- المشاهدات: 451
- الردود: 4
عام 2011 أصدرت شركة كولومبيا للمرئيات فيلم ghost rider: spirit of vengance من بطولة نيكولاس كيج و إدريس ألبا وسط تقييمات نقدية و جماهيرية ضعيفة و قد ترقى في يوم جيد للمتوسطة، الفيلم عموما كان فشلا ذريعا فالقصة كانت في كل مكان و الشخصيات لم تملك أي عمق. خلطة جعلت الجمهور يبتعد عن الفيلم كأنه الطاعون، لكن الفئة القليلة التي شاهدت هذه العجنة السنيمائية الغريبة ستتذكر حتما ذلك المشهد الذي يرينا فيه المخرج قصة الشيطان ( الشرير الرئيسي في الفيلم ) و كيف أنه عاش في الأرض لملايين السنين متنكرا في أجساد زعماء و قادة عالميين كجوزيف ستالين و وينستون تشيرتشل. فكرة قد تكون فانتازية بل قد يظن البعض أنها زحفت من كتاب رعب لكنها رغم سياج الخيال الذي يحيط بها قد تكون غير مضللة تماما.
إن صراع الإنسان ضد الشيطان أو الخير ضد الشر بدأ من خلق الله عزوجل لآدم عليه السلام، و رفض إبليس للسجود له بل و محاربة إبليس لآدم بالوساوس بغية إخراجه من الجنة كما يقول الله تعالى في محكم تنزيله :
﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34) وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ ۖ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ (36) فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37)﴾.
يمكننا إذا أن نرى أن فكرة هذا الصراع ليست بجديدة إطلاقا بل إنها معلومة عند العام و الخاص لكن الإختلاف و إن كان طفيفا لا يكمن في الصراع بحد ذاته بل في الطريقة التي إستطاع بها الشيطان أو "الشر" كما تذكر بعض المراجع تحقيق أهدافه و إقناع البشر بوساوسه و إغواءاته المتكررة التي قد نلاحظ اليوم أنها نجحت بشكل أو بآخر عن طريق إنتشار الأفكار المنحرفة و الغريبة في جل بقاع الأرض مما يدفعنا للتساؤل، هل إكتفى الشيطان بالوسوسة لكل فرد من هؤلاء الأفراد أم أنه إستعان بشيئ أكثر قوة، أكثر إقناعا و أكثر إنتشارا؟. و هنا نأتي لمفهوم تجسد الشيطان.
دهاء من بني البشر أم سر آخر؟.
إن هذه الفكرة في حد ذاتها (تجسد الشيطان) ليست بالفكرة الحديثة فقد ذكرت في الكتب السماوية التي نزلت قبل القرآن كالإنجيل و ذكرها الرسول عليه الصلاة و السلام في حديث رواه عنه أبي هريرة رضي الله عنه قال : " وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ، فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ، وَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ: إِنِّي مُحْتَاجٌ، وَعَلَيَّ عِيَالٌ وَلِي حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ.
قَالَ: فَخَلَّيْتُ عَنْهُ، فَأَصْبَحْتُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ البَارِحَةَ؟
قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً، وَعِيَالًا، فَرَحِمْتُهُ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، قَالَ: أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ، وَسَيَعُودُ ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ سَيَعُودُ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ سَيَعُودُ، فَرَصَدْتُهُ، فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فَأَخَذْتُهُ، فَقُلْتُ: لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ: دَعْنِي فَإِنِّي مُحْتَاجٌ وَعَلَيَّ عِيَالٌ، لاَ أَعُودُ، فَرَحِمْتُهُ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، فَأَصْبَحْتُ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ؟
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً، وَعِيَالًا، فَرَحِمْتُهُ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، قَالَ: أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ ، فَرَصَدْتُهُ الثَّالِثَةَ، فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فَأَخَذْتُهُ، فَقُلْتُ: لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، وَهَذَا آخِرُ ثَلاَثِ مَرَّاتٍ، أَنَّكَ تَزْعُمُ لاَ تَعُودُ، ثُمَّ تَعُودُ.
قَالَ: دَعْنِي أُعَلِّمْكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهَا.
قُلْتُ: مَا هُوَ؟
قَالَ: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ، فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ: ( اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ )، حَتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ، فَإِنَّكَ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلاَ يَقْرَبَنَّكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ البَارِحَةَ؟
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، زَعَمَ أَنَّهُ يُعَلِّمُنِي كَلِمَاتٍ يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهَا، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ.
قَالَ: مَا هِيَ؟
قُلْتُ: قَالَ لِي: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ مِنْ أَوَّلِهَا حَتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ: ( اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ )، وَقَالَ لِي: لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلاَ يَقْرَبَكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ - وَكَانُوا أَحْرَصَ شَيْءٍ عَلَى الخَيْرِ -.
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ، تَعْلَمُ مَنْ تُخَاطِبُ مُنْذُ ثَلاَثِ لَيَالٍ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟
قَالَ: لاَ.
قَالَ: ذَاكَ شَيْطَانٌ. رواه البخاري.
و رغم أن الإسلام يحثنا على ضرورة إيجاد دليل قوي قبل الحكم الجازم بتجسد الشيطان في هيئة بشري إلا أنه يجب علينا أن نتمعن قليلا في الفكرة، فكرة تجسد الشر في هيئة حاكم نافذ أو رئيس قوي فنجد أنها تحمل شيئا من المنطق. فالشيطان قد أعطى لله عهدا بأنه سيغوي الإنسان كما قال المولى عزوجل في كتابه الكريم : ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (40)﴾.
و لا شك في أنه سيستعمل كل الوسائل المتاحة للوصول لأكبر عدد ممكن من البشر و الحاكم أو السلطان أو الرئيس له القدرة الكاملة على ذلك لكن بشيئ من المساعدة طبعا، فحتى الحاكم العادي سيجد صعوبة في تمرير أفكاره لو كان وحيدا.
و هنا نأتي لفكرة أخرى يمكن أن تثري هذه النظرية و هي فكرة تجسد الشيطان في هيئة إعلاميين و نشطاء سياسيين و مخرجين و منتجين و حتى مؤثرين يطرحون أفكارهم عبر الشاشات و مواقع التواصل لتغطية أكبر عدد ممكن من الناس و قد إنتشرت في العديد من المرات قصص لحسابات يكاد يقسم من إطلع عليها أن الشيطان بنفسه هو من يديرها لشدة إنحراف الأفكار التي عليها و لشدة الفتنة التي تصنعها. و إنتشرت أيضا على مواقع التواصل فيديوهات لأشخاص "لا يوجد خلف عينيهم شيئ" كما وصفهم العديد من المعلقين و الرواد، يروجون للأفكار المنحرفة التي تشوه الفطرة حتى أن العديد من أصحاب الحسابات الذين ينشرون هذه الفيديوهات على سبيل المزحة و الفكاهة يقولون يقولون: " أنا لست أقول أنه الشيطان لكن ..." كناية على أنه متيقن لكن ليس كل اليقين بأن هذا الشخص هو شيطان فعلا متنكر في هيئة آدمي و لعل أبرز مثال على ذلك في عصرنا هذا هو والد عائلة كارداشيان بروس جينر الذي قام بعملية تغيير للجنس ليصبح بعدها كايتلين جينر و الذي يعتبر لحد كبير أول من روج لفكرة تغيير الجنس و دعمها و أطلق عليها مسمى "عمل إنساني فطري".
و بالحديث عن إنحراف الأفكار و تشويه الفطرة لا بد لنا من الدخول دون تعمق في ظاهر التحول الجنسي هته و التي طغت على العديد من الدول الغربية بل و ثبتت أقدامها بشكل كبير، هذه الظاهرة التي قد يراها البعض مجرد بروباغاندا ترويجية للحرية الغربية الإمبريالية لكن قد يكون خلفها معنى أعمق من ذلك، فبعض الأديان و العقائد التي تقدس الشيطان ترى أن الإنسان الكامل هو ذلك الإنسان الذي يجمع بين الصفات الذكورية و الأنثوية، و تقول بعض المصادر أن إنتشار التحول الجنسي بكثرة في دولة تايلاند سببه إنتشار هذه العقيدة هناك بكثرة، حيث يعتقدون أن الشيطان في حد ذاته كائن يجمع بين صفات الأنثى و صفات الذكر، و يروي المؤرخون في هذا الباب قصة ليوناردو دافينشي العالم و الرسام الإيطالي الذي بلغ من العلم مبلغا عظيما يقال أن الشيطان هو من ساعده على بلوغه كون دافينشي كان شاذا حسب عدد من المصادر، بل و أحب أن يحيط نفسه بالأشخاص المخنثين، حتى إن البعض من المطلعين على التاريخ ذهب للقول بأن لوحة الموناليزا و التي تصور إمرأة هي في الواقع تصوير لأحد أصدقاء دافينشي المخنثين المدعو سالي.
هل كانت الموناليزا دوما "سالي" صديق دافينشي؟.
ختاما:
في الأخير يجب أن نقف مع أنفسنا للحظة و نتسائل مثل كل مرة إن كانت الأحداث العالمية الغريبة التي نراها اليوم هي فعلا جنون من البشر أم أن خلفها قوة أخرى تدفعها محاولة خلق نظام عالمي لا يعترف بالحدود الدينية و لا الجغرافية و لا الثقافية إنما يمشي تحت راية واحدة منحرفة و دنيئة أشد الدناءة.
إنتهى.
فكرة المقال مأخوذة من أحد الدراسات المنشورة على موقع كابوس بعنوان:.عندما يتجسد الشيطان.
إن صراع الإنسان ضد الشيطان أو الخير ضد الشر بدأ من خلق الله عزوجل لآدم عليه السلام، و رفض إبليس للسجود له بل و محاربة إبليس لآدم بالوساوس بغية إخراجه من الجنة كما يقول الله تعالى في محكم تنزيله :
﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34) وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ ۖ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ (36) فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37)﴾.
يمكننا إذا أن نرى أن فكرة هذا الصراع ليست بجديدة إطلاقا بل إنها معلومة عند العام و الخاص لكن الإختلاف و إن كان طفيفا لا يكمن في الصراع بحد ذاته بل في الطريقة التي إستطاع بها الشيطان أو "الشر" كما تذكر بعض المراجع تحقيق أهدافه و إقناع البشر بوساوسه و إغواءاته المتكررة التي قد نلاحظ اليوم أنها نجحت بشكل أو بآخر عن طريق إنتشار الأفكار المنحرفة و الغريبة في جل بقاع الأرض مما يدفعنا للتساؤل، هل إكتفى الشيطان بالوسوسة لكل فرد من هؤلاء الأفراد أم أنه إستعان بشيئ أكثر قوة، أكثر إقناعا و أكثر إنتشارا؟. و هنا نأتي لمفهوم تجسد الشيطان.
دهاء من بني البشر أم سر آخر؟.
إن هذه الفكرة في حد ذاتها (تجسد الشيطان) ليست بالفكرة الحديثة فقد ذكرت في الكتب السماوية التي نزلت قبل القرآن كالإنجيل و ذكرها الرسول عليه الصلاة و السلام في حديث رواه عنه أبي هريرة رضي الله عنه قال : " وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ، فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ، وَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ: إِنِّي مُحْتَاجٌ، وَعَلَيَّ عِيَالٌ وَلِي حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ.
قَالَ: فَخَلَّيْتُ عَنْهُ، فَأَصْبَحْتُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ البَارِحَةَ؟
قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً، وَعِيَالًا، فَرَحِمْتُهُ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، قَالَ: أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ، وَسَيَعُودُ ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ سَيَعُودُ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ سَيَعُودُ، فَرَصَدْتُهُ، فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فَأَخَذْتُهُ، فَقُلْتُ: لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ: دَعْنِي فَإِنِّي مُحْتَاجٌ وَعَلَيَّ عِيَالٌ، لاَ أَعُودُ، فَرَحِمْتُهُ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، فَأَصْبَحْتُ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ؟
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً، وَعِيَالًا، فَرَحِمْتُهُ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، قَالَ: أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ ، فَرَصَدْتُهُ الثَّالِثَةَ، فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فَأَخَذْتُهُ، فَقُلْتُ: لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، وَهَذَا آخِرُ ثَلاَثِ مَرَّاتٍ، أَنَّكَ تَزْعُمُ لاَ تَعُودُ، ثُمَّ تَعُودُ.
قَالَ: دَعْنِي أُعَلِّمْكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهَا.
قُلْتُ: مَا هُوَ؟
قَالَ: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ، فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ: ( اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ )، حَتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ، فَإِنَّكَ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلاَ يَقْرَبَنَّكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ البَارِحَةَ؟
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، زَعَمَ أَنَّهُ يُعَلِّمُنِي كَلِمَاتٍ يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهَا، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ.
قَالَ: مَا هِيَ؟
قُلْتُ: قَالَ لِي: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ مِنْ أَوَّلِهَا حَتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ: ( اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ )، وَقَالَ لِي: لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلاَ يَقْرَبَكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ - وَكَانُوا أَحْرَصَ شَيْءٍ عَلَى الخَيْرِ -.
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ، تَعْلَمُ مَنْ تُخَاطِبُ مُنْذُ ثَلاَثِ لَيَالٍ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟
قَالَ: لاَ.
قَالَ: ذَاكَ شَيْطَانٌ. رواه البخاري.
و رغم أن الإسلام يحثنا على ضرورة إيجاد دليل قوي قبل الحكم الجازم بتجسد الشيطان في هيئة بشري إلا أنه يجب علينا أن نتمعن قليلا في الفكرة، فكرة تجسد الشر في هيئة حاكم نافذ أو رئيس قوي فنجد أنها تحمل شيئا من المنطق. فالشيطان قد أعطى لله عهدا بأنه سيغوي الإنسان كما قال المولى عزوجل في كتابه الكريم : ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (40)﴾.
و لا شك في أنه سيستعمل كل الوسائل المتاحة للوصول لأكبر عدد ممكن من البشر و الحاكم أو السلطان أو الرئيس له القدرة الكاملة على ذلك لكن بشيئ من المساعدة طبعا، فحتى الحاكم العادي سيجد صعوبة في تمرير أفكاره لو كان وحيدا.
و هنا نأتي لفكرة أخرى يمكن أن تثري هذه النظرية و هي فكرة تجسد الشيطان في هيئة إعلاميين و نشطاء سياسيين و مخرجين و منتجين و حتى مؤثرين يطرحون أفكارهم عبر الشاشات و مواقع التواصل لتغطية أكبر عدد ممكن من الناس و قد إنتشرت في العديد من المرات قصص لحسابات يكاد يقسم من إطلع عليها أن الشيطان بنفسه هو من يديرها لشدة إنحراف الأفكار التي عليها و لشدة الفتنة التي تصنعها. و إنتشرت أيضا على مواقع التواصل فيديوهات لأشخاص "لا يوجد خلف عينيهم شيئ" كما وصفهم العديد من المعلقين و الرواد، يروجون للأفكار المنحرفة التي تشوه الفطرة حتى أن العديد من أصحاب الحسابات الذين ينشرون هذه الفيديوهات على سبيل المزحة و الفكاهة يقولون يقولون: " أنا لست أقول أنه الشيطان لكن ..." كناية على أنه متيقن لكن ليس كل اليقين بأن هذا الشخص هو شيطان فعلا متنكر في هيئة آدمي و لعل أبرز مثال على ذلك في عصرنا هذا هو والد عائلة كارداشيان بروس جينر الذي قام بعملية تغيير للجنس ليصبح بعدها كايتلين جينر و الذي يعتبر لحد كبير أول من روج لفكرة تغيير الجنس و دعمها و أطلق عليها مسمى "عمل إنساني فطري".
و بالحديث عن إنحراف الأفكار و تشويه الفطرة لا بد لنا من الدخول دون تعمق في ظاهر التحول الجنسي هته و التي طغت على العديد من الدول الغربية بل و ثبتت أقدامها بشكل كبير، هذه الظاهرة التي قد يراها البعض مجرد بروباغاندا ترويجية للحرية الغربية الإمبريالية لكن قد يكون خلفها معنى أعمق من ذلك، فبعض الأديان و العقائد التي تقدس الشيطان ترى أن الإنسان الكامل هو ذلك الإنسان الذي يجمع بين الصفات الذكورية و الأنثوية، و تقول بعض المصادر أن إنتشار التحول الجنسي بكثرة في دولة تايلاند سببه إنتشار هذه العقيدة هناك بكثرة، حيث يعتقدون أن الشيطان في حد ذاته كائن يجمع بين صفات الأنثى و صفات الذكر، و يروي المؤرخون في هذا الباب قصة ليوناردو دافينشي العالم و الرسام الإيطالي الذي بلغ من العلم مبلغا عظيما يقال أن الشيطان هو من ساعده على بلوغه كون دافينشي كان شاذا حسب عدد من المصادر، بل و أحب أن يحيط نفسه بالأشخاص المخنثين، حتى إن البعض من المطلعين على التاريخ ذهب للقول بأن لوحة الموناليزا و التي تصور إمرأة هي في الواقع تصوير لأحد أصدقاء دافينشي المخنثين المدعو سالي.
هل كانت الموناليزا دوما "سالي" صديق دافينشي؟.
ختاما:
في الأخير يجب أن نقف مع أنفسنا للحظة و نتسائل مثل كل مرة إن كانت الأحداث العالمية الغريبة التي نراها اليوم هي فعلا جنون من البشر أم أن خلفها قوة أخرى تدفعها محاولة خلق نظام عالمي لا يعترف بالحدود الدينية و لا الجغرافية و لا الثقافية إنما يمشي تحت راية واحدة منحرفة و دنيئة أشد الدناءة.
إنتهى.
فكرة المقال مأخوذة من أحد الدراسات المنشورة على موقع كابوس بعنوان:.عندما يتجسد الشيطان.