- المشاهدات: 60
- الردود: 1
ذات يومٍ..
كنت ذلك الطفل بعمر الرابعةِ. تتعالى ضحكاتي وتتحققُ أمنياتي. صغير البيتِ المدللُ ووحيديهما كذلك. أقفزُ بشقاوةٍ من هنا وهناك، أسقط على السرير، أحمل حجراً وأضرب النافذةَ به. ألعب بمسدسِ الماءِ ذلك وأرش كل شيء أمامي.. ها قد جاء الوحشُ سأقتلكم الآن" طاخ" ستموتون جميعكم اليوم.
هكذا كانت طفولتي؛ ولكن للقدر أحكام تكتب غير ذلك. لا يعرف المرء ما ذنبه؟ بماذا أخطأت أنا؟ لما هذه الحياة ظالمة هكذا معي. عليك بالصبر يا سيدي فالدنيا ظالمة لا تعطينا كل شيء نتمناه تأخذ منك في لحظة العافية. تطعمك السم بعد ان تذيقك كأساً من العسل فهي تخدعك هكذا. وأحياناً منذ أن تولد. تطعمك منقوع الزقوم وأنت ما زلت في الحياة الدنيا.
صعدت نحو النافذة فبيتنا به غرفة واحدة بها كل شيء مطبخ وملعب لي ومسكن لنا. وبختني أمي وقالت: ستقع وتبكي مجدداً. ثم يقول أبي: دعيه يلعبُ كما يشاء. كل شيءٍ سيكسره سأشتريه مجدداً لا تمنعي ابنيَّ من أي شيء يريده.
ذهبتُ وجلست في حجرهِ هوَ؛ لأنَّ أمي تمنعني من كل شيء أريده. وقلت له: أبي إن أمي تمنعني من اللعب، أنا أحفظ دروسي وأكتب واجباتي لكنها تمنعني من اللعب وكل مرة تقول لي: غداً سأسمح لك باللعب في الخارج.. ثم ترد أمي عليه وتقول: هو يكذب عليك أنا أسمح له بكل شيء يريده.. نظرت نحوي وقالت: الكذاب سيدخل النار. أتود أن يعذبك الله ويدخلك جهنم مع الكفار. احتضنني أبي وقال لي: لا يجب أن تكذب يا بنيّ وهذه أمك لا تعاندها وتصبح طفلاً شقياً معها فمن لا يسمع كلام أمه سيدخل النار. قد كان هنالك طفلٌ اسمه أحمد كان لا يسمع كلام أمه. تناديه فلا يرد عليها، قم واكتب واجباتك فلا يكتبها. ثم في يوم وهو يجلس وحيداً جاءهُ ملكان ضخمان ربطا أرجلهُ وألقياهُ في النار. ظل يصرخُ ويصرخُ. إلى أن احترق ومات. فهل تود أن تصير مثله أم ستسمع كلام أمك؟
سأسمعه يا أبي.. أمي أنا آسف سأستمع لكلامك.
وضعت أمي لنا الطعام وجلست بقربي لكي تطعمني بيديها. ثم يرد أبي مغتاظاً لا تطعميه هو أطعميني انا. فترد عليه أمي هذا ابني الصغير سأطعمه هو فقط. اذهب أنت نحو أمك لتطعمك.. ثم أخرجت له لساني ساخراً لم تطعمك وأنزلني من حجرهِ. ثم قلت له: أود نقوداً لكيّ أشتري تلك الحلوى. فقال لي: عندما أرجع سأحضرها لك اتفقنا؟ أومأت له برأسي حسناً ثم غادر.
نظرت نحو أمي وقلت لها: أريد أن ألعب مع الصبيان في الشارع.
قالت لي: عليك أن تحفظ الآيات التي درسها لك الشيخ اليوم أولاً.. أخذت أبرِق لحاظي لها. ثم أردفت تقول: اذهب والعب معهم لكن لا تتأخر كثيراً عني.
أخذت كُرتِي وجلستُ ألعب بها أمام المنزل وأغني تلك الأنشودة التي درستنا لها المعلمة (ماما وبابا حبوني، وأنا حيتهم بعيوني، ...الخ).
ثم فجأةً تحلق الطائرات من فوقي. أخذت أصرخ بفرحٍ وأشير بسبابتي هذه طائرة. سأركلها بكرتي اليوم، بتُ أجري نحوها.. توقفيّ دعونيّ أركب معكم. ثم اقتربت مني. ظننتها ستسقط وروداً وألعاباً لي.
احترقت بيوت القريةِ من حولي. تعالت الصيحات والنجدات. بتُ أبكي وأصرخ بأعلى صوتي "أمِي.. أمِي". أحاطت بيَّ النيران من كل اتجاه، لم أعرف ماذا أفعل؟ ثم بشيءٍ في لمح البصر يقوم بحمليّ على ذراعيهِ ويحتضنني بقوةٍ. ثم قفزنا سويةً في تلك النيران ففتحت عينيّ وأنا أرقد في الحضنِ الذي ما ضّل ساكنه أبداً. أخَذَتْ تبكي وتنشِجُ من الألم، وأبي ينظر نحونا ويتصبب من العرق وتبرز أعصابه. نظر نحو النافذة وقال لأمي كلاماً لم أعرف معناه في تلك اللحظةِ: لقد دخل شياطين الجن جويد القرية عليكم الاحتماء الآن. حمل عَصاتهُ ووقفَ خلف الباب. بت أنظر له وهو يتوتر وترتجف يداه قليلاً. ثم سمعنا صوت جلبةٍ وصهيلَ خيوٍل قادمة. أخذت تعلو موسيقى الموت من حولنا. طرقٌ على الباب فقال لنا أبي: لا تخرجوا أبداً. ثم صرخت أمي لا تذهب أرجوك من هنا. خرج وقفل الباب خلفه. وغادر لآخر مرةٍ نراه فيها. سمعنا صوت طلقات ناريةٍ وصرخاتِ الجن جويد وضحكاتهم.
صوتُ أقدامٍ تقترب نحونا. قامت أمي بقلب السرير وتغطيتي بكل الأغطيةِ والملابس. وقالت لي: سنلعب لعبةً "سكت الجميع وتكلم الحمار" والخاسرُ سيحضر للآخر قطعةَ حلوى.. حسناً.
فقدت حاسة النظر ما عدت أرى شيئاً. ثم سمعت صوت أمي تصرخ، هنالك من يجرها للخارج ويقوم بشتمها وضربها. سمعت صوت موسيقى الرعب مجدداً ثم غبت عن الوعيّ فجأة.
استيقظتُ ما عدت أسمع شيئاً نهضت من مكاني وتوجهت نحو الباب وفتحته. من لوّن القريةَ بالأسود؟ سيعذبه الله. نظرتُ نحو الأرض لماذا تنام أمي بالخارج؟ سيضربها أبي فقد قال: يجب عليكما ألا تخرجا من البيت. ذهبت لكي أيقظها وقبلتها على رأسها، أمي استيقظي لقد جُعتُ الآن. لم تستيقظ.. أمي أنا الحمار لقد فزتِ عليّ.. لكنها لم تستيقظ بعد. جلست أبكي وأنشج من البكاء وجاء شخصٌ وحملني على كتفه وغادرنا المكان.
.. كبرتُ وأنا أكتب لكم هذه الكلمات اليوم. فلولاهم لما كنت أشهقُ في الحياة مجدداً. ما زلت أبكِي وأنادِي "أمي" رغم أنّي أعرف أنها لن تردَ عليّ. يظل الوالدين هم منبع السكينة والأمان في كل لحظة وأنا استرجع الماضي اذكر تلك الصرخة وتلك اللعبة التي لعبناها لماذا ظلت تلعبها لليوم معي. لما تركتني اخسر فيها. عشت يتيما لم أعرف للحياة طعم من بعدهما. ما السبب الذي يجعلانهما يفعلان كل هذا؟ للآن لم أعرف اجابته.
كلما درستُ عن التضحية والعطاء كانا أعظم درس أذكره. عجزت حروفي عن وصفهم. لكنّهما لم يعجزا عن حمايتي يوماً.. وهكذا كان أبواي.
كنت ذلك الطفل بعمر الرابعةِ. تتعالى ضحكاتي وتتحققُ أمنياتي. صغير البيتِ المدللُ ووحيديهما كذلك. أقفزُ بشقاوةٍ من هنا وهناك، أسقط على السرير، أحمل حجراً وأضرب النافذةَ به. ألعب بمسدسِ الماءِ ذلك وأرش كل شيء أمامي.. ها قد جاء الوحشُ سأقتلكم الآن" طاخ" ستموتون جميعكم اليوم.
هكذا كانت طفولتي؛ ولكن للقدر أحكام تكتب غير ذلك. لا يعرف المرء ما ذنبه؟ بماذا أخطأت أنا؟ لما هذه الحياة ظالمة هكذا معي. عليك بالصبر يا سيدي فالدنيا ظالمة لا تعطينا كل شيء نتمناه تأخذ منك في لحظة العافية. تطعمك السم بعد ان تذيقك كأساً من العسل فهي تخدعك هكذا. وأحياناً منذ أن تولد. تطعمك منقوع الزقوم وأنت ما زلت في الحياة الدنيا.
صعدت نحو النافذة فبيتنا به غرفة واحدة بها كل شيء مطبخ وملعب لي ومسكن لنا. وبختني أمي وقالت: ستقع وتبكي مجدداً. ثم يقول أبي: دعيه يلعبُ كما يشاء. كل شيءٍ سيكسره سأشتريه مجدداً لا تمنعي ابنيَّ من أي شيء يريده.
ذهبتُ وجلست في حجرهِ هوَ؛ لأنَّ أمي تمنعني من كل شيء أريده. وقلت له: أبي إن أمي تمنعني من اللعب، أنا أحفظ دروسي وأكتب واجباتي لكنها تمنعني من اللعب وكل مرة تقول لي: غداً سأسمح لك باللعب في الخارج.. ثم ترد أمي عليه وتقول: هو يكذب عليك أنا أسمح له بكل شيء يريده.. نظرت نحوي وقالت: الكذاب سيدخل النار. أتود أن يعذبك الله ويدخلك جهنم مع الكفار. احتضنني أبي وقال لي: لا يجب أن تكذب يا بنيّ وهذه أمك لا تعاندها وتصبح طفلاً شقياً معها فمن لا يسمع كلام أمه سيدخل النار. قد كان هنالك طفلٌ اسمه أحمد كان لا يسمع كلام أمه. تناديه فلا يرد عليها، قم واكتب واجباتك فلا يكتبها. ثم في يوم وهو يجلس وحيداً جاءهُ ملكان ضخمان ربطا أرجلهُ وألقياهُ في النار. ظل يصرخُ ويصرخُ. إلى أن احترق ومات. فهل تود أن تصير مثله أم ستسمع كلام أمك؟
سأسمعه يا أبي.. أمي أنا آسف سأستمع لكلامك.
وضعت أمي لنا الطعام وجلست بقربي لكي تطعمني بيديها. ثم يرد أبي مغتاظاً لا تطعميه هو أطعميني انا. فترد عليه أمي هذا ابني الصغير سأطعمه هو فقط. اذهب أنت نحو أمك لتطعمك.. ثم أخرجت له لساني ساخراً لم تطعمك وأنزلني من حجرهِ. ثم قلت له: أود نقوداً لكيّ أشتري تلك الحلوى. فقال لي: عندما أرجع سأحضرها لك اتفقنا؟ أومأت له برأسي حسناً ثم غادر.
نظرت نحو أمي وقلت لها: أريد أن ألعب مع الصبيان في الشارع.
قالت لي: عليك أن تحفظ الآيات التي درسها لك الشيخ اليوم أولاً.. أخذت أبرِق لحاظي لها. ثم أردفت تقول: اذهب والعب معهم لكن لا تتأخر كثيراً عني.
أخذت كُرتِي وجلستُ ألعب بها أمام المنزل وأغني تلك الأنشودة التي درستنا لها المعلمة (ماما وبابا حبوني، وأنا حيتهم بعيوني، ...الخ).
ثم فجأةً تحلق الطائرات من فوقي. أخذت أصرخ بفرحٍ وأشير بسبابتي هذه طائرة. سأركلها بكرتي اليوم، بتُ أجري نحوها.. توقفيّ دعونيّ أركب معكم. ثم اقتربت مني. ظننتها ستسقط وروداً وألعاباً لي.
احترقت بيوت القريةِ من حولي. تعالت الصيحات والنجدات. بتُ أبكي وأصرخ بأعلى صوتي "أمِي.. أمِي". أحاطت بيَّ النيران من كل اتجاه، لم أعرف ماذا أفعل؟ ثم بشيءٍ في لمح البصر يقوم بحمليّ على ذراعيهِ ويحتضنني بقوةٍ. ثم قفزنا سويةً في تلك النيران ففتحت عينيّ وأنا أرقد في الحضنِ الذي ما ضّل ساكنه أبداً. أخَذَتْ تبكي وتنشِجُ من الألم، وأبي ينظر نحونا ويتصبب من العرق وتبرز أعصابه. نظر نحو النافذة وقال لأمي كلاماً لم أعرف معناه في تلك اللحظةِ: لقد دخل شياطين الجن جويد القرية عليكم الاحتماء الآن. حمل عَصاتهُ ووقفَ خلف الباب. بت أنظر له وهو يتوتر وترتجف يداه قليلاً. ثم سمعنا صوت جلبةٍ وصهيلَ خيوٍل قادمة. أخذت تعلو موسيقى الموت من حولنا. طرقٌ على الباب فقال لنا أبي: لا تخرجوا أبداً. ثم صرخت أمي لا تذهب أرجوك من هنا. خرج وقفل الباب خلفه. وغادر لآخر مرةٍ نراه فيها. سمعنا صوت طلقات ناريةٍ وصرخاتِ الجن جويد وضحكاتهم.
صوتُ أقدامٍ تقترب نحونا. قامت أمي بقلب السرير وتغطيتي بكل الأغطيةِ والملابس. وقالت لي: سنلعب لعبةً "سكت الجميع وتكلم الحمار" والخاسرُ سيحضر للآخر قطعةَ حلوى.. حسناً.
فقدت حاسة النظر ما عدت أرى شيئاً. ثم سمعت صوت أمي تصرخ، هنالك من يجرها للخارج ويقوم بشتمها وضربها. سمعت صوت موسيقى الرعب مجدداً ثم غبت عن الوعيّ فجأة.
استيقظتُ ما عدت أسمع شيئاً نهضت من مكاني وتوجهت نحو الباب وفتحته. من لوّن القريةَ بالأسود؟ سيعذبه الله. نظرتُ نحو الأرض لماذا تنام أمي بالخارج؟ سيضربها أبي فقد قال: يجب عليكما ألا تخرجا من البيت. ذهبت لكي أيقظها وقبلتها على رأسها، أمي استيقظي لقد جُعتُ الآن. لم تستيقظ.. أمي أنا الحمار لقد فزتِ عليّ.. لكنها لم تستيقظ بعد. جلست أبكي وأنشج من البكاء وجاء شخصٌ وحملني على كتفه وغادرنا المكان.
.. كبرتُ وأنا أكتب لكم هذه الكلمات اليوم. فلولاهم لما كنت أشهقُ في الحياة مجدداً. ما زلت أبكِي وأنادِي "أمي" رغم أنّي أعرف أنها لن تردَ عليّ. يظل الوالدين هم منبع السكينة والأمان في كل لحظة وأنا استرجع الماضي اذكر تلك الصرخة وتلك اللعبة التي لعبناها لماذا ظلت تلعبها لليوم معي. لما تركتني اخسر فيها. عشت يتيما لم أعرف للحياة طعم من بعدهما. ما السبب الذي يجعلانهما يفعلان كل هذا؟ للآن لم أعرف اجابته.
كلما درستُ عن التضحية والعطاء كانا أعظم درس أذكره. عجزت حروفي عن وصفهم. لكنّهما لم يعجزا عن حمايتي يوماً.. وهكذا كان أبواي.