• المشاركة مفتوحة للجميع .. لا تتردد في نشر مقالك في القسم المناسب في منتدى الديوان.

  • اللّٰهُمَّ إِنِّي أَفْتَتِحُ الثَّناءَ بِحَمْدِكَ وَأَنْتَ مُسَدِّدٌ لِلصَّوابِ بِمَنِّكَ، وَأَيْقَنْتُ أَنَّكَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فِي مَوْضِعِ الْعَفْوِ وَالرَّحْمَةِ.

💢 حصري: ملجأ "فالنتين": لمحة عن هندسة ألمانيا النازية

💢 الموضوع يحتوي على محتوى حصري.

مرحبا ً بك في الــديــوان الإلكتروني

أهلا وسهلا بك زائرنا العزيز في الــديــوان الإلكتروني.

انظم إلينا و تمتع بتجربة رائعة, ستجد كل ما تبحث عنه.

التسجيل مجاني بالكامل

حقائق التاريخ
  1. الحرب العالمية الثانية
لم تكن ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية بارعة في هندسة الحرب وحسب لكنها برعت أيضا في الهندسة المعمارية واستطاعت تقديم هياكل ومنشآت لاتزال صامدة حتى اليوم وشاهدة على بشاعة النظام النازي وفلسفته العالية في التنظيم أيضا. ملجأ فالنتين يعتبر واحدا من الهياكل النازية الضخمة التي تبقى حتى اليوم كرمز من رموز ذلك النظام بفضل تصميمه الفريد وضخامة حجمه مقارنة بهياكل أخرى توفر نفس الخدمة.


التشييد:

تراجعت وتيرة بناء أحواض تشييد السفن التقليدية من قبل النظام النازي بعد القصف الكثيف الذي تعرضت له هذه المواقع من قبل القوات الجوية الملكية البريطانية والقوات الجوية الأمريكية ما دفع المهندسين الألمان إلى تصميم أحواض مضادة للقنابل وقادرة على العمل تحت القصف بشكل عادي واستطاع النظام النازي بحلول عام 1944 وضع عدد من هذه الأحواض الحديثة والمضادة للقنابل قيد الخدمة بشكل عادي، منها ما تم بناءه في ألمانيا ومنها ما تم بناءه في المستعمرات المجاورة لكن الحوض المسمى "فالنتين" أو "ملجأ فالنتين" (valentine bunker) كان الجوهرة التي ترصع بها التاج وهذا لأنه كان مخططا أن يكون أكبر حوض لبناء السفن في ألمانيا النازية وثاني أكبر حوض في أوروبا بعد حوض بريست بفرنسا.


على ضفاف نهر بريسن في ضواحي مدينة بريمن بدأت الأشغال لبناء منشأة تتربع على مساحة 426 متر طولا و97 متر عرضا، كان سمك الجدران يبلغ 4.5 متر وارتفاع المنشأة كان بين 22.5 متر و27 مترا. تم بناء السقف باستعمال أعمدة من الإسمنت المصفح والتي كانت تصنع في المكان ويتم رفعها مباشرة بعد الانتهاء منها، سمك السقف كان بنفس سمك الجدران لكن بعض الأماكن كانت أكثر سمكا إذ وصلت لسبع أمتار وهذا بسبب المخاوف التي كانت تراود المهندسين والتي دفعتهم لزيادة السمك حتى قبل الانتهاء. استنزف المشروع ما مقداره 500,000 متر مكعب من الإسمنت المصفح. وكان بحلول عام 1945 منتهيا بنسبة 90 بالمئة مع وجود جميع الآليات الازمة جاهزة للعمل.



رفع أعمدة الملجأ لتصفيح السقف​

اليد العاملة:

تصميم حوض فالنتاين كان مثيرا للاهتمام والدهشة ويبقى كذلك حتى اليوم لكن اليد العاملة التي استطاعت تحويل ذلك التصور النازي الملتوي إلى واقع كانت معظمها من العبيد. تمت الاستعانة بما يقارب 10.000 إلى 12.000 عبدا كانوا مقسمين على سبع مخيمات تبعد عن مكان المشروع بثماني كيلومترات. ونقل عدد معتبر منهم إلى معسكر الاعتقال "فارج" بمدينة بريمن، وهو أحد أكبر المعتقلات في المنطقة. واضطر عدد معتبر من هؤلاء العبيد الذين كانوا في الغالب سجناء حرب من بولندا وروسيا وفرنسا إضافة لبعض المعتقلين السياسيين الألمان للنوم في خزانات وقود فارغة تحت الأرض بسبب عدم توفر أماكن في المعتقل.


كان العبيد تحت حكم فرقة الأمن الخاصة SS بالتعاون مع الجيش والبحرية لضمان انتهاء المشروع في الآجال المحددة، وللتسريع من وتيرة الأشغال كان العمال يشتغلون في مناوبات بمعدل 12 ساعة لكل مناوبة دون توقف. أدى هذا النظام القاسي إلى وفاة عدد معتبر من السجناء قدر ب 553 ضحية لكن الرقم الحقيقي قد يصل حتى 6000 شخص بحكم أن المسؤولين عن المشروع لم يسجلوا أسماء العمال المتوفين.


عمل الحوض:

بعد الانتهاء، كان من المفترض أن يضم الملجأ قوة عاملة تبلغ حوالي 4500 عامل من العبيد يعملون تحت إدارة حوض بناء السفن بريمر فولكان، كان الغرض الأساسي من الحوض تجميع غواصات يو* والتي كانت تبنى من ثمانية أقسام كبيرة مسبقة الصنع يتم تصنيعها في أحواض بناء السفن الأخرى المنتشرة في ألمانيا ويتم شحنها عبر البارجات.


كان من المقرر أن يضم الحوض 13 منطقة تجميع كل منها ينفذ جزءًا واحدًا من عملية التجميع الكلية، كما تم تزويد الحوض بمنطقة خاصة بتركيب المناظير. كان الحوض مزودا أيضا بميزة غمر خلجان العمل وهي ميزة كانت ستمكن المهندسين من القيام باختبارات التسرب للغواصات المكتملة بالإضافة إلى اختبارات تشغيل المحرك وعدد من الاختبارات الأخرى. بالإضافة إلى 13 منطقة تجميع، ضم الملجأ ورش عمل وغرف تخزين للأقسام الجاهزة ومحركات الديزل والبطاريات، وصهاريج تخزين الوقود ومواد التشحيم.


القصف:

لتنفيذ أكبر قدر ممكن من التدمير ولاختراق السقف المصفح تعرض حوض فالنتين للهجوم من قبل سلاح الجو الملكي البريطاني في 27 مارس 1945 باستعمال عشرين قاذفة قنابل ثقيلة من طراز أفرو لانكستر من السرب 617، كما قصفت قوة قوامها 115 طائرة لانكستر مستودع تخزين زيت الوقود القريب من الحوض لوقف الامدادات. تمت مرافقة القاذفات من قبل تسعين مقاتلة من طراز موستانج تابعة لسلاح الجو الملكي في أمريكا الشمالية من المجموعة 11.


حملت أطقم طائرات لانكستر التي هاجمت حوض فالنتين قنبلة زلزالية كبيرة واحدة. سبعة منهم حملوا قنبلة "تالبوي" بوزن 5 أطنان، وحملت ثلاثة عشر طائرة قنبلة "جراند سلام" بوزن 10 أطنان. أصابت طائرتان من طراز غراند سلام الهدف واخترقتا حوالي نصف السقف الخرساني الحديدي قبل أن تنفجرا. أحدثت الانفجارات ثقوبًا كبيرة في السماكة المتبقية للسقف وأسقطت حوالي 1000 طن من الحطام في الغرفة الموجودة بالأسفل. ولا يمكن تحديد هل نجا العمال دون ضرر أم أنه كانت هناك إصابات وحتى وفيات. وألحقت قنبلة أخرى أضرارا بمحطة كهرباء قريبة وورش عمل ومصنع لخلط الخرسانة.


الملجأ بعد القصف​


اخترقت قنبلتان اضافيتان الجزء الغربي من السقف والذي كان بسمك 4.5 متر لكن القنابل لم تستطع اختراق الجزء الشرقي الذي كان بسمك 7 أمتار وقد أشار التحليل الأمريكي بعد الحرب إلى أن ذلك الجزء كان قادرًا على مقاومة كل قنابل "غراند سلام" التي تم حملها في تلك الغارة مع وجود أضرار جسيمة.


بعد ثلاثة أيام، في 30 مارس، هاجمت القوة الجوية الثامنة للولايات المتحدة حوض فالنتين بقنابل ديزني. كانت هذه القنابل تزن 2040 كجم ومغلفة بأغلفة فولاذية صلبة، مدعومة بالصواريخ لزيادة قوتها الاختراقية. تم إطلاق ستين منها لكن واحدة فقط أصابت الهدف، مما تسبب في أضرار طفيفة. ومع ذلك، فقد لحقت أضرار جسيمة بالمنشآت المحيطة بالمخبأ. تم التخلي عن المصنع بعد أربعة أسابيع من القصف الكثيف واحتل الفيلق XXX التابع للجيش البريطاني المنطقة، والذي استولى على بريمن بعد معركة استمرت خمسة أيام.


بعد الحرب:

بعد إزالة المعدات تم استعمال الحوض كمنطقة تدريب خلال "مشروع روبي" والذي كان مشروعا بريطانيا أمريكيا لتجريب القنابل المخترقة للدروع والتحصينات، تم قصف الحوض بقنابل غير متفجرة محمولة على طائرات مختلفة. عام 1960 استحوذت البحرية الألمانية على الحوض لاستعماله كمنشأة تخزين لكن تكاليف الصيانة كانت عالية جدا ما دفعهم لبيعه عام 2010 لمجموعة استثمارية بغرض تحويله لمتحف.


ملجأ فالنتين اليوم​

ختاما:

"الهندسة الألمانية" هي كلمة تستخدم اليوم لوصف دقة وبراعة المهندسين الألمان في تصميم السيارات لكنها قبل وقت قصير كانت عبارة تدل على براعة المهندسين النازيين في تصميم هياكل قوية وصلبة وتعبر في نفس الوقت عن الأيديولوجية السائدة في محاولة لنشر الفكر النازي وجعله في قلب كل عمل حتى الهندسة والعمران.


هوامش:
غواصات يو: هي غواصات ألمانية هجومية مزودة بطوربيدات وصواريخ، استخدمت خلال الحربين الأولى والثانية من طرف البحرية الألمانية.


المصادر:
 
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد…