- التعديل الأخير بواسطة المشرف:
- المشاهدات: 573
- الردود: 6
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
العالم الآخر.
( الحكاية الثانية -
الذين رأيت-2)
( الحكاية الثانية -
الذين رأيت-2)
-------------------------------------
هذه ليست هبة ولا منحة كما قد يتصور البعض ، هذه لعنة ،تجعلك غريباً وسط الناس .
قالها الخامس بحزن دفين ، دهشت من مقولته ،
أجبته : كيف تقول ذلك ؟
ألا تري التعليقات علي الحلقات ؟
ألم تلاحظ كم شخص تمني أن يكون لديه مثل تلك الهبة ، أو أن يكون منكم؟!!
رد بنبرة حزن :
لن أخبرك عن رد فعل من أخبرتهم عما أري ،فلعلك خمنت هذا ، أعتقد أن حتحور قد أخبرتك أو أن المغربي أو غيرهم قد فعل ،
إتهامات بالجنون ، إتهامات بالمس ، هذا من الأصدقاء أو الآخرين أما المقربين ,فرد فعلهم متوقع جدا ..ثمة كثير من الشيوخ الذين يخرجون الجن من الأجساد مع الكثير من الأطباء النفسيين .
هل تتصور الوضع ؟
ورغم ذلك فكل هذا لا يساوي
شيئا أمام العذاب الممض الذي لا يحتمل الذي كنت أشعر به بعد ذلك عند الذهاب إلي هذا العالم ،القوة التي تجذبك الي هذا العالم وكأنها تمزق أضلعك تمزيقا ,حتي وأنا هناك كانت قوة كاسحة تحاول أن تتحكم في وجودي حتي لا أعود الي عالمي ، أتصور نظرات أهلي وهم يرون ابنهم المدد علي الفراش جثة هامدة بينما أنا في عالم آخر غريب ، كان هذا أكثر ألما من نظرات وكلام الآخرين .
هل تعرف لقد قرأت بالفعل تعليق الشخص الذي تمني أن يخوض نفس التجربة ، وقتها ضحكت وكدت أبكي في نفس الوقت ، حدثت نفسي :كم أنت طيب النية يا صديقي ، كم أنت مخدوع!!،
مر شريط الأحداث في عقلي وتمنيت أن أعود لكي أعيش يوماً واحداً بشكل طبيعي، أنام وأستيقظ دون أن أشعر برعب من عالم لا أفهمه ،لا أفهم هل تقبض روحي حقا أم أنني أنتقل إلي عالم آخر بجسدي الأثيري ، لا أعلم هل سوف أعود أم أنني سأبقي هناك للابد؟!!!!!!!!!!
-لم أرد ،في الواقع أستطيع أن اتصور المأساة التي عاشها الخامس .
آثرت أن أعود للقصة ،فقلت له بعد صمت:
بالأمس أخبرتني أنك كنت في وسط النيران ،ماذا بعد .
صمت قليلا ثم أكمل حديثه .
---------------------------------
- استيقظت ، ذاهلا عما حولي ،متلاحق الأنفاس بشكل لا يصدق ،غارقا في عرق غزير ، فتحت عيني لآخرهما ونظرت حولي لأتأكد أين أنا ،شعرت باختلاط في الرؤيا وتشويش في التفكير كبير جداً ،اختلطت عندي المشاهد والأماكن فلا أدري هل أنا ما زلت في قلب النار أم أنني في غرفة منزلنا؟!
استغرقت وقتا حتي ميزت والدي النائمين معي في الغرفة ،ما أن تمالكت نفسي حتي قمت مسرعا إليهما ، استيقظا مفزوعين وتكررت مراسم الليلة السابقة ،الرعب وخاصة من والدتي بسبب حالتي ،المستشفي ، التنفس الصناعي ،ثم التأكيد علي عدم وجود مرض عضوي .
مر نهار اليوم التالي عادي جداً وعند غروب الشمس بدأ شعوري بالرعب ، شعرت بطاقة هائلة تحيط بي في كل مكان ثم بدأت أميز خيالات أربعة يسيرون حولي عندما أدخل عمارتي أجدهم ينتظرونني أمام باب العمارة
ظللت طول الوقت أشعر بوجودهم ،لم أكن أري تلك الخيالات إلا لو كنت وحيداً ، عندما أسير أو أدخل إلي أي مكان مظلم أري الخيالات تسير أو تجري حولي .
ظللت علي هذا الوضع أياما .
بالتحديد من بعد العشاء يبدأ شعوري بالتوتر ثم ترتفع درجة حرارتي ،يغزو العرق جسدي ، تشويش في الرؤية ،أشعر بروحي تنسحب مني ،
نفس الأعراض تكررت وانطلق جسدي في الفضاء, هذه المرة وجدت نفسي أذهب إليه هناك .
- أين ؟
- مكان يعجز العقل عن وصف جماله او حتي تصور أن هناك مكانا بهذه الروعة ، قصر منيف مبني من ذهب مرصع بمجوهرات ثمينة وداخل في جدرانه معدن ابيض اعتقد انه فضة ،جمال المكان يأخذ بالالباب ، ذهلت وانشغلت بتأمل القصر الرائع
القصر والحديقة محاطين بسور وبوابة عالية ضخمة جدا ،السور والبوابة أيضا من ذهب ومعادن نفيسة ، ظللت امشي. أتأمل في المكان ذاهلا مما أري وعند طرف السور ،وجدت كرسيا ذهبيا أيضا كبيرا وعليه يجلس رجل مضجع علي جانبه
- من ؟
- عندما اقتربت لاري من ساكن هذا القصر المذهل ، وجدته هو ...
-------------------------------
جدي ...
نعم هو جدي المتوفي منذ أيام قليلة ، الغريب أن الرجل
قد مات عن عمر ال 80 عاما ،أما هذا الذي أري فهو في عمر الثلاثينات ، يضحك ضحكة في سعادة لم أرها في حياتي ،كان وكأن النور يشع من جسده .
وكان هذا هو أول لقاء لي مع جدي.
-------------------------------
- قلت له بعد الحلقة الماضية :.يا خامس ! لقد كانت رؤيتك لجدك في هذا الوضع مبهجة أليس كذلك ؟ - بلي ،سعدت برؤيته علي هذه الحال بالطبع ولكن ... - ولكن ماذا ؟ - ولكن ما رأيت فيما بعد ترك في نفسي حزنا كبيراً. - ؟؟ - حسنا ،سوف احكي لك باقي القصة...
---------------------------------
بعد رؤيا جدي الجميلة استيقظت أيضا مرهقا ، انفصال الجسم الأثيري وعودته يتم بصعوبة بالنسبة لي ،تعرف وكأن سيارة مسرعة تصدمني .
بعدها زادت رؤيتي للخيالات حولي بشدة ،بعد تلك الرؤية بليلتين ، رأيت عمتي في الحلم ... وكانت رؤية مفزعة ..لقد كانت في حلمي قد ماتت وتكفن ، علما بأنها صغيرة السن استيقظت مفزوعا أشعر بانقباض وألم في قلبي وألم شديد في معدتي . قبل هذا الحلم بشهر تقريبا كانت عمتي حامل وقد مات الجنين في الرحم وسبب لها تسمم وأجريت لها عملية جراحية وشفيت . كنت جالسا بالقرب من والدي عندما جاءه اتصال هاتفي من هناك ، طلبوا منه أن يحضر ليأخذها إلي الطبيب لأنها مريضة ، وقتها شعرت بهاتف يخبرني أنها سوف تموت حالا .
فيما بعد أخبرنا والدي أنه بمجرد وصوله إلي أول الشارع الذي تسكنه عمتي وجد الناس مجتمعين وسمع صوت البكاء والعويل ، لقد ماتت .
جاء خالي ليأخذنا إلي هناك ، لا أعرف لماذا شعرت بطاقة ووجود غريب حولي اشعرني بخوف طول الوقت ، في السيارة أشعر بأن روحي تغادرني وتعود وقتيا ، وأن وعيي يقل تدريجيا ، في النهاية وصلنا إلي هناك . أوصلنا أمي وإخوتي إلي البيت ثم ذهبت مع خالي إلي المقابر ، كان الموقف صعب جداً ، الكل في صدمة ، كانت صغيرة السن لم تتجاوز الثلاثين ، وقفنا كلنا في صمت وصدمة حتي وصل الجثمان وجاءت لحظة نزوله إلي المدفن ، كان لابد من حامل الجثمان أن يكون محرم ، والدي في ذهول عن العالم ، لا يتحدث ولا يتحرك وعمي اقعدته الصدمة فلم يستطع التحرك من مكانه ، وجدت الوقوف ينادون علي : تعال لتحمل عمتك إلي داخل المدفن . ودخلت بالفعل وكانت المرة الأولي في حياتي .
دخلت أحمل الجثمان يساعدني ابن عمي الأكبر وعمي قد لملم ماتبقي له من عزم ونزل معنا.
-------------------------------
هل تعرف ظاهرة déjà vu ؟
- أعرفها .
- هذا ما شعرت به وأنا داخل المقبرة ،ليست déjà vu بالضبط ولكن شيء مقارب ،شعرت أني رأيت هذا المكان من قبل... أني أعرف هذا المكان من ألف عام ... وأني أنتمي إلي هذا المكان ... شعرت بشكل ما أني من سكانه . - ارتعد جسدي وذهب دمه وحرارته حتي أصبحت باردا كالثلج, بدأت الرؤيا تغيب وتشوش ،هيئ لي أني اذهب إلي ماض سحيق,
أري رموزا غريبة تكتب علي جدران المقبرة من الداخل .
نفضت رأسي بعنف حتي تستفيق و نكمل مراسم الدفن ،كل هذا لم يستغرق ثوان قليلة.
وجهنا جثمان عمتي نحو القبلة وتركنا الجثمان وخرجنا ، وفي البيت جلست مع أهلي نستقبل العزاء فيها ،كان يوما شاقا بالفعل .
الآن الساعة العاشرة مساءاً صعدت للبيت لاستريح قليلاً ،بعد الإستحمام والعشاء جلست في فراشي وقد حل تعب اليوم كله بجسدي ،
هذه المرة لم أكن قد نمت ولكني فجأة فقدت حواسي ووجدت نفسي في عالم آخر ،هذه المرة كنت في شخصية أخري تماماً كنت في ...
------------------------------------
جسد عمتي.
ليس فقط بل وفي قبرها ، أري نفسي مدفون في القبر وأحاسب من الملائكة ،لم أر الملائكة ولكني رأيت جسدي والدود يرعي فيه وهو يتحلل ، كنت مستيقظا، في حالة لا أعرف كيف أصفها ،ارتفع صوتي في بكاء وصراخ هستيريي وأنا أكرر: لا أريد أن أموت ... لا أريد أن أموت... لا اااااا.
شعرت وقتها بأن ظلمة القبر بشعة، لا تطاق حقا ,ربما كانت أشد وطأة من عذاب جهنم نفسه .
ظللت فيما يشبه انهيار عصبي بكاء وصراخ هستيري وعندما تمالكت نفسي بعد فترة. طلبت من والدي أن يعيدني حالا إلي بيتنا ،لا أستطيع أن ابقي لحظة واحدة أخري هنا، نزلنا و ركبنا السيارة و تحركنا، رعشتى وصلت لمستوى أول مرة من العنف.
كنا نسير في الطريق السريع بسرعة, زجاج السيارة المجاور لي مفتوح وأزرار قميصي مفتوحة ورغم ذلك أشعر في صدرى بضيق شديد واتنفس بصعوبة و الحرارة بداخلي كأنها بركان مشتعل ، احساسى بالطاقة التي توجد في الليل و الظلام و الرعب كان غير مسبوق لم ولن أشعر بمثله أبدا .
والدى كان قد أدار كاسيت السيارة علي قرآن كريم ،انتبهت بشدة عندما جاءت آيات العذاب و الثواب ، اقشعر جسدي بعنف أكبر ،ما الذي يحدث لي ؟ لا ... لم أكن اسمع الآيات فقط ولكن ...
قطع . يتبع ...
أحمدعبدالرحيم
التعديل الأخير بواسطة المشرف: