التعديل الأخير بواسطة المشرف:
- تصنيف الجاسوسية
- جاسوسية عربية إسرائيلية
قصص جاسوسية.
باروخ -1 -
باروخ -1 -
***
وهو السوري مدير مدرسة اللغات, جمال يونس,
وهو رجل منظمة التحرير القريب من ياسر عرفات,
وهو التاجر المغربي , أحمد الصباغ,
وهو اليهودي المصري باروخ زكي مزراحي.
***
لم يصدق الخواجة زكي مزراحي نفسه عندما أبلغوه بولادة زوجته لطفل ولد.
غمرته السعادة بشدة حتى أنه قرر أن يكافيء عماله في دكان الدخان الذي يملكه في شارع كلوت بك.
كان الخواجة زكي مزراحي, مصري يهودي الديانة تاجر دخان ميسور الحال, أطلق على ابنه اسم باروخ.
ريجينا نفسها زوجة الخواجة
كانت خياطة بارعة, اشتهرت وسط جيرانها بقدرتها على تفصيل الملابس الرائعة للفتيات والنساء وكان عملًا يدر عليها الكثير من الأموال.
قرر الخواجة زكي أن يعلم ابنه أفضل تعليم ويدخله الجامعة في ذلك الوقت المبكر من تاريخ التعليم الجامعي في مصر حيث كان عدد قليل جدًا من المصريين من يلتحقون بالجامعة. لكن الخواجة زكي وافته المنية عام 1933 فأكملت الأم المهمة .التحق باروخ بمدرسة القديس يوسف (الفرير) في القاهرة وأجاد الكثير اللغات الأوربية مثل الإنجليزية والفرنسية وفيما بعد الأسبانية والإيطالية.
تخرج من المدرسة الثانوية عام 1944 وبعدها التحق بجامعة القاهرة, كلية التجارة وتخرج منها عام 1948 وهو العام نفسه الذي شهد قيام كيان باسم دولة اسرائيل في أراضي فلسطين المحتلة, لم يكن يهود مصر مثلهم مثل كل يهود العالم بمعزل عن متابعة الأحداث وبدأت الصهيونية العالنية تلعب على وتر خطير اسمه : أرض الميعاد وترغب اليهود من كل أنحاء العالم في الهجرة إليها للمساهمة في قيام وطن قومي يجمع كل يهود العالم في "أرض الميعاد".
كانت الأمور المالية مع باروخ على أفضل ما يكون فعاش حياة مرفهة مع والدته واخوته لكن الأمر لم يدم طويلًا ففي العام 1956 كان باروخ زكي مزراحي ووالدته من ضمن من هاجروا من مصر وانتهت بهم الرحلة إلى اسرائيل.
لا توجد معلومة واضحة تؤكد إذا كان باروخ وأسرته قد هاجروا بمحض إرادتهم أم مع مجموعات اليهود التي تم ترحيلها أثناء العدوان الثلاثي الإنجليزي الفرنسي الإسرائيلي على مصر في ذلك العام.
انتهي الأمر بباروخ وأسرته والذين كانوا يظنون أنهم راحلون إلى أرض الميعاد وجنة اليهود في الأرض, انتهى بهم الأمر في إحدى تلك الكيبوتزات الزراعيىة الحقيرة التي كانوا يضعون فيها اليهود الشرقيين الأقل مكانة في العرف الإسرائيلي عن اليهود الأوربيين الأرقى والأعلى مكانة.
تقدم للتجنيد في الشرطة الإسرائيلية والتي عمل فيها لمدة ثلاثة سنوات بعدها تم تجنيده في الفرقة 188 التابعة لشعبة الإستخبارات العسكرية " أمان" وكانت تلك بداية لحياة مثيرة في عالم الجاسوسية.
***
استطاعت الصهيونية أن تغرس في باروخ درجة عالية جدًا من الإيمان بأهمية قيام اسرائيل الكبرى على أرض الميعاد
- رغم الواقع الصادم الذي رآه وعايشه هو وأسرته هناك – يقابلها كمية من الكره والحقد على مصر, الذي نشأ وتربى فيه هو وأجداده وعاش أجمل سنوات حياته في رغد العيش.
لذلك كان باروخ يتلقى تدريباته في الفرقة 188 بكل حماسة وإقبال , كانوا يهيئونه للعمل خلف خطوط العدو في إحدى الدول العربية.
وبالفعل تم تدريبه على كيفية تحديد الهدف ومراقبته وتتبعه والتخفي بين أي مجموعة بشرية بدون إثارة شكوك أحد وبالطبع دربوه على استخدام الحبر السري في الكتابة واستخدام أجهزة الراديو في إرسال واستقبال الرسائل بالشفرات والقدرة على إخفاء الأدوات والمعدات المستخدمة في المكان.
من ضمن أهم الأشياء التي علموها لباروخ في الفرقة 188 كيفية بناء " بروفايل"
البروفايل هو الشخصية المزيفة التي سوف يظهر بها في موقع العمل, ليس مجرد الإسم ولكن حفظ وتقمص كل تفاصيل الشخصية الدقيقة لعدم إثارة الشكوك.
ويبدو أن باروخ أجاد كل ذلك لدرجة عالية ففور انتهاء التدريب في عام 1961،وقع عليه الاختيار للقيام بأخطر دور يمكن أن يلعبه ضابط مخابرات إسرائيلي، مهمة "مقاتل في دولة مستهدفة".
تنص القواعد في أجهزة المخابرات الإسرائيلية على أن العميل قبل أن يصل إلى مكان المهمة في البلد المستهدفة يجب أن يقوم ببناء الشخصية في بلد ثالث يتم زرعه فيه وسط مجتمع في الغالب من نفس البلد المستهدف.
ليس الأمر سهلًأ أبدًا فهو يستغرق الكثير من الوقت والمجهود العقلي والتركيز في أدق التفاصيل.
في البداية أرسلوا باروخ إلى أوربا حيث بقي بعض الوقت في هولندا ثم سافر إلى الأرجنتين. هناك كانت توجد جالية عربية شامية كبيرة, تم زرعه وسطها بنفس الطريقة التي حدثت من قبل مع الجاسوس الأشهر إيلي كوهين وفي تقريب مقارب جدًا.
في يونيو 1963 وبعد عامين من التنقل بين أوربا والأرجنتين وإقامة علاقات مع سوريين وعرب لتثبيت شخصية باروخ الجديدة وصل الرجل إلى سوريا تحت اسم " جمال يونس".
السوري المغترب الممثل لمدرسة لغات أوربية والطامح لإقامة فروع لتلك المدرسة في سوريا من أجل تعليم اللغات الأوربية للسوريين.
في سوريا أقام باروخ في حلب وبالفعل افتتح فرعًا لمدرسة اللغات وبدأ يعمل في التواصل مع عملاء للمخابرات الإسرائيلية في سوريا ويسعى هو بنفسه لتجنيد آخرين .
كان الهدف هو تجميع معلومات عن الأوضاع السياسية والإقتصادية والعسكرية , معلومات دقيقة من مصادر موثقة وإرسالها إلى تل أبيب.
من أجل الحصول على رخصة المدرسة كان على باروخ الذي يسمى الآن جمال يونس أن يقد طلب للسلطات السورية ويجري مقابلات مع العديد من المسؤلين .
كانت تلك أيام صعبة حيث تسود المنطقة كلها درجة كبيرة من التوتر والغليان والكل يتوقع حرب قريبة مع اسرائيل ومع أوضاع وشخصية باروخ التي يتنكر فيها الآن كان عليه أن يخضع لمقابلات أمنية من رجال أمن ومخابرات .
ويبدو أنه نجح بالفعل في كل ذلك لأنه في النهاية حصل على ترخيص المدرسة .
بعد حصوله على الترخيص، سافر باروخ إلى أوروبا،حيث التقى بضباط من الموساد لتلقي التعليمات اللازمة للعمل، بعدها عاد إلى حلب وبدأ عمله في إدارة مدرسة اللغات والذي استمر لمدة عام تقريبًأ.
كان باروخ مزراحي يقوم بمهمته التجسسية في حلب في الوقت الذي كان إيلي كوهين يقوم بنفس المهمة في دمشق لكن مع نجاح أكبر وظهور إعلامي مكثف تحت اسم "أمين كامل ثابت".
كانت الأمور تجري في هدوء ونجاح بالنسبة لباروخ مزراحي حتى استيقظ ذات يوم على خبر صدم السوريين والعرب كلهم.
بالتحديد يوم 25 يناير 1965 ...
أمين كامل ثابت , الشخصية اللامعة الشهيرة جدًا في سوريا والمقربة من أعلى السلطات ما هو إلا ضابط مخابرات اسرائيلي يدعى إيلي كوهين.
كانت صدمة هائلة للجاسوس باروخ.
ترى ماذا حدث بعدها ؟
يتبع...
أحمدعبدالرحيم.
التعديل الأخير بواسطة المشرف: