- المشاهدات: 1,327
- الردود: 1
الأخوة مورفي : من قتلهم بتلك الوحشية .. ولماذا ؟!
في شمال شرق استراليا توجد ولاية تحمل اسم كوينزلاند Queensland، وبها بلدة تسمي جاتون Gatton، في مساء يوم 26 ديسمبر من عام 1898م، أي بعد يوم واحد من أعياد الميلاد، كان ثلاثة أخوة أشقاء يتحركون على بعد ميل ونصف من تلك البلدة، كانوا قد تلقوا دعوة لحفلة راقصة في قاعة المدينة، غير أن الحفلة ألغيت، فقرر الثلاثة العودة إلي المنزل، كان "مايكل مورفي" الأخ الأكبر، 29 عام، وأخته نورا 27، والصغرى إيلين 18 عاما، كانت الساعة التاسعة حينما وصلوا القاعة ليجدوا أن الحفل ألغي، فأخذ مايكل أختيه وقرر العودة إلي المنزل، وكان من المتوقع وصولهم إلي البيت خلال ساعة من مغادرتهم، أي في حدود العاشرة أو العاشرة والنصف مساء، لكن الليل مضي كله دون أن يظهر الأخوة الثلاثة في المنزل، وفي ساعات الصباح الأولي طلبت الأم السيدة مورفي من زوج ابنتها "بولي" أن يذهب للبحث عنهم .
وليام ماكنيل : أول من وجد جثث ضحايا المذبحة
تتبع "وليام ماكنيل"، صهر جاتون، طريق تينت هيل Tent-Hill، الذي كان يجب أن يأتي عبره الأخوة في طريق عودتهم، ووجد مسارات، تركها حصانه الذي أقترضه "مايكل" منه، قادته إلي درب وعر مشي فيه حوالي مسافة كيلو ونصف الكيلو متر، قبل أن يعثر على صهره "مايكل" وأختيه !
كان "مايكل" و" إيلين" جنبا إلي جنب، راقدين على الأرض، يفصل بينها مسافة نصف كيلو متر، وعلى بعد ثمانية أمتار بُسطت سجادة وضعت فوقها الأخت الثانية نورا، كلا المرأتين كانت مقيدة اليدين بمنديل خلف ظهرها، وقد تم خنقها حتى الموت، أما مايكل فقد أطلق عليه الرصاص !
الثلاثة تم وضعهم بشكل متعمد ليشيروا إلي الشرق والغرب بدقة، لكن الأكثر غرابة هو أن حصان "ماكنيل" قد تعرض لإطلاق النار أيضا، أستهدفه أحدهم برصاصة في رأسه، وتم وضعه بين مفترق الطرق !
رسم يوضح تقاطع الطرق الذي وجدت عليه جثث أبناء عائلة "مورفي"
أصيب الرجل بالرعب، وهرع إلي فندق المدينة ليطلب المساعدة، فتجمع نحو أربعين شخصا، واتجهوا ناحية مسرح الجريمة، وعبثوا بكل شيء فيه، الأمر الأكثر إثارة للدهشة أنه، ونتيجة للبطء والروتين في ذلك الزمان، فإن رجال الشرطة لم يصلوا إلي المكان إلا بعد ثمانية وأربعون ساعة .. يومين كاملين بعد جريمة القتل !
صورة حقيقية لمسرح الجريمة
وتم نقل الجثث أخيرا إلي الفندق في الرابعة من مساء اليوم الثالث على وقوع الجريمة، وصل الفاحص الطبي أخيرا، حيث تبين من التشريح ما يلي :
وضع شخص ما "مايكل" وأخته "إيلين " ظهرا لظهر، ثم ضرب الأخ بأداة ثقيلة، ربما كانت بلطة، على الجانب الأيمن من رأسه، وضرب أخته بنفس الأداة على يسار رأسها، وكذلك تعرض "مايكل" لإطلاق النار، أما "نورا" فقد خُنقت برباط شُد بقوة حول عنقها، ثم هُشم رأسها بضربات على الجانب الأيسر منه، وكانت الضربات من القوة بحيث حطمت عظام جمجمتها، وجعلت جزء من دماغها يبرز إلي الخارج، إضافة إلي كل ذلك فقد تعرضت الأختان للاغتصاب، وعثر على أثار تؤكد ذلك على ملابسهما !
التحقيق في تلك القضية كان مثالا للفشل الأمني والعبث، فقد أعطي المسئولين الأوامر بدفن الضحايا دون أن يتأكدوا من انتهاء عمليات التشريح، وكانت حقيقة أن "مايكل" قد أصيب برصاصة لا تزال محل شك، وعندما قرر الطبيب الشرعي أنه غير متأكد من تلك القصة، تم استخراج الجثث مرة أخري !
لكنهم وجدوا الرصاصة في رأس مايكل بالفعل، وكان الوقت الطويل الذي استغرقه وصول قوات الشرطة، وإغلاق مسرح الجريمة قد أدي إلي تدمير الأدلة، وتلوث مسرح الجريمة( يُستعمل تعبير تلوث في مسرح الجريمة بمعني محو بعض الأدلة بدون قصد، مثل البصمات أو بقع الدم أو آثار الأقدام، أو إدخال أدلة مزورة بسبب وجود عدد من غير المتخصصين في الموقع)، وأيضا لأن تقنيات الطب الشرعي العدلي كانت بدائية جدا، فقد كان حل القضية مستحيلا في ذلك الزمان تقريبا !
نظريات لحل القضية :
طرحت نظريات عديدة، خلال أكثر من مائة عام، لحل لغز جرائم جاتون، نذكر منها :
- نظرية سفاح المحارم: والتي تتهم الأخ مايكل بأنه كان على علاقة محرمة بإحدى شقيقتيه أو كلتيهما، وتشير إلي أن ذلك هو الدافع وراء تلك المجزرة، بدافع الانتقام من الإخوة الثلاثة، لاحظ أننا نتحدث عن أواخر القرن التاسع عشر، حيث كانت الأخلاق القديمة والقيم الدينية لا تزال في أوج قوتها !
- نظرية الجزار "ثيو فارمر": على بعد حوالي ربع كيلو متر من الموقع الذي وجدت فيه جثث ضحايا مذبحة جاتون كان يعيش جزار اسمه "ثيو فارمر"، وكان يُعرف بأسماء أخري، في ليالي تسبق وقوع الجرائم شوهد "فارمر" يسير على الطريق الذي قتل فيه الأخوة الثلاثة، وقد شهد بعض السكان المحليين أنهم رأوه يغسل كنزة صوفية ملوثة بالدم، بعد الجريمة بأيام قليلة، الأمر الأشد إثارة هو أن "فارمر" هذا نفسه كان مشتبها به في جريمة قتل، وقعت قبل مجزرة عائلة "مورفي" بأيام قليلة، في بلدة أوكسلي، حيث قتل رجل اسمه "ألفريد هيل" بثلاث رصاصات، وقد أشيع أن المسدس الذي يملكه "فارمر" كان سلاح الجريمة في جريمتي أوكسلي وجاتون !
- برغم أن "فارمر" نفسه" قد توفي في 25 أكتوبر عام 1900 بعد أن أطلق النار على نفسه في الرأس، ربما عن طريق الخطأ، إلا أن مسألة الاشتباه في ضلوعه في جرائم جاتون ظلت محل بحث، وتمت أعمال تنقيب حول منزله ومحل الجزارة الذي كان يعمل فيه، وفي مفاجأة مثيرة للغاية عُثر عام 1906، أي بعد ستة أعوام من وفاة "فارمر"، وثمانية من جريمة قتل الأخوة مورفي الثلاثة، وجد مسدس مدفون في محل عمل "فارمر"، وكانت خزانته ينقصها أربع رصاصات، أي أن صاحب هذا المسدس اطلق أربع رصاصات من مسدسه.. وهو للصدفة نفس عدد الرصاصات التي اُستعلمت في جريمتي اوكسلي وجاتون بالضبط !
- المدهش أن إعلان " ثيو فارمر" كمشتبه به رئيسي في مذبحة جاتون بقي سرا، ولم يُذاع قبل عام 1918م !
- غلاف كتاب "ستيفاني بينيت" .. وهو متوفر للبيع على موقع أمازون .
-
ووفقا ل"بينيت" فإن قاتل الأشقاء الثلاثة كان رجلا ذو سجل اجرامي حافل اسمه "جو كوين"، وكان يتخفى بأسماء مستعارة عديدة، لكن الأخ "مايكل مورفي"، كان على علم بجرائمه، وقد حدث شجار بين الأثنين في صالون حلاقة، وخلاله شهر "مايكل" ب"كوين"، وفضح اسمه الحقيقي، لكن "كوين" لم يكن مجرد مجرم عادي، بل كان فوضويا مؤثرا، وداعية إلي حركات الإضراب العمالي، وقع ذلك الشجار قبل أربع سنوات من جريمة مقتل الأخوة "مورفي"، وفي سنة 1898 كان "كوين" في زيارة إلي مدينة جاتون، حيث خطط لتلك الجريمة بدافع الانتقام !
هل يكون جون كوين هذا هو سفاح جاتون الغامض ؟!
وقد ساعده مجموع من المتسكعين والمجرمين المحليين في قتل واغتصاب أبناء عائلة "مورفي" !
نظرية تستحق الاهتمام، وبها تبقي مسئولية الجريمة معلقة بين "ثيو فارمر" و"جو كوين"، لكن المؤكد أن لغز المجزرة لن يُحل نهائيا دون العثور على أدلة دامغة جديدة.. والمؤكد أيضا أن مذبحة جاتون سوف تظل واحدة من أكثر الجرائم غموضا.. وإثارة للرعب في التاريخ !
صورة جماعية لعائلة مورفي قبل الجريمة : تري من كان يتحرق للانتقام من هذه العائلة الكبيرة ؟!
فما بالنا بجريمة تمت في طريق وبدون أى حماية أو اجراءات وقائية
شكرا جزيلا لمرورك ودمت مثقفا