- المشاهدات: 49
- الردود: 2
من مذكرات عبد الشيطان -3- (بين الواقع والخيال)
***
- كان يرتدي بدلة كاملة، بالطبع كانت ملابسه غريبة جداً وسط هؤلاء, كما أنه لم يكن شاب مثلهم، كان رجلاً في الأربعينات من عمره، تبادلنا نظرة سريعة، شعرت أني في ورطة، تصرفت سريعاً، وضعت يدي علي بطني وتظاهرت بأني سوف أفرغ معدتي وأنني في طريقي للحمام، ثوان فاصلة, لمحته بطرف عيني يدخل الغرفة بسرعة ويغلق خلفه الباب، دخلت إلي الحمام وهناك ظللت أفكر بسرعة..
ماذا يفعل هذا الرجل هنا؟
- عندما دخلت هنا وسط هؤلاء الأشخاص كنت أشعر بالدهشة والذهول من تصرفاتهم ولكن وبعد رؤية هذا الرجل أصبحت أشعر أن الأمر أكبر.
هل أكمل الليلة ثم أخرج من هنا دون أن أضع نفسي في ورطة ما ؟
ولكن هل أفوت فرصة معرفة هوية الرجل وسبب وجوده؟
خرجت من الحمام، كان صوت الموسيقي العنيفة في الغرفة الجانبية لا زال ساريا، تظاهرت بالذهاب إلي هناك، ألقيت نظرة للداخل، كان المنظر مقززا بحق، انهمك الجميع في الرقص وازدراء الكتب الدينية وتمزيقها والضحك الهستيري والتصرفات الماجنة التي يتعفف عنها الحيوانات نفسها.
بحذر عدت أنظر لباب الغرفة المغلق اتخذت قراراً، تسللت علي أطراف أصابعي حتي الباب المغلق وقد قررت أن أفهم ما يحدث هناك
- صوت الموسيقي الصاخب لا يسمح لي بسماع أي صوت من داخل الغرفة، انحنيت انظر من ثقب المفتاح لعلي أرى أي شيء، لكن ما حدث بعد ذلك كان صادمًا بالنسبة لي ...
فجأة فُتح الباب ووجدته في وجهي.
بالطبع كان الموقف مربكًا بالنسبة لي، لم أعرف ماذا أقول، بينما نظر لي هو قليلاً نظرة صارمة، ثم أشار إلي الداخل وقال:
ادخل !
ليس مصري إذًا، يتحدث العربية بلكنة أجنبية طاغية.
دخلت إلي الغرفة دون أن أتحدث، كانت غرفة صغيرة لكنها مرتبة ومختلفة عن باقي غرف الفيلا.
أشار لي أن أجلس أمام المكتب وجلس هو خلفه، نظر لي مطولًا، ارتبكت، حاولت أن أتماسك، قلت له:
- أنت مش مشارك في الحفلة برا ليه؟
لم يرد علي الفور، ظل يتفحصني قليلاً، ثم فتح هاتفه وبدأ يقرأ بعربيته المكسرة.
كان يقرأ معلوماتي، لثوان شعرت بالدهشة، لقد كان يعرف عني وعن أسرتي كل شيء تقريباً، كيف ومتي ولماذا تم تجميع كل هذه المعلومات؟
صمتَ هو وصمتُ أنا مصدومًا، ثم سألته أول سؤال جاء علي بالي:
عرفتم إزاي بموعد تفجير الكنسية؟
عكس ما توقعت وجدته يرد ببرود:
مفيش حاجة إحنا ما نعرفهاش.
تذكرت شيء ما قرأته بين الأخبار الكثيرة جداً التي قرأتها عن تفجير الكنيسة، كان تساؤل من بعض المصريين.
ما حدث أن السفارة الأمريكية والبريطانية حذروا رعاياهم قبل التفجير بأيام من حدوث أحداث إرهابية في القاهرة وأن يأخذوا حذرهم ولا يتجولون في شوارع القاهرة ولا يتواجدون في أماكن دون حماية من الشرطة.
- ولما أنتم تعرفوا، ليه ما حذرتوش السلطات المصرية قبلها؟!
نظر لي بسخرية ولم يرد علي السؤال ولكنه قال:
- شكلك مش جاي تبقى عضو في الجماعة، ما شربتش خمور ولا مخدرات ولا عملت حاجة مع بنت، أنت وقعت نفسك في ورطة، فاهم نفسك ذكي جداً وحاولت تلعب دور أكبر من حجمك.
وقف مكانه، وخرج من الغرفة، ثم أغلق الباب خلفه، نظرت حولي وقمت بسرعة أتفقد الغرفة ، كانت محكمة الإغلاق، مستحيل الفرار منها, جلست محبطًا علي أقرب كرسي، يبدو أني وقعت في ورطة جهنمية لا خروج منها، تساءلت بيني وبين نفسي:
فين الشرطة دلوقتى ؟
---------------------------
في الخارج....
فجأة سمعت ضجة كبيرة جداً، توقف صوت الموسيقي الصاخبة، والصوت الآن أصبح لتحطيم باب أو نافذة ثم صوت إطلاق رصاص، دق قلبي بعنف وشعرت بأمل كبير جداً، وكان شعوري في محله.
كانت الشرطة بالفعل.
وقع الأمر علي رؤوس أفراد الجماعة كالصاعقة، ألقي القبض علي مثل الباقين، كان همي أن يكون من ضمن المقبوض عليهم الرجل الغامض ذو البدلة وبالفعل كان موجود هناك.
- في قسم الشرطة، تم إيداع المجموعة كلها في الحجز، حدث هرج ومرج كبير جداً، كان أغلبهم أولاد شخصيات ذات حيثية في المجتمع، ساعات وبدأ توافد أهاليهم على القسم وبدأت المكالمات مع شخصيات هامة للإفراج عنهم، أما أنا فلم يتم احتجازي معهم، ولم يتم معاملتي بطريقة مهينة أو علي أنني متهم.
لم أفهم لماذا، إلا أن أحد الضباط المشاركين في المداهمة جاء يتحدث معي، فهمت أنني كنت بالنسبة للشرطة طعم للتوصل إلي الجماعة.
أخبرني أنهم منذ نُشِر بوست التنبؤ بالحادث وهم يتابعون الجماعة لكن دون تدخل، لاحظوا اهتمامي وتعليقي وفهموا أنني أرغب في الانضمام، قامت الشرطة بمراقبتي وشاهدوا مقابلتي في المقهى لعضوة الجماعة، وتم مراقبتها هي أيضا ومراقبتي حتي خرجت تلك الليلة، راقبوا الفيلا ولاحظوا توافد أعضاء الجماعة عليها تباعاً
وقرروا مداهمتها الليلة.
- تم الإفراج عني في اليوم التالي إلا أني سألت عن الرجل الغامض أردت أن أعرف مصيره وكان الرد صادمًا...
لا يوجد أحد بتلك المواصفات.
كيف ؟
لم يجبني أحد، لكني كنت مُصر علي المعرفة، انتظرت الضابط الذي تحدث إلي سألته عن الرجل، في البداية لم يكن يريد الإجابة لكنه بعد وقت قال لي:
بص يا عمر ، يمكن انت بشكل ما وبدون ما تقصد كان ليك الفضل في مساعدتنا علي الوصول للناس دي وعشان كدا هقولك بس توعدني يبقي سر ومفيش أي حد يعرف إطلاقاً ولا الصحافة تشم خبر وإلا هنبقي كلنا في ورطة.
شعرت بأهمية وخطورة كلامه، وعدته فقال:
الموضوع هيطلع في الصحافة إنهم شوية شباب اتقبض عليهم في حفلة فيها مخدرات وخمور وجنس، لكن الموضوع أكبر من كدا فعلياً.
كم يوم نقرص ودانهم ويخرجوا من الحجز، الصحافة تاخد وقت تتكلم في الموضوع بعنوانين مثيرة وبعدين تنسي القصة كلها.
لكن الرجل دا انسي إنه كان موجود أصلا، للأسف معاه جواز سفر أمريكي يا عمر، ولو اني متأكد انه مش أمريكي،
بعد ما اتقبض عليه بنص ساعة بالظبط ليس أكثر كان مندوب السفارة الأميركية هنا وكان وزير الداخلية نفسه بيتصل بالمأمور، كل اللي امكن نعمله إن الرجل يغادر مصر، هو الآن في السفارة بيستعد للسفر.
شعرت بغصة في حلقي بالفعل ،غادرت القسم وأنا أفكر في القصة كلها وأشعر بمرارة شديدة ،ولكن...
ما باليد حيلة.
***
- كان يرتدي بدلة كاملة، بالطبع كانت ملابسه غريبة جداً وسط هؤلاء, كما أنه لم يكن شاب مثلهم، كان رجلاً في الأربعينات من عمره، تبادلنا نظرة سريعة، شعرت أني في ورطة، تصرفت سريعاً، وضعت يدي علي بطني وتظاهرت بأني سوف أفرغ معدتي وأنني في طريقي للحمام، ثوان فاصلة, لمحته بطرف عيني يدخل الغرفة بسرعة ويغلق خلفه الباب، دخلت إلي الحمام وهناك ظللت أفكر بسرعة..
ماذا يفعل هذا الرجل هنا؟
- عندما دخلت هنا وسط هؤلاء الأشخاص كنت أشعر بالدهشة والذهول من تصرفاتهم ولكن وبعد رؤية هذا الرجل أصبحت أشعر أن الأمر أكبر.
هل أكمل الليلة ثم أخرج من هنا دون أن أضع نفسي في ورطة ما ؟
ولكن هل أفوت فرصة معرفة هوية الرجل وسبب وجوده؟
خرجت من الحمام، كان صوت الموسيقي العنيفة في الغرفة الجانبية لا زال ساريا، تظاهرت بالذهاب إلي هناك، ألقيت نظرة للداخل، كان المنظر مقززا بحق، انهمك الجميع في الرقص وازدراء الكتب الدينية وتمزيقها والضحك الهستيري والتصرفات الماجنة التي يتعفف عنها الحيوانات نفسها.
بحذر عدت أنظر لباب الغرفة المغلق اتخذت قراراً، تسللت علي أطراف أصابعي حتي الباب المغلق وقد قررت أن أفهم ما يحدث هناك
- صوت الموسيقي الصاخب لا يسمح لي بسماع أي صوت من داخل الغرفة، انحنيت انظر من ثقب المفتاح لعلي أرى أي شيء، لكن ما حدث بعد ذلك كان صادمًا بالنسبة لي ...
فجأة فُتح الباب ووجدته في وجهي.
بالطبع كان الموقف مربكًا بالنسبة لي، لم أعرف ماذا أقول، بينما نظر لي هو قليلاً نظرة صارمة، ثم أشار إلي الداخل وقال:
ادخل !
ليس مصري إذًا، يتحدث العربية بلكنة أجنبية طاغية.
دخلت إلي الغرفة دون أن أتحدث، كانت غرفة صغيرة لكنها مرتبة ومختلفة عن باقي غرف الفيلا.
أشار لي أن أجلس أمام المكتب وجلس هو خلفه، نظر لي مطولًا، ارتبكت، حاولت أن أتماسك، قلت له:
- أنت مش مشارك في الحفلة برا ليه؟
لم يرد علي الفور، ظل يتفحصني قليلاً، ثم فتح هاتفه وبدأ يقرأ بعربيته المكسرة.
كان يقرأ معلوماتي، لثوان شعرت بالدهشة، لقد كان يعرف عني وعن أسرتي كل شيء تقريباً، كيف ومتي ولماذا تم تجميع كل هذه المعلومات؟
صمتَ هو وصمتُ أنا مصدومًا، ثم سألته أول سؤال جاء علي بالي:
عرفتم إزاي بموعد تفجير الكنسية؟
عكس ما توقعت وجدته يرد ببرود:
مفيش حاجة إحنا ما نعرفهاش.
تذكرت شيء ما قرأته بين الأخبار الكثيرة جداً التي قرأتها عن تفجير الكنيسة، كان تساؤل من بعض المصريين.
ما حدث أن السفارة الأمريكية والبريطانية حذروا رعاياهم قبل التفجير بأيام من حدوث أحداث إرهابية في القاهرة وأن يأخذوا حذرهم ولا يتجولون في شوارع القاهرة ولا يتواجدون في أماكن دون حماية من الشرطة.
- ولما أنتم تعرفوا، ليه ما حذرتوش السلطات المصرية قبلها؟!
نظر لي بسخرية ولم يرد علي السؤال ولكنه قال:
- شكلك مش جاي تبقى عضو في الجماعة، ما شربتش خمور ولا مخدرات ولا عملت حاجة مع بنت، أنت وقعت نفسك في ورطة، فاهم نفسك ذكي جداً وحاولت تلعب دور أكبر من حجمك.
وقف مكانه، وخرج من الغرفة، ثم أغلق الباب خلفه، نظرت حولي وقمت بسرعة أتفقد الغرفة ، كانت محكمة الإغلاق، مستحيل الفرار منها, جلست محبطًا علي أقرب كرسي، يبدو أني وقعت في ورطة جهنمية لا خروج منها، تساءلت بيني وبين نفسي:
فين الشرطة دلوقتى ؟
---------------------------
في الخارج....
فجأة سمعت ضجة كبيرة جداً، توقف صوت الموسيقي الصاخبة، والصوت الآن أصبح لتحطيم باب أو نافذة ثم صوت إطلاق رصاص، دق قلبي بعنف وشعرت بأمل كبير جداً، وكان شعوري في محله.
كانت الشرطة بالفعل.
وقع الأمر علي رؤوس أفراد الجماعة كالصاعقة، ألقي القبض علي مثل الباقين، كان همي أن يكون من ضمن المقبوض عليهم الرجل الغامض ذو البدلة وبالفعل كان موجود هناك.
- في قسم الشرطة، تم إيداع المجموعة كلها في الحجز، حدث هرج ومرج كبير جداً، كان أغلبهم أولاد شخصيات ذات حيثية في المجتمع، ساعات وبدأ توافد أهاليهم على القسم وبدأت المكالمات مع شخصيات هامة للإفراج عنهم، أما أنا فلم يتم احتجازي معهم، ولم يتم معاملتي بطريقة مهينة أو علي أنني متهم.
لم أفهم لماذا، إلا أن أحد الضباط المشاركين في المداهمة جاء يتحدث معي، فهمت أنني كنت بالنسبة للشرطة طعم للتوصل إلي الجماعة.
أخبرني أنهم منذ نُشِر بوست التنبؤ بالحادث وهم يتابعون الجماعة لكن دون تدخل، لاحظوا اهتمامي وتعليقي وفهموا أنني أرغب في الانضمام، قامت الشرطة بمراقبتي وشاهدوا مقابلتي في المقهى لعضوة الجماعة، وتم مراقبتها هي أيضا ومراقبتي حتي خرجت تلك الليلة، راقبوا الفيلا ولاحظوا توافد أعضاء الجماعة عليها تباعاً
وقرروا مداهمتها الليلة.
- تم الإفراج عني في اليوم التالي إلا أني سألت عن الرجل الغامض أردت أن أعرف مصيره وكان الرد صادمًا...
لا يوجد أحد بتلك المواصفات.
كيف ؟
لم يجبني أحد، لكني كنت مُصر علي المعرفة، انتظرت الضابط الذي تحدث إلي سألته عن الرجل، في البداية لم يكن يريد الإجابة لكنه بعد وقت قال لي:
بص يا عمر ، يمكن انت بشكل ما وبدون ما تقصد كان ليك الفضل في مساعدتنا علي الوصول للناس دي وعشان كدا هقولك بس توعدني يبقي سر ومفيش أي حد يعرف إطلاقاً ولا الصحافة تشم خبر وإلا هنبقي كلنا في ورطة.
شعرت بأهمية وخطورة كلامه، وعدته فقال:
الموضوع هيطلع في الصحافة إنهم شوية شباب اتقبض عليهم في حفلة فيها مخدرات وخمور وجنس، لكن الموضوع أكبر من كدا فعلياً.
كم يوم نقرص ودانهم ويخرجوا من الحجز، الصحافة تاخد وقت تتكلم في الموضوع بعنوانين مثيرة وبعدين تنسي القصة كلها.
لكن الرجل دا انسي إنه كان موجود أصلا، للأسف معاه جواز سفر أمريكي يا عمر، ولو اني متأكد انه مش أمريكي،
بعد ما اتقبض عليه بنص ساعة بالظبط ليس أكثر كان مندوب السفارة الأميركية هنا وكان وزير الداخلية نفسه بيتصل بالمأمور، كل اللي امكن نعمله إن الرجل يغادر مصر، هو الآن في السفارة بيستعد للسفر.
شعرت بغصة في حلقي بالفعل ،غادرت القسم وأنا أفكر في القصة كلها وأشعر بمرارة شديدة ،ولكن...
ما باليد حيلة.