- المشاهدات: 81
- الردود: 2
في مدينة صغيرة كانت تعيش أسرة بسيطة تحمل فى جوارحها ألما خفيا. أبوين أحمد ومنى يعيشان معاناة يومية تهدمهما بلا رحمه. لقد ولد ابنهما يوسف مختلفا، في السنه الإولى من عمره لم يلاحظا أي شيء غريب به. كان مثل أي طفل في عمرة والسنه الثانية كذلك. عندما بدأ الثالثة، لاحظا أنه يميل إلى العزلة، لا يتواصل بسهولة مع الاآخرين، يجد صعوبة في فهم بعض المواقف، قليل الكلام، لا يستطيع التعبير عن نفسه كباقي من في عمره وصفات كثيره اخرى.
قلقت منى كثيرا وبدأتوفي التفكير والتفكير والمزيد من التفكير. بدأت رحلة أحمد ومنى عند الأطباء، من طبيب إلى طبيب ومن مركز تخاطب لآخر. كان الوضع المادي ليس بالجيد فأحمد كان يعمل محاسب في إحدى المحلات التجارية ، لكن الدخل محدود فأصبح يبحث عن عمل آخر بعد الظهيرة حتى يستطيعوا معالجة الأمر وذهبوا بالفعل إلى طبيب كبير في مجاله وكان تشخيص يوسف أشبه بالصاعقة التي نزلت على رؤوسهم، أنه مصاب بمرض طيف التوحد.
كانت منى تعيش في قلق دائم على حياة يوسف الإجتماعية وتواصله مع العالم الخارجي. بدأت محاولاتهم في فهم يوسف وطبيعته الخاصة المميزة، فهو ليس بمريض هو طفل مميز. المعاناة لم تكن مادية فقط، بل نفسية ومعنويه أيضا. أحمد كان يحاول أن يفهم يوسف عن قرب، حاول تخصيص جزء من وقته له فقط وسط أعبائه المريره لكن كل محاوله كانت تبوء بالفشل وسط حزن أحمد العارم.
أما منى كانت تعيش في دوامة تأنيب الذات والقلق. كانت تسأل ذاتها دون توقف، هل هذا المرض بتقصير منهم، هل حدث تقصير أثناء تربيتهما لصغيرهما، أم هذا قدر ونصيب. كانت تلوم ذاتها دائما مرارا وتكرارا، هل لم نخصص وقت كافي لرعاية يوسف، هل كانت الظروف المادية. أغلقت على نفسها وغاصت داخل أعماق جراحها، باتت تدور الأسئلة في ذهنها ليلا ونهارا، ماذا سأفعل، ماذا سنفعل، كيف سأخرج صغيريمن هذة الدائرة اللعينة. تثاقلت الهموم على كتفيها يوم بعد يوم.
على الجانب الآخر، أحمد لم يجد وقت للتفكير من أعباء الحياة، من عمل إلى عمل، من باب رزق لآخر، عسى أن يفعل ما بوسعه من أجل يوسف ورعايته، من أجل أن يهدأ عذاب الضمير ولو قليلا.
الصدمة لم تكن هينه، لأنهم لم يكونا على دراية كافية بهذا المرض وكيفية التعامل معه. من هنا ومنذ هذا اليوم بدأت رحلتهما الجديدة في البحث والتعلم، في البحث عن ماهية هذا المرض، أسبابة، أعراضه، طرق علاجه وكيفية التأقلم معه. كيفية بدأ حياة جديدة بالكامل مع يوسف، ولبدأ هذه الحياه كان يجب أن تكون البداية من الرأس، من طريقة التفكير ذاتها. تغيير طريقة تفكيرهم أول خطوة في تكوين رابط صحي وسليم مع يوسف. فمنى كانت تخجل من وضع يوسف، تحديدا أثناء تواجده وسط الناس والعائلة، وسط أطفال من عمره. كانت تقارنه دائما بالآخرين، كانت تقارن دائما بين قدراته وقدرات أقرانه. كانت تتمنى أن يكون فلذة كبدها مثله كمثل باقي الأطفال في هذا المجتمع الذي لم يرحمه حتى وهو مجرد ملاك صغير، تنمروا وسخروا من وضعه وتهامسوا فيما بينهم، أحرقوا قلب منى وأحمد وبالأخص منى، قلب الأم. كان أمامهم طريق مليء بالتحديات والمصاعب وبرغم كل هذا لم يشعرا باليأس، على النقيض، بدأوا في التخلص من مخاوفهم وخجلهم، بدأوا بإسكات أي متطفل على حياتهم وحياة الصغير.
بينما لا يزال يوسف يعيش في عالمة الخاص به، لا يفكر كثيرا في العواقب ولا يبالي بما يحيط به ويسعى دائما إلى فعل ما يريد فهو في النهايه طفل. برغم أنه كان يلفت النظر دائما إليه بسبب تصرفاته وحركاته - الغريبة - لم يسبق وأن شاهدها الكثير في طفل من سنه من قبل. كان وكأنه يكلم أحد غير موجود بالواقع، يراقب السقف وكأنه يستقبل إشارات من الأعلى. عندما يناديه أحد بإسمه، يتجاهله ولا يستجيب لندائه، يرفع يديه الصغيرتين ويفرق أصابعه النحيله ويحجب بها الرؤيه في وجهه عندما يحاول أحد النظر إليه. كان متعلق بمنى بشكل ملفت، يعبث في شعرها ويشم رائحته بعمق، يلعب في وجهها وكأنه يرسم فيه شيء ويحاول لفت انتباهها كلما إنشغلت عنه، وكأنه يدعوها إلى عالمه الخاص.
ذات مره، زارتهم إحدى معارفها وأولادها، كان الأولاد يلعبون مع بعضهم البعض في زاويه، والصغير كعادته منفرد في الزاويه المقابلة، يلعب في عالمه الخاص. كانت منى والإخرى فى حديث شيق وإذل بيوسف يمسك رأسه بيديه الضغيرتين ويبدأ بالصراخ دون توقف. اعتقدت أنه تأذى بشيء وهو يلعب، بدأت تتفحص جسمه الضعيف من الرأس للقدم كي تطمئن عليه وضمته إلى صدرها بسرعه وهي تعلم ما أصابه. بعد أن هدأ يوسف والأطفال الذين ذعروا من صراخه أيضا، عاد كل منهما إلى جوه وعاد الصغير إلى زاويته.
بدى على منى ملامح الإحراج مما حدث أمام صديقتها واضطرت أن تخبرها بكل شيء. أخبرتها أن يوسف مصاب بإضطراب طيف التوحد، وانها تعاني معه لأنها لا تعرف كثيرا عن هذا المرض ولا تعرف كيف تتعامل مع الصغير حينما يصاب بنوبات الضراخ وحينما لا يستجيب إلى ندائها وحينما يتصرف وكأنه يكلم احد في عالم خاص وحينما يشم في شعرها ويرسم على وجهها .. إستسلمت منى إلى دموعها وبدأت بالحديث عن معانتها مع يوسف ومع مجتمعها الجاهل. فقد حاول الكثير في بداية الأمر إقناعها أن يوسف مسكون به جن يجعله يقوم بتلك التصرفات الغريبه، والبعض حاولوا إقناعها أنه مسحور ويجب أن يفك هذا السحر مشعوذ وفي ضريح لولي من اولياء الله الصالحين.
أخذ تأثير المجتمع ومضايقات الناس حيزا كبيرا من حديث منى عن معاناتها مع مرض يوسف، عبرت عن أحاسيس الإحراج والخجل حين يقوم صغيرها بتصرفاته الخاصة أمام الناس وتفسيراتهم المحدودة التي لا تعبر عن شيء سوى جهلهم، ومعاناة أحمد ومنى في محاولة إقناعهم ان يوسف مصاب بإضطراب نمائي عصبي. لم يستطع عقلهم استيعاب مرض كهذا.
لكن مع الوقت، بدأ أحمد ومنى يتعلمان كيف يتكيفان مع هذا العالم الجديد كليا. بدأوا يبحثون عن الدعم النفسي والإجتماعي والعلاجات المناسبه. كانت هناك جلسات نفسيه ودعم إجتماعي للأب والأم قبل الطفل، وبدأوا يتعلمون كيف يتواصلون مع يوسف بطرق جديدة. كانت الأيام لا تزال صعبة، لكن الأمل بدأ يطرق أبوابهما من جديد.
في إحدى الأيام، أثناء مشاهدة يوسف وهو يرسم صورة زاهية الألوان، شعر أحمد بنبض جديد في صدره، شعر بأن طفله ليس مجرد مريض، بل هو شخصية ذات قيمة وإمكانات كبيره. شعر بأنه يمكنهما أن يكونا جزء من عالم يوسف الصغير ويتعلما منه كثيرا. كانت المعاناة لا تزال موجودة ، لكن احمد ومنى بدأوا يرونها بعيون جديدة. كانت هذة المعاناة ليست مجرد عبء، بل كانت تحربة تعليمية لكليهما. كانت هذه المعاناة قد جعلتهما أقوى و يقدران حياتهما بشكل أفضل.
في تلك اللخظه شعر أحمد ومنى بأنهما لم يعدا يحملان المعاناة فقط، بل كانا يحملان الأمل والحب الذي لا ينضب.
كانا يعلمان أنهما سيواصلان السير في هذا الطريق، وأنهما سيكونان دائما هناك ليوسف، ليس فقط كآباء، بل كأصدقاء وشركاء في هذة الرحله الطويلة والجميلة.
قلقت منى كثيرا وبدأتوفي التفكير والتفكير والمزيد من التفكير. بدأت رحلة أحمد ومنى عند الأطباء، من طبيب إلى طبيب ومن مركز تخاطب لآخر. كان الوضع المادي ليس بالجيد فأحمد كان يعمل محاسب في إحدى المحلات التجارية ، لكن الدخل محدود فأصبح يبحث عن عمل آخر بعد الظهيرة حتى يستطيعوا معالجة الأمر وذهبوا بالفعل إلى طبيب كبير في مجاله وكان تشخيص يوسف أشبه بالصاعقة التي نزلت على رؤوسهم، أنه مصاب بمرض طيف التوحد.
كانت منى تعيش في قلق دائم على حياة يوسف الإجتماعية وتواصله مع العالم الخارجي. بدأت محاولاتهم في فهم يوسف وطبيعته الخاصة المميزة، فهو ليس بمريض هو طفل مميز. المعاناة لم تكن مادية فقط، بل نفسية ومعنويه أيضا. أحمد كان يحاول أن يفهم يوسف عن قرب، حاول تخصيص جزء من وقته له فقط وسط أعبائه المريره لكن كل محاوله كانت تبوء بالفشل وسط حزن أحمد العارم.
أما منى كانت تعيش في دوامة تأنيب الذات والقلق. كانت تسأل ذاتها دون توقف، هل هذا المرض بتقصير منهم، هل حدث تقصير أثناء تربيتهما لصغيرهما، أم هذا قدر ونصيب. كانت تلوم ذاتها دائما مرارا وتكرارا، هل لم نخصص وقت كافي لرعاية يوسف، هل كانت الظروف المادية. أغلقت على نفسها وغاصت داخل أعماق جراحها، باتت تدور الأسئلة في ذهنها ليلا ونهارا، ماذا سأفعل، ماذا سنفعل، كيف سأخرج صغيريمن هذة الدائرة اللعينة. تثاقلت الهموم على كتفيها يوم بعد يوم.
على الجانب الآخر، أحمد لم يجد وقت للتفكير من أعباء الحياة، من عمل إلى عمل، من باب رزق لآخر، عسى أن يفعل ما بوسعه من أجل يوسف ورعايته، من أجل أن يهدأ عذاب الضمير ولو قليلا.
الصدمة لم تكن هينه، لأنهم لم يكونا على دراية كافية بهذا المرض وكيفية التعامل معه. من هنا ومنذ هذا اليوم بدأت رحلتهما الجديدة في البحث والتعلم، في البحث عن ماهية هذا المرض، أسبابة، أعراضه، طرق علاجه وكيفية التأقلم معه. كيفية بدأ حياة جديدة بالكامل مع يوسف، ولبدأ هذه الحياه كان يجب أن تكون البداية من الرأس، من طريقة التفكير ذاتها. تغيير طريقة تفكيرهم أول خطوة في تكوين رابط صحي وسليم مع يوسف. فمنى كانت تخجل من وضع يوسف، تحديدا أثناء تواجده وسط الناس والعائلة، وسط أطفال من عمره. كانت تقارنه دائما بالآخرين، كانت تقارن دائما بين قدراته وقدرات أقرانه. كانت تتمنى أن يكون فلذة كبدها مثله كمثل باقي الأطفال في هذا المجتمع الذي لم يرحمه حتى وهو مجرد ملاك صغير، تنمروا وسخروا من وضعه وتهامسوا فيما بينهم، أحرقوا قلب منى وأحمد وبالأخص منى، قلب الأم. كان أمامهم طريق مليء بالتحديات والمصاعب وبرغم كل هذا لم يشعرا باليأس، على النقيض، بدأوا في التخلص من مخاوفهم وخجلهم، بدأوا بإسكات أي متطفل على حياتهم وحياة الصغير.
بينما لا يزال يوسف يعيش في عالمة الخاص به، لا يفكر كثيرا في العواقب ولا يبالي بما يحيط به ويسعى دائما إلى فعل ما يريد فهو في النهايه طفل. برغم أنه كان يلفت النظر دائما إليه بسبب تصرفاته وحركاته - الغريبة - لم يسبق وأن شاهدها الكثير في طفل من سنه من قبل. كان وكأنه يكلم أحد غير موجود بالواقع، يراقب السقف وكأنه يستقبل إشارات من الأعلى. عندما يناديه أحد بإسمه، يتجاهله ولا يستجيب لندائه، يرفع يديه الصغيرتين ويفرق أصابعه النحيله ويحجب بها الرؤيه في وجهه عندما يحاول أحد النظر إليه. كان متعلق بمنى بشكل ملفت، يعبث في شعرها ويشم رائحته بعمق، يلعب في وجهها وكأنه يرسم فيه شيء ويحاول لفت انتباهها كلما إنشغلت عنه، وكأنه يدعوها إلى عالمه الخاص.
ذات مره، زارتهم إحدى معارفها وأولادها، كان الأولاد يلعبون مع بعضهم البعض في زاويه، والصغير كعادته منفرد في الزاويه المقابلة، يلعب في عالمه الخاص. كانت منى والإخرى فى حديث شيق وإذل بيوسف يمسك رأسه بيديه الضغيرتين ويبدأ بالصراخ دون توقف. اعتقدت أنه تأذى بشيء وهو يلعب، بدأت تتفحص جسمه الضعيف من الرأس للقدم كي تطمئن عليه وضمته إلى صدرها بسرعه وهي تعلم ما أصابه. بعد أن هدأ يوسف والأطفال الذين ذعروا من صراخه أيضا، عاد كل منهما إلى جوه وعاد الصغير إلى زاويته.
بدى على منى ملامح الإحراج مما حدث أمام صديقتها واضطرت أن تخبرها بكل شيء. أخبرتها أن يوسف مصاب بإضطراب طيف التوحد، وانها تعاني معه لأنها لا تعرف كثيرا عن هذا المرض ولا تعرف كيف تتعامل مع الصغير حينما يصاب بنوبات الضراخ وحينما لا يستجيب إلى ندائها وحينما يتصرف وكأنه يكلم احد في عالم خاص وحينما يشم في شعرها ويرسم على وجهها .. إستسلمت منى إلى دموعها وبدأت بالحديث عن معانتها مع يوسف ومع مجتمعها الجاهل. فقد حاول الكثير في بداية الأمر إقناعها أن يوسف مسكون به جن يجعله يقوم بتلك التصرفات الغريبه، والبعض حاولوا إقناعها أنه مسحور ويجب أن يفك هذا السحر مشعوذ وفي ضريح لولي من اولياء الله الصالحين.
أخذ تأثير المجتمع ومضايقات الناس حيزا كبيرا من حديث منى عن معاناتها مع مرض يوسف، عبرت عن أحاسيس الإحراج والخجل حين يقوم صغيرها بتصرفاته الخاصة أمام الناس وتفسيراتهم المحدودة التي لا تعبر عن شيء سوى جهلهم، ومعاناة أحمد ومنى في محاولة إقناعهم ان يوسف مصاب بإضطراب نمائي عصبي. لم يستطع عقلهم استيعاب مرض كهذا.
لكن مع الوقت، بدأ أحمد ومنى يتعلمان كيف يتكيفان مع هذا العالم الجديد كليا. بدأوا يبحثون عن الدعم النفسي والإجتماعي والعلاجات المناسبه. كانت هناك جلسات نفسيه ودعم إجتماعي للأب والأم قبل الطفل، وبدأوا يتعلمون كيف يتواصلون مع يوسف بطرق جديدة. كانت الأيام لا تزال صعبة، لكن الأمل بدأ يطرق أبوابهما من جديد.
في إحدى الأيام، أثناء مشاهدة يوسف وهو يرسم صورة زاهية الألوان، شعر أحمد بنبض جديد في صدره، شعر بأن طفله ليس مجرد مريض، بل هو شخصية ذات قيمة وإمكانات كبيره. شعر بأنه يمكنهما أن يكونا جزء من عالم يوسف الصغير ويتعلما منه كثيرا. كانت المعاناة لا تزال موجودة ، لكن احمد ومنى بدأوا يرونها بعيون جديدة. كانت هذة المعاناة ليست مجرد عبء، بل كانت تحربة تعليمية لكليهما. كانت هذه المعاناة قد جعلتهما أقوى و يقدران حياتهما بشكل أفضل.
في تلك اللخظه شعر أحمد ومنى بأنهما لم يعدا يحملان المعاناة فقط، بل كانا يحملان الأمل والحب الذي لا ينضب.
كانا يعلمان أنهما سيواصلان السير في هذا الطريق، وأنهما سيكونان دائما هناك ليوسف، ليس فقط كآباء، بل كأصدقاء وشركاء في هذة الرحله الطويلة والجميلة.