- المشاهدات: 684
- الردود: 6
قد لا تشفي العدالة جرح الإنتقام الذي تخلفه الجريمة لكنها رغم ذلك تعطي عائلة الضحية شيئا يتمسكون به، إحساس بأن ذلك الموت لم يذهب سدى، لكن ماذا لو لم تعرف الضحية شعور العدالة قط، ماذا لو كبرت في جو ظالم كئيب لا نور فيه، هل سيكون موتها ظلما أم ربما عدالة في حد ذاته؟ قصة ميلوري لينيت رغم حزنها تدفعنا لطرح هذا التساؤل أملا في معرفة الإجابة.
من هي ميلوري:
ناجاني لينيت مانينغ (المعروفة بإسم ميلوري) أبصرت نور الحياة في السادس من فبراير عام 1981، ترعرعت الفتاة في بيت منكسر و زاده هرب والدها في سن صغيرة إنكسارا و ضعفا، كبرت ناجاني بين براثن زوج أب قاس و غير محب و أثر ذلك على حالتها النفسية بشكل كبير.
توقفت ناجاني عن الذهاب للمدرسة بشكل نهائي في سن الرابعة عشر و بدأت العمل كعاهرة بعد توقفها بعام، تعرفت ناجاني أيضا في هذه السن المبكرة على زنزانات السجون إذ تنقلت بينها لفترة من الزمن بسبب جنح مختلفة كالمشاركة في السرقة و طعن مالك متجر بإبرة طبية مستعملة.
القانون النيوزلندي و الذي يبيح بشكل مباشر ممارسة الدعارة بشكل قانوني سمح لناجاني بالعمل بحرية و دون قيود، فإكتسبت هذه الأخيرة مجموعة زبائن خاصة بها يترددون عليها بين الفينة و الأخرى.
صورة قديمة لميلوري.
رغم راحة ميلوري في ممارسة الدعارة و إعتبارها كعمل بدوام كامل إلا أن وفاة أختها جاسمين شهر جويلية عام 2008 غير نظرتها للأمور و أثر عليها بشكل كبير. تخلت ناجاني عن مهنتها بل و سجلت أيضا في برنامج علاجي للتخلص من الإدمان، بعض الأصدقاء قالوا أن ميلوري كانت خائفة من أنها ستموت في سن صغيرة مثل أختها في حال إستمرارها على نفس الدرب.
بدأت ميلوري أيضا في دراسة الفنون داخل مصحة إعادة التأهيل و عادت للسكن مع أمها تحت سقف واحد بعد غيابها لسنوات، كما إستقرت مع شريك و فكرت حتى في الزواج و تكوين أسرة لكن العادات القديمة تموت بصعوبة و ناجاني وجدت نفسها في الشارع مرة أخرى تمارس الدعارة بحجة جمعها للمال لشراء هدايا الكريستماس لعائلتها، كانت ميلوري تخطط للعودة لعملها القديم لليلة واحدة فقط، و قل ما تعرف، كانت تلك ليلتها الأخيرة على قيد الحياة.
ليلة الجريمة:
أمسية الثامن عشر من ديسمبر عام 2008 وجدت ميلوري طريقها مرة أخرى لشارع مانشستر الذي تعرف أرصفته توافد عاملات الجنس للعمل خاصة ليلا، كان يطلق على ذلك الشارع إسم "رصيف العاهرات"
ميلوري إلتقت بزبونين في تلك الليلة، الأول أخذها بسيارته لموقف سيارات قريب في حدود الساعة التاسعة و النصف قبل أن يعيدها بعد فترة قصيرة، و الثاني أخذها لموقف آخر غير الموقف الأول في حدود الساعة العاشرة و أعادها بعد مرور عشرين دقيقة.
تمت رؤية ميلوري آخر مرة بين الساعة 10:25 إلى حدود 10:40 تقف في زاويتها المعتادة في شارع مانشستر و قد كان آخر إتصال لها مع زبونها الثاني.
أحد الفتيات من شارع مانشستر قالت أن أعضاءا من عصابة مونجرال كانوا حاضرين في المكان و قد طالبوا بقيمة عشرين دولارا على كل زبون بحكم أنهم "يملكون الشارع"
عصابة مونجرال تعتبر أخطر عصابة في نيوزيلندا و تعمل حتى داخل السجون إضافة لإتساع رقعة عملها لتشمل معظم مناطق الدولة.
صباح اليوم التالي عثر هاوي قوارب محلي على جثة ميلوري تطفو على مياه نهر آفون و كشف تشريح الجثة المستعجل الذي قامت به مصالح الشرطة أن ناجاني قد خنقت، ضربت بعمود حديدي و طعنت ثلاث مرات قبل إلقائها في النهر.
التحقيق:
إستطاعت الشرطة إستنتاج بعض النقاط الهامة في القضية و على رأسها توقف ساعة ميلوري عن العمل في تمام الساعة 11:00 بسبب تضررها بالماء ما يعني أن الجريمة قد حدثت بين الساعة 10:40 و هو وقت آخر ظهور لها و تمام الحادية عشر، تم لاحقا تأكيد موعد الوفاة من قبل شاهد لم يذكر إسمه قال أنه سمع صوت إرتطام بالماء في حدود ذلك الوقت.
معلومات هاتفها المحمول أظهرت أن ميلوري إستقلت على الأرجح سيارة أخرى في حدود الساعة 10:40. إستجوبت الشرطة أكثر من 900 شخص كما طلبت مساعدة المواطنين في الإبلاغ عن سيارة فورد فالكون سوداء إشتبه أنها آخر سيارة إستقلتها ميلوري. حلل الخبراء أيضا عينة من السائل المنوي الذي وجد على جثة ميلوري لكنها لم تطابق أيا من الزبونين الذين عملت معهما ليلة وفاتها كما لم تتطابق مع أي شخص في قاعدة البيانات الخاصة بالشرطة. أطلقت الشرطة على العينة إسم "عينة الذكر ب".
لاحظ الطبيب الشرعي وجود خدوش صغيرة على جسد ميلوري وكذلك مواد نباتية على ملابسها ما يشير إلى أنها أقتيدت إلى منطقة كثيفة العشب كحقل أو غابة قريبة.
إستبعدت الشرطة السرقة كدافع بحكم أن حقيبة ميلوري بكامل متعلقاتها غرقت معها في النهر، و تم التركيز على أعضاء عصابة مونجرال الذين إشتبه فيهم بقوة حتى أن بعض التقارير قالت أن جريمة قتل ناجاني كانت "ضربة" مخططا لها من قبل العصابة لكن الدافع يبقى غير معروف.
إتهام خاطئ:
عام 2012، إعتقلت الشرطة الشاب ماوها هاتاهي فاوسيت البالغ من العمر 24 عاما بتهمة إختطاف و قتل ميلوري رغم أن عينة السائل المنوي لم تطابقه إلا أنه تم إعتقاله بناءا على المكان الذي إعتقد أن ميلوري قتلت فيه إضافة لإرتباطه بعصابة مونجرال.
كانت الشرطة قد إستجوبت ماوها 11 مرة على مدار ثلاث سنوات، و قد قيل أنه إعترف ضمنيا بقتل ميلوري في أحد جلسات الإستجواب.
ماوها كان مدمن كحول و عرف عنه أنه كان يثمل حد فقدان الوعي لدرجة أن الخمر أثر على حالته العقلية، و كان دائم التردد على الأماكن المعزولة كالغابات و الحقول الفارغة. خبيرة علم الأعصاب فاليري ماكجين وصفت ماوها بأنه "معاق" و صرحت أنه إختلق القصة كنوع من التعويض عن فقدان ذاكرته الجزئي، إنتقدت فاليري جهاز الشرطة بسبب الضغط عليه وقالت أن المحققين كانوا قادرين على ثني تصريحاته بكل سهولة بحكم حالته المتدهورة.
ماوها قبل محاكمته عام 2014.
بدأت محاكمة فاوسيت عام 2014 دون تعيين محامي خاص به أين وجد متهما و تم الحكم عليه بالسجن مدى الحياة مع إمكانية إطلاق سراحه بعد 20 عاما، إدعت الشرطة أن الدلائل غير الكافية و عدم تطابق عينة السائل المنوي كانت بسبب إنخراط العصابة في الجريمة بشكل غير مباشر.
الحكم على فاوسيت لم يصمد طويلا و تم إعادة المحاكمة عام 2017 بناءا على سببين:
أولا: أن محامي فاوسيت قدم النصيحة له فقط لكنه لم يمثله في المحكمة، و تم إعتبار هذا الفعل على أنه تقاعس من المحامي و ظلم في حق المتهم.
ثانيا: أن هيئة المحلفين عام 2014 لم تكن تعلم بإدمان فاوسيت و لا بحالته العقلية المتدهورة، و لو علمت لكانت حكمت ببرائته.
عام 2021 تم إعتبار إعتراف فاوسيت باطلا و على إثر هذا تم إسقاط التهم، حاولت الشرطة العمل على القضية مرة أخرى مع الإبقاء على فاوسيت كمشتبه به رئيسي و إتهامه في حال وجود أدلة جديدة لكن المحكمة رفضت الطلب بشكل نهائي.
ختاما:
جريمة قتل ميلوري تبقى معلقة دون حل حتى اليوم، و يبقى الخيط الوحيد فيها هو عينة سائل منوي لم تتطابق مع أي شخص في قاعدة البيانات، رغم أن قتلها من قبل العصابة يبقى محتملا إلا أنه صعب الإثبات خاصة و أن التحقيق مع عصابات كهذه شبه مستحيل في ظل ضخامة شبكاتها و إحتمال تواطئ أجهزة الأمن معها.
المصادر:
من هي ميلوري:
ناجاني لينيت مانينغ (المعروفة بإسم ميلوري) أبصرت نور الحياة في السادس من فبراير عام 1981، ترعرعت الفتاة في بيت منكسر و زاده هرب والدها في سن صغيرة إنكسارا و ضعفا، كبرت ناجاني بين براثن زوج أب قاس و غير محب و أثر ذلك على حالتها النفسية بشكل كبير.
توقفت ناجاني عن الذهاب للمدرسة بشكل نهائي في سن الرابعة عشر و بدأت العمل كعاهرة بعد توقفها بعام، تعرفت ناجاني أيضا في هذه السن المبكرة على زنزانات السجون إذ تنقلت بينها لفترة من الزمن بسبب جنح مختلفة كالمشاركة في السرقة و طعن مالك متجر بإبرة طبية مستعملة.
القانون النيوزلندي و الذي يبيح بشكل مباشر ممارسة الدعارة بشكل قانوني سمح لناجاني بالعمل بحرية و دون قيود، فإكتسبت هذه الأخيرة مجموعة زبائن خاصة بها يترددون عليها بين الفينة و الأخرى.
صورة قديمة لميلوري.
رغم راحة ميلوري في ممارسة الدعارة و إعتبارها كعمل بدوام كامل إلا أن وفاة أختها جاسمين شهر جويلية عام 2008 غير نظرتها للأمور و أثر عليها بشكل كبير. تخلت ناجاني عن مهنتها بل و سجلت أيضا في برنامج علاجي للتخلص من الإدمان، بعض الأصدقاء قالوا أن ميلوري كانت خائفة من أنها ستموت في سن صغيرة مثل أختها في حال إستمرارها على نفس الدرب.
بدأت ميلوري أيضا في دراسة الفنون داخل مصحة إعادة التأهيل و عادت للسكن مع أمها تحت سقف واحد بعد غيابها لسنوات، كما إستقرت مع شريك و فكرت حتى في الزواج و تكوين أسرة لكن العادات القديمة تموت بصعوبة و ناجاني وجدت نفسها في الشارع مرة أخرى تمارس الدعارة بحجة جمعها للمال لشراء هدايا الكريستماس لعائلتها، كانت ميلوري تخطط للعودة لعملها القديم لليلة واحدة فقط، و قل ما تعرف، كانت تلك ليلتها الأخيرة على قيد الحياة.
ليلة الجريمة:
أمسية الثامن عشر من ديسمبر عام 2008 وجدت ميلوري طريقها مرة أخرى لشارع مانشستر الذي تعرف أرصفته توافد عاملات الجنس للعمل خاصة ليلا، كان يطلق على ذلك الشارع إسم "رصيف العاهرات"
ميلوري إلتقت بزبونين في تلك الليلة، الأول أخذها بسيارته لموقف سيارات قريب في حدود الساعة التاسعة و النصف قبل أن يعيدها بعد فترة قصيرة، و الثاني أخذها لموقف آخر غير الموقف الأول في حدود الساعة العاشرة و أعادها بعد مرور عشرين دقيقة.
تمت رؤية ميلوري آخر مرة بين الساعة 10:25 إلى حدود 10:40 تقف في زاويتها المعتادة في شارع مانشستر و قد كان آخر إتصال لها مع زبونها الثاني.
أحد الفتيات من شارع مانشستر قالت أن أعضاءا من عصابة مونجرال كانوا حاضرين في المكان و قد طالبوا بقيمة عشرين دولارا على كل زبون بحكم أنهم "يملكون الشارع"
عصابة مونجرال تعتبر أخطر عصابة في نيوزيلندا و تعمل حتى داخل السجون إضافة لإتساع رقعة عملها لتشمل معظم مناطق الدولة.
صباح اليوم التالي عثر هاوي قوارب محلي على جثة ميلوري تطفو على مياه نهر آفون و كشف تشريح الجثة المستعجل الذي قامت به مصالح الشرطة أن ناجاني قد خنقت، ضربت بعمود حديدي و طعنت ثلاث مرات قبل إلقائها في النهر.
التحقيق:
إستطاعت الشرطة إستنتاج بعض النقاط الهامة في القضية و على رأسها توقف ساعة ميلوري عن العمل في تمام الساعة 11:00 بسبب تضررها بالماء ما يعني أن الجريمة قد حدثت بين الساعة 10:40 و هو وقت آخر ظهور لها و تمام الحادية عشر، تم لاحقا تأكيد موعد الوفاة من قبل شاهد لم يذكر إسمه قال أنه سمع صوت إرتطام بالماء في حدود ذلك الوقت.
معلومات هاتفها المحمول أظهرت أن ميلوري إستقلت على الأرجح سيارة أخرى في حدود الساعة 10:40. إستجوبت الشرطة أكثر من 900 شخص كما طلبت مساعدة المواطنين في الإبلاغ عن سيارة فورد فالكون سوداء إشتبه أنها آخر سيارة إستقلتها ميلوري. حلل الخبراء أيضا عينة من السائل المنوي الذي وجد على جثة ميلوري لكنها لم تطابق أيا من الزبونين الذين عملت معهما ليلة وفاتها كما لم تتطابق مع أي شخص في قاعدة البيانات الخاصة بالشرطة. أطلقت الشرطة على العينة إسم "عينة الذكر ب".
لاحظ الطبيب الشرعي وجود خدوش صغيرة على جسد ميلوري وكذلك مواد نباتية على ملابسها ما يشير إلى أنها أقتيدت إلى منطقة كثيفة العشب كحقل أو غابة قريبة.
إستبعدت الشرطة السرقة كدافع بحكم أن حقيبة ميلوري بكامل متعلقاتها غرقت معها في النهر، و تم التركيز على أعضاء عصابة مونجرال الذين إشتبه فيهم بقوة حتى أن بعض التقارير قالت أن جريمة قتل ناجاني كانت "ضربة" مخططا لها من قبل العصابة لكن الدافع يبقى غير معروف.
إتهام خاطئ:
عام 2012، إعتقلت الشرطة الشاب ماوها هاتاهي فاوسيت البالغ من العمر 24 عاما بتهمة إختطاف و قتل ميلوري رغم أن عينة السائل المنوي لم تطابقه إلا أنه تم إعتقاله بناءا على المكان الذي إعتقد أن ميلوري قتلت فيه إضافة لإرتباطه بعصابة مونجرال.
كانت الشرطة قد إستجوبت ماوها 11 مرة على مدار ثلاث سنوات، و قد قيل أنه إعترف ضمنيا بقتل ميلوري في أحد جلسات الإستجواب.
ماوها كان مدمن كحول و عرف عنه أنه كان يثمل حد فقدان الوعي لدرجة أن الخمر أثر على حالته العقلية، و كان دائم التردد على الأماكن المعزولة كالغابات و الحقول الفارغة. خبيرة علم الأعصاب فاليري ماكجين وصفت ماوها بأنه "معاق" و صرحت أنه إختلق القصة كنوع من التعويض عن فقدان ذاكرته الجزئي، إنتقدت فاليري جهاز الشرطة بسبب الضغط عليه وقالت أن المحققين كانوا قادرين على ثني تصريحاته بكل سهولة بحكم حالته المتدهورة.
ماوها قبل محاكمته عام 2014.
بدأت محاكمة فاوسيت عام 2014 دون تعيين محامي خاص به أين وجد متهما و تم الحكم عليه بالسجن مدى الحياة مع إمكانية إطلاق سراحه بعد 20 عاما، إدعت الشرطة أن الدلائل غير الكافية و عدم تطابق عينة السائل المنوي كانت بسبب إنخراط العصابة في الجريمة بشكل غير مباشر.
الحكم على فاوسيت لم يصمد طويلا و تم إعادة المحاكمة عام 2017 بناءا على سببين:
أولا: أن محامي فاوسيت قدم النصيحة له فقط لكنه لم يمثله في المحكمة، و تم إعتبار هذا الفعل على أنه تقاعس من المحامي و ظلم في حق المتهم.
ثانيا: أن هيئة المحلفين عام 2014 لم تكن تعلم بإدمان فاوسيت و لا بحالته العقلية المتدهورة، و لو علمت لكانت حكمت ببرائته.
عام 2021 تم إعتبار إعتراف فاوسيت باطلا و على إثر هذا تم إسقاط التهم، حاولت الشرطة العمل على القضية مرة أخرى مع الإبقاء على فاوسيت كمشتبه به رئيسي و إتهامه في حال وجود أدلة جديدة لكن المحكمة رفضت الطلب بشكل نهائي.
ختاما:
جريمة قتل ميلوري تبقى معلقة دون حل حتى اليوم، و يبقى الخيط الوحيد فيها هو عينة سائل منوي لم تتطابق مع أي شخص في قاعدة البيانات، رغم أن قتلها من قبل العصابة يبقى محتملا إلا أنه صعب الإثبات خاصة و أن التحقيق مع عصابات كهذه شبه مستحيل في ظل ضخامة شبكاتها و إحتمال تواطئ أجهزة الأمن معها.
المصادر:
يجب تسجيل الدخول لمشاهدة الوسائط
يجب تسجيل الدخول لمشاهدة الروابط