- المشاهدات: 65
- الردود: 2
عائشة فتاة ذو ١٤ سنة تمشي بخطوات متتثاقلة بعدما أنهت حصة التربية البدنية باعداديتها التي تدرس بها، كانت حصة هذا اليوم الجري، لقد كانت حصة متعبة بالنسبة لعائشة ذات الجسد النحيف، وصلت أخيرا إلى منزلها الغير بعيد عن إعداديتها، دخلت إلى البيت فوجدت والدها منشغلا بإصلاح مذيعه الخشبي القديم، قبلت يداه و هو يطبطب فوق رأسها بيده قائلا: الله يرضى عنك يا بنيتي. ثم اتكات على أريكة تستريح من تعب الجري، وحتى لا تضيع الوقت انتابتها فكرة مراجعة دروسها لان امتحان الرياضيات في انتظارها هذا المساء. فأخرجت دفاترها و كتاب الرياضيات من محفظتها و شرعت في المذاكرة في صمت و تركيز، و في غمرة هذا الهدوء تدخل الأم عائدة من عملها متعبة.
الأم: السلام عليكم
الزوج و الإ بنة: و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بعدما قبلت جبين زوجها، نهضت عائشة من مكانها و قبلت يد أمها التي تلامس بيدها الأخرى وجه ابنتها بلطف و حنان قائلة: الله يرضي عنك يا ابنتي ثم عادت عائشة إلى أريكتها و إلى دفاترها. وبينما هي كذلك تذكرت أمها أ نها مدعوة لحضور حفلة خطوبة إ حدى زميلاتها في العمل، فطلبت من عائشة الذهاب إلى جارتهم لتستعيد منها الحلي التي اعارتها إياها سابقا. إلا أن عائشة إمتنعت عن الذهاب بداعي التعب من حصة التربية البدنية و مذاكرتها لدروسها وتركيزها على درس صعب في مادة الرياضيات، إمتعظت أمها من رفضها هذا وخاصة أنها منشغلة بإعداد وجبة الغذاء، فأجابت إبنتها قائلة:
الأم: هل تريدينني أن أترك الطعام على النار المشتعلة و أذهب لإحضار الحلي؟
عائشة: هذه ليست مشكلتي وزد على هذا لدي امتحان صعب فأنا لا أرقص بل أذاكر.
الأم: منزل جارتنا ليس في بلاد الهند، فقط بضع خطوات و تعودين لمذاكرتك.
عاىشة: (بغضب شديد) لن أ ذهب يا أمي فالامتحان أهم إلي من الذهاب إلى جارتنا.
الأم[تصرخ في وجه ابنتها بتوتر وعصبية] اغربي عن وجهي أيتها الإبنة العاقة، خذي أغراضك و اصعدي إلى غرفتك.
عائشة: [تقف مصدومة] أمي لماذا؟؟
الأم: (صارخة بغضب) هيا تحركي ألا تسمعين ؟
انطلقت عائشة راكضة إلى غرفتها وهي تبكي، ووالدها ينظر إليها مندهشا؛ ثم اتجه نحو زوجته سائلا إياها: ما خطبكما؟
الزوجة: [في شدة الغضب]هذه نتائج تربيتنا لهذه البنت؛ لقد تمردت ورفضت الذهاب إلى جارتنا لإحضار الحلي التي اعرتها إياها.
الأب: لقد كانت تذاكر دروسها منذ قدومها من الإعدادية، ربما تحضر لامتحان صعب فلا تلوميها فدراستها أ ولى.
الأم: جارتنا ليست بعيدة، فقط بضع خطوات.
الأب: اذهبي أنت و ساهتم بأمر المطبخ حتى تعودين .
الأم: [غاضبة] حسنا ساذهب كأنني وحيدة ولم أنجب إبنة.
خرجت الأم متجهة نحو جارتها، بينما عائشة تبكي في غرفتها، و بعد مرور وقت قصير لاحظت أ ن هاتفها الخلوي يرن، إنهازميلتها سلوى تنتظرها على باب منزلها، حان وقت الذهاب إلى الإعدادية، تنظر مليا إلى ساعتها. مسحت دموعها من عينيها بمنديلها الورقي، أخذت محفظتها وارتدت وزرتها، ثم ودعت والدها و خرجت، تبادلت الفتاتان التحية و شقتا طريقهما نحو فصليهما الدراسي، و بينما هما يمشيان في الطريق بخطى بطيئة حكت عائشة ما حدث لها مع أمها في المنزل لصديقتها سلوى، فردت عليها هي الأخرى قائلة:
سلوى: لقد أخطأت ياعائشة، ما كان لك أن ترفضي أوامرها، كان عليك إطاعتها، هذا رأيي. أنت صديقتي و من واجبي أن أعيدك إلى رشدك.
عائشة: لقد كنت متعبة بالإضافة إلى هذا كنت أحضر لامتحان الرياضيات.
سلوى: ولو يا صديقتي، الوالدين أولا وعلينا ألا نعصي لهما أمرا.
عائشة: [ترفع كتفيها]قائلة باستهزاء: من تكون حتى لا أعصي لها أمرا أليس امتحان الرياضيات أهم من إحضار الحلي عند جارتنا؟
سلوى: ويحك يا عائشة ما هذا الجحود؟ هل تريدين أ ن تكوني عاقة لوالدتك؟
عائشة: و ما حجتك على أن أكون عاقة؟
سلوى: حجتي توجد في كتاب الله القرآن الكريم و في سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم اذ قال تعالى في كتابه العزيز: {بسم الله الرحمان الرحيم، و قضى ربك ألا تعبد الا إياه و بالوالدين إحسانا}و قال أيضا { ولا تقل لهما أف و لا تنهرهما..}{ ..قل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا..} صدق الله العظيم. و جاء في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ، إنه قال ان الجنة تحت أقدام الأمهات ثم قال أيضا مجيبا احد الصحابة لما سأله عن من يفضل بين والديه فأجابه رسول الله عليه أزكى الصلوات والسلام أمك ثلاث مرات متتالية ثم أبوك. لأن أمك تعبت من أجلك منذ ولدتك حتى الآن، كم من ليلة سهرت و كم من ألم تحملت وكم من خوف عليك قاست فارحميها يا عائشة. ان مفتاح الجنة عند الأم ام تريدين الذهاب إلى جهنم؟
عاىشة: [مرعوبة] لا لا لا لا أريد أن أذهب إلى جهنم.
سلوى: إذا أردت أن تتجنبي دخول النار في الآخرة فعليك بطاعة خالقك لأنه اوصانا بالوالدين إحسانا، و طاعة الوالدين، لأنها واجبة، ولا تنهريهما ولا تصرخي في وجههما و قولي لهما قولا كريما يرضيانه، اتعدينني يا عائشة؟
عائشة: نعم أعدك، بعدما أعود من الإعدادية إلى المنزل سأطلب من أمي كي تسامحيني، رغم أنني لا أظن أنها ستسامحني [يتجلى على محياها ملامح الحزن و الحسرة].
سلوى: لا يجب أن ينتابك سوء الظن بأمك، فكل أم تحب أبناءها، و هذا أمر طبيعي، إنك فلذة كبدها و ابنتها الوحيدة، إنك في عينيها أجمل بنت في الدنيا و هي تحبك و تخاف عليك و تريد أن تراك سعيدة. لا تغضبيها مرة أخرى و نفذي أوامرها فإنها ستدعو لك بالتوفيق و النجاح.
عائشة: [مندهشة] أحقا يا سلوى ما تقولينه؟
سلوى: إذهبي إليها هذا المساء و أنا واثقة أنها ستسامحك، و ستضمك إلى صدرها، فلا تقلقي أيتها العنيدة [مبتسمة في وجه صديقتها الحزينة].
و بعدما رن جرس الخروج شقت عائشة طريقها نحو منزلها كعادتها، و لما وقفت أمام باب المنزل رفعت يدها بتثاقل و هي في حالة كئيبة، ينتابها مزيج من أحاسيس الخوف و التوتر، وضعت أصبعها على زر الجرس ثم ضغطت ببطء، وبعد برهة فتحت أمها الباب، فوجدت إبنتها عائشة أمامها مطأطأة رأسها، حزينة و منكسرة، أحست والدتها بقلق شديد متسائلة بداخلها. ما بها؟ هل حدث لها مكروه؟ هل اعتدى عليها أحد المنحرفين؟ او ضايقها احد الشبان المتربصين بفتيات الإعدادية؟؟
عائشة: أمي أنا آسفة جدا.
الأم: ما بك يا ابنتي؟ هل اعتدى عليك أحد؟
عائشة: كلا كلا يا أمي . ثم أجهشت بالبكاء فضمتها أمها إلى صدرها بقوة سائلة إياها.
الأم: هل ضايقتك احد في الفصل او في المؤسسة؟
عاىشة: أمي. سامحيني، أعتذر عما صدر مني من ردة فعل و من سوء تربية.
الأم: أهذا سبب بكاءك وحزنك؟ فابتسمت الأم، لقد سامحتك يا عزيزتي و قدرت ظروفك، تحدثت مع والدك في هذا الشأن و لقد شرح لي الأمر و تفهمت وضعك، فلا تقلقي يا حبيبتي، يا ابنتي الغالية إهتمي بدروس وواجباتك، و ما صدر منك ليس سوء تربية، إنها فقط وسوسة شيطان رجيم عليه لعنة الله، ها انت عدت إلى رشدك، إنك ابنتي الحبيبة.
تقبلها في خدها، ثم تمسح دموع ابنتها بكفها بلطف و حنان و الإبتسامة بادية على وجهها.
سألهتا الأم: لم تتناولي وجبة الغذاء؟ و كان عندك امتحان، لا شك أنك جائعة؟
عائشة: لحسن حظي يا أمي أن أستاذة الرياضيات قد أجلت الامتحان إلى الأسبوع المقبل، إنني حقا جائعة لم آكل شيئا منذ الصباح.
الأم: الحمد لله أن الامتحان أجل، إنها فرصتك للتحضير جيدا. فهيا ندخل، اباك ينتظرنا، لقد أعددت الشاي و الفطائر، كما أرسلت لك صديقتي في العمل أسماء بعض الحلوى الخاصة بحفل خطوبتها، إنها تحبك لم تنساك. تقولها و هي تضحك مع ابنتها في سرور و فرح.
عائشة: حسنا سآكلها كلها فأنا جائعة جدا.
فدخلا معا إلى الداخل، وبعد أن غيرت عائشة ملابسها و غسلت يديها جيدا بالماء و الصابون ونشفتهما بفوطة ناعمة، تقدمت بخطى بطيئة و باستحياء و السرور يغمرها، خاصة بعدما سامحتها أمها و عادت المياه إلى مجاريها. و أن أمها راضية عنها. قبلت يد أبيها كالعادة بكل إجلال و احترام، قائلا: الله يرضي عنك يا ابنتي، بينما الأم جالسة مرتدية قفطانا مزينا بورود و مطروزا بالطرز المغربي العريق، لبسته من أجل حضور حفلة خطوبة صديقتها، لكن لم يسعفها الوقت لتغيير ملابسها، إنها تملأ الكؤوس بالشاي المغربي المنسم بأوراق النعناع الخضراء و أوراق الشيبة، و المائدة مزينة بالفطائر المغربية(رغيف مدهون بالزبدة و العسل وعليه رشة من بذور السمسم، ثم الملوي الأطلسي و البغرير). وحلويات بأشكال و ألوان مختلفة و زاهية، كأنه يوم عيد الفطر، مدت عائشة يدها لتمسك كاس الشاي، ثم أخذت ملوية، و بدأت تأكل بنهم و تحتسي الشاي، لقد كانت جائعة، في هذه اللحظة كانت الأم و الأب ينظران إليها و هما يبتسمان بسعادة و سرور ، إنها ابنتهما المحبوبة عائشة.
ثم قالا بداخلهما دعاء يردده جميع المغاربة و باللهجة المغربية ( الله يسمح لينا من حق الوالدين) اللهم آمين.
انتهت القصة.
الأم: السلام عليكم
الزوج و الإ بنة: و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بعدما قبلت جبين زوجها، نهضت عائشة من مكانها و قبلت يد أمها التي تلامس بيدها الأخرى وجه ابنتها بلطف و حنان قائلة: الله يرضي عنك يا ابنتي ثم عادت عائشة إلى أريكتها و إلى دفاترها. وبينما هي كذلك تذكرت أمها أ نها مدعوة لحضور حفلة خطوبة إ حدى زميلاتها في العمل، فطلبت من عائشة الذهاب إلى جارتهم لتستعيد منها الحلي التي اعارتها إياها سابقا. إلا أن عائشة إمتنعت عن الذهاب بداعي التعب من حصة التربية البدنية و مذاكرتها لدروسها وتركيزها على درس صعب في مادة الرياضيات، إمتعظت أمها من رفضها هذا وخاصة أنها منشغلة بإعداد وجبة الغذاء، فأجابت إبنتها قائلة:
الأم: هل تريدينني أن أترك الطعام على النار المشتعلة و أذهب لإحضار الحلي؟
عائشة: هذه ليست مشكلتي وزد على هذا لدي امتحان صعب فأنا لا أرقص بل أذاكر.
الأم: منزل جارتنا ليس في بلاد الهند، فقط بضع خطوات و تعودين لمذاكرتك.
عاىشة: (بغضب شديد) لن أ ذهب يا أمي فالامتحان أهم إلي من الذهاب إلى جارتنا.
الأم[تصرخ في وجه ابنتها بتوتر وعصبية] اغربي عن وجهي أيتها الإبنة العاقة، خذي أغراضك و اصعدي إلى غرفتك.
عائشة: [تقف مصدومة] أمي لماذا؟؟
الأم: (صارخة بغضب) هيا تحركي ألا تسمعين ؟
انطلقت عائشة راكضة إلى غرفتها وهي تبكي، ووالدها ينظر إليها مندهشا؛ ثم اتجه نحو زوجته سائلا إياها: ما خطبكما؟
الزوجة: [في شدة الغضب]هذه نتائج تربيتنا لهذه البنت؛ لقد تمردت ورفضت الذهاب إلى جارتنا لإحضار الحلي التي اعرتها إياها.
الأب: لقد كانت تذاكر دروسها منذ قدومها من الإعدادية، ربما تحضر لامتحان صعب فلا تلوميها فدراستها أ ولى.
الأم: جارتنا ليست بعيدة، فقط بضع خطوات.
الأب: اذهبي أنت و ساهتم بأمر المطبخ حتى تعودين .
الأم: [غاضبة] حسنا ساذهب كأنني وحيدة ولم أنجب إبنة.
خرجت الأم متجهة نحو جارتها، بينما عائشة تبكي في غرفتها، و بعد مرور وقت قصير لاحظت أ ن هاتفها الخلوي يرن، إنهازميلتها سلوى تنتظرها على باب منزلها، حان وقت الذهاب إلى الإعدادية، تنظر مليا إلى ساعتها. مسحت دموعها من عينيها بمنديلها الورقي، أخذت محفظتها وارتدت وزرتها، ثم ودعت والدها و خرجت، تبادلت الفتاتان التحية و شقتا طريقهما نحو فصليهما الدراسي، و بينما هما يمشيان في الطريق بخطى بطيئة حكت عائشة ما حدث لها مع أمها في المنزل لصديقتها سلوى، فردت عليها هي الأخرى قائلة:
سلوى: لقد أخطأت ياعائشة، ما كان لك أن ترفضي أوامرها، كان عليك إطاعتها، هذا رأيي. أنت صديقتي و من واجبي أن أعيدك إلى رشدك.
عائشة: لقد كنت متعبة بالإضافة إلى هذا كنت أحضر لامتحان الرياضيات.
سلوى: ولو يا صديقتي، الوالدين أولا وعلينا ألا نعصي لهما أمرا.
عائشة: [ترفع كتفيها]قائلة باستهزاء: من تكون حتى لا أعصي لها أمرا أليس امتحان الرياضيات أهم من إحضار الحلي عند جارتنا؟
سلوى: ويحك يا عائشة ما هذا الجحود؟ هل تريدين أ ن تكوني عاقة لوالدتك؟
عائشة: و ما حجتك على أن أكون عاقة؟
سلوى: حجتي توجد في كتاب الله القرآن الكريم و في سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم اذ قال تعالى في كتابه العزيز: {بسم الله الرحمان الرحيم، و قضى ربك ألا تعبد الا إياه و بالوالدين إحسانا}و قال أيضا { ولا تقل لهما أف و لا تنهرهما..}{ ..قل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا..} صدق الله العظيم. و جاء في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ، إنه قال ان الجنة تحت أقدام الأمهات ثم قال أيضا مجيبا احد الصحابة لما سأله عن من يفضل بين والديه فأجابه رسول الله عليه أزكى الصلوات والسلام أمك ثلاث مرات متتالية ثم أبوك. لأن أمك تعبت من أجلك منذ ولدتك حتى الآن، كم من ليلة سهرت و كم من ألم تحملت وكم من خوف عليك قاست فارحميها يا عائشة. ان مفتاح الجنة عند الأم ام تريدين الذهاب إلى جهنم؟
عاىشة: [مرعوبة] لا لا لا لا أريد أن أذهب إلى جهنم.
سلوى: إذا أردت أن تتجنبي دخول النار في الآخرة فعليك بطاعة خالقك لأنه اوصانا بالوالدين إحسانا، و طاعة الوالدين، لأنها واجبة، ولا تنهريهما ولا تصرخي في وجههما و قولي لهما قولا كريما يرضيانه، اتعدينني يا عائشة؟
عائشة: نعم أعدك، بعدما أعود من الإعدادية إلى المنزل سأطلب من أمي كي تسامحيني، رغم أنني لا أظن أنها ستسامحني [يتجلى على محياها ملامح الحزن و الحسرة].
سلوى: لا يجب أن ينتابك سوء الظن بأمك، فكل أم تحب أبناءها، و هذا أمر طبيعي، إنك فلذة كبدها و ابنتها الوحيدة، إنك في عينيها أجمل بنت في الدنيا و هي تحبك و تخاف عليك و تريد أن تراك سعيدة. لا تغضبيها مرة أخرى و نفذي أوامرها فإنها ستدعو لك بالتوفيق و النجاح.
عائشة: [مندهشة] أحقا يا سلوى ما تقولينه؟
سلوى: إذهبي إليها هذا المساء و أنا واثقة أنها ستسامحك، و ستضمك إلى صدرها، فلا تقلقي أيتها العنيدة [مبتسمة في وجه صديقتها الحزينة].
و بعدما رن جرس الخروج شقت عائشة طريقها نحو منزلها كعادتها، و لما وقفت أمام باب المنزل رفعت يدها بتثاقل و هي في حالة كئيبة، ينتابها مزيج من أحاسيس الخوف و التوتر، وضعت أصبعها على زر الجرس ثم ضغطت ببطء، وبعد برهة فتحت أمها الباب، فوجدت إبنتها عائشة أمامها مطأطأة رأسها، حزينة و منكسرة، أحست والدتها بقلق شديد متسائلة بداخلها. ما بها؟ هل حدث لها مكروه؟ هل اعتدى عليها أحد المنحرفين؟ او ضايقها احد الشبان المتربصين بفتيات الإعدادية؟؟
عائشة: أمي أنا آسفة جدا.
الأم: ما بك يا ابنتي؟ هل اعتدى عليك أحد؟
عائشة: كلا كلا يا أمي . ثم أجهشت بالبكاء فضمتها أمها إلى صدرها بقوة سائلة إياها.
الأم: هل ضايقتك احد في الفصل او في المؤسسة؟
عاىشة: أمي. سامحيني، أعتذر عما صدر مني من ردة فعل و من سوء تربية.
الأم: أهذا سبب بكاءك وحزنك؟ فابتسمت الأم، لقد سامحتك يا عزيزتي و قدرت ظروفك، تحدثت مع والدك في هذا الشأن و لقد شرح لي الأمر و تفهمت وضعك، فلا تقلقي يا حبيبتي، يا ابنتي الغالية إهتمي بدروس وواجباتك، و ما صدر منك ليس سوء تربية، إنها فقط وسوسة شيطان رجيم عليه لعنة الله، ها انت عدت إلى رشدك، إنك ابنتي الحبيبة.
تقبلها في خدها، ثم تمسح دموع ابنتها بكفها بلطف و حنان و الإبتسامة بادية على وجهها.
سألهتا الأم: لم تتناولي وجبة الغذاء؟ و كان عندك امتحان، لا شك أنك جائعة؟
عائشة: لحسن حظي يا أمي أن أستاذة الرياضيات قد أجلت الامتحان إلى الأسبوع المقبل، إنني حقا جائعة لم آكل شيئا منذ الصباح.
الأم: الحمد لله أن الامتحان أجل، إنها فرصتك للتحضير جيدا. فهيا ندخل، اباك ينتظرنا، لقد أعددت الشاي و الفطائر، كما أرسلت لك صديقتي في العمل أسماء بعض الحلوى الخاصة بحفل خطوبتها، إنها تحبك لم تنساك. تقولها و هي تضحك مع ابنتها في سرور و فرح.
عائشة: حسنا سآكلها كلها فأنا جائعة جدا.
فدخلا معا إلى الداخل، وبعد أن غيرت عائشة ملابسها و غسلت يديها جيدا بالماء و الصابون ونشفتهما بفوطة ناعمة، تقدمت بخطى بطيئة و باستحياء و السرور يغمرها، خاصة بعدما سامحتها أمها و عادت المياه إلى مجاريها. و أن أمها راضية عنها. قبلت يد أبيها كالعادة بكل إجلال و احترام، قائلا: الله يرضي عنك يا ابنتي، بينما الأم جالسة مرتدية قفطانا مزينا بورود و مطروزا بالطرز المغربي العريق، لبسته من أجل حضور حفلة خطوبة صديقتها، لكن لم يسعفها الوقت لتغيير ملابسها، إنها تملأ الكؤوس بالشاي المغربي المنسم بأوراق النعناع الخضراء و أوراق الشيبة، و المائدة مزينة بالفطائر المغربية(رغيف مدهون بالزبدة و العسل وعليه رشة من بذور السمسم، ثم الملوي الأطلسي و البغرير). وحلويات بأشكال و ألوان مختلفة و زاهية، كأنه يوم عيد الفطر، مدت عائشة يدها لتمسك كاس الشاي، ثم أخذت ملوية، و بدأت تأكل بنهم و تحتسي الشاي، لقد كانت جائعة، في هذه اللحظة كانت الأم و الأب ينظران إليها و هما يبتسمان بسعادة و سرور ، إنها ابنتهما المحبوبة عائشة.
ثم قالا بداخلهما دعاء يردده جميع المغاربة و باللهجة المغربية ( الله يسمح لينا من حق الوالدين) اللهم آمين.
انتهت القصة.