كبار العائلة يستعيدون الذكريات داخل ديوانهم فى "دربالسبعى"
أحمد سعيد أبوزيد
عضو مٌميز
عـضـو
نشيط هذا الشهر
النشاط: 34%
- إنضم
- 2024/10/4
- المشاركات
- 184
- التفاعل
- 116
- المستوى
- 43
- الأوسـمـة
- 1
- الإقامة
- مصر -قنا -دشنا
- ℗
- 42,825
- الجنس
♂️ ذَكــر
عائلة شيخ العرب التى ساهمت فى طرد الفرنسين من قنا
كبار العائلة يستعيدون الذكريات داخل ديوانهم فى "درب
السبعى"
◄جدّهم
«على النابى» اشتهر فى العصر المملوكى بأنه يتكلم بالشِِعر.. وجدهم «حسن على
إسماعيل» أحد علماء اللغة العربية.. ومن أشهر تلاميذه الدكتور «الطاهر مكى» وحين
مات قالوا عنه: (فقدنا رب البيان)
عائلة شيخ العرب, من العائلات الصعيدية, التى ما زالت
تحافظ على تراثها، فهى لم تتأثر بتغيرات الزمن ولا بالانصهار فى المدنية التى محت
خريطته، وهى بجانب عراقتها وشموخها، فهى أيضا من العائلات الوطنية التى ضحت من أجل
الوطن، وساهمت فى طرد الاحتلال من أرضه.
عائلة «شيخ العرب» تمتلك «ديوانا» فى درب السبعى فى
«قفط» له بوابة كبيرة، شأن بيوت ودواوين العائلات ذوى الأصول العريقة، والثقل
الاقتصادى والسياسى، وفى قلبه شجرة طاعنة فى السن، وهذه سمة «صعيدية» بوجه عام،
و«قناوية» بشكل خاص،
فالديوان هو مقر العائلة، ولابد له من شجرة، قد تكون من نوع «اللَّبَخ» الذى
يطلق أبناء المدن على زهرته الصفراء «دقن الباشا»، وقد تكون من نوع «الصفصاف»،
وأحياناً يتوسط، بهو الديوان عدد من أشجار «النخيل»، لأن درجة الحرارة العالية تفرض
على الناس البحث عن «ضلّة» أو «ظل»، يجعلهم يتواصلون ولا يهربون إلى بيوتهم، لأن
حاجتهم إلى «الاجتماع» أساسية،
فالصعايدة لا يتحركون باعتبارهم أفراداً، بل جماعات،
قد تكون الجماعة «عائلة» أو «قبيلة» أو «قرية»، تربط بينها علاقات القُربى، ولا
تستقيم الحياة فى «قفط» بدون «شعر» وحكايات.
رموز العائلة قالوا لنا، إنهم حسب الرواية التى
يحفظونها ويعتزون بها عائلة عربية، وفدت من الحجاز إلى «الصعيد»، واستقرت فى «قفط»،
و«إسنا»، ثم زاد عددهم فسافروا إلى السويس والإسكندرية وأسيوط والبحر الأحمر
والقاهرة،
فأصبحت
عائلة «شيخ العرب» قبيلة متعددة الأفرع، وتمتلك العائلة حوالى 300 فدان مزروعة بقصب
السكر، وفى 1799 انتصر أهالى «نجع البارود» التابع لمركز «قفط» على جيش الحملة
الفرنسية، الذى نزل إلى الصعيد بقيادة الجنرال «ديزيه»، وكان لعائلة شيخ العرب دور
كبير فى هزيمة الحملة، إذ ساهم أبناؤها فى الجهاد ضدها بأرواحهم
ومالهم.
كلام
رجال العائلة، وملابسهم التقليدية، يؤكد أنهم قابضون على مبادئهم، يشعرون
بالمسئولية الاجتماعية، فلا يصح أن تخرج منهم «العيبة»، ولا يجوز أن يوجه إليهم أحد
نقداً أو لوماً بخصوص «الأصول» أو القواعد المتفق عليها فى «قفط»،
فالعادات
والتقاليد هى «الأصول» والقاعدة التى تحكم علاقة العائلة بالعائلات الأخرى، وهناك
مستوى معين يحافظون عليه فى كل نواحى الحياة، بداية من علاقات «الصداقة» حتى علاقات
النسب والمصاهرة.
أحمد عثمان شيخ العرب، مدير إدارة تعليمية بالمعاش، يقول: إن العائلة تسعى
دائماً للتمسك بالمبادئ والتقاليد المتوارثة، لكنها فى الوقت نفسه، لا تقف فى وجه
الجديد، ففى القرن الماضى كانت «الأفراح» مرتبطة بالولائم، وتقديم الطعام للمهنئين،
وكانت العائلات تقاس درجة كرمها بعدد «الذبائح»، التى تذبحها فى ليالى أفراحها،
ولكن مع تغير الظروف
الاقتصادية والاجتماعية، أصبحت عائلات «قفط» - لا تهتم بالولائم، بقدر اهتمامها
بتقديم قطع «الجاتوه» للضيوف، وزجاجات «الكولا»، و«البيبسى»، وهى عادة «قاهرية» أو
«حضرية» فى الأساس.
كما أن حفلات الزفاف كانت فى الماضى فرصة لالتقاء
أبناء العائلات، وغرس قيمة الانتماء للعائلة، فالشباب كانوا يرتدون أزهى ملابسهم،
ويقفون فى «الديوان» يستقبلون المهنئين، ويقدمون لهم «التحيات» و«الطعام»،
و«السجائر»، والكبار يتباهون بشباب عائلتهم، ويقدمونهم للضيوف والقادمين من بلاد
بعيدة،
وهذا يعنى أن
«الأفراح» كانت فرصة للتباهى بالذكور والأموال والكرم، ومصمص شفتيه وهو يقول:
دلوقتى الموضوع بقى ع الطاير.. كله يقول «رايح أورّى وشىّ.. وخمس دقايق ويمشى»،
ولكن لم تزل عادة «النقوط» دليلاً على الترابط والتكافل بين العائلات.
عثمان يرى أن
النقوط دليل ترابط، لكن هناك قاعدة تحكمه، وهى: «تجاملنى ببيضة أجاملك بفروُّجة
(فرخة).. تجاملنى بخروف أجاملك بجمل»، وهذه القاعدة تفرض على كل من يتلقى نقوطاً،
أن يرده مضاعفاً
وعلى سبيل المثال، تلقى العمدة «محمود حسان» يوم زفافه نقوطاً قدره «3
أفدنة» أطياناً زراعية، ولم يكن الزواج مكلفاً للعروسة أو العريس، لأن »عرب الصعيد«
يتزاوجون فيما بينهم، يعنى «العملية فى بيتها» أو كما يقول المثل «زيتنا فى
دقيقنا»
النشاط الاقتصادى الأساسى لأبناء عائلة شيخ العرب هو الزراعة، شأنهم شأن
أغلب عائلات صعيد مصر، كما يقول أحمد عثمان، مضيفا: ولدينا مساحات أرض واسعة، ولكن
من بيننا عددا كبيرا التحق بالنيابة العامة والداخلية، وغيرهما من الهيئات ذات
الشأن الرفيع، وبالنسبة لبقية أقاربنا فى المحافظات الأخرى، فمنهم من يعمل موظفاً،
ومنهم من يعمل فى التجارة.
كما أن لدينا شعراء حققوا شهرة فى عصور قديمة، فلنا جدّ اشتهر فى العصر
المملوكى بأنه يتكلم بالشعر، وينظم القصائد وهو الشاعر «على النابى»، أما فى العصر
الحديث، فلدينا الشيخ على محمد على إسماعيل، كان عضواً بمجلس مديرية «قنا» فى عام
1918، ورئيسا لمحكمة «خط قفط»، وأحد أعيانها، وعضواً فى البرلمان لعدّة دورات، وكان
عمدة فى الوقت نفسه، وكذلك الشيخ «حسن على إسماعيل» والحاج «عبدالرحيم عيسى» عضو
محكمة «خط قفط»، ومحمود حسان آخر عُمد قفط فى عام 1964، قبل أن تتحول من قرية إلى
مركز.
منصب
«العمدة» مهم جداً فى الصعيد، ورغم أن عائلة «شيخ العرب» حكمت قفط لفترات طويلة،
فإن أحمد عثمان يوضح أن «الحكم» فى ذلك الزمن كان «مسئولية»، فالعمدة ليس ممثلاً
للحكومة بقدر ما هو «حامى القرية»، والمسئول عن حل الأزمات، التى قد تقع، فإنه فى
هذه الحالة يسلك الطريق الرسمى «مركز ونيابة ومحكمة»،
ومن «العُمد»
المعروفين فى تاريخ العائلة وتاريخ المركز كله، الشيخ أحمد عبدالرحيم «شيخ مشايخ
قفط»، وهو منصب له هيبة وأهمية لا تقل عن «العمدة»، والعمدة «باشا أحمد عبدالرحيم»،
والعمدة «محسن محمد عبدالرحيم»، والعمدة «أحمد حسن حسان»، والعمدة «بشير وزيرى»،
والعمدة «الجزار أحمد محمود»، والعمدة «أبوالحسن الجزار» عضو مجلس الشعب الحالى
«حزب وطنى» وعمره «46 عاماً»، وهو صاحب قدرات خاصة، جعلت الناس تحبه وتنتخبه ليكون
نائباً عن دائرة قفط.
«نور على» وكيل أول بمدرسة قفط الثانوية، يتحدث عن الشيخ «حسن على إسماعيل»
قائلا: نحن نفخر بالعالم الجليل «الشيخ حسن»، فهو أحد علماء اللغة العربية، وُلد فى
27 مايو 1904، وورد ذكره فى «دليل القُطرين المصرى والسودانى»، الذى طبعته الحكومة
المصرية فى عام 1917، وعمل فى التدريس بالجامع الأزهر، وكان من «الخطباء»
المشهورين، وكانت لديه «مكتبة» مليئة بالكتب المهمة، وكان معروفاً عنه أنه يحفظ
«نهج البلاغة» للإمام على بن أبى طالب، ويحفظ دواوين فحول الشعراء العرب القدامى
والمحدثين،
ومن أشهر
تلاميذه الدكتور «الطاهر مكى»، الأستاذ فى كلية دار العلوم، وعندما لبّى نداء ربه
فى عام «1960»، قال أحمد تلاميذه «اليوم فقدنا ربَّ البيان»، ونعاه الشيخ أحمد حسن
الباقورى وعدد كبير من الشيوخ، الذين تتلمذوا على يديه، لكن دراسته ونبوغه فى
العلوم الدينية، لم يمنعاه من أن يكون له دور فى الحياة السياسية والقانونية، فقد
شغل موقع «عمدة» قفط، ورئيس محكمة قفط، وكان نائباً فى البرلمان لعدّة دورات.
كما أن «محمود
أحمد حسن حسان شيخ العرب» من مواليد «قفط»، فى «2 فبراير 1919» من رموز العائلة،
تولى منصب «شيخ ناحية قفط» فى عام «1949»، ثم «عمدة» قفط فى عام «1953»، وظل فى
منصبه إلى عام «1964»، وهو آخر «عمدة» لقرية «قفط»، التى تحولت إلى «مركز» فى العام
نفسه، فى إطار تقسيم إدارى قامت به حكومة ثورة يوليو، وبعد ذلك تم انتخابه عضواً فى
«مجلس الأمة» فى عام 1964،، وظل فى المجلس إلى عام «1974»، وكان نموذجاً للنائب
الذى يحب أهله، ويسعى لتقديم الخدمات إليهم، فهو الذى كان وراء إنشاء مدرسة قفط
الثانوية، وهو الذى كان وراء اهتمام «مصلحة الآثار» بالآثار الموجودة فى مدينة
«قفط»، وساهم أيضاً فى بناء مقر مركز شرطة «قفط»، وكتبت عنه مجلة «العهد الجمهورى»
التى كانت تصدر فى عهد الثورة مقالاً تحت عنوان «الرجل الذى بنى مدرسة وأغلق
سجناً»، وكانت علاقته بالضباط الأحرار طيبة، خاصة «حسين الشافعى»، نائب رئيس
الجمهورية فى ذلك الوقت.
كما أن «على بك محمد إسماعيل»، عميد عائلة شيخ العرب، بدأ حياته مزارعاً، ثم
فتح الله عليه فأصبح من أعيان «قنا»، وهو من مواليد 1867، وفى عام 1907 أصبح عضواً
فى مجلس «مديرية إسنا» -محافظة قنا فى الوقت الحالى- وعضواً فى لجنة «شياخات»
المديرية فى العام نفسه، وفى عام «1911» أصبح عمدة لقرية «قفط»، وظل فى منصبه حتى
عام 1923، ثم عضواً فى «محكمة قفط»، ثم رئيساً للمحكمة، وكان مقرها «ديوان العائلة»
حتى عام 1928، لكنه فى عام «1924» أصبح عضواً فى مجلس النواب، وفى عام 1931 حصل على
رتبة «البكوية» من الملك فؤاد. «باك» أو «بك» هو لقب تركى، كان يطلق على والد عثمان
الأول مؤسس أسرة آل عثمان، كما أطلق على تيمور لنك.. وفى بداية تأسيس الدولة
العثمانية أطلق على النبلاء وشيوخ وأمراء الجماعة، ثم أطلق على كل صاحب نفوذ وعلى
الرتب العسكرية، وبعد ذلك أصبح أبناء الباشاوات يحملون اللقب بالوراثة أباً عن
جد.
وقد عرفته
مصر منذ أيام المماليك، حيث كان يطلق على كبار رجال الدولة، وكان «باشاوات» مصر
ينتظرون إعلان أسماء من سوف ينعم عليهم بـ«الباشاوية» فى لهفة شديدة، وذلك فى اليوم
السابق لبدء العيد، وكان يطلق على هذه الأسماء «كشوف الإنعامات الملكية».. وكان
يدخل يوم العيد إلى قاعة العرش بقصر عابدين كل حسب رتبته.. يهنئ صاحب الجلالة
بالعيد.. وكان الترتيب كالتالى.. حضرة صاحب السمو.. وحضرات أصحاب السمو.. وحضرات
أصحاب السمو الأمراء.. وحضرات أصحاب المجد النبلاء، وكانت «الباشاوية» لا تمنح لمن
يقل راتبه عن 1800 جنيه سنوياً بجانب كبار الأعيان والملاك، أما رتبة «البكوية» فقد
خصصت لمن لا يقل راتبه عن 1200 جنيه فى السنة، ثم خصصت رتبة «بكوية» من الدرجة
الثانية للموظف الذى لا يقل راتبه عن 800 جنيه فى
السنة.
عائلة
«شيخ العرب» واحدة من عائلات قنا العريقة، التى امتازت بوجود الكثير من الأعيان،
لكن أبناء العائلة اختصوا من هؤلاء الأعيان بالذكر «المرحوم عيسى عمر عيسى، والحاج
على دردير عيسى، والحاج عبدالجبار محمد حسن»، فقد أخذوا عنهم العزة والإباء ومساعدة
المحتاج، إذ كانوا يحثونهم على العطاء والبذل، ونصرة المظلوم، وألا يتخلوا عن
مبادئهم أبدا، سواء فى غنى أو فى فقر. بقى أن نؤكد أن عائلة «شيخ العرب» من
العائلات التى كانت تنتمى إلى «الحزب السعدى»، وهو أحد الأحزاب التى انشقت عن حزب
«الوفد المصرى»، الذى شكله عدد من مثقفى وأعيان مصر برئاسة «سعد
زغلول».
كبار العائلة يستعيدون الذكريات داخل ديوانهم فى "درب
السبعى"
◄جدّهم
«على النابى» اشتهر فى العصر المملوكى بأنه يتكلم بالشِِعر.. وجدهم «حسن على
إسماعيل» أحد علماء اللغة العربية.. ومن أشهر تلاميذه الدكتور «الطاهر مكى» وحين
مات قالوا عنه: (فقدنا رب البيان)
عائلة شيخ العرب, من العائلات الصعيدية, التى ما زالت
تحافظ على تراثها، فهى لم تتأثر بتغيرات الزمن ولا بالانصهار فى المدنية التى محت
خريطته، وهى بجانب عراقتها وشموخها، فهى أيضا من العائلات الوطنية التى ضحت من أجل
الوطن، وساهمت فى طرد الاحتلال من أرضه.
عائلة «شيخ العرب» تمتلك «ديوانا» فى درب السبعى فى
«قفط» له بوابة كبيرة، شأن بيوت ودواوين العائلات ذوى الأصول العريقة، والثقل
الاقتصادى والسياسى، وفى قلبه شجرة طاعنة فى السن، وهذه سمة «صعيدية» بوجه عام،
و«قناوية» بشكل خاص،
فالديوان هو مقر العائلة، ولابد له من شجرة، قد تكون من نوع «اللَّبَخ» الذى
يطلق أبناء المدن على زهرته الصفراء «دقن الباشا»، وقد تكون من نوع «الصفصاف»،
وأحياناً يتوسط، بهو الديوان عدد من أشجار «النخيل»، لأن درجة الحرارة العالية تفرض
على الناس البحث عن «ضلّة» أو «ظل»، يجعلهم يتواصلون ولا يهربون إلى بيوتهم، لأن
حاجتهم إلى «الاجتماع» أساسية،
فالصعايدة لا يتحركون باعتبارهم أفراداً، بل جماعات،
قد تكون الجماعة «عائلة» أو «قبيلة» أو «قرية»، تربط بينها علاقات القُربى، ولا
تستقيم الحياة فى «قفط» بدون «شعر» وحكايات.
رموز العائلة قالوا لنا، إنهم حسب الرواية التى
يحفظونها ويعتزون بها عائلة عربية، وفدت من الحجاز إلى «الصعيد»، واستقرت فى «قفط»،
و«إسنا»، ثم زاد عددهم فسافروا إلى السويس والإسكندرية وأسيوط والبحر الأحمر
والقاهرة،
فأصبحت
عائلة «شيخ العرب» قبيلة متعددة الأفرع، وتمتلك العائلة حوالى 300 فدان مزروعة بقصب
السكر، وفى 1799 انتصر أهالى «نجع البارود» التابع لمركز «قفط» على جيش الحملة
الفرنسية، الذى نزل إلى الصعيد بقيادة الجنرال «ديزيه»، وكان لعائلة شيخ العرب دور
كبير فى هزيمة الحملة، إذ ساهم أبناؤها فى الجهاد ضدها بأرواحهم
ومالهم.
كلام
رجال العائلة، وملابسهم التقليدية، يؤكد أنهم قابضون على مبادئهم، يشعرون
بالمسئولية الاجتماعية، فلا يصح أن تخرج منهم «العيبة»، ولا يجوز أن يوجه إليهم أحد
نقداً أو لوماً بخصوص «الأصول» أو القواعد المتفق عليها فى «قفط»،
فالعادات
والتقاليد هى «الأصول» والقاعدة التى تحكم علاقة العائلة بالعائلات الأخرى، وهناك
مستوى معين يحافظون عليه فى كل نواحى الحياة، بداية من علاقات «الصداقة» حتى علاقات
النسب والمصاهرة.
أحمد عثمان شيخ العرب، مدير إدارة تعليمية بالمعاش، يقول: إن العائلة تسعى
دائماً للتمسك بالمبادئ والتقاليد المتوارثة، لكنها فى الوقت نفسه، لا تقف فى وجه
الجديد، ففى القرن الماضى كانت «الأفراح» مرتبطة بالولائم، وتقديم الطعام للمهنئين،
وكانت العائلات تقاس درجة كرمها بعدد «الذبائح»، التى تذبحها فى ليالى أفراحها،
ولكن مع تغير الظروف
الاقتصادية والاجتماعية، أصبحت عائلات «قفط» - لا تهتم بالولائم، بقدر اهتمامها
بتقديم قطع «الجاتوه» للضيوف، وزجاجات «الكولا»، و«البيبسى»، وهى عادة «قاهرية» أو
«حضرية» فى الأساس.
كما أن حفلات الزفاف كانت فى الماضى فرصة لالتقاء
أبناء العائلات، وغرس قيمة الانتماء للعائلة، فالشباب كانوا يرتدون أزهى ملابسهم،
ويقفون فى «الديوان» يستقبلون المهنئين، ويقدمون لهم «التحيات» و«الطعام»،
و«السجائر»، والكبار يتباهون بشباب عائلتهم، ويقدمونهم للضيوف والقادمين من بلاد
بعيدة،
وهذا يعنى أن
«الأفراح» كانت فرصة للتباهى بالذكور والأموال والكرم، ومصمص شفتيه وهو يقول:
دلوقتى الموضوع بقى ع الطاير.. كله يقول «رايح أورّى وشىّ.. وخمس دقايق ويمشى»،
ولكن لم تزل عادة «النقوط» دليلاً على الترابط والتكافل بين العائلات.
عثمان يرى أن
النقوط دليل ترابط، لكن هناك قاعدة تحكمه، وهى: «تجاملنى ببيضة أجاملك بفروُّجة
(فرخة).. تجاملنى بخروف أجاملك بجمل»، وهذه القاعدة تفرض على كل من يتلقى نقوطاً،
أن يرده مضاعفاً
وعلى سبيل المثال، تلقى العمدة «محمود حسان» يوم زفافه نقوطاً قدره «3
أفدنة» أطياناً زراعية، ولم يكن الزواج مكلفاً للعروسة أو العريس، لأن »عرب الصعيد«
يتزاوجون فيما بينهم، يعنى «العملية فى بيتها» أو كما يقول المثل «زيتنا فى
دقيقنا»
النشاط الاقتصادى الأساسى لأبناء عائلة شيخ العرب هو الزراعة، شأنهم شأن
أغلب عائلات صعيد مصر، كما يقول أحمد عثمان، مضيفا: ولدينا مساحات أرض واسعة، ولكن
من بيننا عددا كبيرا التحق بالنيابة العامة والداخلية، وغيرهما من الهيئات ذات
الشأن الرفيع، وبالنسبة لبقية أقاربنا فى المحافظات الأخرى، فمنهم من يعمل موظفاً،
ومنهم من يعمل فى التجارة.
كما أن لدينا شعراء حققوا شهرة فى عصور قديمة، فلنا جدّ اشتهر فى العصر
المملوكى بأنه يتكلم بالشعر، وينظم القصائد وهو الشاعر «على النابى»، أما فى العصر
الحديث، فلدينا الشيخ على محمد على إسماعيل، كان عضواً بمجلس مديرية «قنا» فى عام
1918، ورئيسا لمحكمة «خط قفط»، وأحد أعيانها، وعضواً فى البرلمان لعدّة دورات، وكان
عمدة فى الوقت نفسه، وكذلك الشيخ «حسن على إسماعيل» والحاج «عبدالرحيم عيسى» عضو
محكمة «خط قفط»، ومحمود حسان آخر عُمد قفط فى عام 1964، قبل أن تتحول من قرية إلى
مركز.
منصب
«العمدة» مهم جداً فى الصعيد، ورغم أن عائلة «شيخ العرب» حكمت قفط لفترات طويلة،
فإن أحمد عثمان يوضح أن «الحكم» فى ذلك الزمن كان «مسئولية»، فالعمدة ليس ممثلاً
للحكومة بقدر ما هو «حامى القرية»، والمسئول عن حل الأزمات، التى قد تقع، فإنه فى
هذه الحالة يسلك الطريق الرسمى «مركز ونيابة ومحكمة»،
ومن «العُمد»
المعروفين فى تاريخ العائلة وتاريخ المركز كله، الشيخ أحمد عبدالرحيم «شيخ مشايخ
قفط»، وهو منصب له هيبة وأهمية لا تقل عن «العمدة»، والعمدة «باشا أحمد عبدالرحيم»،
والعمدة «محسن محمد عبدالرحيم»، والعمدة «أحمد حسن حسان»، والعمدة «بشير وزيرى»،
والعمدة «الجزار أحمد محمود»، والعمدة «أبوالحسن الجزار» عضو مجلس الشعب الحالى
«حزب وطنى» وعمره «46 عاماً»، وهو صاحب قدرات خاصة، جعلت الناس تحبه وتنتخبه ليكون
نائباً عن دائرة قفط.
«نور على» وكيل أول بمدرسة قفط الثانوية، يتحدث عن الشيخ «حسن على إسماعيل»
قائلا: نحن نفخر بالعالم الجليل «الشيخ حسن»، فهو أحد علماء اللغة العربية، وُلد فى
27 مايو 1904، وورد ذكره فى «دليل القُطرين المصرى والسودانى»، الذى طبعته الحكومة
المصرية فى عام 1917، وعمل فى التدريس بالجامع الأزهر، وكان من «الخطباء»
المشهورين، وكانت لديه «مكتبة» مليئة بالكتب المهمة، وكان معروفاً عنه أنه يحفظ
«نهج البلاغة» للإمام على بن أبى طالب، ويحفظ دواوين فحول الشعراء العرب القدامى
والمحدثين،
ومن أشهر
تلاميذه الدكتور «الطاهر مكى»، الأستاذ فى كلية دار العلوم، وعندما لبّى نداء ربه
فى عام «1960»، قال أحمد تلاميذه «اليوم فقدنا ربَّ البيان»، ونعاه الشيخ أحمد حسن
الباقورى وعدد كبير من الشيوخ، الذين تتلمذوا على يديه، لكن دراسته ونبوغه فى
العلوم الدينية، لم يمنعاه من أن يكون له دور فى الحياة السياسية والقانونية، فقد
شغل موقع «عمدة» قفط، ورئيس محكمة قفط، وكان نائباً فى البرلمان لعدّة دورات.
كما أن «محمود
أحمد حسن حسان شيخ العرب» من مواليد «قفط»، فى «2 فبراير 1919» من رموز العائلة،
تولى منصب «شيخ ناحية قفط» فى عام «1949»، ثم «عمدة» قفط فى عام «1953»، وظل فى
منصبه إلى عام «1964»، وهو آخر «عمدة» لقرية «قفط»، التى تحولت إلى «مركز» فى العام
نفسه، فى إطار تقسيم إدارى قامت به حكومة ثورة يوليو، وبعد ذلك تم انتخابه عضواً فى
«مجلس الأمة» فى عام 1964،، وظل فى المجلس إلى عام «1974»، وكان نموذجاً للنائب
الذى يحب أهله، ويسعى لتقديم الخدمات إليهم، فهو الذى كان وراء إنشاء مدرسة قفط
الثانوية، وهو الذى كان وراء اهتمام «مصلحة الآثار» بالآثار الموجودة فى مدينة
«قفط»، وساهم أيضاً فى بناء مقر مركز شرطة «قفط»، وكتبت عنه مجلة «العهد الجمهورى»
التى كانت تصدر فى عهد الثورة مقالاً تحت عنوان «الرجل الذى بنى مدرسة وأغلق
سجناً»، وكانت علاقته بالضباط الأحرار طيبة، خاصة «حسين الشافعى»، نائب رئيس
الجمهورية فى ذلك الوقت.
كما أن «على بك محمد إسماعيل»، عميد عائلة شيخ العرب، بدأ حياته مزارعاً، ثم
فتح الله عليه فأصبح من أعيان «قنا»، وهو من مواليد 1867، وفى عام 1907 أصبح عضواً
فى مجلس «مديرية إسنا» -محافظة قنا فى الوقت الحالى- وعضواً فى لجنة «شياخات»
المديرية فى العام نفسه، وفى عام «1911» أصبح عمدة لقرية «قفط»، وظل فى منصبه حتى
عام 1923، ثم عضواً فى «محكمة قفط»، ثم رئيساً للمحكمة، وكان مقرها «ديوان العائلة»
حتى عام 1928، لكنه فى عام «1924» أصبح عضواً فى مجلس النواب، وفى عام 1931 حصل على
رتبة «البكوية» من الملك فؤاد. «باك» أو «بك» هو لقب تركى، كان يطلق على والد عثمان
الأول مؤسس أسرة آل عثمان، كما أطلق على تيمور لنك.. وفى بداية تأسيس الدولة
العثمانية أطلق على النبلاء وشيوخ وأمراء الجماعة، ثم أطلق على كل صاحب نفوذ وعلى
الرتب العسكرية، وبعد ذلك أصبح أبناء الباشاوات يحملون اللقب بالوراثة أباً عن
جد.
وقد عرفته
مصر منذ أيام المماليك، حيث كان يطلق على كبار رجال الدولة، وكان «باشاوات» مصر
ينتظرون إعلان أسماء من سوف ينعم عليهم بـ«الباشاوية» فى لهفة شديدة، وذلك فى اليوم
السابق لبدء العيد، وكان يطلق على هذه الأسماء «كشوف الإنعامات الملكية».. وكان
يدخل يوم العيد إلى قاعة العرش بقصر عابدين كل حسب رتبته.. يهنئ صاحب الجلالة
بالعيد.. وكان الترتيب كالتالى.. حضرة صاحب السمو.. وحضرات أصحاب السمو.. وحضرات
أصحاب السمو الأمراء.. وحضرات أصحاب المجد النبلاء، وكانت «الباشاوية» لا تمنح لمن
يقل راتبه عن 1800 جنيه سنوياً بجانب كبار الأعيان والملاك، أما رتبة «البكوية» فقد
خصصت لمن لا يقل راتبه عن 1200 جنيه فى السنة، ثم خصصت رتبة «بكوية» من الدرجة
الثانية للموظف الذى لا يقل راتبه عن 800 جنيه فى
السنة.
عائلة
«شيخ العرب» واحدة من عائلات قنا العريقة، التى امتازت بوجود الكثير من الأعيان،
لكن أبناء العائلة اختصوا من هؤلاء الأعيان بالذكر «المرحوم عيسى عمر عيسى، والحاج
على دردير عيسى، والحاج عبدالجبار محمد حسن»، فقد أخذوا عنهم العزة والإباء ومساعدة
المحتاج، إذ كانوا يحثونهم على العطاء والبذل، ونصرة المظلوم، وألا يتخلوا عن
مبادئهم أبدا، سواء فى غنى أو فى فقر. بقى أن نؤكد أن عائلة «شيخ العرب» من
العائلات التى كانت تنتمى إلى «الحزب السعدى»، وهو أحد الأحزاب التى انشقت عن حزب
«الوفد المصرى»، الذى شكله عدد من مثقفى وأعيان مصر برئاسة «سعد
زغلول».