- التعديل الأخير بواسطة المشرف:
- المشاهدات: 649
- الردود: 4
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
1347 الطاعون الأسود.
---------------------------------------الزمان : العام 1347.
المكان : أوربا .
- بدت أوروبا في ذلك العام علي وشك أكبر كارثة بشرية سوف تحدث للقارة العجوز خلال تاريخها القديم، تلك الكارثة تمثلت في وباء فتاك أطلق عليه
اسم ...
الطاعون الأسود.
* حسب آراء أغلب المؤرخين فقد ذكر أن بداية ظهور الطاعون الأسود كانت في جزيرة صقلية بعد نقله من قبل البحارة على متن السفن التجارية ليمتد نحو بقية المدن الأوروبية ويبلغ تدريجيا الجزر البريطانية عام 1348.
* ثمة رواية أخري تذكر أن المغول كانوا يضربون حصارا على مدينة جنوة في شبه جزيرة القرم، و قد انتشر بينهم الطاعون فأهلك هذا المرض الغامض عددا كبيرا منهم، مما اضطرهم الى التوقف عن هجومهم. ولكن قبل انسحابهم ضربوا ضربتهم الأخيرة القاضية.
وباستعمال مجانيق ضخمة، قذفوا جثث ضحايا الطاعون التي لا تزال دافئة من فوق أسوار المدينة. فانتشر الطاعون فيها وعندما ركب لاحقاً بعض المدافعين عن جنوة سفنهم الشراعية للهروب من مدينتهم التي يستبد بها الطاعون الآن، نشروا المرض في كل ميناء زاروه.
* أثار مجرد ذكر اسم الطاعون الأسود الرعب أينما حل، فقبل بداية انتشار الوباء بأوروبا، تناقل التجار قصصا مرعبة حول أعداد الموتى المهولة التي سقطت جراء هذا الموت الأسود وكذلك الجثث المنتشرة في الشوارع الملقاة بلا عناية في كل مكان والمعاناة الرهيبة التي يتعرض لها المرضى بالشرق.
فضلا عن ذلك، تصاعدت حالة الذعر لدى الأوروبيين بسبب جهلهم لأسباب انتشار الطاعون الأسود المرتبطة في حقيقة الأمر بالبراغيث التي نقلتها الفئران بين مختلف المنازل.
* كانت جهود مكافحة الموت الاسود غير مجدية لأنه ما من احد كان يعرف حقا كيف ينتقل؟! وقد اعتقدت الغالبية أن لمس المصاب أو لمس ثيابه كان خطرا. حتى أن البعض خافوا من أن يحدق الشخص المصاب فيهم ،أما سكان فلورنسا، فقد ألقوا اللوم على القطط والكلاب في جلب المرض. فقتلوا هذه الحيوانات، غير مدركين أنهم بفعل ذلك يطلقون العنان لحيوان له باع كبير في نشر المرض وهو الجرذ.
* سبب الجهل بأسباب المرض رعبا وفزعا لا يتصور بين الأوربيين وفي غياب تفسيرات علمية دائما ما يلجأ الناس لتفسيرات دينية أو ميتافيزيقية وهذا ما حدث بالفعل وأدي إلي تفاقم الكارثة وزيادة أعداد ضحايا الموت الأسود وكذلك ضحايا التفسيرات الخاطئة لسبب الطاعون .
* في البداية دفع الذعر بالسكان القرويين في المناطق المصابة بالمرض إلي الفرار من منازلهم والهروب إلي مناطق أخري وكانت تلك كارثة ..
فقد نقلوا في ثيابهم وأغراضهم البراغيث الناقلة المرض مما أدي إلي إصابة مناطق أكثر بالطاعون الأسود .
أما أشهر التفسيرات التي شاعت عن أسباب المرض فكانت :الغضب والعقاب الإلهي ...
وكان التفسير في ذاته كارثة ..
فقد أدي الشعور بغضب الرب وعقابه للأوربيين إلي لوجئهم لمعاقبة كل من تحوم حوله الشكوك بممارسة السحر والهرطقة أو الاتصال بالشيطان - كما كانوا يظنون - عن طريق الحرق حيا. بالطبع أدي الأمر لإندلاع أعمال عنف وانتقام في عشرات المدن انتهت بإحراق الآلاف من اليهود والمهاجرين الأجانب الذين اتهموا بالكفر والهرطقة والخطيئة مما تسبب في نزول غضب الرب في شكل الطاعون الأسود،كما أتهم هؤلاء أيضاً بتسميم آبار الشرب.
أمام هذا الوضع الكارثي اضطر بابا روما وقتها( كليمونت السادس ) لإصدار مرسوم بابوي عام 1348 ينهي فيه عن اتهام اليهود واستهدافهم وحرقهم ويبرئهم من نشر الطاعون الأسود.
*وضمن التفسيرات الدينية للطاعون الأسود أعاد الأمر سبب انتشاره إلي خطاياهم هم أنفسهم وكان أن ظهرت طائفة من الأوربيين الراغبين في التطهر من الخطايا عن طريق جلد أنفسهم وتعذيب أجسادهم بأقسي الوسائل ...
- ظهرت تلك الجماعات في البداية في كل من إيطاليا وشرق أوروبا وألمانيا وهولندا .
[*]وخلال سنوات الوباء، سجلت هذه المجموعات توسعها لتشمل مختلف أرجاء أوروبا.
* أعجب العامة بتلك الطقوس فانضم الآلاف من الأوربيين لتلك المجموعات التي أطلق علي أفرادها ( الأتقياء) و( المتطهرين) حتي قدر عددهم بنحو 800.000 وكانوا يجلدون أنفسهم ثلاث مرات يومياً أمام العامة حتي تنبثق الدماء من أجسادهم،البعض استخدم سياط مثبت بها مسامير لزيادة المعاناة، كما كانوا يغطون أنفسهم ويرتدون ثيابا بيضاء ممزقة تظهر أماكن الجلد .
حرم (الأتقياء) التحدث إلي النساء والاغتيال وتبديل الثياب .
- ولكن البابا كليمونت قام بإصدار مرسوم يستنكر فيه عمل تلك المجموعات ويتهمها بالهرطقة ويطالب السلطات الكنسية في كل أوروبا بالتصدي لها، كما هددهم بالحرمان الكنسي .حرم (الأتقياء) التحدث إلي النساء والاغتيال وتبديل الثياب .
*ظلت أعداد الوفيات في زيادة ،فسادت حالة من الرعب الهستيري اضطرت الأغلبية للجوء إلى الله من أجل المساعدة، فوهب الرجال والنساء كل ما لديهم للكنيسة، بأمل أن يحميهم الله من المرض أو على الاقل يكافئهم بحياة في السماء اذا ماتوا.
وقد زود ذلك الكنيسة بثروة طائلة.
*وتحول آخرون الى الممارسات الخرافية، السحر، والطب الزائف من أجل الشفاء مثل استخدام العطور، الخل، وجرعات من تركيبات سائلة قيل لهم أنها تقي من المرض.
أما هيئة التدريس الطبية المثقفة في جامعة باريس فقد فسرت إنتشار الطاعون بأن سببه انتظام الكواكب في صف واحد!
لكن هذه التفسيرات والعلاجات الزائفة لم تفعل شيئا للحد من استفحال الطاعون القاتل.
.ظلت أوربا سنوات تعاني من الوباء الكاسح فكان له تأثير عنيف علي الاقتصاد الأوربي بعد هلاك أعداد ضخمة قدرت بنحو 50مليون نسمة وهو ما قدر بثلث سكان أوربا آنذاك ، كما كان له تأثير كبير في الفن، فشاع موضوع الموت في الاعمال الفنية. وصار المذهب الفني المشهور (رقصة الموت)، الذي يصور هياكل عظمية وجثثا، رمزا شائعا الى سلطة الموت.
* أما بشأن الكنيسة، فبسبب فشلها في منع الموت الاسود، فقد شعر المؤمنين في القرون الوسطى أن كنيستهم خيبت آمالهم.
* بعض المؤرخين ذكر أن التغييرات الإجتماعية التي تلت الموت الاسود عززت الفردية والمشاريع التجارية وزادت من قدرة المرء على تغيير وضعه اجتماعيا واقتصاديا وهو ما شكل بوادر النظام الرأسمالي الذي ساد أوربا بعد ذلك .
-في النهاية انتهي الماعون الاسود في العام 1353 بعد أن فتح بأوربا فتكا وقدر بعض المؤرخين أنه قضي علي ثلث سكانها
لكن موجات أخري منه هاجمت القارة العجوز في أوقات تالية ولهذا حديث آخر .
المصدر :
الموت الأسود ( فيليب زيجلر)
أحمدعبدالرحيم.
التعديل الأخير بواسطة المشرف: