- المشاهدات: 79
- الردود: 1
(زيارة)
كانت جالسة تنصت بقلب وجل لما يقوله طبيب العيون الخاص بطفلتها عن حالتها كانت بداخلها ترتعش بينما ذراعيها تضم طفلتها ذات الأربع أعوام ربما تبثها الطمأنينة التي تحتاج أو ربما تبثها لنفسها .. إنها لم تعد تتحمل تلك الآلآم التي تعانيها الصغيرة تتمنى لو كان بإمكانها أن تعطيها عيناها بدل من تلك العينين الضعيفتين التي تعاني منهما منذ ولادتها وبينما هي في غياهب قلقها حتى سمعته يحدثها قائلا :
لابد من إجراء جراحة في القريب العاجل لأن عينيها بها تليفات لابد أن تزال ويتم حقنها بمضاد للتليفات وإلا أثرت على الرؤية وربما أفقدتها أياها
الأم بقلب ملتاع : جراحة آخرى !! أنه لم يمر على العملية السابقة أكثر من شهر أنها مازالت تستيقظ في الليل تبكي وهي تظن أني تركتها
الطبيب بعملية : هذا أمر طاريء لابد منه ثم أردف مطمئنا أياها لا تقلقي سيمر الأمر بخير بإذن الله تلك المرة أيضا فقط عليكي بالدعاء
الأم وهي تتنهد باستسلام : أعلم أن الله لم ولن يتركنا أبداا ثم أردفت متسائلة كم ستتكلف العملية ؟؟
250 ألف جنيه
كم ؟!!
الطبيب موضحا: هذا الأجراء الجراحي والدواء الخاص بالتليفات مكلف جدا
لكن هذا المبلغ لا يتوفر معي
عليك أن تفكري و تقرري سريعا على ألا تتأخرى أكثر من شهر وإلا ف أنا غير مسئول عن العواقب
شكرا لك.. سأتصرف واتصل بك لتحديد موعد الجراحة بإذن الله
تحركت وفي يدها طفلتها الصغيرة التي تتشبث بها خائفة من هذا المكان الذي لا يحمل لها سوى ذكريات سيئة من عمر ذاكرتها الصغيرة
لم تعلم إلى أين تذهب وماذا تفعل ؟ حينها اتصل زوجها فأجابته وحاولت طمأنته وتهدئة قلقه ثم أخبرته أنها ستذهب لزيارة صديقة لها قبل أن تعود لكن الحقيقة أنها لم تستطع مواجهته حاليا وهي محملة بكل هذا القدر من الألم حينها ستنهار وتبكي ولن يمكنها أن تقف كعادتها كالجدار في مواجهة الأزمات لطمأنة الجميع لقد قدر الله أن تكون الأم هي السند والداعم لأسرتها فالانهيار ترف لا تملكه فإن انهارت هي من سيكن مدعما لطفلتها إذا ؟! لذا عليها دوما أن تبقى قوية حتى وإن كانت غير ذلك !!
كانت تسير على غير هدى حتى قادتها قدماها إلى بيت والدها حينئذ جذبتها الصغيرة من ملابسها محدثة اياها بدلال طفولي :
أمي احمليني فقدآلمتني قدمي
حياة لم نسير إلا مسافة صغيرة ثم إنك قدكبرتي على أن أحملك
حياة محاولة إقناع والدتها : تقولين هذا لأن قدميك كبيرتان لكن تلك المسافةكبيرة على قدمي الصغيرة احمليني يا أمي رجاااءا
ابتسمت لطفلتها وأشفقت عليها فحملتها وهي تشير إليها قائلة : ها قد وصلنا أيتها المحتالة الصغيرة فقط حملتك حتى تتوقفي عن التذمر
نظرت الصغيرة حولها لتتبين المكان ثم صرخت بفرحة : بيت جدي ! هل سنزوره أخيرا يا أمي ؟؟لقد اشتقت إليه كثيراا
الأم بحنان: وأنا أيضا اشتقت إليه كثيرا ثم أردفت محدثة طفلتها لكنه عاد إلى بلدته يا حياة تعلمين ذلك
أعلم يا أمي هلا أخبرتيه أنني اشتقت إليه لعله يعود
أماءت الأم رأسها : حسنا سأخبره
كانا قد وصلا إلى الشقة فأنزلت طفلتها ثم أخرجت المفتاح من حقيبتها وفتحت الباب ثم دلفت للداخل تأملت أرجاء الشقة بحب فلقد مر الكثيردون أن تأتي لهنا ..للمكان الأقرب إلى قلبها وبينما هي في شرودها حتى جذبتها الصغيرة من ملابسها مرة اخرى وهي تهتف باسمها :
أمي أمي
نعم يا حياة ماذا تريدين هذه المرة أيضا
أشعر بالنعاس هل يمكنني النوم قليلا
الأم بأشفاق : نعم يمكنك أخذ قيلولة لبعض الوقت أعلم اننا استيقظنا مبكرا اليوم هيا تعالي إلى حضن ماما ثم جذبتها إلى أحضانها ودخلت بها إلى غرفة النوم ثم مددت جسدها على الفراش ووضعت طفلتها فوق صدرها وهي تغني لها وقبل أن تسقط الصغيرة ف النوم رفعت عيناها إليها قائلة بهمس :
أحبك يا أمي
تنهدت الأم تنهيدة أودعت بها كل ما يؤلمها ثم قبلتها برفق هامسة: وأنا أيضا أحبك جدااا يا قلب أمك
وبعدها سقطت هي الآخرى في غفوة مماثلة لم تستيقظ إلى على صوت والدها وهو يناديها فتحت عيناها سريعا وهي تنظر إليه متفاجئة ثم جرت نحوه تحتضنه باشتياق :
- أبي هل عدت ؟ قد اشتقت إليك كثيرا
- وأنا أيضا يا حبيبتي اشتقت إليك جدا وما إن شعرت بحزنك حتى أتيت لأكن بجوارك
- كنت أحتاجك بشدة يا أبي حياة ليست بخير وتحتاج إلى جراحة آخرى في عينيها ستتكلف مبلغ كبير أعلم أن زوجي لم يعد معه ما يمكنه من إجراء تلك الجراحة وأنا لا أملك هذا المبلغ ولا أعلم أحد يمكنه أن يقرضني إياه فما العمل دبرني يا أبي ؟
- الأب مبتسما بحنو: الحل أمامك وفي يدك لكنك تتجاهليه يا ابنتي
- أي حل تقصد ؟؟
- تلك الشقة يا ابنتي تعلمين إنني لم أعد ف حاجة إليها وهي ملكك فلتبيعيها لصاحب البيت وتأخذي ثمنها وتجرين الجراحة لابنتك
- لا.. لا يا أبي لا يمكنني فعل ذلك كيف ابيعها وكل ركن هنا يحمل الكثير والكثير من ذكرياتنا سويا ثم اندفعت تقول وهي تشيرللغرفة المقابلة :
تتذكر هنا حينما كنت أبكي لأنه كان لابد أن أخلع ضرسي وأنا كنت ارتعد خوفا يومها اجلستنى عل الفراش وظللت تهدئني وتخبرني أنك لن تتركني وأنك ستخلع ضرسك أنت الآخر قبلي حتى اطمئن ..هل تذكر يا أبي ذاك الضرس الذي خلعته من أجلي.. فقط لاطمئن !
الأب بابتسامة : لا يا ابنتي الأمر ليس كذلك ف هل أنا مجنون لأخلع ضرس سليم لقد كان به تسوس ويحتاج ل حشو أو خلع فقررت مشاركتك الخلع لأنه الخيار الأسهل
لا يا أبي بل فعلتها لأجلي أعلم ذلك ..ثم تحركت للمطبخ قائلة وهنا يا أبي كم مرة طبخنا سويا صينية البطاطس باللحم التي تجيد طهوها والتي لا يطبخها أحد أفضل منك
ولا تذكرين البيتزا الفاشلة التي صنعتها الكثير من المرات وانتهى بها الأمر ملقاة في سلة المهملات ثم في نهاية المطاف نشتري الجاهزة من المطعم
قالت بدموع الحب والامتنان لأبيها: بل أذكر أنك حاولت مرارا وتكرارا صنعها لأجلي لأنك تعلم أني أحبها حتى فعلتها أخيرا وكانت رائعة ..
تحركت متجهة للغرفة الأخرى مشيرة إليها قائلة وهنا يا أبي حينما أتى زوجي ليتقدم لي لن أنسى يومها حينما أجلستني فوق ركبتيك ثم أخبرته وأنت تحيطني بذراعك أنني مهما كبرت سأظل طفلتك التي لن تسمح لأحد في يوم من الأيام أن يقسو عليها وأنك لن تطلب منه شيء سوى أن أكون بخير وألا يحزنني أبداا وإنه إن فعلها ولو لمرة واحدة فلن تعيدني إليه
- ضحك الأب ممازحا ابنته : بلى أخبرته ذلك قاصدا حتى لا يفعلها ف تعودين لي مجددا بعدما نجحت في الخلاص منك أخيرا حتى اتفرغ لنفسي الباقي من عمري
- لو كنت تريد أن تفعل لكنت تزوجت منذ وفاة أمي وأنا طفلة صغيرة لكنك تحملت ألم الوحدة والحياة بدون إمرأة لأجلي
- الأب بمزاح: بلى فعلتها لأني لا اطيق ثرثرة النساء وتقلباتهم المزاجية فالجميع يحسدونني أنني رجل حر
- الابنة بحب : لا يا أبي فعلتها كما فعلت الكثير والكثير لأجلي
- الأب بجدية: إذا عليكي أنتي الآخرى أن تبيعي تلك الشقة لأجل ابنتك ف هل هناك ما هو أغلى منها !
- الإبنة بتردد: لكن ..
- قاطعها الأب : بيعيها لأجل حياة ..
أما الذكريات ف مكانها في القلب نحملها معنا أينما كنا ..تسكن بداخلنا لا بين الجدران وحينما تشتاقين لها فتشي بداخلك فستجديها موشومة بعقلك وقلبك ..بيعي الشقة عديني يا ابنتي أن تفعلي ؟
- الإبنة بإستسلام : أعدك ..أعدك يا أبي
في تلك اللحظة سمعت رنين هاتفها وما إن مدت يدها لتفتحه حتى سقط على الأرض حينها فتحت عيناها فوجدت إنها كانت نائمة بحثت عن والدها فلم تجده علمت أنها كانت تحلم به ربما شوقها إليه وربما قلقه عليها لكن عليها أن تفعل ما أراد فليس أمامها حل آخر لتنقذ ابنتها مدت يدها والتقطت الهاتف ثم أجابت على زوجها الذي عاود الاتصال بها للمرة الثانية فتحت الخط مجيبة :
- نعم أحمد أنا بخير ..لا فقط ذهبت ل شقة والدي وقد قررت بيعها سأخبر مالك العمارة واتفق معه ليجهز المبلغ حتى نستطيع اجراء العملية ل حياة .. نعم فكرت مليا وهذا قراري الأخير ..هناك طلب آخر رجاءا اريد السفر لأبي في الغد فلقد اشتاق إلى وأنا أيضا اشتقت إليه بشدة ..لا لا تأتي معي فقط اعتني ب حياة.. هل ستستطيع والدتك العناية بها؟ .. حسنا أنا آتية بعد قليل ...
وفي اليوم التالي ...
كانت تستقل إحدى السيارات المتجهة لبلدة أبيها بجوار زوجها الذي أصر على اصطحابها إلى هناك ورفض سفرها وحيدة بدونه وها هو يمسك بكفها داعما إياها كما كان يفعل والدها دوما ....
وأخيرا وصلا إلى هناك ركبا سيارة أجرة لتوصلها إلى ابيها وبعد دقائق كانت هناك هبطت من السيارة بقلب وجل لكنه مشتاق ف هي بعد بضع خطوات ستقابل أبيها وبالفعل دلفت للداخل وما إن أصبحت أمامه حتى تحدثت إليه قائلة بصوت حنون وعينان فاض بهما الشوق :
- مرحبااا أبي أشتقت إليك كثيرااا
وكانت تلك هي المرة الأولى التي لم يجيبها فيها والدها ربما يشعر بها وربما أيضا يسمعها لكنه ليس بإمكانه أن يرد عليها أو يضمها بين ذراعيه ..لأنه في قبره !!
ف هي منذ وفاته لم تأتي لزيارته أبدا حتى لا تواجه تلك اللحظة وقتها انهمرت الدموع من عيناها بغزارة ف ضمها زوجها لصدره حتى استكانت بين ذراعيه ظلت تقص على ابيها كل ما مرت به في العام الماضي بدونه منذ أن رحل عن دنياها وأخيرا امسكت بيد زوجها ثم ألقت نظرة أخيرة على قبر والدها وابتسمت ابتسامة تحمل في طياتها الكثير من الألم وقبل أن تنصرف وعدته أنها ستعود لتطمئنه على حياة و من اليوم لن تتأخر عن زيارته أبدااا .....
كانت جالسة تنصت بقلب وجل لما يقوله طبيب العيون الخاص بطفلتها عن حالتها كانت بداخلها ترتعش بينما ذراعيها تضم طفلتها ذات الأربع أعوام ربما تبثها الطمأنينة التي تحتاج أو ربما تبثها لنفسها .. إنها لم تعد تتحمل تلك الآلآم التي تعانيها الصغيرة تتمنى لو كان بإمكانها أن تعطيها عيناها بدل من تلك العينين الضعيفتين التي تعاني منهما منذ ولادتها وبينما هي في غياهب قلقها حتى سمعته يحدثها قائلا :
لابد من إجراء جراحة في القريب العاجل لأن عينيها بها تليفات لابد أن تزال ويتم حقنها بمضاد للتليفات وإلا أثرت على الرؤية وربما أفقدتها أياها
الأم بقلب ملتاع : جراحة آخرى !! أنه لم يمر على العملية السابقة أكثر من شهر أنها مازالت تستيقظ في الليل تبكي وهي تظن أني تركتها
الطبيب بعملية : هذا أمر طاريء لابد منه ثم أردف مطمئنا أياها لا تقلقي سيمر الأمر بخير بإذن الله تلك المرة أيضا فقط عليكي بالدعاء
الأم وهي تتنهد باستسلام : أعلم أن الله لم ولن يتركنا أبداا ثم أردفت متسائلة كم ستتكلف العملية ؟؟
250 ألف جنيه
كم ؟!!
الطبيب موضحا: هذا الأجراء الجراحي والدواء الخاص بالتليفات مكلف جدا
لكن هذا المبلغ لا يتوفر معي
عليك أن تفكري و تقرري سريعا على ألا تتأخرى أكثر من شهر وإلا ف أنا غير مسئول عن العواقب
شكرا لك.. سأتصرف واتصل بك لتحديد موعد الجراحة بإذن الله
تحركت وفي يدها طفلتها الصغيرة التي تتشبث بها خائفة من هذا المكان الذي لا يحمل لها سوى ذكريات سيئة من عمر ذاكرتها الصغيرة
لم تعلم إلى أين تذهب وماذا تفعل ؟ حينها اتصل زوجها فأجابته وحاولت طمأنته وتهدئة قلقه ثم أخبرته أنها ستذهب لزيارة صديقة لها قبل أن تعود لكن الحقيقة أنها لم تستطع مواجهته حاليا وهي محملة بكل هذا القدر من الألم حينها ستنهار وتبكي ولن يمكنها أن تقف كعادتها كالجدار في مواجهة الأزمات لطمأنة الجميع لقد قدر الله أن تكون الأم هي السند والداعم لأسرتها فالانهيار ترف لا تملكه فإن انهارت هي من سيكن مدعما لطفلتها إذا ؟! لذا عليها دوما أن تبقى قوية حتى وإن كانت غير ذلك !!
كانت تسير على غير هدى حتى قادتها قدماها إلى بيت والدها حينئذ جذبتها الصغيرة من ملابسها محدثة اياها بدلال طفولي :
أمي احمليني فقدآلمتني قدمي
حياة لم نسير إلا مسافة صغيرة ثم إنك قدكبرتي على أن أحملك
حياة محاولة إقناع والدتها : تقولين هذا لأن قدميك كبيرتان لكن تلك المسافةكبيرة على قدمي الصغيرة احمليني يا أمي رجاااءا
ابتسمت لطفلتها وأشفقت عليها فحملتها وهي تشير إليها قائلة : ها قد وصلنا أيتها المحتالة الصغيرة فقط حملتك حتى تتوقفي عن التذمر
نظرت الصغيرة حولها لتتبين المكان ثم صرخت بفرحة : بيت جدي ! هل سنزوره أخيرا يا أمي ؟؟لقد اشتقت إليه كثيراا
الأم بحنان: وأنا أيضا اشتقت إليه كثيرا ثم أردفت محدثة طفلتها لكنه عاد إلى بلدته يا حياة تعلمين ذلك
أعلم يا أمي هلا أخبرتيه أنني اشتقت إليه لعله يعود
أماءت الأم رأسها : حسنا سأخبره
كانا قد وصلا إلى الشقة فأنزلت طفلتها ثم أخرجت المفتاح من حقيبتها وفتحت الباب ثم دلفت للداخل تأملت أرجاء الشقة بحب فلقد مر الكثيردون أن تأتي لهنا ..للمكان الأقرب إلى قلبها وبينما هي في شرودها حتى جذبتها الصغيرة من ملابسها مرة اخرى وهي تهتف باسمها :
أمي أمي
نعم يا حياة ماذا تريدين هذه المرة أيضا
أشعر بالنعاس هل يمكنني النوم قليلا
الأم بأشفاق : نعم يمكنك أخذ قيلولة لبعض الوقت أعلم اننا استيقظنا مبكرا اليوم هيا تعالي إلى حضن ماما ثم جذبتها إلى أحضانها ودخلت بها إلى غرفة النوم ثم مددت جسدها على الفراش ووضعت طفلتها فوق صدرها وهي تغني لها وقبل أن تسقط الصغيرة ف النوم رفعت عيناها إليها قائلة بهمس :
أحبك يا أمي
تنهدت الأم تنهيدة أودعت بها كل ما يؤلمها ثم قبلتها برفق هامسة: وأنا أيضا أحبك جدااا يا قلب أمك
وبعدها سقطت هي الآخرى في غفوة مماثلة لم تستيقظ إلى على صوت والدها وهو يناديها فتحت عيناها سريعا وهي تنظر إليه متفاجئة ثم جرت نحوه تحتضنه باشتياق :
- أبي هل عدت ؟ قد اشتقت إليك كثيرا
- وأنا أيضا يا حبيبتي اشتقت إليك جدا وما إن شعرت بحزنك حتى أتيت لأكن بجوارك
- كنت أحتاجك بشدة يا أبي حياة ليست بخير وتحتاج إلى جراحة آخرى في عينيها ستتكلف مبلغ كبير أعلم أن زوجي لم يعد معه ما يمكنه من إجراء تلك الجراحة وأنا لا أملك هذا المبلغ ولا أعلم أحد يمكنه أن يقرضني إياه فما العمل دبرني يا أبي ؟
- الأب مبتسما بحنو: الحل أمامك وفي يدك لكنك تتجاهليه يا ابنتي
- أي حل تقصد ؟؟
- تلك الشقة يا ابنتي تعلمين إنني لم أعد ف حاجة إليها وهي ملكك فلتبيعيها لصاحب البيت وتأخذي ثمنها وتجرين الجراحة لابنتك
- لا.. لا يا أبي لا يمكنني فعل ذلك كيف ابيعها وكل ركن هنا يحمل الكثير والكثير من ذكرياتنا سويا ثم اندفعت تقول وهي تشيرللغرفة المقابلة :
تتذكر هنا حينما كنت أبكي لأنه كان لابد أن أخلع ضرسي وأنا كنت ارتعد خوفا يومها اجلستنى عل الفراش وظللت تهدئني وتخبرني أنك لن تتركني وأنك ستخلع ضرسك أنت الآخر قبلي حتى اطمئن ..هل تذكر يا أبي ذاك الضرس الذي خلعته من أجلي.. فقط لاطمئن !
الأب بابتسامة : لا يا ابنتي الأمر ليس كذلك ف هل أنا مجنون لأخلع ضرس سليم لقد كان به تسوس ويحتاج ل حشو أو خلع فقررت مشاركتك الخلع لأنه الخيار الأسهل
لا يا أبي بل فعلتها لأجلي أعلم ذلك ..ثم تحركت للمطبخ قائلة وهنا يا أبي كم مرة طبخنا سويا صينية البطاطس باللحم التي تجيد طهوها والتي لا يطبخها أحد أفضل منك
ولا تذكرين البيتزا الفاشلة التي صنعتها الكثير من المرات وانتهى بها الأمر ملقاة في سلة المهملات ثم في نهاية المطاف نشتري الجاهزة من المطعم
قالت بدموع الحب والامتنان لأبيها: بل أذكر أنك حاولت مرارا وتكرارا صنعها لأجلي لأنك تعلم أني أحبها حتى فعلتها أخيرا وكانت رائعة ..
تحركت متجهة للغرفة الأخرى مشيرة إليها قائلة وهنا يا أبي حينما أتى زوجي ليتقدم لي لن أنسى يومها حينما أجلستني فوق ركبتيك ثم أخبرته وأنت تحيطني بذراعك أنني مهما كبرت سأظل طفلتك التي لن تسمح لأحد في يوم من الأيام أن يقسو عليها وأنك لن تطلب منه شيء سوى أن أكون بخير وألا يحزنني أبداا وإنه إن فعلها ولو لمرة واحدة فلن تعيدني إليه
- ضحك الأب ممازحا ابنته : بلى أخبرته ذلك قاصدا حتى لا يفعلها ف تعودين لي مجددا بعدما نجحت في الخلاص منك أخيرا حتى اتفرغ لنفسي الباقي من عمري
- لو كنت تريد أن تفعل لكنت تزوجت منذ وفاة أمي وأنا طفلة صغيرة لكنك تحملت ألم الوحدة والحياة بدون إمرأة لأجلي
- الأب بمزاح: بلى فعلتها لأني لا اطيق ثرثرة النساء وتقلباتهم المزاجية فالجميع يحسدونني أنني رجل حر
- الابنة بحب : لا يا أبي فعلتها كما فعلت الكثير والكثير لأجلي
- الأب بجدية: إذا عليكي أنتي الآخرى أن تبيعي تلك الشقة لأجل ابنتك ف هل هناك ما هو أغلى منها !
- الإبنة بتردد: لكن ..
- قاطعها الأب : بيعيها لأجل حياة ..
أما الذكريات ف مكانها في القلب نحملها معنا أينما كنا ..تسكن بداخلنا لا بين الجدران وحينما تشتاقين لها فتشي بداخلك فستجديها موشومة بعقلك وقلبك ..بيعي الشقة عديني يا ابنتي أن تفعلي ؟
- الإبنة بإستسلام : أعدك ..أعدك يا أبي
في تلك اللحظة سمعت رنين هاتفها وما إن مدت يدها لتفتحه حتى سقط على الأرض حينها فتحت عيناها فوجدت إنها كانت نائمة بحثت عن والدها فلم تجده علمت أنها كانت تحلم به ربما شوقها إليه وربما قلقه عليها لكن عليها أن تفعل ما أراد فليس أمامها حل آخر لتنقذ ابنتها مدت يدها والتقطت الهاتف ثم أجابت على زوجها الذي عاود الاتصال بها للمرة الثانية فتحت الخط مجيبة :
- نعم أحمد أنا بخير ..لا فقط ذهبت ل شقة والدي وقد قررت بيعها سأخبر مالك العمارة واتفق معه ليجهز المبلغ حتى نستطيع اجراء العملية ل حياة .. نعم فكرت مليا وهذا قراري الأخير ..هناك طلب آخر رجاءا اريد السفر لأبي في الغد فلقد اشتاق إلى وأنا أيضا اشتقت إليه بشدة ..لا لا تأتي معي فقط اعتني ب حياة.. هل ستستطيع والدتك العناية بها؟ .. حسنا أنا آتية بعد قليل ...
وفي اليوم التالي ...
كانت تستقل إحدى السيارات المتجهة لبلدة أبيها بجوار زوجها الذي أصر على اصطحابها إلى هناك ورفض سفرها وحيدة بدونه وها هو يمسك بكفها داعما إياها كما كان يفعل والدها دوما ....
وأخيرا وصلا إلى هناك ركبا سيارة أجرة لتوصلها إلى ابيها وبعد دقائق كانت هناك هبطت من السيارة بقلب وجل لكنه مشتاق ف هي بعد بضع خطوات ستقابل أبيها وبالفعل دلفت للداخل وما إن أصبحت أمامه حتى تحدثت إليه قائلة بصوت حنون وعينان فاض بهما الشوق :
- مرحبااا أبي أشتقت إليك كثيرااا
وكانت تلك هي المرة الأولى التي لم يجيبها فيها والدها ربما يشعر بها وربما أيضا يسمعها لكنه ليس بإمكانه أن يرد عليها أو يضمها بين ذراعيه ..لأنه في قبره !!
ف هي منذ وفاته لم تأتي لزيارته أبدا حتى لا تواجه تلك اللحظة وقتها انهمرت الدموع من عيناها بغزارة ف ضمها زوجها لصدره حتى استكانت بين ذراعيه ظلت تقص على ابيها كل ما مرت به في العام الماضي بدونه منذ أن رحل عن دنياها وأخيرا امسكت بيد زوجها ثم ألقت نظرة أخيرة على قبر والدها وابتسمت ابتسامة تحمل في طياتها الكثير من الألم وقبل أن تنصرف وعدته أنها ستعود لتطمئنه على حياة و من اليوم لن تتأخر عن زيارته أبدااا .....