- التعديل الأخير:
- المشاهدات: 604
- الردود: 3
التعديل الأخير:
خرج مصطلح "متلازمة ستوكهولم" إلى النور قبل 50 عاماً بعد عملية سطو مسلح على أحد البنوك الكبيرة في مدينة ستوكهولم بالسويد تخللها أخذ رهائن لعدة أيام ، وأطلق هذا المصطلح لوصف حالة التعطاف الغريبة التي نشأت بين الخاطفين والرهائن .
سبب تسمية متلازمة ستوكهولم
في صباح 23 أغسطس من عام 1973 دخل المجرم السويدي الهارب من العدالة "جان إريك أولسون" إلى بنك "كريديت بانكن" الذي كان يقع في إحدى المناطق الراقية في مدينة ستوكهولم ، ومن تحت السترة المطوية التي كان يحملها بين ذراعيه ، سحب جان إريك أولسون سلاحاً رشاشاً ، وأطلق النار على السقف ، وصرخ بصوت مرعب "الجميع على الأرض ، لقد بدأت الحفلة للتو !"
استجابت الشرطة السويدية سريعاً لإنذار السطو وحاصرت قواتها البنك مستعدة لاقتحامه ، فقام أولسون بأخد أربعة من موظفي البنك كرهائن ، ثلاث نساء ورجل .
قدم أولسون عدة مطالب تمثلت ب : الحصول على أكثر من 700 ألف دولار ، وسيارة للهروب وإطلاق سراح صديقه "كلارك أولوفسون" ، وهو أحد أشهر لصوص البنك في البلاد و كان يقضي عقوبة السجن حينها . وفي مسعى من الحكومة لتهدئة الوضع ، وافقت الشرطة على مطالب اللص و أفرجت في غضون ساعات عن زميل أولسون المدان وسمحت بدخوله إلى البنك .
احتلت دراما الرهائن عناوين الأخبار وتصدرت شاشات التلفزيون وتابعت البلاد بأسرها مذهولة بهذا الحدث الاستثنائي الذي نقل في بث مباشر على الهواء .
في نهاية المطاف تمكنت قوات الشرطة السويدية في يوم 28 أغسطس ، وبعد مرور أكثر من 130 ساعة ، من اقتحام البنك ونجحت في اعتقال الخاطفين وتحرير الرهائن ، لكن المفاجأة أن الرهائن خرجوا يدعمون المجرمين بدلاً من إدانتهم، وأشاروا إلى أنهم قضوا وقتاً ممتعاً، ولم يكونوا خائفين على الإطلاق من المختطفين، بل كانوا يخشون الشرطة .
رفض الرهائن فيما بعد الإدلاء بشهادتهم ضد الخاطفين في المحكمة ، والأغرب أنهم شرعوا في جمع الأموال لتغطية مصاريف الدفاع عنهم !
متحصنين داخل قبو بنك ضيق، سرعان ما نشأت رابطة غريبة بين الأسرى وخاطفيهم . في مقال نشره الصحفي دانيال لايج في مجلة نيورورك تايمز ، ذكر ضحايا الاختطاف أنهم تلقوا معاملة حسنة من اللصوص ، وسمحوا لهم بالاتصال مع عائلتهم ، وعندما اشتكت الرهينة إليزابيث أولدجرين من رهاب الأماكن المغلقة، سُمح لها بالسير خارج القبو الذي تحصنوا فيه مربوطة بحبل طوله 30 قدماً.
وقد ذكرت إحدى الرهائن، خلال مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء السويدي آنذاك أولوف بالمه، بأنها تثق تماماً بخاطفيها ولكنها تخشى أن تموت في حال هجوم الشرطة على المبنى وطالبته بالسماح لها والرهائن الآخرين بمغادرة البنك مع أولسون.
ستوكهولم ..علاقة غريبة بين الضحية والمعتدي
لقد أدى ارتباط الرهائن غير العقلاني بخاطفيهم في حادثة البنك إلى إرباك الجمهور والشرطة، حتى أنهم قاموا بالتحقيق فيما إذا كان أحد الأسرى قد خطط لعملية السطو مع اللصوص ، ولم يكن أمام شرطة ستوكهولم حينها سوى اللجوء إلى الطبيب النفسي "نيلس بيجيروت" الباحث في علم الجريمة وأحد أعضاء فريق المفاوضين ، لتحليل رد فعل الرهائن المحير تجاه خاطفيهم .
صاغ بيجيروت مصطلح "متلازمة ستوكهولم" (Stockholm Syndrome) لتفسير فكرة التلاعب بعقول الرهائن أو الضحايا أو بالأحرى "غسل أدمغتهم".
من الأمثلة الشهيرة الأخرى التي ساهم في انتشار مصطلح متلازمة ستوكهولم هو حادثة اختطاف الصحيفة "باتريشيا هيرست" ، حفيدة رجل الأعمال والناشر ويليام راندولف هيرست ، على يد جماعة ثورية مسلحة، تطلق على نفسها "جيش التحرير السيمبيوني" عام 1974. أرسلت باتريشيا لاحقا رسالة للصحافة أعلنت فيها أنها قرّرت الانضمام إلى المنظمة .
و بعد حوالي 10 أسابيع من عملية الخطف ، سجلت كاميرات المراقبة صورة لهيرست تحمل سلاحاً و قد انضمت إلى خاطفيها في عملية سرقة أحد البنوك في كاليفورنيا.
ما هي متلازمة ستوكهولم ؟
متلازمة ستوكهولم Stockholm syndrome هي ظاهرة نفسية يبدأ فيها الضحية بالتعاطف أو التعاون مع الجاني أو من أساء إليه بشكل ما ، ولاسيما في عمليات الخطف واحتجاز الرهائن . تظهر فيها الضحية المشاعر الإيجابية تجاه الخاطف أو المعتدي ، لدرجة قد تصل للدفاع عنه والتضامن معه .
هذه المشاعر تعتبر بشكل عام غير منطقية ولا عقلانية في ضوء الخطر والمجازفة التي تتحملها الضحية، إذ أن الضحية تفهم عدم الإساءة إليها بشكل خاطئ و تراه إحساناً و رحمة.
وهذه الظاهرة لا تقتصر على حالات الخطف ، فقد تنشأ في بعض العلاقات العائلية والمهنية وفيها يتعاطف الأشخاص مع من يسيؤون إليهم ودائماً ما يجدون لهم الأعذار .
تفسير متلازمة ستوكهولم
يعتقد علماء النفس الذين درسوا هذه الظاهرة أنها تنشأ عندما يهدد الجاني حياة الضحية ثم يختار عدم قتلها وهنا يتحول ارتياح الرهينة عند انتهاء التهديد بالقتل إلى مشاعر الامتنان تجاه الخاطف بسبب ابقائه على قيد الحياة .
وكما أثبتت حادثة السطو على بنك ستوكهولم، فإن الأمر لا يستغرق سوى بضعة أيام حتى يتم ترسيخ هذه الرابطة والتعاطف ، مما يثبت أن رغبة الضحية في البقاء على قيد الحياة تتفوق في وقت مبكر على الرغبة في كراهية الشخص الذي خلق الموقف.
غريزة البقاء هي جوهر متلازمة ستوكهولم ، يعيش الضحايا في حالة من التبعية القسرية ويفسرون أفعال اللطف النادرة أو الصغيرة في خضم الظروف الرهيبة على أنها معاملة جيدة
ويشعر بعض الضحايا بالامتنان تجاه المعتدي لأنه لم يقتلهم و سمح لهم بتلبية احتياجاتهم الخاصة من أكل ونوم وغيرها ، لذا قد يبررون ما قام به، بل ويتبنون تدريجياً أفكاره ومبادئه.
ستوكهولم .. حقيقة أم أسطورة؟
على الرغم من شهرتها ، لم يتم إدراج متلازمة ستوكهولم كتشخيص في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية التابع للجمعية الأمريكية للطب النفسي (5-DSM) أو التصنيف الإحصائي الدولي للأمراض والمشاكل الصحية ذات الصلة (ICD-11).
ما يزال يرفض بعض الخبراء وصف المتلازمة بأنها مرض نفسي ويرون بأنها مجرد استراتيجية للبقاء على قيد الحياة – وهي آلية تأقلم يتخذها بعض الأشخاص في حالات الضغط النفسي الشديدوللتعايش مع وضع يكونون فيه مسلوبي الإرادة .
لم يتم على نظرية متلازمة ستوكهولم بشكل كامل من الخبراء المختصين، وما زالت موضع جدل كبير والبعض ينتقد واضعها بشدة الذي اتهم بعدم مقابلة الرهائن وعدم معرفة ظروف احتجازهم وأنه صاغ المصطلح اعتمادا على خياله وافتراضاته .
ستوكهولم والفن السابع
إن ظاهرة ستوكهولم نادرة ولا تظهر بشكل متكرر في سيناريوهات الرهائن ولكنها موضع نقاش على الدوام وتحظى بتغطية إعلامية كبيرة ، وما تزال تظهر بشكل متكرر في الثقافة الشعبية، بما في ذلك الكتب والأفلام والموسيقى، ودخلت إلى المعجم الإنجليزي كمصطلح غير رسمي للأشخاص الذين يقيمون روابط غير متوقعة مع الآخرين الذين يعاملونهم بشكل سيء.
ألهمت متلازمة ستوكهولم صناعة عدة اعمال سينمائية وفي مقدمتها فيلم " Stockholm " لعام 2018 من بطولة إيثان هوك ونومي رابيس والذي يروي عملية سرقة بنك كريديت بانكين الفاشلة عام 1973.
وبدون أن ننسى ذكر المسلسل الإسباني الشهير "لا كاسا دي بابل" (La Casa de Papel) أو "منزل من ورق"، الذي تدور أحداثه حول عملية سطو على بنك إسبانيا . وتطرق المسلسل إلى متلازمة ستوكهولم من خلال قصة وقوع فتاة من الرهائن في غرام أحد الجناة، وتفضيلها البقاء حبيسة البنك معه على الخروج ، وأطلق عليها أفراد العصابة عليها اسم "ستوكهولم".
متلازمة ستوكهولم في الحياة اليومية
على الرغم من أن مصطلح متلازمة ستوكهولم ارتبط بشكل أكبر في الخطف واحتجاز الرهائن ، لكن يمكن استخدامه لوصف الكثير من العلاقات التي تشاهد من حولنا والتي تشمل أذى لطرفي العلاقة سواء كان أذى جسدي أو لفظي أو تلاعب بالمشاعر ، وتشهد هذه العلاقات الزوجية أو في إطار العمل أو حتى داخل الأسرة سيطرة نفسية لشخص على آخر مع تعاطف المعتدى عليه وايجاده المبررات لتصرفات الجاني .
يمكن مشاهدة متلازمة ستوكهولم في الحب أو العلاقات الرومانسية عندما يعتمد أحد الشريكين على شريكه بأي شكل من الأشكال، رغم التعرض المستمر لعنف جسدي أو لفظي . قد تتردد الضحية في اتهام المعتدي أمام الناس أو الشرطة وغالبا ما تعلن بعد انتهاء العلاقة عن استمرار حبها للمعتدي أو تحاول اختلاق أعذار لسلوكه .
قد تكون فرصة تواجدك في بنك أثناء سطو مسلح عليه قليلة عملياً ،لكن من السهل أن تقع من غير أن تدرك في فخ العلاقات السامة والابتزاز العاطفي ويتسلل إليك تدريجياً سيطرة طرف العلاقة الآخر لذا من المهم أن تتذكر أنك غير مضطر إلى تقبل الأذى الواقع عليك باستمرار وأنه ليس دائما من مصلحتك الرضوخ وإيجاد المبررات بل عليك تحطيم حاجز الصمت والحصول على مساعدة فورية .
بنك كريديت بانكن ، مسرح أحداث دراما السطو المسلح الذي عرف منه لاحقاً مصطلح متلازمة ستوكهولم . |
سبب تسمية متلازمة ستوكهولم
في صباح 23 أغسطس من عام 1973 دخل المجرم السويدي الهارب من العدالة "جان إريك أولسون" إلى بنك "كريديت بانكن" الذي كان يقع في إحدى المناطق الراقية في مدينة ستوكهولم ، ومن تحت السترة المطوية التي كان يحملها بين ذراعيه ، سحب جان إريك أولسون سلاحاً رشاشاً ، وأطلق النار على السقف ، وصرخ بصوت مرعب "الجميع على الأرض ، لقد بدأت الحفلة للتو !"
استجابت الشرطة السويدية سريعاً لإنذار السطو وحاصرت قواتها البنك مستعدة لاقتحامه ، فقام أولسون بأخد أربعة من موظفي البنك كرهائن ، ثلاث نساء ورجل .
قدم أولسون عدة مطالب تمثلت ب : الحصول على أكثر من 700 ألف دولار ، وسيارة للهروب وإطلاق سراح صديقه "كلارك أولوفسون" ، وهو أحد أشهر لصوص البنك في البلاد و كان يقضي عقوبة السجن حينها . وفي مسعى من الحكومة لتهدئة الوضع ، وافقت الشرطة على مطالب اللص و أفرجت في غضون ساعات عن زميل أولسون المدان وسمحت بدخوله إلى البنك .
احتلت دراما الرهائن عناوين الأخبار وتصدرت شاشات التلفزيون وتابعت البلاد بأسرها مذهولة بهذا الحدث الاستثنائي الذي نقل في بث مباشر على الهواء .
المصورون الصحفيون وقناصة الشرطة مستلقون جنباً إلى جنب على سطح مقابل البنك الذي كان يُحتجز فيه الرهائن في يوم 24 أغسطس 1973. |
في نهاية المطاف تمكنت قوات الشرطة السويدية في يوم 28 أغسطس ، وبعد مرور أكثر من 130 ساعة ، من اقتحام البنك ونجحت في اعتقال الخاطفين وتحرير الرهائن ، لكن المفاجأة أن الرهائن خرجوا يدعمون المجرمين بدلاً من إدانتهم، وأشاروا إلى أنهم قضوا وقتاً ممتعاً، ولم يكونوا خائفين على الإطلاق من المختطفين، بل كانوا يخشون الشرطة .
رفض الرهائن فيما بعد الإدلاء بشهادتهم ضد الخاطفين في المحكمة ، والأغرب أنهم شرعوا في جمع الأموال لتغطية مصاريف الدفاع عنهم !
متحصنين داخل قبو بنك ضيق، سرعان ما نشأت رابطة غريبة بين الأسرى وخاطفيهم . في مقال نشره الصحفي دانيال لايج في مجلة نيورورك تايمز ، ذكر ضحايا الاختطاف أنهم تلقوا معاملة حسنة من اللصوص ، وسمحوا لهم بالاتصال مع عائلتهم ، وعندما اشتكت الرهينة إليزابيث أولدجرين من رهاب الأماكن المغلقة، سُمح لها بالسير خارج القبو الذي تحصنوا فيه مربوطة بحبل طوله 30 قدماً.
وقد ذكرت إحدى الرهائن، خلال مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء السويدي آنذاك أولوف بالمه، بأنها تثق تماماً بخاطفيها ولكنها تخشى أن تموت في حال هجوم الشرطة على المبنى وطالبته بالسماح لها والرهائن الآخرين بمغادرة البنك مع أولسون.
صورة من عملية السطو المسلح على بنك كريديت بانكن عام 1973 تظهر أحد الخاطفين مع الرهائن. |
ستوكهولم ..علاقة غريبة بين الضحية والمعتدي
لقد أدى ارتباط الرهائن غير العقلاني بخاطفيهم في حادثة البنك إلى إرباك الجمهور والشرطة، حتى أنهم قاموا بالتحقيق فيما إذا كان أحد الأسرى قد خطط لعملية السطو مع اللصوص ، ولم يكن أمام شرطة ستوكهولم حينها سوى اللجوء إلى الطبيب النفسي "نيلس بيجيروت" الباحث في علم الجريمة وأحد أعضاء فريق المفاوضين ، لتحليل رد فعل الرهائن المحير تجاه خاطفيهم .
صاغ بيجيروت مصطلح "متلازمة ستوكهولم" (Stockholm Syndrome) لتفسير فكرة التلاعب بعقول الرهائن أو الضحايا أو بالأحرى "غسل أدمغتهم".
من الأمثلة الشهيرة الأخرى التي ساهم في انتشار مصطلح متلازمة ستوكهولم هو حادثة اختطاف الصحيفة "باتريشيا هيرست" ، حفيدة رجل الأعمال والناشر ويليام راندولف هيرست ، على يد جماعة ثورية مسلحة، تطلق على نفسها "جيش التحرير السيمبيوني" عام 1974. أرسلت باتريشيا لاحقا رسالة للصحافة أعلنت فيها أنها قرّرت الانضمام إلى المنظمة .
و بعد حوالي 10 أسابيع من عملية الخطف ، سجلت كاميرات المراقبة صورة لهيرست تحمل سلاحاً و قد انضمت إلى خاطفيها في عملية سرقة أحد البنوك في كاليفورنيا.
صورة تظهر إلقاء القبض على باتريشيا هيرست بعد انضمامها إلى جماعة ثورية مسلحة في إحدى أشهر حالات متلازمة ستوكهولم. |
ما هي متلازمة ستوكهولم ؟
متلازمة ستوكهولم Stockholm syndrome هي ظاهرة نفسية يبدأ فيها الضحية بالتعاطف أو التعاون مع الجاني أو من أساء إليه بشكل ما ، ولاسيما في عمليات الخطف واحتجاز الرهائن . تظهر فيها الضحية المشاعر الإيجابية تجاه الخاطف أو المعتدي ، لدرجة قد تصل للدفاع عنه والتضامن معه .
هذه المشاعر تعتبر بشكل عام غير منطقية ولا عقلانية في ضوء الخطر والمجازفة التي تتحملها الضحية، إذ أن الضحية تفهم عدم الإساءة إليها بشكل خاطئ و تراه إحساناً و رحمة.
وهذه الظاهرة لا تقتصر على حالات الخطف ، فقد تنشأ في بعض العلاقات العائلية والمهنية وفيها يتعاطف الأشخاص مع من يسيؤون إليهم ودائماً ما يجدون لهم الأعذار .
متلازمة ستوكهولم تسبب ضغط نفسي كبير على الضحية. |
تفسير متلازمة ستوكهولم
يعتقد علماء النفس الذين درسوا هذه الظاهرة أنها تنشأ عندما يهدد الجاني حياة الضحية ثم يختار عدم قتلها وهنا يتحول ارتياح الرهينة عند انتهاء التهديد بالقتل إلى مشاعر الامتنان تجاه الخاطف بسبب ابقائه على قيد الحياة .
وكما أثبتت حادثة السطو على بنك ستوكهولم، فإن الأمر لا يستغرق سوى بضعة أيام حتى يتم ترسيخ هذه الرابطة والتعاطف ، مما يثبت أن رغبة الضحية في البقاء على قيد الحياة تتفوق في وقت مبكر على الرغبة في كراهية الشخص الذي خلق الموقف.
غريزة البقاء هي جوهر متلازمة ستوكهولم ، يعيش الضحايا في حالة من التبعية القسرية ويفسرون أفعال اللطف النادرة أو الصغيرة في خضم الظروف الرهيبة على أنها معاملة جيدة
ويشعر بعض الضحايا بالامتنان تجاه المعتدي لأنه لم يقتلهم و سمح لهم بتلبية احتياجاتهم الخاصة من أكل ونوم وغيرها ، لذا قد يبررون ما قام به، بل ويتبنون تدريجياً أفكاره ومبادئه.
على الرغم من الاهتمام الشعبي والإعلامي الذي حظيت به المتلازمة إلا أن بعض المختصين لا يعترفون بوجودها من الأساس . |
ستوكهولم .. حقيقة أم أسطورة؟
على الرغم من شهرتها ، لم يتم إدراج متلازمة ستوكهولم كتشخيص في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية التابع للجمعية الأمريكية للطب النفسي (5-DSM) أو التصنيف الإحصائي الدولي للأمراض والمشاكل الصحية ذات الصلة (ICD-11).
ما يزال يرفض بعض الخبراء وصف المتلازمة بأنها مرض نفسي ويرون بأنها مجرد استراتيجية للبقاء على قيد الحياة – وهي آلية تأقلم يتخذها بعض الأشخاص في حالات الضغط النفسي الشديدوللتعايش مع وضع يكونون فيه مسلوبي الإرادة .
لم يتم على نظرية متلازمة ستوكهولم بشكل كامل من الخبراء المختصين، وما زالت موضع جدل كبير والبعض ينتقد واضعها بشدة الذي اتهم بعدم مقابلة الرهائن وعدم معرفة ظروف احتجازهم وأنه صاغ المصطلح اعتمادا على خياله وافتراضاته .
جسد المسلسل الإسباني الشهير "لا كاسا دي بابيل" متلازمة ستوكهولم من خلال قصة الفتاة مونيكا التي تقع في حب أحد خاطفيها ، دنفر ، وتقرر الانضمام إلى العصابة والهروب معهم . |
ستوكهولم والفن السابع
إن ظاهرة ستوكهولم نادرة ولا تظهر بشكل متكرر في سيناريوهات الرهائن ولكنها موضع نقاش على الدوام وتحظى بتغطية إعلامية كبيرة ، وما تزال تظهر بشكل متكرر في الثقافة الشعبية، بما في ذلك الكتب والأفلام والموسيقى، ودخلت إلى المعجم الإنجليزي كمصطلح غير رسمي للأشخاص الذين يقيمون روابط غير متوقعة مع الآخرين الذين يعاملونهم بشكل سيء.
ألهمت متلازمة ستوكهولم صناعة عدة اعمال سينمائية وفي مقدمتها فيلم " Stockholm " لعام 2018 من بطولة إيثان هوك ونومي رابيس والذي يروي عملية سرقة بنك كريديت بانكين الفاشلة عام 1973.
وبدون أن ننسى ذكر المسلسل الإسباني الشهير "لا كاسا دي بابل" (La Casa de Papel) أو "منزل من ورق"، الذي تدور أحداثه حول عملية سطو على بنك إسبانيا . وتطرق المسلسل إلى متلازمة ستوكهولم من خلال قصة وقوع فتاة من الرهائن في غرام أحد الجناة، وتفضيلها البقاء حبيسة البنك معه على الخروج ، وأطلق عليها أفراد العصابة عليها اسم "ستوكهولم".
قد يكون السكوت عن العنف الجسدي أو اللفظي في العلاقات أحد أشكال متلازمة ستوكهولم في الحياة اليومية. |
متلازمة ستوكهولم في الحياة اليومية
على الرغم من أن مصطلح متلازمة ستوكهولم ارتبط بشكل أكبر في الخطف واحتجاز الرهائن ، لكن يمكن استخدامه لوصف الكثير من العلاقات التي تشاهد من حولنا والتي تشمل أذى لطرفي العلاقة سواء كان أذى جسدي أو لفظي أو تلاعب بالمشاعر ، وتشهد هذه العلاقات الزوجية أو في إطار العمل أو حتى داخل الأسرة سيطرة نفسية لشخص على آخر مع تعاطف المعتدى عليه وايجاده المبررات لتصرفات الجاني .
يمكن مشاهدة متلازمة ستوكهولم في الحب أو العلاقات الرومانسية عندما يعتمد أحد الشريكين على شريكه بأي شكل من الأشكال، رغم التعرض المستمر لعنف جسدي أو لفظي . قد تتردد الضحية في اتهام المعتدي أمام الناس أو الشرطة وغالبا ما تعلن بعد انتهاء العلاقة عن استمرار حبها للمعتدي أو تحاول اختلاق أعذار لسلوكه .
قد تكون فرصة تواجدك في بنك أثناء سطو مسلح عليه قليلة عملياً ،لكن من السهل أن تقع من غير أن تدرك في فخ العلاقات السامة والابتزاز العاطفي ويتسلل إليك تدريجياً سيطرة طرف العلاقة الآخر لذا من المهم أن تتذكر أنك غير مضطر إلى تقبل الأذى الواقع عليك باستمرار وأنه ليس دائما من مصلحتك الرضوخ وإيجاد المبررات بل عليك تحطيم حاجز الصمت والحصول على مساعدة فورية .
التعديل الأخير: