة في إبهار هيئة المحلفين المكونة من الرجال:
"كانت شارون تسيطر على قاعة المحكمة. وكانت تسيطر على هيئة المحلفين. وكانت تسيطر على المتفرجين. وكان انتباه الجميع منصباً على شارون كيني، حتى أن شارون جاءت متأخرة في اليوم الثاني بعد بدء المحاكمة، متأخرة كنوع من السطوة. واستمرت المحاكمة نحو عشرة أيام. وعادت هيئة المحلفين بعد مداولات استمرت ساعة ونصف فقط بحكم ببراءتها. وانفجرت قاعة المحكمة بالهتافات. وخرج المحلفون من مقاعد المحلفين وذهبوا إلى القاعة وحصلوا على توقيع شارون. وجاء بعض الحاضرين وحصلوا على توقيع شارون".
فازت كيني بالمعركة لكنها لم تفز بالحرب بعد فهي لا تزال تواجه تهمة قتل زوجها جيمس. وكان الشاهد الرئيسي في هذه المحاكمة هو صديق شارون السابق، جون بولديز. وقد شهد بأن شارون عرضت عليه ذات مرة 1000 دولار لقتل زوجها. هذه المرة، أدينت شارون وحُكم عليها بالسجن مدى الحياة. لكن السجن أبى أن يحتضنها بين جدرانه ولفظها خارجا شهر مارس عام 1963، بعدما ألغت المحكمة العليا في ولاية ميسوري إدانتها بسبب ثغرة قانونية. وأُطلق سراح شارون كين بكفالة قدرها 25000 دولار، في انتظار إعادة المحاكمة.
ولأن العادات القديمة لا تموت بسهولة فإن شارون وجدت لنفسها حبيبا جديدا. رجل قيل إنه يعمل كمصفف شعر. ووفقًا لجيمس هايز، فإنه كان حبا من النظرة الأولى:
"لقد وقعا في الحب، وقررا أن ما سيفعلانه هو الذهاب إلى المكسيك لقضاء شهر عسل قبل الزواج".
مرة أخيرة قبل الاختفاء:
وبمجرد وصولهما إلى المكسيك، لم تتحكم شارون في غرائزها وأطلقت العنان لنفسها الماجنة ودخلت في متاهة من المغامرات الجنسية التي قادتها في النهاية إلى النزول في غرفة فندق رديئة مع رجل آخر غير مصفف الشعر الذي خططت للزواج به، ومن غرائب الصدف أن الشرطة عثرت على الرجل ميتا بعدما تم التبليغ عن اختفاءه ووجدت شارون نفسها مرة أخرى تواجه فوهة المدفع فأخبرت الشرطة أنها تصرفت دفاعًا عن النفس. لكن السلطات المكسيكية لم تشتر قصة شارون على الإطلاق واكتُشِف لاحقا أنها استدرجته هناك لسرقته وقتله. وتمت إدانتها بتهمة القتل المتعمد وحُكِم عليها بالسجن لمدة 13 عاماً. لكن يبدو أن الحرية اشتاقت لشارون رغم شرها المطلق واستطاعت بعد أقل من خمس سنوات وتحديدا شهر ديسمبر عام 1969 الهرب بعد تسللها عبر نافذة غير محمية. واختفت عن الأنظار منذ ذلك الحين.
ويعتقد جيمس هايز أن كيني كانت تتمتع بالذكاء الكافي لتحقيق شيء ما:
"كان بوسعها أن تستخدم ذكائها. وكان بوسعها أن تكون رائدة في السياسة أو في الأوساط الأكاديمية أو أي شيء آخر، ولكنها اختارت أن تسلك الطريق المعاكس. فقد سمحت للجشع والطمع والعلاقات غير الشرعية أن تحكم حياتها".
ويقول البعض إن كيني لا تزال على قيد الحياة وبصحة جيدة. وربما بقيت في المكسيك، أو ربما ذهبت إلى ألاسكا، حيث لديها أقارب. ومن بين متعلقات كيني التي عُثر عليها في المكسيك مسدس عيار 22 الذي قتل باتريشيا جونز.
العثور على شارون بعد 50 عاما:
يوم الفاتح من فبراير عام 2025 أعلن مكتب عمدة مقاطعة جاكسون أن شارون كيني قضت آخر خمسين عاما من حياتها في بلدة تابر الكندية الريفية في مقاطعة ألبرتا تحت اسم ديدرا جلابوس ثم ديدرا إيل. وصلت شارون إلى تابر عام 1973 مع زوجها جيم جلابوس كمالكين جديدين لفندق تابر، أصبحت هي وجيم بعد مدة سمساري عقارات قبل وفاته المفاجئة لأسباب طبيعية عام 1979 عن عمر يناهز 38 سنة. بعد ثلاث سنوات تزوجت من ويلي إيل الذي توفي بدوره عام 2011 لأسباب طبيعية. تطوعت شارون في منظمات مختلفة وكانت في وقت ما رئيسة لجنة توجيه حضانة الأطفال في تابر. توفيت في 21 من جانفي عام 2021.
ختاما:
عدم اعتراف شارون يعني أن السلطات لم تحصل على دافع حقيقي وواضح لكن من الجلي أنها لم تتقبل حياة العائلة والاستقرار وأرادت أن تعيش حياة البذخ والعلاقات العابرة، ولسخرية القدر وجدت شارون نفسها في آخر حياتها تعيش في أقل الأماكن بريقا وبهرجة على سطح الكوكب، تزاول عملا يوميا متواضعا وتموت لأسباب طبيعية في وسط هادئ.
المصادر:
يجب تسجيل الدخول لمشاهدة الروابط
يجب تسجيل الدخول لمشاهدة الوسائط