- التعديل الأخير بواسطة المشرف:
- المشاهدات: 398
- الردود: 3
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
العالم الآخر.
(الحكاية الثانية
- الذين رأيت- 5)
-------------------------------------
لم يكن موقف المشاجرة مع زميلي الذي كدت أقتله هو الوحيد ولا الأخير، تكرر الأمر بشكل ما وأصبحت احذر من نفسي ومن الذئب الذي يعيش بداخلي ، أصبحت أعلم أنه يتغذي علي غضبي واحباطي ومشاعري السلبية، الآن أصبحت مجبرا أن اعيش وحيداً ، بعيداً عن أصدقائي... ولك أن تتخيل موقفي ..وحيد ، أقاوم ذئب بداخلي يفتك بروحي من الداخل ، طوال الوقت أري حولي خيالات لكيانات مرعبة تراقبني أو تترصدني وتتحرك في مكان أنا به ، وعندما أنام أجد نفسي فوق السرير الأسود الكئيب وأنتقل إلي أماكن أكثر رعبا وكئآبة ..(الحكاية الثانية
- الذين رأيت- 5)
-------------------------------------
..نعم كان هو ...
-------------------------------------
الإنتحار ... نعم ، أصبح خيارا مطروحا في وقت ما ، ولكن ... بسرعة فكرت في آخرتي ، هل أهرب من عذاب وقتي لا أعلم متي ينتهي ولعله قريبا إلي عذاب في الآخرة لا ينتهي أبدا ؟ بسرعة أخرجت الفكرة من عقلي ونبذتها بعيداً وعدت إلي رشدي .
وعدت إلي عذابي وسجني الذي اخترت ، حتي أهلي كنت أشفق عليهم من الحديث بما أري وأعايش، فمن قبل كنت أري نظرات الحزن والألم والشفقة في أعينهم والإجهاد من قلة النوم بسببي ، ومن التنقل بين المستشفيات وبين الشيوخ الذين أصبحوا يرتادون بيتنا
- فكرت وقتها أن اختياري العزلة في غرفتي أفضل لي ولهم حتي إذا مت أرحتهم من همي وبالطبع لن يحدث لي ما هو أسوأ من الموت ، في تلك الفترة كنت أجلس في غرفتي أبكي كثيرا جدا مثل الأطفال الصغار، اندب حظي وأتساءل : لماذا أنا ؟ وإذا نظرت من النافذة ورأيت الناس في الشارع احسدهم علي نعمة أنهم أشخاص طبيعيون ،لا يعرفون ... لا يرون ... ولا يعانون ... وأتمني أن أعود فقط دقائق أعيش بشكل طبيعي مثلهم .
في تلك الفترة كان الذئب بداخلي يسيطر علي أحيانا كثيرة ، أتذكر أن أحد الشيوخ الذين احضرهم والدي قد سأله إذا كان يري أو يشعر بشيء غير طبيعي بالنسبة لي .
وقتها أجابه والدي : نعم ، أصبح يأكل بنهم وبشراسة وبطريقة غريبة ،كأنه يلتهم فريسة وليس شخص عادي يتناول طعام ،حتي نظراته أصبحت أكثر حدة وأكثر شراسة ،عاد الشيخ يسأله : هل يقول احيانا كلام غير مفهوم ؟ سمعت السؤال ورددت بسرعة وبتاكيد : لا. وقتها نظر لي والدي مطولا ثم نظر للشيخ وكانت إجابته غريبة جدا بالنسبة لي .
----------------------------------- -
نعم ، أحياناً يتحدث بكلام غير واضح وغير مفهوم . وكان الرد صاعقا بالنسبة لي ، فيبدو أنني افعل أشياء وأنا لست في وعيي . في تلك الفترة أصبحت ملتحما تماما بالذئب ورأيت معه أشياء غريبة ...
رأيت باب القفص الذي يحبسه مفتوح وهو داخل قلبي أما قلبي فقد أصبح مثل الشمس المشعة ،اشعة تميل الاحمرار رهيبة المنظر ،انتشرت في جسدي كله وكأنها الحمم البركانية - رأيت نفسي وقد احمرت عيني مثل عيني الذئب ، ونبت في وجهي شعر واستطالت أنيابي وأخذت هيئة المستذئبين تماماً ،
---------------------------------
تعرف ذلك الفضول الذي يوخذك كألف إبرة لكي تعرف ؟ ذلك الظمأ الحارق للمعرفة ؟ ألا تموت قبل أن تعرف ... تلك غريزة بشرية ، لم يدرك خطورتها إلا من اكتوي بنارها ، نار المعرفة . وكان من أولئك هو ... صديقنا الخامس .
لقد عرف ،وندم أشد الندم علي ما رأي وما عرف ،وها أنتم ترون معاناته . بالمناسبة ، أين تركناه أمس ؟ اه ..تذكرت ،
--------------------------------------
لقد سقطت في غيبوبة عميقة، عندما أفقت منها ،شعرت بالذئب بداخلي أقوي وأوضح وكأن قوته زادت أكثر بينما شعرت بنفسي مرهق ومتعب أكثر وأكثر من مقاومته ومن توحشه بداخلي .
-بعد هذا الموقف بعدة أيام كنت جالس في صالة المنزل , أشاهد التلفزيون ، فجأة شعرت بالأعراض التي تصيبني عند الإنتقال ،البرد الشديد ،الرعشة ، فجأة انفصل جسمي الأثيري ،هذه المرة حدث شيء غريب ، توقفت لأنظر لجسدي المادي الممدد علي الكنبة ،ثم انطلقت في الممر المظلم الطويل ، هذه المرة هبطت في مكان غريب جداً... صحراء واسعة ممتدة ،توقفت انظر حولي في توجس ، وجدت فيها حفرة واحدة كبيرة ، اقتربت من الحفرة في حذر ونظرت بداخلها ،شعرت بالفزع لما رأيت ، كانت النار مشتعلة فيها ،كلما اقتربت توجهت واشتعلت أكثر حتي خرجت ألسنة النار من الحفرة إلي أعلي بشكل مريع . ميزت فيها جسدا بشريا ، هل تعرف من كان فيها ؟
-----------------------------------
-أنا... - أنت ماذا ؟ أنا من كنت في قلب النار في الحفرة .
- كانت تلك المرة فاصلة في حياتي ، لم أنس بعدها أبداً منظري في قلب النار . ولكن الذئب لم يتركني أبدا ، زاد العذاب معه ،كما زادت الرؤي حولي من الكيانات التي تلازمني ، أصبحت حياتي جحيم متصل ليل نهار ، ذات ليلة وبعد أن نمت ،وجدت نفسي في السرير الأسود ثم النفق الطويل المظلم وأخيراً نزلت في نفس المكان السابق .. الصحراء التي وجدت فيها الحفرة ... هذه المرة كان هناك الكثير جداً من الحفر منتشرة في المكان ، من خلال وجودي هناك عرفت أن هذه الحفر تخص أجدادي وأجداد أجدادي ، كل عائلتي تقريبا هناك ، وكانت أحوال القبور مختلفة .. فهناك حفر يخرج من النار ... وحفر علي طرفها ممر ذهبي يوصل إلي داخل القبر وبالداخل يوجد قصر من ذهب ، لا يمكن وصف جماله ،مثل الذي وجدت فيه جدي من قبل ، قبور وكأن أصحابها في جنة منعمون ... وقبور أخري مجرد قبور عادية لا يبدو منها شيء ...
- ثمة قبور تسمع أنين من بداخلها من الألم والوحدة ... كانت تلك من أصعب الأوقات التي عشتها ، عدت غارقا في عرقي ، وقد هرب الدم مني ، كنت في حالة يرثى لها حقا من هول ما رأيت، لم تكن تلك المرة عادية أبدا، أن تري القبور وتعرف اذا كان من بداخلها في نعيم مقيم ام في عذاب ونار لا تنتهي .
لا اعرف إلي أين سوف أصل في ذلك الطريق ، أو ماذا تبقي لأعرفه؟ ولكن حقا كنت اعاني يا اخوان .
قطع . يتبع ...
أحمدعبدالرحيم
التعديل الأخير بواسطة المشرف: