- المشاهدات: 741
- الردود: 2
- تصنيف الجاسوسية
- جاسوسية عربية إسرائيلية
يقال أن التاريخ يكتبه المنتصرون، كناية على أن الفائز في المعركة هو من يدون تفاصيلها فيرفع قدر من يشاء و يحط من قدر من يشاء، و محمد بودية بطل مقالنا هذا أثبت فعلا صحة هذه المقولة كونه لم يذكر حتى في كتب التاريخ التي تقص تاريخ بلده، و هذا راجع لكونه قد ناضل في صف من يراهم العالم على أنهم "الخاسرون" رغم أننا نرى عكس ذلك، فمن هو محمد بودية؟ و لماذا أطلقت الموساد عملية خاصة للقبض عليه؟.
المولد و النشأة:
ولد محمد بودية ( بعض الوثائق أشارت إليه بإسم علي بودية ) في 24 من فبراير عام 1932 في حي القصبة وسط الجزائر العاصمة أين ترعرع و تلقى تعليمه، فتح بودية عينيه على مظاهر القمع و القتل التي كان يرتكبها المحتل الفرنسي في الجزائر فأعطاه ذلك نزعة ثورية و قومية مميزة كانت له مبدأً إتبعه في حياته.
إنخرط محمد بودية في صفوف الكشافة الإسلامية الجزائرية و تشبع و هو بين أسوارها بالقيم الإسلامية و العربية.
كان بودية بعد إشتداد عوده مولعا بالمسرح و الفنون و قد أخذه شغفه ذلك للإلتحاق بالمركز الجهوي للفنون الدرامية مع بداية الثورة الجزائرية عام 1954.
إلتحق بودية في إطار التجنيد الإجباري الذي كان يفرضه المستعمر الفرنسي على كل الجزائريين البالغين بالخدمة العسكرية في الجزائر العاصمة قبل أن يتم تحويله إلى ديجون بفرنسا أين تعرف هناك على فرقة مسرحية جزائرية في أحد الضواحي الباريسية.
إستقر محمد بودية بعد نهاية خدمته في فرنسا أين إشتغل كممثل في مؤسسة البث الإذاعي و التلفزيوني الفرنسية كما واصل العمل مع الفرقة المسرحية الجزائرية.
صورة بودية.
المسار النضالي في الثورة الجزائرية:
إلتحق بودية بالثورة الجزائرية بشكل رسمي عام 1957 كعميل جزائري في الخارج، إذ كان مسؤولاً عن الخلية الباريسية التابعة للحركة الوطنية الجزائرية قبل أن يُبعث إلى مرسيليا. و كان تحت قيادته أكثر من 3000 مناضل.
كانت مهمته تتمثل في جمع الأموال لدعم الثورة الجزائرية، كما كان أيضا رأس حربة في العديد من العمليات الخطيرة. قبضت عليه الشرطة الفرنسية في التاسع من سبتمبر عام 1958 بعدما وجدت في بيته كومة أسلحة كانت موجهة للمقاومة في الجزائر و قد جاءت هذه المداهمة بعد إتهامه بتفجير مخازن للنفط بمارسيليا.
حكم عليه بـالسجن 20 سنة مرفقة بالأشغال الشاقة، بتهمة الخيانة والتواطؤ مع قوى معادية، لكنه تمكن من الهرب في العاشر من سبتمبر عام 1961.
عين بعد الإستقلال (1962) كمدير للمسرح الوطني في الجزائر لكن إنقلاب هواري بومدين على أحمد بن بلة دفعه للخروج من البلاد بسبب عدم إتفاق وجهات النظر، و قد أصدرت الجزائر في تلك الفترة مذكرة توقيف دولية بحقه.
علاقة بودية بالقضية الفلسطينية:
علاقة محمد بودية المباشرة و الجدية بالقضية الفلسطينية بدأت في كوبا، خلال لقائه بوديع حداد، المسؤول العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين؛ وبعد هذا اللقاء وضع محمد خبرته النضالية في خدمة الكفاح الفلسطيني حيث خطط و نفذ عددا من العمليات التي جعلته على رأس قائمة المطلوبين لدى عدد من وكالات الإستخبارات الأوروبية إضافة للموساد.
أهم عمليات محمد بودية:
• خلال كفاحه مع الحركة الوطنية الجزائرية إبان الثورة التحريرية قام بودية بتفجير مخازن للنفط في منطقة ماربيان بمارسيليا و قد قبض عليه بعدها بتهمة حيازة الأسلحة المذكورة آنفا.
• إستطاع خلال فترة دراسته بجامعة باتريس لوبومبا التابعة للكي جي بي بموسكو إقناع عدد من الجماعات اليسارية ( منظمة بايد ماينهوف الألمانية، منظمة إينا الباسكية، الجيش الأحمر الياباني، الأولية الحمراء الإيطالية و الجيش الأحمر الأرميني ) بالإنضمام للقضية الفلسطينية.
• فجر أنبوب بترول بين إيطاليا و النمسا و خلف خسائر تقدر ب 2،5 مليار دولار و ضياع أكثر من 250 ألف طن من بترول.
• شارك في عملية أولمبياد ميونخ الشهيرة و التي تم فيها إحتجاز و قتل 11 رياضيا صهيونيا.
• أرسل عددا من المناضلين من مختلف الجنسيات لتدمير أهداف صهيونية داخل فلسطين المحتلة.
صورة توضح جانبا من عملية أولمبياد ميونخ.
تتبعه و إغتياله:
أرسل محمد بودية إلى فلسطين المحتلة جماعة مخربين هم إيفلن بارج التي كانت المسؤولة عن صندوق مسرحه وعشيقته خارج ساعات العمل، والأختين ناديا ومارلين برادلي، وزوجين مسنين لم تعرف هويتهما.
عندما وصلوا إلى المطار في، لم يجد عملاء الجمارك في حقائبهم أي شيء يثير الشبهة فقد كانت حقائبهم تحوي ملابس، وأحذية، وأدوات استحمام وقطن. لكن المحققين و بعد تفتيش دقيق للحقائب إكتشفوا أن الملابس والقطن، كلها قد تغلغلت فيها مادة متفجرة سائلة جُففت كما جلب الزوجان المسنان معهما مُفجِّرات في مستقبِل راديو، و كانت الخطة تقضي بأن يتم وضع المواد المتفجرة في عدد من الفنادق في تل أبيب.
عند التحقيق معهم، قاد المعتقلون المحققين إلى بودية و أدرك الأخير أنهم يبحثون عنه، و أن عليه أن يغير من عاداته. فغير ملابسه و هوياته و عناوينه على عجل مما جعل تتبعه صعبا جدا.
قرر الموساد و كحل أخير يائس ترصد بودية في الممرات تحت الأرض و إطلاق عملية شاملة للقبض عليه أطلق عليها إسم "عملية غضب الرب"، وقد كللت خطتهم بالنجاح إذ إستطاعوا تعقبه و تصميم خطة لإغتياله.
صباح 28 يونيو 1973 إستيقظ بودية عند إحدى صديقاته في باريس. أكل فطوره، وشرب القهوة، ولبس، ونزل إلى سيارته للذهاب إلى مهامه. قبل ركوبه فتح بودية أبواب السيارة و الصندوق و فتش المحرك جيدا ثم دلف لكنه رغم حرصه لم يتفطن للغم الذي زرع أسفل سيارته و الذي إنفجر لحظة ركوبه منهيا بذلك صداعا أرهق رأس وكالات المخابرات لأعوام طويلة. و رغم الخلاف مع الرئيس الجزائري الأسبق هواري بومدين إلا أن الأخير أمر بإعادته للجزائر أين دفن في مقبرة القطّار بالجزائر العاصمة.
سيارة بودية بعد التفجير.
ختاما:
بودية يعتبر جنديا من جنود الخفاء بالمعنى الحرفي سواءا خلال فترة نشاطه أو حتى بعد وفاته، إذ إستطاع الإعلام الغربي قبل العربي طمس هويته و عملياته محققين بذلك واحدا من أهم الأهداف التي يمكن أن تصل لها القوى في إطار الصراع القائم.
المصادر:
المولد و النشأة:
ولد محمد بودية ( بعض الوثائق أشارت إليه بإسم علي بودية ) في 24 من فبراير عام 1932 في حي القصبة وسط الجزائر العاصمة أين ترعرع و تلقى تعليمه، فتح بودية عينيه على مظاهر القمع و القتل التي كان يرتكبها المحتل الفرنسي في الجزائر فأعطاه ذلك نزعة ثورية و قومية مميزة كانت له مبدأً إتبعه في حياته.
إنخرط محمد بودية في صفوف الكشافة الإسلامية الجزائرية و تشبع و هو بين أسوارها بالقيم الإسلامية و العربية.
كان بودية بعد إشتداد عوده مولعا بالمسرح و الفنون و قد أخذه شغفه ذلك للإلتحاق بالمركز الجهوي للفنون الدرامية مع بداية الثورة الجزائرية عام 1954.
إلتحق بودية في إطار التجنيد الإجباري الذي كان يفرضه المستعمر الفرنسي على كل الجزائريين البالغين بالخدمة العسكرية في الجزائر العاصمة قبل أن يتم تحويله إلى ديجون بفرنسا أين تعرف هناك على فرقة مسرحية جزائرية في أحد الضواحي الباريسية.
إستقر محمد بودية بعد نهاية خدمته في فرنسا أين إشتغل كممثل في مؤسسة البث الإذاعي و التلفزيوني الفرنسية كما واصل العمل مع الفرقة المسرحية الجزائرية.
صورة بودية.
المسار النضالي في الثورة الجزائرية:
إلتحق بودية بالثورة الجزائرية بشكل رسمي عام 1957 كعميل جزائري في الخارج، إذ كان مسؤولاً عن الخلية الباريسية التابعة للحركة الوطنية الجزائرية قبل أن يُبعث إلى مرسيليا. و كان تحت قيادته أكثر من 3000 مناضل.
كانت مهمته تتمثل في جمع الأموال لدعم الثورة الجزائرية، كما كان أيضا رأس حربة في العديد من العمليات الخطيرة. قبضت عليه الشرطة الفرنسية في التاسع من سبتمبر عام 1958 بعدما وجدت في بيته كومة أسلحة كانت موجهة للمقاومة في الجزائر و قد جاءت هذه المداهمة بعد إتهامه بتفجير مخازن للنفط بمارسيليا.
حكم عليه بـالسجن 20 سنة مرفقة بالأشغال الشاقة، بتهمة الخيانة والتواطؤ مع قوى معادية، لكنه تمكن من الهرب في العاشر من سبتمبر عام 1961.
عين بعد الإستقلال (1962) كمدير للمسرح الوطني في الجزائر لكن إنقلاب هواري بومدين على أحمد بن بلة دفعه للخروج من البلاد بسبب عدم إتفاق وجهات النظر، و قد أصدرت الجزائر في تلك الفترة مذكرة توقيف دولية بحقه.
علاقة بودية بالقضية الفلسطينية:
علاقة محمد بودية المباشرة و الجدية بالقضية الفلسطينية بدأت في كوبا، خلال لقائه بوديع حداد، المسؤول العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين؛ وبعد هذا اللقاء وضع محمد خبرته النضالية في خدمة الكفاح الفلسطيني حيث خطط و نفذ عددا من العمليات التي جعلته على رأس قائمة المطلوبين لدى عدد من وكالات الإستخبارات الأوروبية إضافة للموساد.
أهم عمليات محمد بودية:
• خلال كفاحه مع الحركة الوطنية الجزائرية إبان الثورة التحريرية قام بودية بتفجير مخازن للنفط في منطقة ماربيان بمارسيليا و قد قبض عليه بعدها بتهمة حيازة الأسلحة المذكورة آنفا.
• إستطاع خلال فترة دراسته بجامعة باتريس لوبومبا التابعة للكي جي بي بموسكو إقناع عدد من الجماعات اليسارية ( منظمة بايد ماينهوف الألمانية، منظمة إينا الباسكية، الجيش الأحمر الياباني، الأولية الحمراء الإيطالية و الجيش الأحمر الأرميني ) بالإنضمام للقضية الفلسطينية.
• فجر أنبوب بترول بين إيطاليا و النمسا و خلف خسائر تقدر ب 2،5 مليار دولار و ضياع أكثر من 250 ألف طن من بترول.
• شارك في عملية أولمبياد ميونخ الشهيرة و التي تم فيها إحتجاز و قتل 11 رياضيا صهيونيا.
• أرسل عددا من المناضلين من مختلف الجنسيات لتدمير أهداف صهيونية داخل فلسطين المحتلة.
صورة توضح جانبا من عملية أولمبياد ميونخ.
تتبعه و إغتياله:
أرسل محمد بودية إلى فلسطين المحتلة جماعة مخربين هم إيفلن بارج التي كانت المسؤولة عن صندوق مسرحه وعشيقته خارج ساعات العمل، والأختين ناديا ومارلين برادلي، وزوجين مسنين لم تعرف هويتهما.
عندما وصلوا إلى المطار في، لم يجد عملاء الجمارك في حقائبهم أي شيء يثير الشبهة فقد كانت حقائبهم تحوي ملابس، وأحذية، وأدوات استحمام وقطن. لكن المحققين و بعد تفتيش دقيق للحقائب إكتشفوا أن الملابس والقطن، كلها قد تغلغلت فيها مادة متفجرة سائلة جُففت كما جلب الزوجان المسنان معهما مُفجِّرات في مستقبِل راديو، و كانت الخطة تقضي بأن يتم وضع المواد المتفجرة في عدد من الفنادق في تل أبيب.
عند التحقيق معهم، قاد المعتقلون المحققين إلى بودية و أدرك الأخير أنهم يبحثون عنه، و أن عليه أن يغير من عاداته. فغير ملابسه و هوياته و عناوينه على عجل مما جعل تتبعه صعبا جدا.
قرر الموساد و كحل أخير يائس ترصد بودية في الممرات تحت الأرض و إطلاق عملية شاملة للقبض عليه أطلق عليها إسم "عملية غضب الرب"، وقد كللت خطتهم بالنجاح إذ إستطاعوا تعقبه و تصميم خطة لإغتياله.
صباح 28 يونيو 1973 إستيقظ بودية عند إحدى صديقاته في باريس. أكل فطوره، وشرب القهوة، ولبس، ونزل إلى سيارته للذهاب إلى مهامه. قبل ركوبه فتح بودية أبواب السيارة و الصندوق و فتش المحرك جيدا ثم دلف لكنه رغم حرصه لم يتفطن للغم الذي زرع أسفل سيارته و الذي إنفجر لحظة ركوبه منهيا بذلك صداعا أرهق رأس وكالات المخابرات لأعوام طويلة. و رغم الخلاف مع الرئيس الجزائري الأسبق هواري بومدين إلا أن الأخير أمر بإعادته للجزائر أين دفن في مقبرة القطّار بالجزائر العاصمة.
سيارة بودية بعد التفجير.
ختاما:
بودية يعتبر جنديا من جنود الخفاء بالمعنى الحرفي سواءا خلال فترة نشاطه أو حتى بعد وفاته، إذ إستطاع الإعلام الغربي قبل العربي طمس هويته و عملياته محققين بذلك واحدا من أهم الأهداف التي يمكن أن تصل لها القوى في إطار الصراع القائم.
المصادر:
يجب تسجيل الدخول لمشاهدة الروابط
يجب تسجيل الدخول لمشاهدة الروابط
