• المشاركة مفتوحة للجميع .. لا تتردد في نشر مقالك في القسم المناسب في منتدى الديوان.

  • اللّٰهُمَّ إِنِّي أَفْتَتِحُ الثَّناءَ بِحَمْدِكَ وَأَنْتَ مُسَدِّدٌ لِلصَّوابِ بِمَنِّكَ، وَأَيْقَنْتُ أَنَّكَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فِي مَوْضِعِ الْعَفْوِ وَالرَّحْمَةِ.

قصة ( ذئب ورحم )

  • ناشر الموضوع محمود بسيوني
  • تاريخ البدء
  • الردود 1
  • المشاهدات 70

مرحبا ً بك في الــديــوان الإلكتروني

أهلا وسهلا بك زائرنا العزيز في الــديــوان الإلكتروني.

انظم إلينا و تمتع بتجربة رائعة, ستجد كل ما تبحث عنه.

التسجيل مجاني بالكامل

ذئب ورحم
سمعت طرق الباب ، فأطرقت كثيرا و أرهفت سمعها للصوت . لتتأكد أن ما سمعته كان قرع بابها بالفعل ، فلقد محت السنون الأخيرة من قاموس مسامعها ، .تحنان هذا الصوت على بابها
،ذهبت متوجّلة والشوق يملأ أغوارها لتفتح الباب لهذا الصوت القادم من خارج قسوة أيامها العجاف ، هرولت مسرعة لتمسك بمقبض الباب فتفتحه ،لكنها تريّست ثم نظرت في عدسة الباب السحرية
،لترى من بالخارج ،لم تتوقعه أبدا ،إنه هو ! نعم هو ( عم) ابنتها الوحيدة ( وصال ).
ترددت كثيرا بعدما رأته ، أتفتح له
أم تتركه يطرق ؟
فجأة ندت عيناها ، ثم هتنت بالدموع،لم تستطع منعها ،أعاد الطارق قرع الباب انتظرت ريثما يرقأ دمعها،فكفكفت وجنتيها ثم فتحت له الباب ، حينما رأته أنضوت مشاعر الفرح عندها إلى الحزن والكسرة ،يا لها من زيارة غريبة ،فتلك هى المرة الثانية التي يأتي فيها إلى بيت أخية الصغير بعد ما توفاه الله منذ ثلاثة أعوام ، ،كانت المرة الاولى حينما أتاها هو ومحاميه ليطلعاها على اوراق تثبت أن زوجها ،الذي هو أخوه ،قد باع له نصيب ميراثه من أبيه .
أخذت تحدث نفسها ،ما الذي جاء به ؟

ربما سمع عن مرض ابنت أخيه ، ربما جاء يعيد إلينا حقنا المسلوب ،ربما ...ربما
فتحت له الباب ،
عجوز قارب السبعين يتكأ على عصاة أوشكت أن تنحني من ثقله
رحبت به على استحياء المرغمة
نظرت في وجهه، نظر صاحبة الحق المستحكمة ، ،وعيناها تمطراه لوما وتغرقاه تأنيبا وزما.
قال لها بصوت متحجر عفا عليه الزمن
كيف حالكم ؟
وكيف هى وصال ؟ علمتُ أنها مريضة
لم تبالي بعد ذلك بما قاله ، ولم تأبه بما تسمعه منه ،فلقد نكأ جراحا نضبت دمائها في جوف الزمن
حدثت نفسها
أبعد أن أكل عليك الدهر وشرب أيها العجوز تسأل عن حالنا
أدخلته على ابنتها (وصال ) تلك الطفلة الرقيقة الجميلة التي لم تتجاوز العاشرة من عمرها ،مسجاة في فراشها ، واجمة حزينة ، قد أدنفها المرض ،كان صوت نهيتها أبلغ من صرخات الألم
عرّفته له
قائلة : هذا عمك يا (وصال )أخو أبوكِ ، ولم تنطق ببنت شفاة بعدها .
و ما إن سمعت وصال لفظة (أبوكِ) إلا وانتشت فرحة حاولت أن تعتمد على يديها لتعتدل من نومتها ،ساعدتها أمها للجلوس ، ظنّت وصال أنها سترى من يشبه أباها ،لكنها ما إن رأته حتى جفلت منه خائفة ، ظل يلاطفها العجوز ويداعبها ويذكرها به ،تذكير أحادي الطرف ،إذ لم تكن ثمة ذكريات تعرفها عنه ،هى لا تذكر غير أبيها ،ولا يؤلمها غير فراقه ، ظل العجوز يداعبها
حتى تماهت معه وصال وكأن شيئا منه يذكرها بأبيها ،تلك هى المرة الاولى التي تدرك فيها( وصال) وترى رأي العين هذه القرابة
ورغم كبر العجوز إلا أن (وصال)ألفت حديثة وأحبته وكأن لدماء أبيها التي يحملها العجوز سحر،
خرجت الأم تفتش في البيت
عن شىء تقدمه للضيف
تطور اللقاء سريعا بين (وصال) والعجوز ،لاعبها ومازحها ،يبدو أنها كانت عطشى لمثل هذا اللقاء بعد أبيها
انكشف جزء من قدمها وهى تلاعبه ،اسرعت بشد ثوبها على ما انكشف منها
ضحك العجوز وقال :أتستحي مني ؟
قالت :نعم فإنها أشياء غالية الثمن ،هكذا كان يخبرني أبي
أخرج العجوظ من جيبة خمسون جنيه
ا وقال لها :إذن أريد أن أرى بهذا المبلغ جزءا من هذه الاشياء الغالية ، اتسمحى بهذا ؟
أخذتها مسرعة وهى فرحة وأظهرت له ما قد انكشف من قبل
استثارت فضول العجوز في معرفة مدى حياء ابنت أخية
فأخرج لها ماىة جنيه يغريها بها ،وقال لها أريد ان ارى جزءا أخر
كانت فرحتها هذه المرة أكبر ،ولهفتها في أخذ المال أسرع وأنشط ،ثم أظهرت له جزءا لا يعدو كاحلها
ذاد العجوز في إغوائه لها ليختبر أين سينتهي حيائها .
كانت (وصال)تلعب معه بفطرتها السليمة ، ونفسها الطاهرة طهر الحرم .
أخرج لها العجوز ماىة جنيه أخرى، وهو يطلب المزيد منها
أخذت المائة جنيه هذه المرة أسرع من سابقتيها،وعلتها فرحة عارمة ،وكشفت ما كشفته من قبل ،ووضعت جميع ما أخذته بعضه فوق بعض ،وظلت تعدها وتحرك بأصابعها مجريتا بعض الحسابات ،وتعيد وتكرر وقد غمرتها الفرحة ، وانتفضت وهى تصيح لأمها صيحة كادت تطير روحها منها ،(أمي لا تحزني فأنا الآن أمتلك ثمن الدواء )


محمود شحاته بسيوني
 

يشـهب

✯مــشــرف عـام✯
الإشراف
عضو ذهبي
التدقيق والتقييم
النشاط: 100%
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته​
مرحباً محمود،
هذا النص هو أكثر النصوص التي تأثرت بها في المسابقة، و لو أن الحلو (ميكملش)، لكان منافسا بقوة على المراكز الأولى.
أخذتنا في رحلة مليئة بالحزن و الأمل، نقترب فيها من أعماق الشخصيات دون أن نشعر. السرد بسيط لكنه عميق، و كأنك تراقب الحياة من خلف نافذة ضبابية. أبدعت في تصوير الطفلة وصال، تلك البراءة التي تصطدم بعالم الكبار القاسي. العجوز يظهر كما لو أنه رمز للزمن الذي لا يرحم، رغم ذلك تبقى أسطره مليئة بالتساؤلات والتأملات. النص ينفذ إلى القلب دون مقدمات، يلامسك كما لو كان جزءًا منك.
مشكور على المجهود الكبير المبذول. إبداع و تفان لا حدود له. بوركت جهودك الطيبة
لك خالص تحياتي و تقديري
يجب عليك تسجيل الدخول أو حساب جديد لمشاهدة المحتوى
 
تعليق
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد…