- التعديل الأخير بواسطة المشرف:
- المشاهدات: 637
- الردود: 2
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
مذبحة عيد القديس بارتلوميو.
-------------------------مع بدايات القرن السادس عشر بدأت تنتشر في أوربا كلها حركة الإصلاح الكنسي التي قادها القس الألماني "مارتن لوثر" وأتباعه...
مشكِلة إنشقاق في جسد أوروبا الكاثوليكية بمذهب جديد أطلق عليه " البروتستانتية" .
لكن الكنيسة الكاثوليكية لم تعترف
بأتباع المذهب وإنما اتهمتهم بالكفر والهرطقة مما تسبب في إطلاق حروب دينية واضطهاد واعتداءات على البروتستانت في أكثر من مكان من أوروبا ومنها فرنسا الكاثوليكية.
الوضع في أوروبا كان في قمة التعقيد..
كانت فرنسا بشكل ما تابعة لأسبانيا أقوى دول أوربا في هذا الوقت وزعيمة الأوروبيين الكاثوليك، ولكنها كانت تشعر بالمهانة بسبب سيطرة وجبروت أسبانيا وكذلك هزيمتها في معارك حدودية ، بينما كانت أسبانيا تخوض حربًا ضد الهولنديين الأورنج البروتستانت رغبة منها في السيطرة على الأراضي المنخفضة.
بينما كان في الحكم الفرنسي، الملك تشارلز التاسع - صغير السن لم يكن قد تجاوز 22 عام في 1572 -
وفي الخلفية تحكم والدته الإيطالية الأصل الملكة "كاترين دي مديتشي" الرهيبة.
فرنسا نفسها كانت تعاني شبه إفلاس مالي وأوضاع اقتصادية مذرية مع مشاكل دينية وصدامات عنيفة متكررة بين الكاثوليك المتعصبين وهم يشكلون غالبية سكان فرنسا وبين البروتستانت الكالفنيين الفرنسيين والذين يدعون "الهيوجنو" والذين لا يتجاوز عددهم 15% من سكان فرنسا، ولكن أصبح لهم مدن كاملة تخصهم في أرجاء فرنسا.
كانت كاترين دي مديتشي تخشى سيطرة البروتستانت على فرنسا وتخشى أكثر ضياع الحكم من أسرتها فقد كان أبناءها مرضى، مات أحدهم بالسم بينما يحكم الثاني الآن فرنسا باسم الملك تشارلز التاسع.
وللذكر كان هذا هو الزمن الذي عاش فيه المتنبيء الفرنسي الأشهر في تاريخ العالم ...
"ميشيل نوستراداموس"
صاحب كتاب "قرون" الذي تنبأ فيه بنهاية أسرة "فالوا" الحاكمة عما قريب.
كانت الملكة كاترين قد قامت بمحاولات عدة لاحلال السلام في فرنسا بين الطائفتين ولكن المحاولات باءت بالفشل ودائما ما كانت تندلع الاشتباكات بين الطرفين.
هذه المرة فكرت الملكة في تزويج ابنتها شقيقة الملك " مارجريت" من الأمير " هنري الثالث" والذي سوف يصبح فيما بعد الملك " هنري الرابع " ملك فرنسا، كان الرجل بروتستانتيًا وكان هدف الملكة كاترين من تزويج ابنتها له أن تجمع الطائفتين الكاثوليكية والبروتستانتية.
تم الزواج قبل عيد القديس بارتولوميو بخمسة أيام وقد حضر إلى باريس آلاف من مشاهير وأثرياء ووجهاء البروتستانت لحضور الزفاف ومنهم قائدهم السياسي والعسكري ..
الأدميرال كوليني..
كان الرجل قائدا عسكرياً قوياً وكان لفترة صديقا للملك تشارلز التاسع، وقد اصطحب معه ثلاثمائة من جنوده المخلصين.
ولكن الوضع الآن أصبح متوترا بشدة في باريس ، لقد جرت محاولة لإغتيال كوليني، لم يمت ولكنه أصيب على إثرها ولازم الفراش.
بعد تلك المحاولة بيومين كان يوم 23 أغسطس 1572 كانت هناك مؤامرة ضخمة تم تدبيرها بواسطة الملكة كاترين دي مديتشي وبموافقة الملك تشارلز التاسع للقضاء على الهيوجنوت جميعاً وخاصة كوليني ورجاله.
تم إبلاغ جنود الملك في باريس بالخطة، وفي تلك الليلة بات الجنود والمتعصبين والمتحمسين من الكاثوليك ليلتهم في انتظار ساعة الصفر.
وجاءت ساعة التنفيذ...
فجر ذلك اليوم دقت أجراس الكنائس الكاثوليكية التي كانت متواطئة مع الملك في باريس الساعة الثالثة صباحاً إشارة لبدء المذبحة وبالفعل ..
تم إغلاق أبواب المدينة وتوجه جنود الملك إلى حيث يوجد جنود كوليني واطلقوا عليهم النار فقضوا عليهم جميعاً بينما تم قتل كوليني نفسه وقطع رأسه وإرسالها إلى الملك تشارلز وقيل إنها ارسلت إلى بابا روما نفسه والذي كان مؤيد للمذبحة بينما تم التمثيل بجسده بشكل بشع.
انطلق الجنود والأشخاص الكاثوليك المتعصبين في شوارع باريس يقتلون كل من يقع تحت أيديهم من البروتستانت الهيوجنوت.
كان هدفهم القضاء عليهم جميعاً وكان الكل يكرر في جنون عبارة واحدة..
" اقتلوا! اقتلوا !هذا أمر الملك"
وفي غضون ساعات أصبح الوضع جنوني في باريس، عندها شعرت الملكة كاترين بالندم والخوف مما يحدث وارسلت تطلب من جنود الملك إيقاف المذبحة والقتل بحق الهيوجنوت ولكن كان الوضع قد خرج عن السيطرة.
وكانت النية هي القضاء على كل البروتستانت حتى لا يعودون للثورة والإنتقام .
انتشرت الأنباء بسرعة كبيرة وبنفس السرعة امتدت المذابح بحق الهيوجنوت إلى المناطق المجاورة ولمدة ثلاثة اشهر تقريباً استمرت المذابح في حق الهيوجنوت في كل أنحاء فرنسا .
وكانت النتيجة إبادة أسر بأكملها بكل أفرادها حتى الأطفال وقد قدر البعض عدد القتلى في تلك المذبحة ب30.000 بروتستانتي في جميع أنحاء فرنسا.
كان أكثر من عبر عن سعادته بتلك المذابح هو بابا الكاثوليك في روما " جريجوري الثالث"..
فعندما وصلته أنباء المذابح بحق البروتستانت وقتل كوليني، أمر بإضاءة كل روما وإطلاق المدفعية من قاعة سانت انجلو، كما حضر مع الكرادلة قداسا لشكر الله على هذا الرضى الرائع الذي أبداه الشعب المسيحي والذي أنقذ فرنسا والكرسي البابوي المقدس من خطر عظيم .
أمر جريجوري أيضاً بضرب ميدالية خاصة بمناسبة القضاء على الهيوجنوت كما أمر برسم لوحة في القاعة الملكية بالفاتيكان تجسد الحدث ويكتب عليها.
" البابا يوافق على قتل كوليني "
كانت تلك المذبحة هي أسوأ مذبحة دينية في أوروبا في ذلك القرن و طبع في عقول البروتستانت بعدها أن الكاثوليكية مذهب دموي غادر .
يجب تسجيل الدخول لمشاهدة الوسائط
- يذكر أن الحروب الدينية في فرنسا قد استمرت من عام 1560 إلى عام 1598 وقد قتل فيها ما بين 2 إلى 4 مليون شخص وقد بدء الأمر عندما أمر بابا الفاتيكان عام 1545 بالقاء البروتستانت من فوق أسطح القلاع لكونهم خوارج وكفار ولا يستحقون الحياة.
تحياتي
أحمد عبد الرحيم.
المصادر :
قصة الحضارة (ويل ديورانت).
المعرفة
التعديل الأخير بواسطة المشرف: