💢 حصري هل يجب أن نصدق كل ما قاله بير جريلز؟

استطاع بير جريلز أن يضع نفسه في مصاف أشهر خبراء البقاء في العقدين الأخيرين بفضل برامجه المميزة وأفكاره الإبداعية، وعلى مدار السنوات استطاع جريلز حجز صفقات مهمة مع قنوات شهيرة أبرزها ناشيونال جيوغرافيك وقناة ديسكوفري، وكذا تقديم برامج منوعة تمزج بين البقاء والدراما وحتى جلب ممثلين ومشاهير للمشاركة في عدد من الحلقات. لكن بداية جريلز كانت متعثرة لحد ما، رغم أن برنامجه "من أجل البقاء" كان ناجحا إلا أنه لم يسلم من الانتقادات.



مشاهد مزيفة:
"نجم البقاء على قيد الحياة عبر التلفاز يقطع الزوايا". كان هذا عنوان مقال صدر في 24 من يوليو عام 2007، أربعة أيام فقط بعد انتهاء الموسم الأول من البرنامج. كاتب المقال كان مارك واينرت، أحد مستشاري البرنامج والذي قرر الخروج علنا للحديث عن كيفية "إخراج" الحلقات. بدأ مارك بالحديث عن حلقة تنقل فيها بير جريلز لجبال سييرا نيفادا أين قرر المبيت تحت صخرة بعد حلول الظلام ليقي نفسه من الأمطار المفاجئة وأخطار أخرى لكن بعد قطع المشهد وانتهاء التصوير شق جريلز طريقه رفقة الطاقم نحو منتجع الصنوبر القريب من جبال سييرا نيفادا. والذي وصف بأنه:
"فندق فاخر يحتوي بحيرة خاصة وأماكن استجمام وأجهزة تلفاز واتصال بالانترنت وحتى منتجع صحي".


واصل مارك فضح هذه الحلقة تحديدا وتحدث عن مشهد مزيف آخر. بعد استيقاظ جريلز في المخيم الذي لم ينم فيه أصلا، يجد نفسه بعد فترة وجيزة يقف أمام قطيع من أحصنة الماستانغ البرية غير المروضة ويبدأ في شرح ندرة صدفة كتلك، بل إنه يقترب بعد الانتهاء من الشرح من أحد الأحصنة ويحاول ركوبه لكنه يفشل.. ليس لأن الحصان هرب بل لأنه فشل عمدا كنوع من "البهارات" للحلقة. أحد مستخدمي ريديت أكد كلام مارك وشرح كيف أن منتجي البرنامج كانوا قد اتفقوا مع صاحب مزرعة قريبة لاقتراض بعض الأحصنة المروضة لتصوير المشهد ويتضح هذا من ردة فعل الحصان العادية مقارنة بالأحصنة البرية غير المروضة وبالأخص الماستانغ الذي يعرف بخطورته وصعوبة الاقتراب منه أساسا فكيف بمحاولة الركوب فوقه دون أي ردة فعل عنيفة.



لم تتوقف مهازل برنامج جريلز هنا، ففي الحلقة التاسعة من الموسم الأول يدعي جريلز أنه يحاول البقاء على قيد الحياة في جزيرة مهجورة بعيدا عن الحضارة لكنه في الحقيقة كان يصور مشاهده في ساحل هاواي المأهول ويمضي لياليه في فندق قريب. في نفس الحلقة يظهر جريلز وهو يشيد قاربا صغيرا باستعمال أغصان البامبو وشباك صيد في محاولة للفرار من الجزيرة لكن الواقع أن جريلز بنى القارب أمام الكاميرا فقط والعملية كلها تمت بالاستعانة بفوج من المحترفين.


ونبقى مع الكذب عن كونه في معزل عن العالم ونذهب للحلقة الخامسة من الموسم الأول أين يظهر جريلز وهو يسير فوق بركان نشط بينما يشرح للجمهور مميزات جيوب الكبريت الصغيرة خلفه والتي تصدر أكسيد الكبريت السام، ثم يقترب منها ليضيف المزيد من المصداقية للمشهد، لكن مسرحيته تحطمت بعد خروج أحد خبراء السلامة في البرنامج بتصريحات لصالح السانداي تايمز ادعى فيها أن منتجي البرنامج استعملوا آلات انتاج دخان لتصوير ذلك المشهد بحكم أن غاز أكسيد الكبريت لا لون له كما أنه خطير جدا. أما عن الحمم البركانية التي قال جريلز في مشهد آخر أنها يمكن أن تنهي حياته في ثوان فقد كانت مجرد فحم محترق.


في نفس الحلقة يذكر جريلز أنه بعيد كل البعد عن الحضارة وهو يشرح "جسور الحمم" وهي جسور صغيرة تتكون بعد جفاف الحمم وتصلبها وقد تكون _على حد قوله_ خطيرة لأن سطحها غير ثابت، لكنه مجددا يجد نفسه يواجه فوهة مدفع بعدما رفع صانع محتوى يدعى "مطارد البراكين" فيديو على قناته في اليوتيوب ينعت فيه بير جريلز بالكاذب بعدما أثبت أن جسر الحمم الذي مر عليه جريلز كان ثابتا والمفاجأة هي أن هذا الجسر الذي ادعى جريلز أنه بعيد كل البعد عن الحضارة كان قريبا جدا من الطريق السريع ولا يفصله عنه سوى مئات الأمتار فقط.




معلومات بقاء مغلوطة:
خبير بقاء يدعى نيـك والذي كان صديقا لجريلز تحدث عن مشاهد أكل الأفاعي الشهيرة وكيف أنه كان مخططا لها كليا فالأفاعي التي يقتلها جريلز أمام الكاميرا تكون ميتة من الأساس ويتم التلاعب بزوايا التصوير ليبدو الأمر كأنه هو من قتلها، أما عن المشهد الذي تظهر فيه الأفعى وهي حية فغالبا ما يكون لقطة قريبة يتم تصويرها منفصلة وتلك الأفاعي هي في الواقع أفاعي أليفة يستعيرها المنتجون من مالكيها كما أن المخاطرة بأكل أفعى عموما ليس أمرا يجب الترويج له لما فيه من خطورة جسيمة.


نيـك لم يكن الوحيد الذي انتقد نصائح جريلز فالعديد من خبراء البقاء تحدثوا عن مشاهد شرب البول والتي تعد ترويجا لحركة خطيرة قد تؤدي للتسمم وكذا مشاهد شرب الماء من أعضاء الحيوانات لما فيها من نقص في الدقة. كما انتقد متسلق جبال محترف مشاهد تسلق الجبال التي يتميز بها البرنامج وكيف أن كل المعدات والعقد كانت غير دقيقة وخاطئة موضحا أن جريلز زيف الأمر كله وأنه صعد قمة الجبل بواسطة هليكوبتر ثم قام بتصوير بعض المشاهد بحضور خبراء سلامة.



جريلز يدافع عن نفسه:
في مقابلة مع ديفيد ليترمان تحدث جريلز عن بعض النقاط التي تمت مناقشتها حول البرنامج وأوضح أنه كان ينام معظم الأوقات في الخارج رفقة طاقم التصوير وأنه كان يستمع لتوجيهات المنتجين، كما أوضح أنه لا يجب إلقاء اللوم عليه لوحده لأن البرنامج لا يتوقف عليه هو فقط بل على الطاقم كله من منتجين ومخرج ومصورين ...الخ. كما وعد بتحسينات في المواسم القادمة وتوضيح أكثر وهو ما حدث في الموسم الثاني أين تم اعتماد بيان يظهر مع بداية كل حلقة يحتوي توضيحا بخصوص شفافية المشاهد، ورغم أن الفكرة صحيحة إلا أنها خلقت انقساما بين مؤيد رأى أن البرنامج تعليمي ترفيهي لا يستحق أن تكون فيه مخاطرة كبيرة، وبين معارض رفض الفكرة وطالب بشفافية تامة يرقى اسم جريلز الجندي السابق في القوات الخاصة لها.



ختاما:
من المهم أن ندرك أن المعلومات التي يقدمها بير جريلز في مختلف برامجه وتحديدا برنامج من أجل البقاء هي معلومات حساسة يجب التعامل معها بدقة عالية. نية جريلز ربما كانت صائبة لكن ذلك ليس كافيا لحمايته من الانتقاد، فالضياع في عمق الصحراء أو في متاهة الغابات الشاسعة أمر شائع بين محبي التخييم الذين شكلوا جزءا كبيرا من جمهور جريلز ويجب أن تكون المعلومات المقدمة دوما صحيحة لضمان سلامة مجتمع المغامرين والمخيمين بصفة عامة.



المصادر: