- المشاهدات: 136
- الردود: 1
خالد صبي صغير يبلغ العاشرة من عمره، يتصف بصفات جميلة كالصدق وحب الخير للآخرين، وذات نهار بعد عودته من المدرسة وأخذ قسطًا من الراحة أنهى جميع واجباته المدرسية؛ فطلب من والدته الأذن بالخروج للعب والمرح قليلًا؛ لم تمانع والدته لأنه أنهى فروضه المدرسية لذا أذنت له بالخروج، فرح كثيرًا وأخذ كرة القدم الخاصة به وغادر المنزل بعد أن ودع والدته؛ خالد يحترم والديه كثيرًا فهو لا يخرج من المنزل دون إذن أبدًا.
وبينما كان يلهو ويلعب بالكرة في الميدان المقابل لبيته؛ نظر فوجد جاره وصديقه عمر الذي يصغره بعامين وحيدًا جالسًا على الأرض متكيء على إحدى أعمدة الإنارة التي تحيط بالميدان؛ وتبدو عليه علامات الحزن والأسى، تساءل خالد في نفسه ترى ما بال صديقي الصغير، لماذا يبدو بائسًا هكذا؟
لعله يشكو من ألم أو مرض، يجب علي الذهاب إليه والإطمئنان عليه.
ترجل خالد حتى وصل إلى عمر وهو يضمر في نفسه السؤال عن حاله ليس من باب الفضول؛ وإنما من باب جبر الخاطر؛ فإن مساندة صديق وقت ضيقه من أنبل الأخلاق التي قد يتصف بها الإنسان، ولأن صديقنا خالد ذا خلقٌ نبيل ويحب مساعدة الآخرين قرر الذهاب إلى صديقه عمر.
خالد: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عمر: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
خالد: كيف حال صديقي الصغير، هل أنت بخير؟
أجاب عمر قائلًا: نعم أنا في أحسن حال الحمدلله
فكر خالد قليلًا ثم تحدث قائلًا: عمر ما رأيك أن نلعب سويًا بهذه الكرة؛ هيا سنتسلى كثيرًا.
عمر: شكرًا لك يا خالد لكني لا أرغب في اللعب الآن
تعجب خالد كثيرًا من أمر عمر؛ وأوجس في نفسه خيفة على صديقه الذي يحبه؛ فهذه المرة الأولى الذي يرفض فيها اللعب، فعمر يحب كرة القدم كثيرًا ولا يفوت لحظة دون أن يلهو بها، هنا لم يستطع خالد كمح فضوله لمعرفة ما الذي أصاب صديقه، فسأله قائلًا: عمر مما تشكو يا صديقي لماذا لا ترغب في اللعب، ولما يبدو على وجهك الحزن، هل أنت مصاب بمرض ما؟
عمر: لا يا صاحبي لست مريضًا ولكني أشعر بالحزن الشديد ولا أرغب في فعل أي شيء.
خالد: وما الذي حدث معك حتى تكون حزينًا هكذا؟
عمر: أشعر بالحزن لأني لا أرى والدي كثيرًا فهو دائم الإنشغال بعمله وكثير السفر، لا أراه سوى سويعات قليلة خلال أسبوع أو شهر، ولا يأتي إلى البيت مبكرًا؛ كما أنه يخرج لعمله في الصباح الباكر دون أن أودعه، ويرجع بعد أن أخلد إلى النوم مساءً، أشتاق إلى والدي أريد أن ألعب معه وأرتمي في حضنه كما يفعل صديقي وزميلي في الدراسة تامر فهو قد أخبرني كم هو يحب والده وكم هو مقرب منه، فهو يوصله إلى المدرسة كل يوم؛ كما أنه يساعده في دراسته، ويأخذه معه في مشاوير عديدة، لكن ابي لا يفعل معي هذا، لذلك نصحني تامر عندما أخبرته بذاك أن أظل مستيقظًا طيلة الليل حتى عودة والدي إلى المنزل وبهذا استطيع أن أراه؛ أعجبتني الفكرة لذا قررت تنفيذها الليلة الماضية، لكني لم استطع فقد غلبني النعاس وغفيتُ دون أن أشعر ولم أرى والدي، كما أنه ذهب صباح اليوم إلى عمله دون أن أودعه لذلك أنا حزين جدًا وأشعر بتأنيب الضمير لأني نمت.
خالد: إن الأمر مؤسفٌ فعلًا؛ لكن دعنا لا ننكر أن والدك يبذل كل هذا الجهد من أجلك أليس كذلك؟
عمر: كيف ذلك لا أفهم؟!
خالد: إن الآباء يا عمر يبذلون كل طاقتهم من أجل أن يروا أبناءهم سعداء هذا ما أخبرتني به أمي عندما سألتها ذلك اليوم عن سبب إنشغال أبي الدائم؛ كذلك والدك إنه يخرج من الصباح الباكر إلى وقت المساء يعمل كل هذا الوقت لأجل أن يوفر لك كل متطلباتك؛ ويلبي كل حاجياتك؛ فهو يحبك كثيرًا ولا يرضى أن ينقصك شيء.
عمر: قد يكون كلامك صحيح لكني أشتاق إلى أبي؛ أنا فقط أريد أن أجلس معه وأحكي له عن يومي؛ قل لي يا خالد هل والدك أيضًا يغيب وقتًا طويلًا عنك؟
خالد: حسنًا صحيح أن أبي كثير الإنشغال؛ لكني ألتقي به مرات عدة؛ فطبيعة عمله تجعله يلتزم بفترة زمنية محددة؛ فهو يخرج عند الثامنة صباحًا ويعود عند الساعة السادسة مساءً؛ كما أننا نجتمع جميعًا على مائدة الطعام ويحكي كل واحدٍ منا عن يومه كيف مر؛ كما أنه يخصص لنا يومًا كل شهر للخروج معه أنا وأخوتي وأمي كذلك.
شعر عمر بالفرح لصديقه خالد؛ لكنه شعر بالإستياء أيضًا لسماع حديثه عن والده، وفكر في نفسه لماذا لا يفعل أبي معي مثلما يفعل والدا خالد وتامر معهما؟ هل تراه يكرهنيي؛ أحس بغصة في حلقه ما إن نطق بهذه الكلمة؛ لاحظ خالد انزعاج عمر بعد سماع كلامه وأحس بتأنيب الضمير تجاه صديقه، خيم الصمت المكان برهة؛ حتى كسره عمر وهو يصرخ قائلًا؛ إن أبي لا يحبني أليس كذلك يا خالد؟
صدم خالد لسماع رأي صديقه عن والده، فقال له بتوجسٍ وهل يكره الآباء أبناؤهم يا عمر؟
سكت برهة ثم أردف قائلًا ما رأيك يا عمر أن تكتب له رسالة تخبره فيه كم أنك تحبه وتشتاق له وتضع له الرسالة في مكان يسهل عليه إيجادها.
أعجب عمر بالفكرة؛ هتف ببهجة قائًلًا إنها فكرة جميلة جدًا يا خالد سأكتب الرسالة فورًا.
ركض عمر مسرعًا نحو منزله بعد أن شكر صديقه على نصائحه التي قدمها له.
دخل عمر بيته وواصل مسرعًا نحو غرفته وكله حماس لأجل أن ينفذ الفكرة؛ أخذ ورقة من دفتره وقلمًا وبدأ في كتابة الرسالة التي أخبر والده فيها أنه يشتاق إليه ويريد أن يترك عمله هذا من أجله، وختم الرسالة بجملة " أحبك يا أبي" ووضع في نهاية الورقة قلب ورسم فيها رجل يضم ابنه الصغير ؛ أخذ الرسالة وقصد غرفة والديه ووضعها على السرير حتى يراها والده عندما يرجع مساءً.
خرج عمر وعلى ثقره ابتسامة عريضة، وبهجة نابعة من القلب.
وما إن خرج من غرفة والديه حتى سمع صوت آذان المغرب لبى النداء فورًا وأسرع ليتوضأ ويصلي؛ فبرغم سنه الصغير الذي لم يتجاوز عامه الثامن إلا أنه لا يترك فروضه أبدًا ويصليها في وقتها؛ فكما علمته والدته أن الصلاة عماد الدين كله؛ ومن حافظ عليها فإن له نعيم في الدارين، ومن تركها عامدًا فقد كفر؛ رغم أنه لم تجب عليه الصلاة بعد إلا أنه محافظ عليها لا يتهاون عليها أبدًا؛ أسرع إلى المسجد بعد أن أخبر والدته أنه سيذهب مع خالد ووالده لأداء الصلاة؛ فسمحت له أمه فهذا ما يعجبها في ابنها؛ وتريد أن تراه هكذا طول عمره؛ حمدت ربها على هذه النعمة وشكرته.
التقى بخالد ووالده وذهبوا جميعًا قاصدين المسجد وبعد آداء الفرض؛ دعا عمر ربه أن يحفظ له والديه؛ وإن يقرأ أبوه الرسالة التي كتبها له.
رجع إلى المنزل وتناول وجبة العشاء التي حضرتها له والدته بكل حب وجلس يتسامر معها بعفويته المعتادة؛ وأخبرها عن الرسالة التي كتبها؛ كما أفصح عن مشاعرك تجاه والده وفكرة أنه يحب عمله أكثر منه؛ نكرت الأم الواعية هذا الأمر؛ وشرحت له صعوبة عمل زوجها الذي يأخذ منه غالب وقته؛ كما أخبرته أن أول ما يفعله والده عند رجوعه للبيت هو قصد غرفة عمر والجلوس بجانبه وهو نائم وتقبيل جبينه، وترديد جملته المعتادة " تصبح على خير يا صغيري" وهذا ما لم يكن يدركه عمر و فرح كثيرًا لسماع هذا. نام تلك الليلة سعيدًا بعد أن أدى آخر فروضه اليومية " صلاة العشاء" .
استيقظ عمر في صباح اليوم الثاني بقبلة مطبوعة على جبينه ظن أنها والدته كالمعتاد فهي توقظه بهذه الطريقة كل صباح؛ لكنه تفاجأة بوالده هذه المرة تسمر قليلًا من أثر الصدمة لكنه ما إن تدارك الأمر حتى أسرع لإحتضان والده؛ لا يصدق قد نجحت خطة خالد؛ شكر عمر ربه لأنه استجاب دعائه؛ قال له والده هيا يا صغيرتي الجميل لتجهز نفسك حتى نذهب سويًا لأداء صلاة الفجر؛ كاد عمر أن يطير من شدة الفرح؛ ننهض مهرولًا وهو لا يصدق أنه سيذهب مع والده اليوم سويًا، اتسعد عمر للذهاب وهو ممسك بيد أبيه بل يكاد يحتضنه من فرط السعادة، خرجا سويًا وفي الطريق أخبره والده أنه قرأ رسالته وعلم كم أنه كم هو مقصر تجاه ابنه.
الأب: أعلم أنني دائم الانشغال عنك؛ فطبيعة عملي يأخذ الكثير من وقتي؛ ولا أجد وقتًا كافيًا لقضاءه معك؛ لكنك في موجود معي دائمًا وأشار إلى قلبه؛ أحبك يا صغيرتي فأنت ابني الوحيد وفلذةُ كبدي؛ أنت فرحة عمري يا صغيرتي.
كانت هذه الكلمات البسيطة كافية لأن تجعل عمر في غاية السعادة والإشراق، وعلم أن العمل يأخذ من وقت الأباء لكن هذا لا يعني أنهم لا يحبون أباءهم؛ سعد كثيرًا لهذه الحقيقة؛ وقبل يد والده الممسكة به بقوة؛ ومضيا سويًا وهما في غاية السعادة.
النهاية
فاطمة صلاح الدين بجة
اسم العمل: أبي حبيبي
السودان
وبينما كان يلهو ويلعب بالكرة في الميدان المقابل لبيته؛ نظر فوجد جاره وصديقه عمر الذي يصغره بعامين وحيدًا جالسًا على الأرض متكيء على إحدى أعمدة الإنارة التي تحيط بالميدان؛ وتبدو عليه علامات الحزن والأسى، تساءل خالد في نفسه ترى ما بال صديقي الصغير، لماذا يبدو بائسًا هكذا؟
لعله يشكو من ألم أو مرض، يجب علي الذهاب إليه والإطمئنان عليه.
ترجل خالد حتى وصل إلى عمر وهو يضمر في نفسه السؤال عن حاله ليس من باب الفضول؛ وإنما من باب جبر الخاطر؛ فإن مساندة صديق وقت ضيقه من أنبل الأخلاق التي قد يتصف بها الإنسان، ولأن صديقنا خالد ذا خلقٌ نبيل ويحب مساعدة الآخرين قرر الذهاب إلى صديقه عمر.
خالد: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عمر: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
خالد: كيف حال صديقي الصغير، هل أنت بخير؟
أجاب عمر قائلًا: نعم أنا في أحسن حال الحمدلله
فكر خالد قليلًا ثم تحدث قائلًا: عمر ما رأيك أن نلعب سويًا بهذه الكرة؛ هيا سنتسلى كثيرًا.
عمر: شكرًا لك يا خالد لكني لا أرغب في اللعب الآن
تعجب خالد كثيرًا من أمر عمر؛ وأوجس في نفسه خيفة على صديقه الذي يحبه؛ فهذه المرة الأولى الذي يرفض فيها اللعب، فعمر يحب كرة القدم كثيرًا ولا يفوت لحظة دون أن يلهو بها، هنا لم يستطع خالد كمح فضوله لمعرفة ما الذي أصاب صديقه، فسأله قائلًا: عمر مما تشكو يا صديقي لماذا لا ترغب في اللعب، ولما يبدو على وجهك الحزن، هل أنت مصاب بمرض ما؟
عمر: لا يا صاحبي لست مريضًا ولكني أشعر بالحزن الشديد ولا أرغب في فعل أي شيء.
خالد: وما الذي حدث معك حتى تكون حزينًا هكذا؟
عمر: أشعر بالحزن لأني لا أرى والدي كثيرًا فهو دائم الإنشغال بعمله وكثير السفر، لا أراه سوى سويعات قليلة خلال أسبوع أو شهر، ولا يأتي إلى البيت مبكرًا؛ كما أنه يخرج لعمله في الصباح الباكر دون أن أودعه، ويرجع بعد أن أخلد إلى النوم مساءً، أشتاق إلى والدي أريد أن ألعب معه وأرتمي في حضنه كما يفعل صديقي وزميلي في الدراسة تامر فهو قد أخبرني كم هو يحب والده وكم هو مقرب منه، فهو يوصله إلى المدرسة كل يوم؛ كما أنه يساعده في دراسته، ويأخذه معه في مشاوير عديدة، لكن ابي لا يفعل معي هذا، لذلك نصحني تامر عندما أخبرته بذاك أن أظل مستيقظًا طيلة الليل حتى عودة والدي إلى المنزل وبهذا استطيع أن أراه؛ أعجبتني الفكرة لذا قررت تنفيذها الليلة الماضية، لكني لم استطع فقد غلبني النعاس وغفيتُ دون أن أشعر ولم أرى والدي، كما أنه ذهب صباح اليوم إلى عمله دون أن أودعه لذلك أنا حزين جدًا وأشعر بتأنيب الضمير لأني نمت.
خالد: إن الأمر مؤسفٌ فعلًا؛ لكن دعنا لا ننكر أن والدك يبذل كل هذا الجهد من أجلك أليس كذلك؟
عمر: كيف ذلك لا أفهم؟!
خالد: إن الآباء يا عمر يبذلون كل طاقتهم من أجل أن يروا أبناءهم سعداء هذا ما أخبرتني به أمي عندما سألتها ذلك اليوم عن سبب إنشغال أبي الدائم؛ كذلك والدك إنه يخرج من الصباح الباكر إلى وقت المساء يعمل كل هذا الوقت لأجل أن يوفر لك كل متطلباتك؛ ويلبي كل حاجياتك؛ فهو يحبك كثيرًا ولا يرضى أن ينقصك شيء.
عمر: قد يكون كلامك صحيح لكني أشتاق إلى أبي؛ أنا فقط أريد أن أجلس معه وأحكي له عن يومي؛ قل لي يا خالد هل والدك أيضًا يغيب وقتًا طويلًا عنك؟
خالد: حسنًا صحيح أن أبي كثير الإنشغال؛ لكني ألتقي به مرات عدة؛ فطبيعة عمله تجعله يلتزم بفترة زمنية محددة؛ فهو يخرج عند الثامنة صباحًا ويعود عند الساعة السادسة مساءً؛ كما أننا نجتمع جميعًا على مائدة الطعام ويحكي كل واحدٍ منا عن يومه كيف مر؛ كما أنه يخصص لنا يومًا كل شهر للخروج معه أنا وأخوتي وأمي كذلك.
شعر عمر بالفرح لصديقه خالد؛ لكنه شعر بالإستياء أيضًا لسماع حديثه عن والده، وفكر في نفسه لماذا لا يفعل أبي معي مثلما يفعل والدا خالد وتامر معهما؟ هل تراه يكرهنيي؛ أحس بغصة في حلقه ما إن نطق بهذه الكلمة؛ لاحظ خالد انزعاج عمر بعد سماع كلامه وأحس بتأنيب الضمير تجاه صديقه، خيم الصمت المكان برهة؛ حتى كسره عمر وهو يصرخ قائلًا؛ إن أبي لا يحبني أليس كذلك يا خالد؟
صدم خالد لسماع رأي صديقه عن والده، فقال له بتوجسٍ وهل يكره الآباء أبناؤهم يا عمر؟
سكت برهة ثم أردف قائلًا ما رأيك يا عمر أن تكتب له رسالة تخبره فيه كم أنك تحبه وتشتاق له وتضع له الرسالة في مكان يسهل عليه إيجادها.
أعجب عمر بالفكرة؛ هتف ببهجة قائًلًا إنها فكرة جميلة جدًا يا خالد سأكتب الرسالة فورًا.
ركض عمر مسرعًا نحو منزله بعد أن شكر صديقه على نصائحه التي قدمها له.
دخل عمر بيته وواصل مسرعًا نحو غرفته وكله حماس لأجل أن ينفذ الفكرة؛ أخذ ورقة من دفتره وقلمًا وبدأ في كتابة الرسالة التي أخبر والده فيها أنه يشتاق إليه ويريد أن يترك عمله هذا من أجله، وختم الرسالة بجملة " أحبك يا أبي" ووضع في نهاية الورقة قلب ورسم فيها رجل يضم ابنه الصغير ؛ أخذ الرسالة وقصد غرفة والديه ووضعها على السرير حتى يراها والده عندما يرجع مساءً.
خرج عمر وعلى ثقره ابتسامة عريضة، وبهجة نابعة من القلب.
وما إن خرج من غرفة والديه حتى سمع صوت آذان المغرب لبى النداء فورًا وأسرع ليتوضأ ويصلي؛ فبرغم سنه الصغير الذي لم يتجاوز عامه الثامن إلا أنه لا يترك فروضه أبدًا ويصليها في وقتها؛ فكما علمته والدته أن الصلاة عماد الدين كله؛ ومن حافظ عليها فإن له نعيم في الدارين، ومن تركها عامدًا فقد كفر؛ رغم أنه لم تجب عليه الصلاة بعد إلا أنه محافظ عليها لا يتهاون عليها أبدًا؛ أسرع إلى المسجد بعد أن أخبر والدته أنه سيذهب مع خالد ووالده لأداء الصلاة؛ فسمحت له أمه فهذا ما يعجبها في ابنها؛ وتريد أن تراه هكذا طول عمره؛ حمدت ربها على هذه النعمة وشكرته.
التقى بخالد ووالده وذهبوا جميعًا قاصدين المسجد وبعد آداء الفرض؛ دعا عمر ربه أن يحفظ له والديه؛ وإن يقرأ أبوه الرسالة التي كتبها له.
رجع إلى المنزل وتناول وجبة العشاء التي حضرتها له والدته بكل حب وجلس يتسامر معها بعفويته المعتادة؛ وأخبرها عن الرسالة التي كتبها؛ كما أفصح عن مشاعرك تجاه والده وفكرة أنه يحب عمله أكثر منه؛ نكرت الأم الواعية هذا الأمر؛ وشرحت له صعوبة عمل زوجها الذي يأخذ منه غالب وقته؛ كما أخبرته أن أول ما يفعله والده عند رجوعه للبيت هو قصد غرفة عمر والجلوس بجانبه وهو نائم وتقبيل جبينه، وترديد جملته المعتادة " تصبح على خير يا صغيري" وهذا ما لم يكن يدركه عمر و فرح كثيرًا لسماع هذا. نام تلك الليلة سعيدًا بعد أن أدى آخر فروضه اليومية " صلاة العشاء" .
استيقظ عمر في صباح اليوم الثاني بقبلة مطبوعة على جبينه ظن أنها والدته كالمعتاد فهي توقظه بهذه الطريقة كل صباح؛ لكنه تفاجأة بوالده هذه المرة تسمر قليلًا من أثر الصدمة لكنه ما إن تدارك الأمر حتى أسرع لإحتضان والده؛ لا يصدق قد نجحت خطة خالد؛ شكر عمر ربه لأنه استجاب دعائه؛ قال له والده هيا يا صغيرتي الجميل لتجهز نفسك حتى نذهب سويًا لأداء صلاة الفجر؛ كاد عمر أن يطير من شدة الفرح؛ ننهض مهرولًا وهو لا يصدق أنه سيذهب مع والده اليوم سويًا، اتسعد عمر للذهاب وهو ممسك بيد أبيه بل يكاد يحتضنه من فرط السعادة، خرجا سويًا وفي الطريق أخبره والده أنه قرأ رسالته وعلم كم أنه كم هو مقصر تجاه ابنه.
الأب: أعلم أنني دائم الانشغال عنك؛ فطبيعة عملي يأخذ الكثير من وقتي؛ ولا أجد وقتًا كافيًا لقضاءه معك؛ لكنك في موجود معي دائمًا وأشار إلى قلبه؛ أحبك يا صغيرتي فأنت ابني الوحيد وفلذةُ كبدي؛ أنت فرحة عمري يا صغيرتي.
كانت هذه الكلمات البسيطة كافية لأن تجعل عمر في غاية السعادة والإشراق، وعلم أن العمل يأخذ من وقت الأباء لكن هذا لا يعني أنهم لا يحبون أباءهم؛ سعد كثيرًا لهذه الحقيقة؛ وقبل يد والده الممسكة به بقوة؛ ومضيا سويًا وهما في غاية السعادة.
النهاية
فاطمة صلاح الدين بجة
اسم العمل: أبي حبيبي
السودان