التعديل الأخير بواسطة المشرف:
الحروب الصليبية (1)
-----------------------------------
يمكنهم احتلالها في لحظات ضعف من العرب وغفلة من الزمن ولكنها في النهاية سوف تعود لا محالة لأصحابها الأصليين.. الكنعانيين، العرب، سكان فلسطين منذ ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد.
---------------------------------------
▪︎ "يا شعب الله المحبوب المختار, لقد جاءت من فلسطين أنباء تعلن أن جنسًا لعينًا قد طغى في بلاد المسيحيين ونهب الكنائس وعذب الأسرى وقتلوهم, فخذوا طريقكم إلى الضريح المقدس وانتزعوا هذه الأرض من الجنس الخبيث, إن أورشليم أرض لا نظير لها, هي فرودس المباهج, المدينة العظمى تستغيث بكم" (من خطاب البابا اوربانوس الثاني في كليرمونت 1095م.)
-----------------------------------
▪︎ "إن الخطبة التي ألقاها البابا أوربانوس الثاني في كليرمونت لهي نوبة من فرط الجنون الحاد"
(جوستاف لوبون – حضارة العرب)
---------------------------------------
▪︎العالم المسيحي مقسوم إلى قسمين, الإمبراطورية الرومانية الغربية وتمتد في أوروبا وعاصمتها روما, والشرقية وتمتد في آسيا الصغرى وعاصمتها القسطنطينية, بينما كان المسلمين قد سيطروا على أملاكها في مصر وفلسطين والشام وجزء من آسيا الصغرى.
----------------------------------------
▪︎ يوليو 1096م : بلغ الملك "قلج أرسلان" -الشاب الصغير-
▪︎ قبل 20 سنة من التاريخ كان أحد الفرنجة ويدعى "روسيل دو بايول قد أنشأ له إمارة في قلب آسيا الصغرى فما كان من البيزنطيين إلا أن استعانوا بوالد قلج أرسلان ضده والذي قام بدحره وإعادة الأراضي إلى البيزنطيين, ومن وقتها أصبح الرومان يحذرون الفرنج رغم أنهم أصحاب ديانة واحدة, ولكن الإمبراطورية البيزنطية كانت تمتلئ بالصراعات الداخلية وجيوشها كانت تزخر بالمرتزقة.
▪︎ لم يمض وقت طويل حتى وصلت الأنباء لقلج أرسلان بأن الفرنج يعبرون البوسفور ومعهم سفن بيزنطية.
كانوا عبارة عن بضعة مئات من الفرسان وعدد كبير من المشاة مع آلاف من الأطفال والنساء والشيوخ يرتدون الأسمال, وقائدهم يدعى "بطرس الناسك"
قُدر عدد هؤلاء بعشرات الآلاف والآن هم وصلوا تحت أسوار نيقيه عاصمة قلج أرسلان الذي سارع بإرسال دورية من الفرسان اصطدمت بالفرنج والذين قضوا عليهم.
كرر الفرنج بعد ذلك هجوهم على بعض مناطق نيقيه حتى استولت مجموعة كبيرة علي حصن في الشرق وتركهم أرسلان يحتفلون بالإنتصار بينما أرسل جيشه لحصار الأسوار من الخارج.
كان ذلك الحصن يتم تزويده بالماء من الخارج فأصبح بمثابة فخ لهم واستسلموا للأتراك ولدهشة أرسلان فقد عرض قائدهم "رينو" وبعضهم الإنضمام لجيشه.
كانت تلك مجموعة حوالي 6 آلاف جندي ولكن باقي جيش الفرنج لا زال يعسكر في منطقة خصصها لهم أليكسي كومانين .
▪︎ أرسل أرسلان جواسيس إلى المعسكر فأشاعوا أن مجموعة "رينو" قد استولت على نيقيه ويرغبون في الإحتفاظ بالغنائم لهم فانطلق هؤلاء في حماس وغضب تاركين المعسكر نحو نيقيه.
وكانت تلك خديعة كبرى من أرسلان الذي كان في انتظارهم بجيشه متخفون تماماً عن الأنظار, ساعات وحُسمت المعركة لمصلحة أرسلان تمامًا.
▪︎ عاد الملك الشاب المنتشي بانتصاره إلى الصراعات التي لا تنتهي بينه وبين جيرانه وأبناء عمومته في الدولة السلجوقية والتي كان والده ضحية لها من قبل, فترك نيقيه وانطلق في حرب أخرى في الشرق, لكن رسول جائه من عاصمته يبلغه أن الفرنج قد عادوا وهم يحاصرون نيقيه وهذه المرة هم جيوش نظامية وليسوا مثل الحملة الأولى.
▪︎ عاد أرسلان مسرعًا إلى نيقيه ليفاجئ بجيوش الفرنج التي تحاصرها من كل الجهات معهم الروم وبعد معركة مريرة مع المحاصرين في الجنوب تراجع أرسلان وأرسل إلى حامية المدينة أن يستسلموا للروم وأليكسي كومانين
وليس للفرنجة, وتراجع هو متخذًا مدينة "قونية" التي تبعد كثيرًا في الشرق عاصمة أخرى له ولم يرى نيقيه بعدها أبدًا.
▪︎ لجأ قلج أرسلان إلى منافسه وغريمه السلجوقي الملك " دنشمند " ملقيًا خلفه بصراعات الأمس وطالبًا حلف جديد لمواجهة جيوش الفرنج التي اجتاحت مملكته, ووافق دنشمند على الحلف والتأم الجيشين معًا.
في الأثناء كان الفرنج يواصلون الزحف نحو هدفهم الذي حدده من قبل اوربانوس الثاني... فلسطين.
▪︎في أواخر يونيو 1097م كان الفرنج يتقدمون نحو "قونية" بينما ربضت لهم جيوش أرسلان و دنشمند خلف التلال, وفاجأ الترك الفرنج بالهجوم بالسهام, لكن الفرنج كانوا فرسان مدججين هم وخيولهم بالدروع التي حمت أغلبهم وقبل أن يفكر الترك في الإلتحام بالفرنجة فوجئوا بجيش فرنجي ثان قادم لتدعيم المقاتلين ثم كانت الصاعقة...
الجيش الفرنجي الثالث يطوقهم من الخلف.
وكانت مذبحة للترك.
فر قلج أرسلان و دنشمند ومعهم بعض الأمراء والجنود بينما سقط أغلب جيشهم بين قتيل وأسير.
▪︎ الآن أصبح الطريق ممهد أمام الفرنج لدخول الشام وبالفعل يوم 21 أكتوبر من نفس العام كان الفرنج أمام مدينة أنطاكية, أكبر مدن الشام, المدينة التي يسكنها نحو 40 الف نسمة منهم تقريبًا 7000 جندي, تحصيناتها وأسوارها يستحيل اقتحامها, بساتينها ومزارعها تكفي أهلها من الغذاء, حاكمها في ذلك الوقت "ياغي سيان" رجل سياسي وعسكري محنك.
أما المدينة فكانت حتي العام 1084م تحت سيطرة البيزنطيين, وفي هذا العام فقط فتحها السلاجقة لذا كان ياغي سيان لا يخشى إلا الخيانة من نصارى أنطاكية الذين كانوا يطلقون عليهم "روم" أيضاً.
وقبل وصول الفرنج كان ياغي سيان قد أرسل ابنه "شمس الدولة" إلى الشام ليخبر امراء المقاطعات بخطر الفرنج ويدعوهم لنجدة انطاكية.
▪︎ كانت الحياة السياسية في الشام في الأثناء تسممها "حرب الأخوين" وهما "رضوان" ملك حلب و"دقاق" ملك دمشق وكانا على درجة من العداء والبغض لا يمكن أن يصلحها أي حدث حتى لو كان غزو الفرنج.
وقد ذكر المؤرخ ابن القلانسي أن رضوان قد استعان بقتلة من فرقة الحشاشين لتصفية خصومه .
كان قد ذاع صيت تلك الفرقة وأصبح ذكرها يثير الرعب في أعتى القلوب.
وبينما رفض رضوان الدموي دعوة شمس الدولة لنجدة انطاكية.
وافق - على مضض- وبعد إلحاح دقاق وسار بجيشه بعد شهرين من حصار انطاكية.
كان دقاق مترددًا بشدة في المسير وفي الطريق قابل جيشه مجموعة من فرسان الفرنج كانوا يغيرون على القرى المجاورة فاصطدم الطرفين ولم يفز أي منهما وفي آخر اليوم كان دقاق قد اتخذ قراره بالعودة إلى دمشق.
▪︎ كنا في أوائل العام 1098م بلغت تلك الأنباء انطاكية مما سبب احباطًا للمدافعين عنها, ولكن ياغي سيان وجنود المدينة الشجعان لا يستسلمون أبداً.
على العكس فقد بدأ الفرنج في الخارج يفقدون اعصابهم مع نفاذ المؤن ومرور الوقت بلا تقدم وكانت أخبارهم تأتي ياغي سيان عبر جواسيس بثهم بينهم.
كانوا من نصارى المدينة ولكن ولائهم لسيان لأسباب اهمها وجود ذويهم وبيوتهم وأملاكهم في المدينة.
▪︎ هطلت الأمطار بغزارة فتحولت معسكرات الفرنج إلى برك مياه ووحل, أضف إلى ذلك وقوع زلزال في المنطقة سبب رعبًا للفرنج الذين اعتبروه غضب إلهي عليهم.
وبدأ بعض الجنود يتركون جيشهم ويفرون.
في الأثناء عاد ياغي سيان يرسل شمس الدولة إلى رضوان والي حلب بعد أن فقد كل أمل في دقاق, هذه المرة وافق الملك رضوان بعد أن ازدادت هجمات فرق من الفرنج على نواحي مملكته في حلب وايقن بخطرهم الداهم.
▪︎ اقترب جيش رضوان من أنطاكية واختار أن يتوقف لكي يعسكر هناك قبل مواجهة الفرنج المنهكين من المجاعة على مدار شهور, ولكنه اختار لجيشه شريطًا ضيقًا بين بحيرة أنطاكية ونهر العاصي, وكان الفرنج قد أرسلوا جيشًا منهم لمواجهة رضوان.
وبعد الفجر دارت المعركة بين جيش رضوان الذي يشعر جنوده بالخوف مما سمعوه عن الفرنج من ناحية ومن أخرى كان في وضع جغرافي في غاية السوء وانتهت بمذبحة في جيش رضوان الذي قُتل وأسر منه الكثير بينما فر وتفرق الباقون.
وتحت أسوار انطاكية كانت تدور معركة أخرى بين جنود ياغي سيان الذين خرجوا فجأة ليهاجموا الفرنج وخلال ساعات كانت الكفة تميل بشدة لجنود انطاكية حتى عاد باقي الفرنج منتشين بنصرهم بشدة.
اضطر ياغي لسحب جنوده للداخل وغلق بوابات لمدينة ولكن ما فعله الفرنج ألقى الرعب في قلوب أهل المدينة الذين فوجئوا برؤوس الحلبيين التي قطعها الفرنج ومثلوا بها تُلقَى عليهم بالمنجنيق.
▪︎ لم يكن أمام ياغي الآن إلا ملك الموصل "كربوقا" والذي كان ذات يوم عبدًا عند السلاجقة لكنه كان من الذكاء والفطنة بحيث وصل إلى إمارة الموصل , وعندما طلب ياغي سيان نجدته, لم يتردد في ذلك وبدأ في إعداد الجيش ولكن الموصل كانت على مسيرة اسبوعين من انطاكية.
في أواخر ابريل 1098 م كان جيش الموصل حوالي 30000مقاتل جاهزين للتحرك لقتال الفرنج تحت إمرة الأتابك كربوقا.
▪︎ تحرك الجيش الموصلي تحت الرايات السود رمز العباسيين والسلاجقة ملقيًا الرهبة في القلوب متوجهاً نحو الموصل ولكن حدث ما غير مسيرته, فقد وصل إلى كربوقا أن مجموعة من الفرنج قد تمكنوا من دخول مدينة الرها وهي مدينة أرمينية كبيرة تقع شمال الطريق بين الموصل وانطاكية ففكر أنه هكذا سوف يقع بين جيشي فرنج الرها وفرنج انطاكية.
الواقع أن الرها كانت مدينة يحكمها "طوروس" العجوز وقد قام بمراسلة الفرنج لحمايته من هجمات الترك فوفد إليه أمير فرنجي يدعى "بغدوين" في جيش من ثلاثة آلاف وطلب من طوروس أن يتبناه ويعتبره وريثًا شرعياً للمدينة وهذا ما حدث إلا أنه وخلال أيام كان بغدوين قد أعدم طوروس وزوجته, وأعلن نفسه كونت الرها.يتبع.
تحياتى..
أحمدعبدالرحيم
التعديل الأخير بواسطة المشرف: