- المشاهدات: 73
- الردود: 1
يجلس على الأريكة وكله آذانٌ مصغيةٌ لمن يخاطبه في الجهة المقابلة.
- استاذ علي أخبرنا عن مسيرتك المهنيةِ؟ وكيف أصبحت من أكبر رواد الأعمال والمستثمرين؟
- أوه، أجل، لقد ورثت عن والدي -رحمه الله- حب التعلم واستكشاف أمورٍ جديدة، وأكثر ما كان يثير اهتمامي هو التكنولوجيا الحديثة، كانت البداية في تطوير مشروع أبي الذي عمل عليه لسنوات والذي يقوم على الذكاء الاصطناعي، حيث يتم إيقاظ المريض في حالة الغيبوبة عن طريق إدخال دماغه اللاوعي في عالم افتراضي،ثم يكون هناك حدث يسبب صدمة للمريض تجبره على أن يفيق من غيبوبته، والذي حقق نجاحاً بلغ أقاصي العالم، وتوالت بعدها الأعمال إلى أن وصلت إلى هنا.
- هذا رائع بحق، سمعت أن والدك -رحمه الله- مشهورٌ في مجال التكنولوجيا، هل تخبرنا عن البرامج التي عمل عليها.
- بالطبع، كان والدي -رحمه الله- يعمل كمصمم للتطبيقات، إذ صمم تطبيق محاكاة المهن للأطفال، ليُعرفهم اهتماماتهم منذ الصغر، أيضاً صمم برنامج غيم لحل المشكلات، والذي يقوم على أساس استشارة من أحد الخبراء حول المشكلة.
أكمل مقابلته التلفزيونية، ثم غادر الأستوديو يصعد سيارته، ويجلس في المقعد الخلفي، ينظر من النافذة المغلقة مراقباً الطريق، بينما انهمر شلال الذكريات عليه لحظتها.
يتذكر :
- أمي، أنا خارج.
- إلى أين؟ أليس لديك إمتحان الأسبوع المقبل؟
- أجل، لكن أنا لم اخبرك هل سألتي المعلمة؟
- أجل، لقد فعلت. لا يمكنك الخروج لقد تدنت علاماتك في الآونة الأخيرة.
ـ لكني وعدت أصدقائي بأني سألعب معهم كرة القدم اليوم لدينا مباراة أيضاً.
- لا يعني لا، إن لم تدخل إلى الداخل ساخبر والدك
- لكن..
- من دون لكن، هيا إلى الداخل.
- صعد الدرج يستشيط غضباً، ثم صفع الباب خلفه متاففًا: سأخرج، لقد وعدتهم ولا يمكن أن أخلف وعدي.
إنتظر حتى دخلت أمه إلى المطبخ تعد الغداء، ثم نزل عن السلالم بخفة يتسلل بمهارة الجواسيس المهرة، وغادر دون أن تلاحظ والدته، لكنه للأسف لم يعد.....
- لقد تأخرت، ستوبخني أمي وستخبر أبي، ماذا افعل؟ فتح باب الشقة، ثم مدَّ رأسه منه، وأردف بصوت مناديًا : أمي، هل انتي هنا؟
لكن لم يرد أحد، أعاد النداء مرةً أخرى، لكن لم يجبه أحد؛ جلس في الصالة يستريح بعد أن بحث في كل زوايا البيت بحثًا عنهما، وغفى على الأريكة تلك الليلة بعد أن نال منه التعب، بزغت شمس الصباح مطلةً بأشعتها الذهبية، فتح علي عينيه الناعستين ببطء يستقبل الصباح، بعدها ذهب إلى المطبخِ ظناً منه أن والديه عادا، وأن أمه تعد الإفطار كما العادة، لكنه لم يرى أحدًا هناك فشعر بالقلق حينها:
- أين والدي لقد اختفيا؟
هَرَع إلى جارهم يسأل عن أبيه، لكنه لم يجده أيضًا، دار في الحي كله، لكن لا أحد هناك سوى الهندباء الطائرة في تحلق مع نسيم الرياح:
- أين أنتم أيها الناس؟ لم الكل اختفى؟ لا أهل ولا جيران ولا حتى أصحاب.
فرح بذلك وبدأ يسرح ويمرح هنا وهناك، يستمتع بأكل الحلوى بكميات كبيرة ذالك ما نهته والدته عنه، السهر طوال الليل رغم أن والده منعه عن ذلك، لعب ألعاب الفيديو لوقت طويل، فلا رقيبَ ولا حسيب له.
وبعد مضي أكثر من أسبوع على هذه الحالة، بدأ يتسلل الملل إليه، بعدها أصابهُ الذعر:
- أنا وحيد، هل نسيني العالم ؟ هذا يعني أنني سأشيخُ وَأموت وحيداً ايضاً.
اغرورقت عينيه بالدموع، وبدأ بالبكاء والصياح: أمي اين أنتِ؟ انا آسف لم أقصد أن أخرج دون إذن، آسف أبي لم اقصد ان اهمل دروسي، عودا أنا أعدكما سانام باكراً كل يوم، أنا لن أعيدها، آسف أرجوكم أيها الناس عودوا، لا أريد أن أبقى وحدي..
وبينما هو تائهٌ شاردٌ في أحزانه، فجاءةً سيارةٌ مسرعةٌ ظهرت من العدم من دون سائق يقودها صدمته، وتابعت مسيرها كأن شيئا لم يكن.....
في هذه اللحظةِ أفاق علي، ثم ناظر حوله محاوِلاً إستيعاب ما جرى.
- أين أنا الآن؟
قال ذلك تزامناً مع فتح الباب ودخول أحدهم، لقد كانت والدته بمجرد أن رأى وجهها حتى نهض من سريرهِ، مسرعاً ناحيتها يعانقها بشوقِ مغترب عادَ إلى وطنهِ بعد غياب، وهي تبادلهُ العناقَ بالدفءِ الذي إعتاده.
- لماذا تركتموني وحدي؟
إبتسمت ودموع الفرح تنهمر من عسليتيها: حمدًا لله على سلامتك، لقد كنتَ في غيبوبةٍ دامت عاماً كاملاً.
- غيبوبة!؟ عن ماذا تتحدثين يا أمي؟
- أنت لا تتذكر في اليوم الذي خرجت فيه، تعرضت لحادث، لقد صدمتكَ سيارة بينما كنت تلعب متخليًا عن حذَرِكَ، وقد علمنا بعدها عن طريق مكالمة هاتفية من المستشفى.
- حقًا؟ على الأقل ذلك الجزء كان حقيقياً.
قال ذلك بضحكةٍ ساخرة، نهضت الأم عن الأرض ثم ساعدت وَلَدها بالنهوض كذلك:
- أجبرَ والدك على الإستعجالِ بمشروعه الذي فكر به طويلاً، دون أن يشرع في تنفيذه، لقد سهرَِ ليلاً ونهاراً فقط من أجل أن يراكَ مستيقاظًا.
- أي مشروعٍ هذا؟ أنا لم أسمع ابي يتحدث عنه.
- كان سرًا لم يخبر به أحدًا، لكن برؤيته لك كالجثة العمدة أخرج هذا السر إلى العالم أجمع.
توسعت حدقةَ عيني الأب عندما رأى إبنه يقف على قدميه سليمًا معافًا فعانقه بشدة:
- أبي أنا أكاد أن أختنق.
- حمدًا لله على السلامة، وأخيرًا فتح إبني عينيه.
- أبي تحت عينيك أسودٌ من شدة السهر، هل كنت تسهر طوال الليل؟
- كل ذلك بسببِ أحدهم.....
عاد إلى الواقع بعد أن توقفت سيارته أمام بيته، ثم نزل بخطى ثابتة واثقة كما علمه والده، دخل المنزل ليرى تلك القابعةِ على الأريكة تنتظر عودته، بعدما سمعتْ صوت الباب من خلفها إلتفتت:
ها أنا ذا امي، لقد عدت.
إبتسمت بإشراقً: أهلاً بعودتك بني.
أمسكَ بيدها مقبلاً إياها، فوضعت يدها على رأسه تمسد على شعره:
- رضي الله عنكَ وأرضاك، بني.
- استاذ علي أخبرنا عن مسيرتك المهنيةِ؟ وكيف أصبحت من أكبر رواد الأعمال والمستثمرين؟
- أوه، أجل، لقد ورثت عن والدي -رحمه الله- حب التعلم واستكشاف أمورٍ جديدة، وأكثر ما كان يثير اهتمامي هو التكنولوجيا الحديثة، كانت البداية في تطوير مشروع أبي الذي عمل عليه لسنوات والذي يقوم على الذكاء الاصطناعي، حيث يتم إيقاظ المريض في حالة الغيبوبة عن طريق إدخال دماغه اللاوعي في عالم افتراضي،ثم يكون هناك حدث يسبب صدمة للمريض تجبره على أن يفيق من غيبوبته، والذي حقق نجاحاً بلغ أقاصي العالم، وتوالت بعدها الأعمال إلى أن وصلت إلى هنا.
- هذا رائع بحق، سمعت أن والدك -رحمه الله- مشهورٌ في مجال التكنولوجيا، هل تخبرنا عن البرامج التي عمل عليها.
- بالطبع، كان والدي -رحمه الله- يعمل كمصمم للتطبيقات، إذ صمم تطبيق محاكاة المهن للأطفال، ليُعرفهم اهتماماتهم منذ الصغر، أيضاً صمم برنامج غيم لحل المشكلات، والذي يقوم على أساس استشارة من أحد الخبراء حول المشكلة.
أكمل مقابلته التلفزيونية، ثم غادر الأستوديو يصعد سيارته، ويجلس في المقعد الخلفي، ينظر من النافذة المغلقة مراقباً الطريق، بينما انهمر شلال الذكريات عليه لحظتها.
يتذكر :
- أمي، أنا خارج.
- إلى أين؟ أليس لديك إمتحان الأسبوع المقبل؟
- أجل، لكن أنا لم اخبرك هل سألتي المعلمة؟
- أجل، لقد فعلت. لا يمكنك الخروج لقد تدنت علاماتك في الآونة الأخيرة.
ـ لكني وعدت أصدقائي بأني سألعب معهم كرة القدم اليوم لدينا مباراة أيضاً.
- لا يعني لا، إن لم تدخل إلى الداخل ساخبر والدك
- لكن..
- من دون لكن، هيا إلى الداخل.
- صعد الدرج يستشيط غضباً، ثم صفع الباب خلفه متاففًا: سأخرج، لقد وعدتهم ولا يمكن أن أخلف وعدي.
إنتظر حتى دخلت أمه إلى المطبخ تعد الغداء، ثم نزل عن السلالم بخفة يتسلل بمهارة الجواسيس المهرة، وغادر دون أن تلاحظ والدته، لكنه للأسف لم يعد.....
- لقد تأخرت، ستوبخني أمي وستخبر أبي، ماذا افعل؟ فتح باب الشقة، ثم مدَّ رأسه منه، وأردف بصوت مناديًا : أمي، هل انتي هنا؟
لكن لم يرد أحد، أعاد النداء مرةً أخرى، لكن لم يجبه أحد؛ جلس في الصالة يستريح بعد أن بحث في كل زوايا البيت بحثًا عنهما، وغفى على الأريكة تلك الليلة بعد أن نال منه التعب، بزغت شمس الصباح مطلةً بأشعتها الذهبية، فتح علي عينيه الناعستين ببطء يستقبل الصباح، بعدها ذهب إلى المطبخِ ظناً منه أن والديه عادا، وأن أمه تعد الإفطار كما العادة، لكنه لم يرى أحدًا هناك فشعر بالقلق حينها:
- أين والدي لقد اختفيا؟
هَرَع إلى جارهم يسأل عن أبيه، لكنه لم يجده أيضًا، دار في الحي كله، لكن لا أحد هناك سوى الهندباء الطائرة في تحلق مع نسيم الرياح:
- أين أنتم أيها الناس؟ لم الكل اختفى؟ لا أهل ولا جيران ولا حتى أصحاب.
فرح بذلك وبدأ يسرح ويمرح هنا وهناك، يستمتع بأكل الحلوى بكميات كبيرة ذالك ما نهته والدته عنه، السهر طوال الليل رغم أن والده منعه عن ذلك، لعب ألعاب الفيديو لوقت طويل، فلا رقيبَ ولا حسيب له.
وبعد مضي أكثر من أسبوع على هذه الحالة، بدأ يتسلل الملل إليه، بعدها أصابهُ الذعر:
- أنا وحيد، هل نسيني العالم ؟ هذا يعني أنني سأشيخُ وَأموت وحيداً ايضاً.
اغرورقت عينيه بالدموع، وبدأ بالبكاء والصياح: أمي اين أنتِ؟ انا آسف لم أقصد أن أخرج دون إذن، آسف أبي لم اقصد ان اهمل دروسي، عودا أنا أعدكما سانام باكراً كل يوم، أنا لن أعيدها، آسف أرجوكم أيها الناس عودوا، لا أريد أن أبقى وحدي..
وبينما هو تائهٌ شاردٌ في أحزانه، فجاءةً سيارةٌ مسرعةٌ ظهرت من العدم من دون سائق يقودها صدمته، وتابعت مسيرها كأن شيئا لم يكن.....
في هذه اللحظةِ أفاق علي، ثم ناظر حوله محاوِلاً إستيعاب ما جرى.
- أين أنا الآن؟
قال ذلك تزامناً مع فتح الباب ودخول أحدهم، لقد كانت والدته بمجرد أن رأى وجهها حتى نهض من سريرهِ، مسرعاً ناحيتها يعانقها بشوقِ مغترب عادَ إلى وطنهِ بعد غياب، وهي تبادلهُ العناقَ بالدفءِ الذي إعتاده.
- لماذا تركتموني وحدي؟
إبتسمت ودموع الفرح تنهمر من عسليتيها: حمدًا لله على سلامتك، لقد كنتَ في غيبوبةٍ دامت عاماً كاملاً.
- غيبوبة!؟ عن ماذا تتحدثين يا أمي؟
- أنت لا تتذكر في اليوم الذي خرجت فيه، تعرضت لحادث، لقد صدمتكَ سيارة بينما كنت تلعب متخليًا عن حذَرِكَ، وقد علمنا بعدها عن طريق مكالمة هاتفية من المستشفى.
- حقًا؟ على الأقل ذلك الجزء كان حقيقياً.
قال ذلك بضحكةٍ ساخرة، نهضت الأم عن الأرض ثم ساعدت وَلَدها بالنهوض كذلك:
- أجبرَ والدك على الإستعجالِ بمشروعه الذي فكر به طويلاً، دون أن يشرع في تنفيذه، لقد سهرَِ ليلاً ونهاراً فقط من أجل أن يراكَ مستيقاظًا.
- أي مشروعٍ هذا؟ أنا لم أسمع ابي يتحدث عنه.
- كان سرًا لم يخبر به أحدًا، لكن برؤيته لك كالجثة العمدة أخرج هذا السر إلى العالم أجمع.
توسعت حدقةَ عيني الأب عندما رأى إبنه يقف على قدميه سليمًا معافًا فعانقه بشدة:
- أبي أنا أكاد أن أختنق.
- حمدًا لله على السلامة، وأخيرًا فتح إبني عينيه.
- أبي تحت عينيك أسودٌ من شدة السهر، هل كنت تسهر طوال الليل؟
- كل ذلك بسببِ أحدهم.....
عاد إلى الواقع بعد أن توقفت سيارته أمام بيته، ثم نزل بخطى ثابتة واثقة كما علمه والده، دخل المنزل ليرى تلك القابعةِ على الأريكة تنتظر عودته، بعدما سمعتْ صوت الباب من خلفها إلتفتت:
ها أنا ذا امي، لقد عدت.
إبتسمت بإشراقً: أهلاً بعودتك بني.
أمسكَ بيدها مقبلاً إياها، فوضعت يدها على رأسه تمسد على شعره:
- رضي الله عنكَ وأرضاك، بني.