- المشاهدات: 785
- الردود: 3
بين زوايا غرفة ضيقة خافتة الأضواء إنتصبت طاولة مربعة صغيرة جلس عند أركانها كل من رئيس شركة جينيرال موتورز ألفريد سلون ، و رئيس شركة فايرستون للإطارات رفقة رئيس شركة كاليفورنيا للنفط و كذلك رئيس مجمع فيليبس بيتروليوم ، كان جو الإجتماع مشحونا لحد كبير و قد صاح رئيس جينيرال موتورز الذي لم يتوقف عن الحديث منذ جلوسه قائلا و سيجار كوبي بين أصابعه :
- علينا أن نوقف شبكة سكك لوس أنجلس حالا ، إنه العام 1945 و منذ 1940 و أنا أفقد أموالا لا أقوى على حسابها ، تلك خمس سنوات من النقود طارت خارج النافذة .
رئيس شركة فايرستون أخذ رشفة من الويسكي الموضوع أمامه ثم سأل بهدوء :
- و ما هي خطتك تحديدا ؟ .
إبتسم ألفريد بمكر و أجاب :
- نستحوذ على الشركة المسيرة لشبكة السكك بإستخدام شركة محلية ... شركة " خطوط المدينة الوطنية " ، نعرض عليهم مالا يستحيل أن يرفضوه ثم بعد الإستحواذ نحطم تلك القطارات و شبكة السكك كليا .
صمت ألفريد برهة و قد حدق لزملائه على الطاولة بفضول ثم إستطرد :
- أنا أعيد شاحنات جينيرال موتورز للطرقات ، فايرستون تزودني بالإطارات شركة كاليفورنيا للنفط و فيليبس بيتروليوم يزودانني بالوقود ، الجميع رابح .
للحظة وجيزة تلثم الرجال الأربعة بالصمت قبل أن ينطق رئيس فيليبس بيتروليوم قائلا :
- تلك تبدو كخطة رائعة .
و بسرعة تبعه الرجال و تعالت بعد ذلك الهمهمات في الغرفة و إصطدمت الكؤوس إحتفالا بالإتفاق الجديد .
شبكة سكك لوس أنجلس كانت نابضة بالحياة .
إنتشرت على أعمدة الصحف في العقدين التاليين أخبار عن أعمال تخريبية غريبة مست شبكة سكك مدينة لوس أنجلس عموما و ووسط مدينة لوس أنجلس خصوصا ، عربات نقل الركاب الحمراء و الصفراء المميزة بدأت بالتلاشي تدريجيا لتحل محلها مع مرور الوقت حافلات شركة جينيرال موتورز التي أعادت إنعاش محطات الوقود التي عرفت ركودا غير مسبوق ، إتجه الناس بعد ذلك طبعا للوم شركة خطوط المدينة الوطنية و قد كان لومهم في محله لكن ليس في سياقه الصحيح ، موجة اللوم لم تأتي وحيدة حيث إتهم الرأي العام شركة جينيرال موتورز مباشرة بحكم أن المؤامرة كانت واضحة للعيان فكيف ستفسر الشركة إنتشار حافلاتها في الشوارع بتلك الطريقة ؟ و لم تكن هذه المرة الأولى التي يسلط فيها الضوء على عملاق صناعة السيارات فقد أتهمت قبل هذا بالتلاعب في أرقام مبيعات سيارتها و حافلاتها لتجعل الناس يعتقدون أنها أكثر نجاحا مما كانت عليه ، إذا فالأمر واضح صريح ... شركة جينيرال موتورز مريضة بجنون العظمة و تريد أن تثبت لأمريكا و للعالم أنها شركة رائدة بأرقام مبيعات خيالية فلكية .
طبعا جينيرال موتورز كان لها رأي آخر حيث ذهبت للقول بأن شركة سكك لوس أنجلس كانت تعاني حتى قبل إستحواذ جينيرال موتورز المزيف عليها حيث أنها كانت تنزف السائقين و الأموال معا و هذا راجع إلى تكلفة الصيانة العالية للعربات و الشبكة عموما مقارنة بالحافلات كما أن إنتشار السيارات لم يساعد أيضا و جعل شبكة السكك في مأزق أكبر من ناحية توفير الوقت فالسيارات تأخذ بطبيعة الحال وقتا أقل في التنقل من نقطة لنقطة عكس شبكة السكك التي كانت تعاني من تأخرات متكررة و لم تنسى أيضا التذكير بأن توسيع شبكة السكك كان أمرا صعبا جدا بحكم التكلفة العالية لخيوط الكهرباء و العربات في حد ذاتها و في نظام رأسمالي بحت كل سنت يحسب له ألف حساب
.
هل أفلست جينيرال موتورز الشركة عمدا ؟
الشرطة من جهتها لم تفتح أي تحقيق في الموضوع رغم كونه مثيرا للشبهات بدرجة كبيرة مما يعزز ربما فكرة تعاونهم مع جينيرال موتورز و شركائها لتتأكد بذلك كل المزاعم لكن لا يوجد دليل واقعي حقيقي و ملموس يثبت أنه كان هناك تواطئ من الشرطة ، لكن السؤال رغم تأكيدنا بأنه لا يوجد دليل يجب أن يطرح :
- هل كانت الشرطة غافلة حقا طيلة 20 سنة كاملة رغم إنتشار الأخبار في الصحف ؟ .
نالت القضية قدرا ضئيلا من الإهتمام مؤخرا بعد إن تناولها بعض رواد مواقع التواصل إذ إطلق عليها نظرية سكك الحديد الكبرى ، طبعا اليوم و مع تغير نظرة المجتمع للشركات الكبرى عموما و لشركة جينيرال موتورز خصوصا و في أمريكا تحديدا فإن أصابع الإتهام ستتجه لها تلقائيا بعد وقوعها في عدد كبير من قضايا الفساد و كذا إفلاسها الذي أدى بمدينة ديترويت كلها للوقوع في مستنقع موحل لكن حتى هذه النظرة الشيطانية ليست محايدة تماما لذا لا يمكننا الأخذ بها كمرجع صريح لتبقى قضية شبكة سكك لوس أنجلس حتى اليوم تتأرجح بين خيوط المجهول .
- علينا أن نوقف شبكة سكك لوس أنجلس حالا ، إنه العام 1945 و منذ 1940 و أنا أفقد أموالا لا أقوى على حسابها ، تلك خمس سنوات من النقود طارت خارج النافذة .
رئيس شركة فايرستون أخذ رشفة من الويسكي الموضوع أمامه ثم سأل بهدوء :
- و ما هي خطتك تحديدا ؟ .
إبتسم ألفريد بمكر و أجاب :
- نستحوذ على الشركة المسيرة لشبكة السكك بإستخدام شركة محلية ... شركة " خطوط المدينة الوطنية " ، نعرض عليهم مالا يستحيل أن يرفضوه ثم بعد الإستحواذ نحطم تلك القطارات و شبكة السكك كليا .
صمت ألفريد برهة و قد حدق لزملائه على الطاولة بفضول ثم إستطرد :
- أنا أعيد شاحنات جينيرال موتورز للطرقات ، فايرستون تزودني بالإطارات شركة كاليفورنيا للنفط و فيليبس بيتروليوم يزودانني بالوقود ، الجميع رابح .
للحظة وجيزة تلثم الرجال الأربعة بالصمت قبل أن ينطق رئيس فيليبس بيتروليوم قائلا :
- تلك تبدو كخطة رائعة .
و بسرعة تبعه الرجال و تعالت بعد ذلك الهمهمات في الغرفة و إصطدمت الكؤوس إحتفالا بالإتفاق الجديد .
شبكة سكك لوس أنجلس كانت نابضة بالحياة .
إنتشرت على أعمدة الصحف في العقدين التاليين أخبار عن أعمال تخريبية غريبة مست شبكة سكك مدينة لوس أنجلس عموما و ووسط مدينة لوس أنجلس خصوصا ، عربات نقل الركاب الحمراء و الصفراء المميزة بدأت بالتلاشي تدريجيا لتحل محلها مع مرور الوقت حافلات شركة جينيرال موتورز التي أعادت إنعاش محطات الوقود التي عرفت ركودا غير مسبوق ، إتجه الناس بعد ذلك طبعا للوم شركة خطوط المدينة الوطنية و قد كان لومهم في محله لكن ليس في سياقه الصحيح ، موجة اللوم لم تأتي وحيدة حيث إتهم الرأي العام شركة جينيرال موتورز مباشرة بحكم أن المؤامرة كانت واضحة للعيان فكيف ستفسر الشركة إنتشار حافلاتها في الشوارع بتلك الطريقة ؟ و لم تكن هذه المرة الأولى التي يسلط فيها الضوء على عملاق صناعة السيارات فقد أتهمت قبل هذا بالتلاعب في أرقام مبيعات سيارتها و حافلاتها لتجعل الناس يعتقدون أنها أكثر نجاحا مما كانت عليه ، إذا فالأمر واضح صريح ... شركة جينيرال موتورز مريضة بجنون العظمة و تريد أن تثبت لأمريكا و للعالم أنها شركة رائدة بأرقام مبيعات خيالية فلكية .
طبعا جينيرال موتورز كان لها رأي آخر حيث ذهبت للقول بأن شركة سكك لوس أنجلس كانت تعاني حتى قبل إستحواذ جينيرال موتورز المزيف عليها حيث أنها كانت تنزف السائقين و الأموال معا و هذا راجع إلى تكلفة الصيانة العالية للعربات و الشبكة عموما مقارنة بالحافلات كما أن إنتشار السيارات لم يساعد أيضا و جعل شبكة السكك في مأزق أكبر من ناحية توفير الوقت فالسيارات تأخذ بطبيعة الحال وقتا أقل في التنقل من نقطة لنقطة عكس شبكة السكك التي كانت تعاني من تأخرات متكررة و لم تنسى أيضا التذكير بأن توسيع شبكة السكك كان أمرا صعبا جدا بحكم التكلفة العالية لخيوط الكهرباء و العربات في حد ذاتها و في نظام رأسمالي بحت كل سنت يحسب له ألف حساب
.
هل أفلست جينيرال موتورز الشركة عمدا ؟
الشرطة من جهتها لم تفتح أي تحقيق في الموضوع رغم كونه مثيرا للشبهات بدرجة كبيرة مما يعزز ربما فكرة تعاونهم مع جينيرال موتورز و شركائها لتتأكد بذلك كل المزاعم لكن لا يوجد دليل واقعي حقيقي و ملموس يثبت أنه كان هناك تواطئ من الشرطة ، لكن السؤال رغم تأكيدنا بأنه لا يوجد دليل يجب أن يطرح :
- هل كانت الشرطة غافلة حقا طيلة 20 سنة كاملة رغم إنتشار الأخبار في الصحف ؟ .
نالت القضية قدرا ضئيلا من الإهتمام مؤخرا بعد إن تناولها بعض رواد مواقع التواصل إذ إطلق عليها نظرية سكك الحديد الكبرى ، طبعا اليوم و مع تغير نظرة المجتمع للشركات الكبرى عموما و لشركة جينيرال موتورز خصوصا و في أمريكا تحديدا فإن أصابع الإتهام ستتجه لها تلقائيا بعد وقوعها في عدد كبير من قضايا الفساد و كذا إفلاسها الذي أدى بمدينة ديترويت كلها للوقوع في مستنقع موحل لكن حتى هذه النظرة الشيطانية ليست محايدة تماما لذا لا يمكننا الأخذ بها كمرجع صريح لتبقى قضية شبكة سكك لوس أنجلس حتى اليوم تتأرجح بين خيوط المجهول .